تعد الساحة الحمراء، الكائنة وسط مدينة قالمة القديمة، من أجمل المواقع السياحية و الأثرية، و أكثرها استقطابا للزوار الباحثين عن الهدوء و الاستكشاف،
و التمتع بالمكان الفسيح الذي يعد القلب النابض لمدينة الثامن ماي، التي ثارت على الاستعمار و دفعت  الثمن غاليا.
و لا تزال الساحة إلى غاية اليوم تحتفظ بذكريات ماي الأسود من سنة 1945، عندما سالت الدماء بالساحة الجميلة، التي أصبحت تسمى الساحة الحمراء، التسمية الأكثر رواجا، حتى أنها تكاد تحجب تسميتها الرسمية ساحة 8 ماي 1945، التي تختزن ذكريات المدينة، و تجمع أهلها كل صباح على فناجين القهوة و الشاي، و عبق التاريخ و الثقافة و الفن، المنبعث من المسرح العريق الذي يعد من أبرز معالم الساحة الشهيرة، ملتقى رجال السياسة و المثقفين و المتقاعدين، و عابري السبيل.
خضعت الساحة التاريخية العريقة لعمليات تهيئة و تطوير مستمرة، و كانت النافورة الجميلة التي تتوسط الساحة من أهم المعالم الجديدة، التي أضفت على المكان الكثير من الرومانسية و الهدوء و المتعة، خاصة في فصل الصيف، عندما تطبق الحرارة القوية على المدينة، و تدفع زوار المكان إلى الاستمتاع بأعمدة المياه المتدفقة، و الهواء العليل المنبعث منها، و الاحتماء بأشجار الفيكيس ريتيزا التي تغطي مساحة واسعة من الساحة المتربعة على مساحة تقارب الهكتار، من المسرح الشهير إلى شارع أول نوفمبر، أطول شوارع مدينة قالمة.
لم تستمر أعمدة المياه طويلا، و أصيب الحوض المائي الكبير بالجفاف، و تسللت إليه النفايات، و جف العشب الطبيعي المحيط بالمكان، و اختفى بعض جمال الساحة، و لم يتوقف زوارها عن المطالبة بإصلاح الحوض المائي، و تنظيفه و تشغيل معدات ضخ المياه، للمحافظة على مكانة الساحة، و استقطاب السياح، و دعم الحركة التجارية بالمدينة القديمة.
و قد تدخلت فرق الصيانة العاملة ببلدية قالمة عدة مرات خلال السنوات الماضية، لإصلاح نظام ضخ المياه، و تنظيف الحوض المائي و تشغيل النافورة، لكن سرعان ما يعود العطب، و يتحول الحوض إلى موقع للمياه الراكدة، الملوثة بالنفايات.
و قال علي طرشون، عضو بالمجلس الشعبي لبلدية قالمة، للنصر، بأن النافورة المعطلة تثير القلق و تشوه جمال الساحة، مضيفا بأن عمال النظافة يبذلون جهودا مضنية لإزالة النفايات.
حسب المتحدث، فإن مشروعا جديدا تم تسجيله قبل عامين تقريبا، لإزالة الحوض المائي و بناء معلم هندسي مائي جديد، لكن الأشغال لم تنطلق بعد، رغم إنهاء الدراسات و إعداد مجسم جميل، سيضيف الكثير من الجمال للساحة الحمراء.
و كانت تحيط بالساحة الجميلة بنايات استعمارية قديمة، فيها الجندرمة و مقرات أخرى، وقعت فيها أعمال تعذيب و قتل خلال مأساة ماي الأسود من سنة 1945، و قد تم هدم هذه البنايات و توسيع الساحة، و بناء نصب تذكاري فيها، تخليدا لضحايا مجازر 8 ماي 1945، و محال تجارية و نافورة جميلة، و غطاء من أشجار الفيكيس ريتيزا، ذات الظلال الوارفة، و الاخضرار الدائم.
و يعد المسرح الجهوي محمود تريكي أيضا من أبرز معالم الساحة الحمراء، إلى جانب مبنى الخزينة، التحفة الهندسية المتفردة.
و يأمل سكان مدينة قالمة في بناء معلم هندسي مائي جميل، يبدد تلك المشاهد المقرفة التي تصنعها النافورة المعطلة، و النفايات المشوهة لإحدى أجمل الساحات العامة بالمدينة.
و ليست نافورة الساحة الحمراء وحدها المتوقفة بمدينة قالمة، فنافورة باب السوق، و نافورة جسر شارع التطوع أصابهما الجفاف أيضا، و تعطلت معداتهما منذ مدة طويلة، رغم المحاولات المتكررة لبعث الروح في هذه المجسمات المائية الجميلة، التي سكت هديرها، و صارت مواقع لا تسر الناظرين.             فريد.غ

الرجوع إلى الأعلى