عرف الطلب على كراء الشقق السياحية بجيجل، تزايدا ملحوظا  في الأيام القليلة الماضية، وذلك بعد تخفيف إجراءات الحجر الصحي وفتح الشواطئ و تأجيل الدخول المدرسي، حيث حجزت غالبية الفنادق و المساكن  الموجهة للاصطياف المتأخر بمجرد الإعلان عن القرار، و الظاهر أن الموسم هذه السنة جاء مغايرا فالوعاء العقاري المخصص للكراء تقلص بفعل عزوف الكثير من العائلات على تأجير شققها، ليتراجع بذلك العرض مقارنة بالطلب المتزايد، وهو ما ضاعف الأسعار، كما يؤكده سماسرة و مصطافون.
3000 إلى 7000 دج لليلة الواحدة
تفاوتت ردود الأفعال بجيجل بخصوص قرار فتح الشواطئ، ففي وقت تنفس الكثيرون الصعداء و استبشر سمامرة العقار السياحي خيرا، لم تتجاوب عائلات مع الأمر، بمن فيهم كثير ممن اعتادوا على تأجير شققهم للسياح خلال كل الصائفة، مع ذلك فقد انتعش سوق العقار الموجه للاصطياف، وهو ما يبرزه الانتشار الكبير و الفوضوي لإعلانات الكراء في الشوارع فبعض اليافطات مثبتة على جدران البنايات  و بعضها الآخر عند مداخل المحلات  و على إشارات المرور وفي كل مكان تقريبا، كما يعرف نشاط السمارة و أصحاب الشقق تزايدا ملحوظا على مواقع التواصل الاجتماعي.
اتصلنا بصاحب أحد الإعلانات للاستفسار عن العرض، فقال بأنه يملك عدة منازل في عدد من المناطق و الأسعار تختلف بحسب موقع الشقة و نوعها، علما بأن الأسعار تنطلق من 3000 إلى 6000 دج لليلة، فاتفقنا معه مبدئيا على تأجير منزل وطلبنا معاينة الشقق، بناء على ذلك اصطحبنا الرجل في جولة لرؤية بعض المنازل و قد زرنا خلالها أحياء حي أولاد بو النار و مزغيطان، أين بدت غالبية المنازل في وضعية جيدة تتماشى نوعا ما الأسعار المحددة لتأجيرها، أخبرنا مرافقنا خلال الجولة، بأن الأمر يتعلق باستطلاع صحفي و أننا بحاجة لمزيد من التفاصيل بخصوص  واقع العقار الخاص بالاصطياف، فأوضح بأن هناك حديثا عن ارتفاع محسوس في أسعار الإيجار بجيجل هذه السنة، لكن الوضع عموما مقبول، و يبقى الزبون في النهاية مسؤولا  عن خياراته و عن الوسيط الذي يتعامل معه، فهناك حسبه، من يقومون بكراء منازل غير مجهزة و بأسعار خيالية و لا يتقبلها العقل، بالمقابل يعرض آخرون شققا و منازل محترمة قريبة من البحر  تتوفر على كافة الشروط الضرورية من تكييف و مطابخ نظيفة بأسعار لا تتعدى 5000 دج لليلة، وهي تكلفة لا تزيد كثيرا عن أسعار الفنادق التي تقارب 6آلاف دج، وأشار محدثنا، إلى أن الأسعار ترتبط بعدة عوامل و على الزبون أن يعرف بأنه سيد في خياره وأن  من حقه أن يتفقد المنزل الذي سيقوم بتأجيره مسبقا، علما أن التكلفة تتحدد بحسب المنطقة وقرب المكان من الشاطئ.
