يحذر عدد من الأخصائيين النفسانيين و الأطباء  تلاميذ البكالوريا و أولياءهم، من إهمال الراحة و الأكل الصحي طيلة مدة الامتحانات، مؤكدين أن الوقوع في فخ القلق و التوتر، يؤثر سلبا على نفسية التلميذ يوم الاختبار و قد يكونان من بين  أسباب رسوبه.
وهيبة عزيون
و يدعو المختصون إلى ضرورة الاهتمام بالأكل الصحي للتلميذ و النوم لساعات كافية، ما يساهم في استرجاع الذاكرة للمعلومات المخزنة داخلها، مع تفادي مناقشة الأجوبة بعد الامتحان، لأنها تشكل ضغطا إضافيا على الممتحن، و قد تكون سببا في التعثر في الاختبارات الموالية.
و يؤكدون أن للأولياء مسؤولية كبيرة في ما يعيشه أبناؤهم من ضغوطات و توتر و عليهم تفادي الكثير من التصرفات و توفير جو من الراحة و الهدوء لتجاوز مشكل القلق الذي يشكل سببا رئيسيا في إضعاف الذاكرة.

* نبيلة عزوز أخصائية  في علم النفس التربوي و  التعليم المكيف
تحرر التلميذ من الخوف يقلص مشكل النسيان
 تؤكد  أخصائية علم النفس التربوي  و التعليم المكيف و التربية العلاجية نبيلة عزوز ،  أن إخراج تلميذ البكالوريا من دائرة الضغوط النفسية التي قد تكون أهم عامل في رسوبه،  تقع على عاتق الأسرة و التلميذ، و حتى الأساتذة لهم دور في مساعدة المتمدرسين على تجاوز هذه العقبة ، و  الابتعاد عن التهويل، فالبكالوريا  مجرد مرحلة عبور لمرحلة التعليم العالي و البحث العلمي.
و تدعو الأخصائية  التلاميذ إلى إتباع  جملة من النصائح أيام الامتحان لتفادي السقوط في فخ القلق و الضغوطات النفسية ، في مقدمتها النوم المبكر  طيلة أيام الامتحان و كذا الاستحمام ، لأنه يقلص من التوتر مع  تناول إفطار صحي و الابتعاد قدر الإمكان عن المشروبات و الأدوية المنشطة التي تؤثر سلبا على تركيزهم .
  و  قبل بداية الإجابة، عليهم التركيز في تدوين  المعلومات الشخصية بالأخص  رقم التسجيل ، و التمعن في قراءة الأسئلة دون تسرع،  فالخوف من السؤال يزيد من ارتباك التلميذ و يؤدي إلى الملل.
 من المستحسن، حسب الأخصائية،  كتابة أية فكرة  أو  إجابة   في المسودة، باعتبارها بداية لسلسلة من الأفكار، مضيفة أن أهم طريقة لتجاوز الضغوطات النفسية، هو تحرر التلميذ من الخوف الذي بدوره يقلص مشكل النسيان و يقوي الذاكرة، لأن الأسئلة  لن تخرج عن المقرر الدراسي و تفادي إرجاع الورقة فارغة و استغلال كل وقت الامتحان و كل ما لديه من معارف.
و تحذر التلاميذ من مناقشة الأجوبة بعد كل اختبار، و التركيز في الامتحان الموالي ، و عدم  اللجوء إلى مواقع التواصل الاجتماعي للبحث عن الأجوبة النموذجية ،  و الدخول في دوامة تسبب التشتت الذهني و فقدان الثقة بالنفس  ، و العمل بمنهجية عند الإجابة و تنظيم أوراق الامتحان ، ما سيشعره بالثقة.
 كما تنصح الممتحن بتقسيم الوقت بين كل الأسئلة ، و عدم الاكتراث بالمؤثرات الخارجية في قاعة الاختبار، لتفادي تشتيت الذهن ، و كذا الابتعاد عن المؤثرات النفسية، مؤكدة أن مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الأولياء و محيط التلميذ المقبل على اجتياز شهادة البكالوريا ، فقد يشكلون عامل ضغط على التلميذ و يتسببوا في عدم نيله لهذه الشهادة .
و أضافت الأخصائية أنه من واجب الأولياء و المحيطين بالتلميذ عدم نقل إحساسهم بالخوف و الضغط إليه قبل و أثناء الامتحان و حتى خلال فترة انتظار النتائج ، مشيرة إلى أنهم قد يسقطون قلقهم دون وعي منهم على التلميذ .
كما تنصح الأولياء بالابتعاد عن بعض التصرفات السلبية، كانتقاد الابن الممتحن و مقارنته بغيره من زملائه أو أقاربه  و الحرص على تحريره نفسيا من مجهر المراقبة الدائمة ، لأن ذلك سينقص من عزيمة التلميذ  مع تشجيعه باستمرار، كما تحث الأخصائية الأساتذة على مساندة و تشجيع تلاميذهم من خلال رسائل نصية عبر الهاتف أو مواقع التواصل الاجتماعي، لأنها تشكل دعما نفسيا قويا لهم،  و يكون وقعها أكثر تأثيرا من تأثير الأولياء و العائلة.

