تشهد مختلف المراكز التجارية و الأسواق الجزائرية ، مع بداية العد التنازلي لشهر رمضان، حركة غير مسبوقة، لمواطنين باتوا يخرجون جماعات و فرادى لاقتناص الفرص للظفر بمنتجات يعتقدون أنها مهددة بالندرة و ارتفاع الأسعار، فيما شرع الكثيرون في تسوق هستيري ، فاقتنوا مختلف المواد الغذائية، و حتى ملابس العيد، خوفا من غلاء الأسعار في رمضان.
أيام قليلة قبل حلول الشهر الفضيل، اجتاحت حمى التسوق التي تعتبر غير جديدة على المجتمع الجزائري في السنوات الأخيرة، و تتجلى في مشاهد التهافت و الاكتظاظ التي تفرض حالة طوارئ في المراكز التجارية الكبرى و الأسواق الشعبية، و سوبرماركت و حتى المحلات التجارية، إلا أنها تأتي هذا العام في ظروف خاصة، بسبب تبعات جائحة كورونا، ما ساهم في زيادة حرص معظم الجزائريين، على اقتناء جميع المستلزمات، خاصة المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع.
حالة الندرة في مادة الزيت و ارتفاع سعرها هي و بعض المواد الأخرى واسعة الاستهلاك، كالسكر و الفرينة مثلا، في مقدمة العوامل التي ساهمت مؤخرا في قلب حركية الأسواق، و خلق حالة طوارئ و تأهب قصوى من قبل المواطنين و التجار على حد سواء، حيث تسجل فضاءات سوبرماركت، سواء المنتشرة في الأحياء أو التابعة للمراكز التجارية الكبرى، إقبالا قياسيا للزبائن، أجمع بعض الباعة و أعوان الأمن، أنها غير مسبوقة، حيث تتشكل طوابير منذ الساعات الأولى من الصباح، فيما قد يقف الكثيرون أمام محل أو سوبرماركت طيلة النهار من أجل الحصول على قارورة زيت.
النصر زارت خلال جولتها الاستطلاعية المركز التجاري “آرديس” بالجزائر العاصمة، و سوبرماركت بقلب ولاية بومرداس، فلاحظت تسوق المواطنين بشكل جنوني، و كأنهم في سباق حقيقي مع الوقت و مع الآخرين، حيث يتهافتون على اقتناء كل ما يتعلق بالغذاء، و يركزون أكثر على أروقة الزيت و السكر التي كانت رفوفها شبه فارغة، و كأنها لم تمون بهما من قبل، بينما أكد أحد المراقبين بالمركز التجاري “آرديس” أن كل كميات الزيت نفدت في أقل من نصف ساعة من وضعها على الرفوف، فالكثير  من المواطنين لا يكتفون  بقارورة واحدة، متحدين تعليمات المسيرين الحريصين على حصول جميع المتسوقين على هذه المادة الحيوية.
و رغم أن تركيز الغالبية العظمى من المتسوقين على الزيت و السكر، فإن آخرين انشغلوا باقتناء باقي المستلزمات التي يحتاجونها لشهر رمضان، و سادت حمى التسوق بين أجنحة المركز التجاري، و لا يمكن إلا أن يلاحظ المرء العربات الممتلئة عن آخرها بمختلف المواد، و بعض الأسر كانت تدفع عربتين في نفس الوقت، و تلك المشاهد تعيد للأذهان حالة الطوارئ التي صنعها المواطنون في الأيام القليلة التي سبقت فترة الحجر الصحي العام الفارط، بسبب جائحة كورونا المستجد.
حاولنا الاقتراب من بعض المواطنين من أجل سؤالهم عن أسباب هذه اللهفة و التسابق في التسوق، فقال لنا أحدهم أن الأوضاع الحالية لا توحي بالارتياح، فندرة مادة الزيت و ارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية، جعل أرباب الأسر يسرعون لاقتناء مستلزمات رمضان بكميات أكبر، خوفا من استمرار الأزمة و امتدادها لتشمل مواد غذائية أخرى خلال الشهر الفضيل، كما كان يحدث كل سنة حسب تعبيره. أما مسيرو المراكز التجارية  و  الفضاءات الأخرى التي زرناها ،  توفر جميع المواد الغذائية بكميات كافية، في انتظار تجسيد وعود وزارة التجارة التي أكدت إطلاق عملية تخفيضات كبرى خلال شهر رمضان.
