* تنفيذ مخطط «وجهة الجزائر» مرهون بتحقيق السياحة المستدامة
تلتزم الحكومة في مخطط عملها في شقه المتعلق بالسياحة، بتحيين ومراجعة النصوص التشريعية والتنظيمية من خلال إعداد مشروع قانون توجيهي للسياحة يجمع كل الترسانة القانونية لهذا القطاع بهدف تكييفه مع التحولات الجديدة، وأيضا إعادة تنشيط الـمجلس الوطني للسياحة لضمان التنسيق والتشاور بشكل أفضل بين مختلف الفاعلين الـمعنيين بالنشاط السياحي.
بن ودان خيرة
ونجد من بين الالتزامات، دعم عمل وكالات السفر وتسهيل إجراءات التأشيرة لصالح السياح الأجانب، وكذا تشجيع    اللجوء إلى صيغ تحفيزية للسفر عن طريق رحلات «الشارتر» بهدف تعزيز جاذبية الوجهة  السياحية للجزائر بالاعتماد على مساهمة الممثليات الدبلوماسية والقنصلية  في الخارج.
كما تضمن المخطط الذي عرض أمام نواب البرلمان، ضرورة تشجيع بروز أقطاب سياحية امتيازية تستجيب للـمقاييس الدولية، خاصة السياحة الثقافية والدينية وعلى مستوى الـمناطق الجنوبية،  والتركيز على تنمية السياحة الداخلية من خلال استكمال برنامج عصرنة وإعادة تأهيل الحظيرة الفندقية العمومية وتوجيه الاستثمارات السياحية وتكييفها وفق احتياجات الطلب وخصوصية كل منطقة بالإضافة لاستحداث مسالك سياحية موضوعاتية، وغيرها من القرارات التي تهدف لترقية السياحة والوجهة الداخلية للبلاد.
وفي هذا الإطار، رصدت النصر آراء بعض المتعاملين والمختصين في القطاع.

* إيزة آمال باحثة في التُراث و السياحة ورئيسة الجمعية العلمية صناعة الغد
رقمنة الإحصائيات ركيزة انتقال الجزائر من بلد موفد إلى مستقبل للسياح
أوضحت الباحثة في التراث والسياحة طالبة الدكتوراه إيزة آمال، أن الوقت قد حان لنفكر جدياً في تغيير خارطة القطاع السياحي بالأخص بعد التغييرات التي طرأت جراء انتشار جائحة كورونا التي تركت أثراً بالغاً وجعلت الخبراء و المُختصين بهذا المجال يُعيدون النظر و يُراجعون حساباتهم.
مضيفة أن قطاع السياحة في بلادنا يواجه اليوم العديد من التحديات لكسب رهان المستقبل كونه معولا عليه ليُعطي دفعاً قوياً للاقتصاد الوطني، حيث يمثل بديلا لا يُمكن الاستغناء عنه لتنمية قدرات البلد وبث النشاط في العديد من المجالات الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية وغيرها، مردفة أنه يمكن القول بأن جائحة كورونا تعتبر فرصة ثمينة يجب استغلالها لتحفيز السياحة الداخلية، ولكن يبقى التحدي الكبير هو بناء خطة  فاعلة لكسب رهان السياحة الداخلية لتصبح مستدامة و مطلوبة حتى بعد فتح الحدود و المطارات لمواجهة الكم الهائل من الإغراءات و المنافسات بعالم السياحة. هذا وقد بدأ الاهتمام من السلطات المعنية  مؤخرا بتنشيط وتفعيل السياحة الداخلية حيث اختارت وزارة السياحة و الصناعة التقليدية لهذه السنة بمناسبة اليوم الوطني للسياحة المصادف لتاريخ 25 جوان الماضي  شعار « السياحة الداخلية تحدي اليوم و رهان الغد»، كما قام الديوان الوطني للسياحة بالجزائر بتنظيم مُسابقة وطنية تعنى بتشجيع الابتكار وروح المُبادرة و الإبداع لدى الشباب و المؤسسات الناشئة ومست هذه المسابقة أيضا المدونين و الصحفيين و المُصورين و المؤثرين الاجتماعيين، وهذا وفق المتحدثة ما تمت المطالبة به في عدة مناسبات لتشجيع المُبادرات الفردية بالأخص التي تتعلق بالترويج السياحي و نشر الثقافة السياحية و إبراز ما تزخر به الجزائر من مقومات لاستقطاب السياح و رفع كفة السياحة الداخلية.
ليبقى الهدف الرئيسي في آخر المطاف مثلما قالت المتحدثة، هو كيفية تحويل الجزائر من بلد موفد إلى بلد مُستقبل للسياح مُستقبلاً،  كون صناعة السياحة فن يعتمد على « التخطيط و التسيير الرشيد» الذي لا يُمكن تصوره دون منظومة إحصائية و إعلامية ورقمية  ذات جودة تسمح بالإطلاع على كل ما يُمكن أن يُساهم في المعرفة، هذا إلى جانب تسجيل غياب نظام دقيق ومفصل للمعلومة الإحصائية وعدم إشراك المواطنين في قطاع السياحة، مما ساهم في إعاقة السير الحسن للمخططات السياحية، ناهيك عن الغلاء الفاحش وعدم توافق الأسعار مع الخدمات المقدمة للسائح المحلي أو الأجنبي.
وأبرزت الباحثة إيزة أمال، أن عملية جمع إحصاءات السياحة و رقمنتها أصبحت في السنوات الأخيرة تحظى بالاهتمام في الكثير من دول العالم من قبل الباحثين وصُناع القرار، خاصة بعد إصدار هيئة الأمم المتحدة في سنة 2008 العديد من التوصيات بهذا الشأن  و كذلك دليل تطبيقي يُفسر كيفية جمع المعطيات الإحصائية وتوحيد التعاريف والمفاهيم والتصنيفات والمؤشرات التي تــُسهل الدراسات العلائقية والارتباطية، كما دعت الهيئة لزيادة إنتاج البيانات الموثوقة والكافية والضرورية، لتصميم إستراتيجيات التسويق والتبادل الثقافي وتدعيم العلاقات الدولية، وإجراء أنواع مختلفة من تحليل و إدراج أساليب حديثة لرقمنة السجلات والاستبيانات، وبالرغم من هذه الأهمية المتزايدة  حول رقمنة إحصاءات السياحة في العديد من الدول، إلاَ أنه في الجزائر لم ترق بعد إلى المستوى الذي يكفل بلوغ الأهداف المرجوة منها، حيث بقيت محدودة إذا ما تمت مقارنتها ببعض البلدان العربية حسب إحصائيات المنظمة العالمية للسياحة، حيث تُعتبر الإحصائيات السياحية الخاصة بالحركة السكانية عبر المجال الجغرافي، مُهمة للغاية لدراسة و فهم بعض الظواهر ومنها الحركة السياحية«دخول- خروج» عند الحدود مما يسمح بضبط مُستويات هذه الحركة و توجهاتها و هذا بغرض التخطيط لها و لتلبية حاجيات السُياح حسب مختلف الميزات الديموغرافية و الاجتماعية.

