تحول البحث عن الجمال الطبيعي و البشرة المثالية إلى هوس بالنسبة للسيدات، خصوصا مع تزايد تأثير مواقع التواصل الاجتماعي التي غذت هذا النهم، وهو ما دفع بالكثيرات إلى البحث عن طرق و وصفات و منتجات يمكن أن تحقق النتائج المرجوة في وقت قصير وبفاعلية عالية، حيث صارت المكملات الغذائية موضة رائجة للعناية بالشعر و البشرة، رغم ارتفاع أسعارها و مخاطرها التي يحذر منها المختصون، إلا أن الإقبال عليها زاد بشكل ملحوظ و استخدامها بلغ درجة كبيرة من الفوضى و العشوائية.

* رونق بوشارب

و لم تعد تكتف السيدات بالوصفات الطبيعية للترطيب والتنعيم و التفتيح و العناية بالبشرة والشعر والأظافر وغيرها،  بل أصبحت غالبيتهن تلجأن إلى حلول تحقق لهن نتائج ملحوظة في أقل مدة ممكنة، على غرار المكملات الغذائية، وهي عبارة عن مساحيق وحبوب ومحاليل تحتوي على فيتامينات ومعادن وأحماض أمينية وتتوفر في الصيدليات ومختلف الأسواق التجارية بأسعار مختلفة تكون مرتفعة في العادة، مع ذلك فإن الغاية تدفع بالكثيرات إلى الإنفاق على شرائها دون حرج، وهو ما ضاعف الاستخدام العشوائي لها دون استشارة مسبقة، مع أن في ذلك خطرا على الصحة، خصوصا وأن استهلاك هذه المكملات يخضع في العموم إلى نظام يفترض أن يحدده الأخصائيون، لأنه يعتمد على عدد محدد من الجرعات و على مواقيت استخدام معينة، ناهيك عن أن ما يناسب شخصا ما قد لا يعطي مفعوله على شخص آخر مثلا، والسبب هو أن لكل حالة خصوصيتها، وأي استهلاك عشوائي قد يترتب عنه مضاعفات جانبية غير مستحبة كما ذكره لنا صيادلة تحدثنا إليهم.
قادنا استطلاعنا، إلى بعض الصيدليات بقسنطينة، فكانت البداية مع صيدلية بوسط المدينة، علمنا من صاحبتها، بأن أكثر المكملات الغذائية طلبا من قبل الفتيات هي تلك الخاصة بمنع تساقط الشعر  على غرار « نوفوفان و جوفامين» ، اللذان يستخدمان للشعر والأظافر  إضافة إلى « الزنك»، المفيد للمناعة بالدرجة الأولى والذي يستخدم كذلك كحل لمشاكل الشعر و البشرة و خصوصا حب الشباب، فيما يستخدم فيتامين «ه « للوجه والشعر، وأضافت الصيدلانية، بأن أسعار هذه المكملات مقبولة نوعا ما، وتتراوح عموما بين 1800 دج إلى 2800 دج، ولذلك لا تجد الكثيرات حرجا ماديا في اقتنائها بشكل منتظم.
سوق  تقودها مواقع التواصل
وفي حديثها مع النصر، قالت ريم من قسنطينة، وهي شابة تبلغ من العمر 26 سنة، بأن هوسها بالبشرة المثالية الخالية من العيوب والشعر الناعم المنسدل والأظافر الجميلة التي تظهر في فيديوهات مؤثرات الإنستغرام، جعلها تلجأ إلى المكملات الغذائية وذلك بناء على نصيحة بعض المدونات الشهيرات في مجال الجمال والموضة، مضيفة، بأنها تعتقد بأن هذه المكملات تحقق لها النتائج المرغوبة، و أنها تبحث دائما عن نتائج فورية، ولا يمكنها أن تتبع نظاما طبيعيا قد يستغرق وقتا طويلا.
 وعن نوع المكمل الغذائي الذي تستخدمه ريم، قالت، بأنه مكمل يحتوي على البيوتين وحمض البانتوثنيك، وثمنه 1300 دج، وهو سعر مناسب حسبها، خصوصا وأن الجميع يتحدثون عن فعالية المنتج، وهو ما ترجوه حقا، على اعتبار أنها لم تتجاوز بعد أول أسبوع تجريبي، علما أنها لم تستعن بطبيب من أجل تناوله لكنها راجعت مكوناته جيدا كما قالت.
أما وفاء ذات 23 ربيعا، فأخبرتنا بأن تجربتها  مع المكملات الغذائية بدأت مع بداية الترويج لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة بعد متابعتها لمؤثرين كانت تضع فيهم كامل ثقتها، حيث اختارت في أول مرة كما قالت لنا، مكملا غذائيا يتم الترويج له على أنه متعدد الخصائص، حيث يعمل هذا النوع على تطويل الشعر والأظافر ومعالجة البشرة في آن واحد، وهو ما وفّر عليها المال و الجهد معا، مؤكدة، بأن أكثر ما لفت انتباهها هو الشكل الخارجي للعلبة، ناهيك عن العرض المغري الذي اقتنتها عن طريقه والذي تضمن تخفيضا في السعر مع ضمان التوصيل وعن نتيجة استخدامها للمنتج، أوضحت بأنها لم تتحصل على النتائج المرجوة فعلا، وأن ما روج عنه في مواقع التواصل كان مبالغة كبيرة، مع ذلك فقد زاد طول شعرها نسيا.
في حين أن لينا صاحبة 22 سنة، قالت، بأنها عانت لفترة طويلة من تساقط الشعر لدرجة أن المشكل خلّف فراغات في رأسها، ما جعلها تجرب جميع أنواع خلطات الشعر الطبيعية والكيميائية، إلا أنها لم تجد فائدة كبيرة، فقررت الاستعانة بمكمل غذائي كان يروج له كثيرا، على أنه فعلا و مفيد و سريع النتائج، وبالفعل أوضحت بأنها لاحظت بعد الانتهاء من تناوله نتائج مرضية مع معالجة نسبية لشعرها مقارنة بالفترات السابقة، لكنها عانت بالمقابل من مشاكل على مستوى الجهاز الهضمي مع آلام طفيفة في المعدة، وامتناع نسبي عن الأكل نتيجة فقدانها للشهية طول فترة استهلاكه.