سماسرة آخرون تحدثنا إليهم اعترفوا، بأن هناك زيادات قليلة في أسعار الكراء مقارنة بالسنوات الماضية، إذ تقدر قيمة الكراء عبر التجمعات السكانية الكبرى على غرار العقابي و حي موسى و الحدادة و 40 هكتارا، بحوالي 4000 دج كأقصى تقدير، وذلك على اعتبار أنها تجمعات بعيدة قليلا عن الشواطئ، أما في المناطق القريبة منه على غرار ببلدية العوانة  و حي أولاد بوالنار و المنار الكبير و الأحياء المجاورة للشواطئ بسيدي عبد العزيز و بني بلعيد، فإن الأسعار تتعدى ذلك بكثير و تصل إلى حدود 7000 دج لليلة، استفسرنا من بعض السماسرة وملاك المنازل  عن خلفية زيادات المفروضة، فأخبرنا أحدهم، بأن الحظيرة السكنية الموجهة للكراء تقلصت هذه الصائفة و العرض قليل مقارنة بالسنوات الماضية، و ذلك بسبب الجائحة والخوف من عدوى فيروس كورونا، كما أن تأخير موسم الاصطياف حال دون تحضير بعض العائلات لمنازلها لأجل الكراء، وقال آخر:  “ قبلا كنا نملك ما يقارب 130 مسكنا للتأجير، لكن العدد تراجع هذا الموسم إلى حوالي 90 مسكنا، بعدما فضل بعض الملاك عدم عرض منازلهم للكراء بسبب فيروس كورونا و لاعتبارات شخصية  أخرى مضيفا، بأن الموسم محدود زمنيا هذا العام و عدد المنازل محدود و لذلك فإن الاختلال بين العرض والطلب خلف زيادة في الأسعار، وقدر قدر سماسرة حجم التراجع في العرض بحوالي 30 شقة ضمن قائمة كل سمسار، مؤكدين، بأن العديد من ملاك المنازل فضلوا عدم المغامرة بكراء منازلهم خوفا على صحتهم و لعدم قدرتهم على ضمان الالتزام بالبروتوكول الصحي، الأمر الذي أفقد الموسم بهجته و أثر سلبا على العديد من النشاطات.
الجائحة قلصت العرض وأنعشت مناطق معزولة
و الملاحظ خلال هذه الأيام في جيجل، هو صعوبة الحصول  على منزل لقضاء ما تبقى من عطلة، فجل الشقق محجوزة، خصوصا تلك المتواجدة بالقرب من الشواطئ، أين قام المصطافون بكرائها باكرا، فيما تبقى العروض متوفرة لكن في المناطق و التجمعات البعيدة نوعا ما على غرار مزغيطان و حراثن و الحدادة و العقابي و كون شوفالي.
ويقول خالد، وهو صاحب وكالة عقارية، بأن الطلب كبير مقارنة بالعرض خلال هذه الفترة وذلك بالنظر إلى قصر عمر العطلة وقرب انتهاء الموسم، فالاتصالات لأجل الحجز كثيرة جدا وقد فاقت التوقعات، لكن يبقى المشكل متعلقا بالأسعار التي يطلبها ملاك المنازل و بإصرارهم على رفع أرباحهم مقابل تقليص عمولة الوكالات و ذلك مقارنة بما كان معمولا به خلال المواسم السابقة، فامتناع بعض العائلات حسبه، عن كراء المنازل عقد الوضعية كثيرا، مضيفا، بأن هناك من فضلوا الاستغناء عن الوسطاء و اعتمدوا على أنفسهم في تأجير ما يملكونه من عقار سياحي، وهو ما وضع الوكالات في حرج كبير و تسبب في خسارتها لبعض من زبائنها الأوفياء، لتعذر توفير الطلب بسبب نقص المساكن و تعنت أصحابها كما سبق شرحه.