* شافع أقنيحناي  مستثمر في قطاع السياحة
السياحــــة الداخليـــــة هـــــي المستقبـــــل
اعتبر المستثمر في القطاع السياحي شافع إقنيحناي من وهران، أن ترقية السياحة في الجزائر عموما والتركيز على الوجهة الداخلية، يستدعي وضع سياسة عامة لهذا القطاع تشمل عدة قطاعات وعدة نقاط، فالجزائر هي بلد قارة واسع وشاسع ويملك كل المؤهلات التي يمكن بعد حسن استغلالها أن تصبح نموذجا سياحيا في العالم.
وثمن محدثنا قرار الحكومة ترقية السياحة الداخلية، مقترحا في هذا الصدد أن يتم إنشاء مدارس أو حتى ثانوية للتكوين الفندقي، والعمل على الترويج للمواقع الأثرية والتاريخية التي تزخر بها كل مناطق الوطن مع ضرورة تفعيل قطاع الثقافة الذي له دور كبير، وعليه يجب تشجيع السياحة حتى في المدن الداخلية.
ودعا إلى تسهيل  وتخفيض أسعار التذاكر لتشجيع المهاجرين الجزائريين للسياحة في بلدهم عوض توجههم كل عام لبلدان أخرى وبالتالي تخسر الخزينة العمومية أيضا مداخيل بالعملة الصعبة، ويعد أكبر إنجاز وفق المتحدث لو تنجح المساعي لإقناع الجزائريين داخل وخارج الوطن بالاستفادة من الخدمات السياحية وقضاء عطلهم في بلدهم، أما عن إمكانية إعادة النظر في أسعار المرافق، أوضح السيد شافع أن الأسعار تخضع للعرض والطلب وحسب المواسم، وعليه ترقية الاستثمار السياحي وخلق التنافسية من شأنه خفض الأسعار وجعلها في متناول الجميع.
ومن أجل ترقية الخدمات السياحية، أردف السيد شافع أنه يمكن للوكالات السياحية والمؤسسات الفندقية أن تؤدي دورا فعالا لإنجاح وترقية السياحة بدعم أيضا من السلطات العمومية، كما أن الأمن والاستقرار يساهمان بشكل كبير في استقطاب السياح وتنشيط الحركية السياحية وكان محدثنا أكثر تفاؤلا، حين قال إنه بالإمكان استقطاب السياح من البلدان المجاورة وحتى الموجودة في الضفة المقابلة من المتوسط لأن الجزائر بلد كبير بكل مقوماته.

