تستقطب الأواني الفخارية ربات البيوت الجزائريات قبل حلول شهر رمضان، بتصاميمها الجذابة التي تجمع بين الأصالة و الحداثة، التي ستعيد هذا النوع من الأواني إلى موائد الجزائريين، و تفرض نفسها كسلع مهمة تحتل أغلب رفوف المحلات و المساحات التجارية الكبرى.
مع بداية العد التنازلي لحلول شهر رمضان، شرعت ربات البيوت في اقتناء مستلزمات المطبخ، فبعد سيطرة الأطقم الكاملة و مختلف الأواني التي واكبت الموضة، خلال السنوات الأخيرة ، ها هي الأواني الفخارية، التي غيبها تطور العصر لفترة طويلة، عادت للظهور مجددا، بفضل إقبال ملحوظ،  أكده تجار الأواني و الحرفيون في هذا المجال.
تشهد مختلف الأسواق الجزائرية و المحلات التي تعرض هذا النوع من المستلزمات في الأيام الأخيرة، حضورا ملفتا للأواني الفخارية التي غابت عن رفوفها لسنوات، بجوار العصرية، كما خصصت أروقة بأكملها على مستوى المساحات التجارية الكبرى، على غرار المركز التجاري باب الزوار بالعاصمة، لمنتجات فخارية مختلفة، من قدور، طواجين، صحون، أكواب، و كل لوازم تحضير المـأكولات التقليدية، وسط إقبال ملفت، يفوق التهافت على شراء الأواني الأخرى، حسب أحد التجار .
خلال جولتنا عبر بعض أسواق الجزائر العاصمة و ولاية بومرداس، لاحظنا حضورا قويا لهذه الأواني، في ظل تهافت النساء من مختلف الفئات العمرية على شرائها، و أكد بائع التقينا به بسوق باش جراح بالعاصمة،  أن الاهتمام بالأواني الفخارية أو الطينية، لم يعد حكرا على العجائز اللائي قد يحضرن لاقتناء طاجين أو قصعة أو حتى صحون و أكواب لاحتساء اللبن، فالاهتمام بات عاما فحتى شابات بتن يبحثن عن هذه الأواني، خاصة خلال الفترة التي تسبق شهر رمضان.
قالت أسماء، ربة بيت و أم لطفلين، أنها اشترت طقم طاولة كامل من أجل استعماله في شهر رمضان، و أوضحت أن هذه الأواني تستعمل لتقديم الطعام و تزيين الطاولة بلمسة خاصة تجمع بين التقليد و الحديث، مشيرة إلى تطور تصاميم الأواني، فبرزت بأشكال كثيرة منها التي تضاهي أو تتفوق على الأواني العصرية، خاصة الطاجين الذي يحضر فيه الطعام، و كذا الصحون التي وصفتها بالرائعة، و أضافت سيدة أخرى كانت تحمل طقما كاملا من الفخار، أنها قررت التغيير و الخروج عن المألوف بتقديم طاولة راقية و تقليدية في الوقت ذاته، فهذا بريستيج، كما قالت، يستهوي اليوم الكثيرين.
أما السيدة أم أنس فقالت بأنها اشترت قدرا من الطين من أجل تحضير “شربة” رمضان التي أكدت أن لذتها لا تضاهى، مقارنة بتحضيرها في القدر المعدني، كما اشترت “طاجينا” خاصا بتحضير الأطباق الأخرى، و كل ذلك من أجل تحضير طعام صحي، خاصة و أن الأطباء يحذرون من الطبخ في الأواني المعدنية، خاصة المصنوعة من الألمنيوم، و هذا الأمر أعاد بريق الأواني الفخارية التي تخلت عنها الأسر الجزائرية لسنوات طويلة، بحثا عن سرعة الطهي و التحضير.
حرفيون يطورون منتجاتهم في مواجهة الآلة
بالنسبة لأصحاب المهنة، أكد الحرفي أحمد ، صاحب محل للأواني الفخارية ببومرداس، أن هذه الحرفة تراجعت بشكل ملفت، إلا أن الجزائريين عادوا إليها فمنذ نحو ثلاث سنوات، سجل اهتمام الجزائريين مجددا باقتنائها، خاصة بالنسبة للقدور، مضيفا أن الطاجين الذي يحضر فيه الخبز التقليدي “الكسرة” ، يعد الوحيد الذي ظل محافظا على مكانته في البيوت، رغم أن الإقبال عليه تراجع مؤخرا ، عكس باقي أواني الطعام، و أرجع ذلك إلى توفر البديل المعدني الذي ترى الكثير من ربات البيوت أنه أفضل، لكونه صلب و غير قابل للانكسار، عكس التقليدي الذي أصبح هشا و يباع بسعر مرتفع يصل إلى 700 دينار في بعض الأماكن.
و أضاف السيد أحمد أن ظهور موديلات عصرية للأواني الصناعية، و حتى الفخارية غير المصنعة يدويا، شجع الحرفيين على المستوى الوطني على إعادة بعث منتجاتهم، حيث يقومون حاليا بصنع أواني بشكل عصري، بالاعتماد على مواد طبيعية، فتحظى بإقبال المواطنين، خاصة الباحثين عن استعمال مواد صحية في تحضير غذائهم، أما بالنسبة للأسعار، فتبقى في نظره معقولة، مقارنة بمثيلتها المستوردة و التي تباع بأثمان باهظة، كمثال عن ذلك ذكر صحنا صنع يدويا يباع ب125 دينارا، بينما يباع المصنع ب250 دينارا، و هو فرق كبير قد يشجع الزبائن على اقتناء المنتوج الوطني و اليدوي، بدلا عن منتجات المصانع.
التجار من جهتهم تحدثوا عن دخول سلع أجنبية مصنوعة من الفخار، خاصة “الطاجين” المخصص لتحضير الأطباق، و كذا القدور و أواني الفرن، إضافة إلى أطقم الموائد كاملة، و هي السلع التي تلقى رواجا في وسط ربات البيوت الجزائريات، خاصة خلال شهر رمضان، ما دفعهم لتخصيص أروقة كاملة لعرض هذه الأواني و توفير كل القطع و الموديلات.                   
             إ.زياري

الرجوع إلى الأعلى