* الطبيبة لمياء محلول
  الأغذية الغنية بالمغنزيوم و النوم الكافي يقللان من حدة القلق
تنصح الطبيبة العامة لمياء محلول صويلح،  من المؤسسة العمومية للصحة الجوارية زيغود يوسف في قسنطينة ، تلاميذ البكالوريا بالاهتمام  كثيرا بوجباتهم الغذائية، فالطعام له دور أساسي في منحهم الراحة و الطاقة طيلة أيام الامتحان، و لابد من تناول وجبات متوازنة و غنية بالفيتامينات، خاصة في وجبة الفطور ، حيث تنصح بأن تكون هذه الوجبة متكاملة و غنية و متنوعة  تمنح التلميذ الإحساس بالشبع، كما توفر للجسم الطاقة التي يحتاجها ، و في مقدمة المواد التي يحتاجها الفواكه الغنية بالمغنزيوم ، فالقلق، كما قالت الطبيبة، يمتص كميات المغنيزوم الموجودة في الجسم و يجب تعويضها بتناول الموز مثلا، لتجاوز مشكل القلق ، كما أنه يشعر التلميذ بالشبع . و تفضل الطبيبة أن يتناول التلميذ في وجبة الإفطار كميات معتبرة من السوائل و العصائر الطبيعية ، و الحليب و السكريات التي تمنح الجسم الطاقة و عدم الأكل بسرعة و تجنب تناول المشروبات المنبهة، كالشاي و القهوة.
أما عن وجبة الغذاء فتنصح الدكتورة لمياء محلول التلاميذ بتناولها مبكرا،  مباشرة بعد الخروج من امتحان الفترة الصباحية، لتفادي الإحساس بالنعاس الذي يشعر به أي إنسان بعد هذه الوجبة،  لأن الدم يكون قاعديا ما يزيد الرغبة في النوم، و بالتالي يفقد التلميذ  التركيز في الاختبار المسائي .
و من الأفضل  أن تكون وجبة الغذاء خفيفة ، غنية بالكالسيوم و المغنزيوم، مع تقليل الملح لتفادي الشعور بالعطش  ، و عكس الإفطار تنصح المتحدثة بشرب القهوة و من المستحسن الشاي ، أما ليلا، فمن الأفضل تناول وجبة خفيفة و في وقت مبكر آخر المساء، لتجنب مشاكل عسر الهضم ليلا.
كما تحذر بدورها التلاميذ ، من السهر و النوم لساعات قليلة ، حيث تؤكد أن النوم الكافي يساعد التلميذ على استرجاع المعلومات المخزنة في ذاكرته، بطريقة جيدة ، لذا تنصحهم بالنوم مبكرا و الاستيقاظ باكرا ، مع تجنب السهر، خصوصا في الثلث الأخير من الليل، الذي يعتبر الوقت الطبيعي للنوم العميق «الاسترجاعي» .
كما تحذرهم من الحفظ أيام الامتحان ، كما هو شائع عند الكثير من التلاميذ ، لأن الدراسات العلمية و الطبية أثبتت أن هذا التصرف سينشط الذاكرة السريعة ، و ينقص من عمل الذاكرة القديمة، و يتسبب في ثغرات في التذكر  ، و بالتالي سيكون التلميذ أمام خطر نسيان كل ما قام بحفظه سنة كاملة، بما فيها المعلومات الحديثة ، و تنصح التلاميذ بقراءة بعض الأسئلة من امتحانات السنوات الماضية أو حل عدد منها، من أجل تنشيط العقل.

* الأخصائي النفساني كمال بن عميرة
المرافقة الأبوية   ضرورية أيام الامتحان
   يدعو الأخصائي النفساني كمال بن عميرة ، الآباء إلى مرافقة أبنائهم نفسيا طيلة أيام الامتحان  بطريقة تبعدهم عن الضغوطات و التوتر النفسي ، وعدم الضغط عليهم أو إجبارهم على القيام ببعض الأمور التي تزيد من شدة خوفهم و قلقهم.
و أضاف النفساني أنه ليس من الضروري مرافقة الآباء لأبنائهم إلى مركز الامتحان، لأن ذلك  قد  يشكل ضغطا إضافيا بالنسبة للبعض، كما قد يكون عامل راحة للبعض الآخر. و يرى أنه من الأفضل أن يذهب التلميذ بمفرده أو برفقة أصدقائه إلى مركز الامتحان، و لابد من التخلص من الجو المشحون داخل البيت الذي لا يكون الحديث فيه لعدة أيام،  سوى حول امتحان البكالوريا ، من أجل إبعاد التلميذ عن الضغوطات ، و من المستحسن ألا يسأل الآباء أبناءهم عن إجاباتهم لذلك اليوم ، و الاهتمام بأكلهم الصحي و المتوازن و النوم الكافي ، و الاقتناع كأولياء،  و إقناع أبنائهم أن شهادة البكالوريا  تجربة حياتية، و ليست مرحلة مصيرية ، ووضع الأمور في مسارها الصحيح ، و الاستعداد لتقبل أي نتيجة، حتى لا يكونوا عرضة  للاكتئاب في حال الرسوب فتتفاقم مشاكلهم النفسية ، و هناك من يبلغ بهم الأمر حد الانتحار أو الانهيار العصبي.
و على الآباء أن يحرصوا على توفير الراحة النفسية لأبنائهم الممتحنين، من خلال  جلسات عائلية ممتعة و تبادل أطراف الحديث حول مختلف المواضيع باستثناء البكالوريا ، و هذا ينعكس على نفسية التلميذ يوم الامتحان و حتى في طريقة إجابته أو ما يعرف ب" الطابع المنهجي"  في الكتابة  و تنظيم ورقة الإجابة التي  تعكس نفسية الممتحن الهادئة ، و العكس صحيح، فالتلميذ المتوتر غالبا ما يقع في  فخ السرعة و التوتر و القلق.
 و شدد النفساني على ضرورة تناول أكل صحي متوازن و الابتعاد عن المشروبات المنبهة و المنشطة ، و النوم الكافي، لأنها عوامل مؤثرة على التلميذ خلال أيام الامتحان.

الرجوع إلى الأعلى