يتميز موسم الاصطياف بوهران هذا العام، بنكهة متوسطية بدأت تفوح روائحها المنعشة منذ أيام، مع بداية العد التنازلي لانطلاق الدورة 19 للألعاب الأولمبية، في صيف  2022 ، تزامنا مع مرور ثلاث سنوات على وصول شعار هذه الألعاب إلى الباهية، ما جعل المصطافين يعربون عن تفاؤلهم بانتعاش السياحة هذا الموسم.
و أعرب بعض أفراد العائلات الذين التقتهم مؤخرا النصر بشاطئ الأندلسيات، عن تفاؤلهم بانتعاش السياحة الداخلية هذا الموسم، وقال لنا حكيم، وهو شاب مرح من العاصمة، حضر مع أصدقائه إلى ذات الشاطئ، أنه يريد أن ترتقي شواطئ الجزائر في خدماتها إلى مستوى الشواطئ التي زارها في مختلف الدول، كأن تكون الفنادق و"البانغالوهات" قريبة من البحر، ولا يتحتم على المصطاف قطع مسافة طويلة من الفندق، ليصل إلى الشاطئ.
وغير بعيد عن حكيم، كان مجموعة من الأصدقاء من العاصمة أيضا، يجلسون حول طاولة شاي العصر، فقال لنا منير أنه متعود على الاصطياف داخل الوطن وخارجه، و يقصد غالبا الشواطئ العذراء التي لا يتوافد عليها المصطافون بكثرة، ولأول مرة يجرب زيارة شاطئ الأندلسيات، فاستخلص أن الاصطياف في بلادنا، يكلف مبالغ مالية كبيرة، مقابل خدمات غير مرضية، و حمل المسؤولية للمستثمرين الخواص الذين يستغلون فرصة حلول الصيف، لتعويض شبه انعدام الزبائن باقي أيام السنة، وهذا بحد ذاته، كما أضاف منير، مشكلة، لأن السياحة في الجزائر يجب أن تستمر على مدار السنة، بالنظر للطبيعة التي تزخر بها ، مبرزا أنه على السلطات إعادة النظر في القوانين، حتى تفرض تسقيف الأسعار وجعلها في متناول البسطاء، كي لا يحرم أبناؤهم من الاستمتاع بالعطل.
أما عن جائحة كورونا، فأكد الجميع بأنه من الضروري اتخاذ الاحتياطات اللازمة، خاصة التباعد الجسدي، لأنهم لا يستطيعون وضع الكمامة في الشاطئ، مشيرين إلى أنه خلال الصيف الماضي  مع قلة عدد المصطافين، كان التباعد ممكنا  بينما هذه المرة لا أحد يدري الوضع، خاصة مع عودة المغتربين.
واصلنا مسارنا فوق الرمال النظيفة و الكثيفة، فصادفنا سيدة و ابنها يقفان عند مدخل الشاطئ، بادرناها بالسؤال عن زيارتها للأندلسيات، فردت أنها متعودة على الحضور إلى هذا الشاطئ  من مدينتها تيارت كل سنة، لقضاء بضعة أيام، رفقة أطفالها الثلاثة،  مشيرة إلى أنها تقيم مع أبنائها ببيت أقاربها و هو غير بعيد عن الشاطئ، مضيفة أنه لولا أقاربها، لما تمكنت من الاصطياف، لأن أسعار الكراء مرتفعة جدا، و دخل زوجها ضعيف.
عودة الرحلات الجوية أنعشت التجارة و الفنادق
التقينا بعمي علي، و هو صاحب محل قرب شاطئ الأندلسيات، لم يغلقه  منذ 40 سنة، حتى في أوج كورونا، خاصة و أنه يقطن غير بعيد عن الشاطئ، والجميع يعرفه وزبائنه يقصدونه مهما كانت الظروف.
قال للنصر أنه اضطر في الصيف الماضي للعمل مع زوجته فقط، و لم يستدع الشباب الذين كانوا يساعدونه كل موسم اصطياف، لأنه لم يكن يستطيع تسديد مستحقاتهم.
أما هذا الموسم فيساعده ابنه الذي أنهى واجب الخدمة الوطنية، ويبقى استدعاء عمال إضافيين رهين توافد  الزبائن.
وبالقرب من عمي علي، كان يجلس مسير أحد الفنادق بالأندلسيات، فأعرب عن تفاؤله بفتح المجال الجوي الذي سمح له بتسجيل عدد من الحجوزات لغرف الفندق، خلافا للعام الماضي الذي كان مغلقا و تم تسريح المستخدمين، مبرزا أن بقاء الحدود البرية مغلقة، سيساهم في "تصالح" الجزائريين مع شواطئ بلادهم و منها شواطئ وهران، مشيرا "سيكون الموسم جميلا إذا استرجعت الجزائر 3 ملايين مصطاف، كانوا يغادرونها برا لقضاء عطلهم في البلدان المجاورة، كما أن فتح المجال البحري سيساعد كثيرا".
مراهقون يتنافسون على بيع "البينيي" والشاي
عدنا إلى الشاطئ ،  فلفت انتباهنا التنافس بين بعض المراهقين على استمالة المصطافين لشراء ما يبيعونه، قال لنا محمد بائع "البينيي" أنه من سكان منطقة الأندلسيات، و يمارس هذا النشاط كل صيف، ليكسب دخلا ماليا، حيث تعكف والدته على تحضير حبات "البينيي" وهو يتجول بها ذهابا وإيابا على طول الشاطئ، و نفى أن يكون لأشعة الشمس الحارقة تأثير على سلعته، رغم أنها محشوة بالمربى.
أما عبد القادر فهو ككل صيف يحضر من ورقلة إلى الأندلسيات، ليبيع الشاي و المكسرات، و ليس لديه كشك، بل يحمل سلعته بيديه و يتجول بها وسط المصطافين، لم يكن وحده ، فهناك مجموعة من المراهقين لا يتجاوزون 17 سنة، يأتون من ورقلة لممارسة هذا النشاط ويجتمعون في بعض المساكن التي يستأجرونها،  قرب الشواطئ، وقد تعود عليهم أصحاب تلك المساكن،  كما أضاف عبد القادر الذي اشتكى، مثل محمد ، من حرمانه من العمل في الصيف الماضي، ومن قلة الزبائن إلى غاية اليوم، ويتمنى هو وبقية زملائه، انتعاش نشاطهم خلال ما تبقى من الفصل.
بن ودان خيرة

الرجوع إلى الأعلى