تعتمد الكثير من  المواقع التجارية الخاصة بالبيع بالتقسيط شعار «البيع دون فائدة» أو «البيع على الطريقة الإسلامية»، من أجل جذب أكبر عدد من الزبائن، و يكون البيع عادة، وفق آجال محددة مسبقا بدفعات ثابتة، إلى حين إتمام السعر الإجمالي للمنتج أو السلعة، سواء كانت عبارة عن جهاز كهرومنزلي، أو قطعة أثاث،
أو هاتف أو كمبيوتر و غيره، و كثيرا ما تلجأ هذه المواقع إلى تمديد الآجال إلى 20 أو 30 شهرا، و أحيانا أكثر، بدفعات شهرية قليلة، في نوع من الإغراء للزبائن، خاصة أصحاب الدخل الضعيف أو المتوسط منهم، لكن في الحقيقة يتجاوز سعر المنتج في نهاية دفع الأقساط الشهرية، ثمنه الحقيقي في السوق.
و يرى خبراء الاقتصاد أن هذا النمط من التجارة، تزايد في ظل التطور الإلكتروني الهائل، لكنه يفتقر إلى آليات قانونية لضبطه و تنظيمه و مراقبته، و اعتبروه نوعا من التحايل بشعار البيع وفق المنهج الإسلامي.
شعار دون فوائد لجذب الزبائن
تضمن هذه المواقع خدمة التوصيل و الدفع عن بعد، كما تخصص صفحات ترويجية لمنتجاتها بالصور أو الفيديوهات، مع توضيح  طرق الشراء و مدة دفع الأقساط، مع  استخدام شعارات جذابة على غرار «عمر دارك على الطريقة الإسلامية» و « أول موقع إلكتروني لبيع المنتجات دون فوائد « و غيرها من الشعارات التي تجذب الزبائن، خاصة ذوي الدخل المتوسط و الضعيف الذين لا يستطيعون دفع ثمن المنتجات كاملا، خاصة الأجهزة الكهرومنزلية ذات الأسعار الباهظة.  
المتصفح لمواقع التواصل، يلاحظ الكم الهائل من المواقع التجارية المنتشرة عبر مختلف الولايات، و لها الكثير من الزبائن، و أغلبها متخصصة في بيع الأجهزة الكهرومنزلية التي تعرف إقبالا كبيرا، و كذلك الأثاث المنزلي.
و تقدم هذه المواقع من حين لآخر، عروضا خاصة، مثل التخفيضات أو  بيع مجموعة من الأجهزة بسعر مغر، و في مدينة قسنطينة توجد العديد من النماذج، من بينها مركز تجاري كبير بالمدينة الجديدة علي منجلي شرع مؤخرا في بيع الأثاث المنزلي و التجهيزات الكهرومنزلية ، و كذلك الدراجات بأنواعها، دون فوائد، كما يروج له عبر موقعه الإلكتروني، مع تقسيط ثمن أي منتوج عبر 20 شهرا، وفق أقساط ثابتة متفق عليها مسبقا.
ما يمكن ملاحظته أن الثمن الذي سيدفعه الزبون إلى آخر قسط ، أعلى بكثير من السعر الحقيقي للسلعة في السوق، بزيادة تلامس في بعض المنتجات، كالثلاجات، بنسبة 50 بالمئة.
الأمثلة كثيرة و متعددة، فالأمر لا يتوقف على التحايل تحت شعار «البيع وفق الطريقة الإسلامية»،  فالكثير من الزبائن وقعوا ضحايا احتيال هذه الجهات، كبيع منتجات مقلدة أو أخرى ذات نوعيات رديئة، عكس ما يتم الإعلان عنه، كما أن عمليات البيع و الشراء تتم دون ملف قانوني أو مؤسسة بنكية، لضمان حق المتضرر بعد إتمام الإجراءات التجارية. 

محفوظ كاوبي الخبير الاقتصادي
الفــــراغ القانونـــي فســـح المجــال لانتــــشار البيــــع بالتقسيـــط تحــــت غطــاء الديـــن
 اعتبر الخبير الاقتصادي محفوظ كاوبي في حديثه للنصر، أن مختلف عمليات البيع بالتقسيط أو البيع بآجال، دون مشاركة البنك كطرف أساسي، نوع من الاحتيال على الزبائن ، تحت ذريعة الدين، و بحجة أنها عملية تتم على الطريقة الإسلامية ، دون فوائد.
و أضاف المتحدث أن أصل هذه المعاملات، تتم بموجب شروط محددة، يكون فيها الزبون و البنك طرفي العملية، أما صاحب المحل، فهو طرف إضافي فقط ، لكن ما يحدث في أرض الواقع مغاير تماما،  فصاحب المحل أو الشركة تعقد اتفاقا مباشرا مع الزبون، لبيعه سلعة معينة في أجل محدد، و بأقساط شهرية،  دون إشراك البنك.
و تابع أن بنك الجزائر وحده، يستطيع أن يطبق مثل هذه المعاملات المصرفية كالصيرفة الإسلامية، إضافة إلى شرط الترخيص من  وزارة التجارة، فعلى كل جهة تقوم بالبيع بالتقسيط، أن تحصل في البداية على رخصة لمزاولة هذا النشاط، سواء كانت شخصا معنويا أو مؤسسة أو شركة، كما يجب أن ترفق الإعلانات الترويجية، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي التي أضحت فضاء  للترويج لهذا النمط من البيع، برقم الرخصة، مشيرا إلى أن أكثر من 90 بالمئة من مواقع و محلات  البيع بالتقسيط،  تنشط ، دون رخصة.
و يعتبر الخبير الاقتصادي  أن ما ساهم في انتشار مثل هذا النوع من البيع ،  هو الفراغ القانوني،  و عدم مسايرة المنظومة القانونية  للتطورات التكنولوجية و آليات التسويق الحديثة التي تستخدم مواقع التواصل من أجل الانتشار ،  فأضحى البيع بالتقسيط طريقة لتحقيق الربح،  خاصة في ظل غياب كلي لآليات الرقابة ، كما انتعشت طرق الغش و تقليد السلع و بيعها على أساس أنها أصلية و ضحاياها  بالعشرات، كما أكد المتحدث،   و يجب أن يتقدم الضحايا بشكاوى لجمعيات حماية المستهلك، من أجل تحريك دعوى قضائية ، لأن ما يحدث عبارة عن جريمة حقيقية تحت غطاء الدين، حسب الخبير.
وهيبة عزيون

الرجوع إلى الأعلى