* فاروق جدي  مرشد وصاحب وكالة سياحية بتبسة
صناعة العروض السياحية تتطلب تدخل الجميع
أوضح فاروق جدي وهو مرشد وصاحب وكالة سياحية بتبسة، أن تنمية السياحة الداخلية تتطلب تضافر كل جهود الدولة و الجماعات المحلية و المتعاملين الاقتصاديين و المجتمع المدني، للاشتراك في صناعة العروض السياحية و دورها المتزايد مستقبلا في الاقتصاديات اليومية، مثمنا قرار الحكومة القاضي بتطوير السياحة الداخلية خاصة و هذا ما يتطلب إرادة قوية و برامج حقيقية كي يستطيع المتعاملون في القطاع إظهار الوجه الحقيقي للسياحة في الجزائر.
مضيفا أن إنعاش قطاع السياحة ببلادنا يتوقف على عدة عوامل من بينها مدى توفر الموارد المالية لتمويل دورة الاستغلال و دورة الاستثمار للمشاريع المرتبطة بهذا المجال،و توفر التسهيلات و الحوافز الجبائية و الجمركية، ودعم القطاع العمومي حتى يستطيع مواكبة التغييرات على المستوى العالمي و مواجهة المنافسة.
كما أن الصناعة التقليدية و الحرف تعتبر من أهم و أبرز مقومات تطوير السياحة وفق المتحدث، وعليه يجب وضعها كأولوية و رصد العديد من الاعتمادات لها، مردفا أن بلادنا تزخر بكل مقومات النجاح سياحيا سواء الشريط الساحلي الكبير و أكبر صحراء بمقوماتها الطبيعية النادرة وكذا مختلف أنواع التضاريس الموجودة في باقي المناطق والتي يعطيها الإرث الحضاري روحا فلا تخلو أي منطقة من المعالم الأثرية ومنها المصنفة عالميا وأيضا يوجد تنوع في العادات و التقاليد، كل هذا يجعلنا في المراتب الأولى سياحيا فقط إذا توفرت العزيمة، فبالمشاريع السياحية الحقيقية يكون لدينا عدد كبير من المستثمرين المحليين و حتى الأجانب ويتم خلق التنافسية وهذا ما سيساهم في تخفيض الأسعار وتقديم خدمات أحسن وأرقى ويُحدث تنوّعا كبيرا في السياحة.
وقال فاروق جدي، إنه درس تخصّص علم الآثار في الجامعة وبعد تخرجه رفض الوظيفة لشغفه بالخرجات السياحية وهذا ما حفزه للتوجه نحو التكوين وتم اعتماده من طرف وزارة السياحة سنة 2013 كمرشد سياحي وطني، ولكن مثلما أضاف، واجهته مشاكل وعراقيل قام بتجاوزها بإنشاء وكالة سياحية خاصة به، معتبرا أن المرشد السياحي يجب أن تكون لديه معلومات عن تاريخ المنطقة وعاداتها وتقاليدها للتعريف بالمواقع الأثرية والنصب التذكارية وغيرها، وركز الحديث عن مدينته تبسة العتيقة التي هي عبارة على بنايات متداخلة وجميلة في آن واحد تشكل بانوراما رائعة على الطريق المؤدية إلى الدكان عبرالحرف على بعد 40 كلم من السور البيزنطي أحد أضخم البنايات الأثرية بالمدينة، وحسبه فقد تأسس هذا السور سنة 535 ميلادي على يد «البطريرق سولومون» لحماية المدينة وبسط سلطان البيزنطيين عليه لضرب الأعداء، وأغلب آثار تبسة تعود للعهد الروماني منها، قوس النصر «كاراكالا» بناه الرومان عام 75 ميلادي، تظهر به أعمدة كبيرة تنتهي بأقواس و يقع خلفها سور عال من حجارة كبيرة، بالإضافة للكنيسة الرومانية التي اكتشفها«ستيفن قزيل» عام 1901 ميلادي وتمكن الخبراء من التعرف على الحضارة الرومانية من خلالها خاصة الثقافة والعلوم واللغات وطبيعة الحياة آنذاك، ويوجد أيضا معبد «مينرف» أنشئ عام 217 ميلادي بأمر من الامبراطور الروماني «سبيتيم سيفار، كما شيد في عهد القنصل الخامس «فيسياسانوس» المعبد الروماني سنة 75 ميلادي الذي استعمل كمسرح و ملعب للمصارعة.

 

الرجوع إلى الأعلى