التوابل...عبق رمضان الحاضر دائما
لم يكتف المواطنون باقتناء مستلزماتهم من المواد الغذائية الأساسية، فالأزمة لم تنسيهم سر رائحة رمضان، حيث بدت كافة الأركان التي حرصت كافة السوبرماركت على توسيعها و تزويدها بمختلف أنواع السلع، من توابل، مكسرات و فواكه جافة، مكتظة عن آخرها، بربات البيوت على وجه الخصوص، اللائي شكلن  طوابير طويلة أمامها، لاقتناء احتياجاتهن منها.
قالت لنا إحدى السيدات بأن توابل رمضان خاصة، رأس الحانوت، الفلفل العكري “الأحمر”، الزنجبيل، توابل الحريرة، كلها مواد أساسية في كل بيت، تحرص ربات البيوت على توفيرها و اقتناء ذات النوعية الجيدة منها، المطحونة حديثا، بينما أشارت أخرى إلى الفواكه الجافة، مثل البرقوق “عين البقرة”، المشمش ، كما أن مختلف أنواع الفواكه الأخرى مثل الكيوي، الموز و الأناناس أضحت موضة لتحضير الطبق الحلو خلال الشهر الفضيل.
من جانب آخر، لاحظنا شراء المتسوقين كميات كبيرة من المكسرات، خاصة اللوز، الجوز و الفول السوداني “الكاوكاو”، و اعتبرتها إحدى الشابات جزءا مهما ضمن مستلزمات رمضان، كما أن الكثيرين يخشون ندرتها أو ارتفاع أسعارها خلال الأيام المقبلة، بينما قالت لنا ربة بيت أخرى أنها تشتريها مع مستلزمات شهر رمضان، لتقلص من الخرجات المخصصة للتسوق، و هي صائمة.
هجوم على المراكز التجارية بالعاصمة لأجل كسوة العيد
بالرغم من أن عيد الفطر لا يزال بعيدا ، إلا أن الكثيرين يتبنون منذ سنوات مبدأ الكسوة مبكرا، هذا ما جسدته مشاهد الكثيرين خلال الأسابيع الأخيرة ، عبر الأسواق و خاصة المراكز التجارية الكبرى بالعاصمة، مثل “باب الزوار” و “آرديس”، حيث بدت جميع محلاتها المتخصصة في بيع العلامات العالمية المعروفة مكتظة عن آخرها، بزبائن اقتنوا كل محتوياتها تقريبا، بالرغم من عدم توفير قطع جديدة تتلاءم مع المناسبة.
و إن كان البعض قد أكدوا عدم وصوله لهذه المرحلة من المقتنيات، خاصة مع ضعف القدرة الشرائية و غلاء الأسعار، مثلما قالت السيدة فضيلة، إلا أن أخريات انتهين من شراء كسوة أبنائهن.
قالت السيدة سارة أنها اشترت كافة احتياجات أطفالها الأربعة من ملابس و أحذية للعيد، مضيفة أنها  شرعت في ذلك منذ أكثر من شهر، تفاديا لقلة السلع المعروضة و نقص جودتها قبل العيد، كما أن الكثير من التجار، يرفعون أسعارها قبيل العيد رغم أنها خلال الأيام العادية تعرض بأسعار معقولة.
من جانب آخر تعرف المساحات التجارية الكبرى بالعاصمة كل نهاية أسبوع إقبالا كبيرا للزوار، حتى من خارج العاصمة،  حسب ترقيم ألواح السيارات المنتشرة في المواقف.
و أكد زبائن تحدثت إليهم النصر، أنهم يقصدون محلات الماركات العالمية المعروفة في عطلة نهاية الأسبوع، لأنها توفر سلعا ذات نوعية جيدة بأسعار معقولة، مقارنة  بالمعروضة في الأسواق العادية، و هو ما بات تقليدا لدى الكثيرين في كل مناسبة، سواء قبل العيد، الدخول المدرسي و حتى العطلة الصيفية، و أكد لنا أحد تاجر بأحد المحلات بالمركز التجاري بباب الزوار ،  أن زبائن من 48 ولاية يشترون ملابس و أحذية لهم و لأبنائهم من هناك.
و يبدو أن هوس التسوق أضحى سلوكا متجذرا  في مجتمع لم يعد يؤمن إلا بالملموس، و لا ينتظر تجسيد وعود وزارة التجارة بإطلاق تخفيضات تشمل مختلف المواد خلال الفترة الممتدة من 7 أفريل الجاري إلى غاية ثاني أيام العيد،  و حتى إعلانات المساحات التجارية الكبرى، عن برنامج خاص بشهر رمضان يتضمن تخفيض أسعار المواد الغذائية.
إ.زياري

الرجوع إلى الأعلى