و ذكر بعض أصحاب الوكالات العقارية الآخرون، بأن الموسم تأخر كثيرا بالجائحة و تبعاتها، إذ ارتفعت أسعار الخدمات و انخفضت العمولة، و قدروا الزيادات في أسعار الشقق و المنازل بـ   1000 إلى 1500 دج لليلة الواحدة، فالشقة التي كانت تؤجر مقابل بـ 3000 دج أصبحت تؤجر بـ 4000 دج، و هو أمر لم يستسغه الزبائن حسبهم، مضيفين بأن تأثيرات الجائحة ملحوظة  حتى وإن كانت الزيادات متوقعة هذا العام بالعودة إلى معطيات المواسم الماضية.
 محدثونا قالوا، بأن ارتفاع أسعار المنازل المستقلة “ فيلا”، أدى إلى انتعاش بورصة كراء الشقق في العمارات و جعل زوار جيجل يفضلونها كبديل أنسب من حيث الأسعار، وهو ما نشط الحركية على مستوى المناطق والتجمعات البعيدة و المعزولة  قليلا مثل حراثن و مزغيطان و حي أيوف، بالرغم من أنها كانت  من الوجهات الأقل طلبا في السنوات السابقة.
محطة النقل  الشرقية  وكالة عقارية مفتوحة
قادنا استطلاعنا إلى محطة النقل الشرقية بجيجل، وذلك بعدما علمنا من السماسرة، بأنها تعد نقطة الالتقاء الرئيسية بينهم و بين الزبائن، وقد لاحظنا خلال تواجدنا هناك، العدد الكبير للعائلات الوافدة  من ولايات مجاورة، و شدتنا حركية من نوع آخر لا تتعلق بالبحث عن ناقلين فقط، بل تخص أيضا التواصل مع وسطاء و سماسرة لأجل الحصول على شقة أو منزل لقضاء العطلة.
 تقربنا من رب عائلة قادم من خنشلة، فقال، بأنه اختار جيجل لأجل الاصطياف حتى وإن كان الموسم متأخرا، مشيرا إلى أنه فضل المجيء إلى المدينة والبحث عن منزل بنفسه، بدل الاعتماد على الأرقام و الإعلانات التي تعج بها موقع التواصل الاجتماعي، وذلك بسبب تجربة سابقة فاشلة، وقع خلالها ضحية لتلاعب سمسار غير المسكن المتفق عليه في آخر لحظة، وهي نفس القصة التي سمعناها من رجل آخر قال، بأنه قدم من ولاية برج بوعريريج، موضحا بأنه فضل القدوم للمحطة و مع مقابلة أصحاب الشقق مباشرة ومعاينة عروضهم قبل أن يدفع فلسا واحدا كي لا يقع في نفس الفخ مرتين، وحسب محدثينا، فإن هناك فعلا زيادات طفيفة في أسعار الكراء هذه السنة، مع تراجع في العرض، حيث أخبرنا محمد القادم من قسنطينة، بأنه وجد نفسه أمام خيارات محدودة جدا، بعدما رفض صاحب الشقة التي تعود على تأجيرها سنويا، كرائها هذا العام متحججا بالظرف الصحي.
التخييم حفاظا على الصحة


وفي وقت لجأت عائلات إلى التخييم و المبيت في المركبات بدل كراء المنازل، قال بعض من قابلناهم بأن جائحة كورونا، غيرت بعض تقاليد كراء الشقق في جيجل، حيث ضاعفت الاهتمام بالجانب الصحي ودفعتهم إلى جلب أغطيتهم ومفروشاتهم الخاصة، من جانبهم، يركز بعض السماسرة  على الشق الوقائي بوضع لافتات تحذيرية داخل المنازل تشدد على ضرورة احترام الإجراءات الوقائية خارجا، و منهم من يقومون بتعقيم المنزل و إخلائه لمدة يوم كامل قبل تأجيره لزبون جديد، فيما يبقى الربح هاجس غيرهم من الوسطاء الآخرين، و كلها عوامل أثرت مجتمعة على النشاط السياحي هذا العام، لكنها لم تسرق من جيجل عشاقها وزوارها الأوفياء لجمالها وسحر شواطئها.                    كـ. طويل

الرجوع إلى الأعلى