أخصائي التغذية محمد عبد القادر لزرقعشوائية الاستهلاك:  قد تسبب قصورا كلويا أو تضر الكبد
يؤكد أخصائي التغذية، محمد عبد القادر لزرق، أن المكملات الغذائية هي عبارة عن عنصر غذائي أو مركب لعدة عناصر غذائية سواء كانت فيتامينات أو معادن أو غيرها من المغذيات وذلك فإن استهلاكها مرهون بمدى الحاجة إليها.
وشدد الأخصائي، على ضرورة التحقق الجيد من طبيعة المكمل و جودته ومدى مطابقته لشروط الاستهلاك، عبر التدقيق في قائمة مكوناته و معرفة الجهة المصنعة له و طرق حفظه، تجنبا لأية مشاكل صحية قد تنجر عن استهلاك مكمل غير صحي أو غير مطابق أو مقلد، كما حذر من الخلطات التي يروّج لها على مواقع التواصل الاجتماعي، و تلك التي يتم بيعها في محلات الأعشاب وتقدم على أنها وصفات سحرية و مكملات غذائية، في حين أن مكوناتها مجهولة وهو أمر يتنافى تماما مع شروط الصحة العامة كما دعا السيدات إلى التوجه مباشرة نحو الصيدلية في حال أردن منتجا معينا و التأكد جيدا من نوعيته و طبيعته قبل أي استهلاك.
أما فيما يخص أضرار التناول العشوائي لهذه المكملات، فقد أوضح بأنها جانبية و قد تشكل خطورة بالغة على الأفراد المستهلكين، منها التسمم الذي يؤدي بدوره إلى مشاكل على مستوى الكبد والكلى، وهذا ما قد يسبب قصورا كبديا أو كلويا.
كما أضاف، بأنه يمكن أن تكون هناك أضرارا على الجهاز الهضمي، خاصة عند مرضى السيلياك، فالنساء اللواتي يتناولن زيت جنين القمح، للحصول على فوائد الفيتامين « هـ «، قد يعرضن أنفسهن لمشاكل صحية في حال أكثرن منه، لأن هذا الفيتامين قد ينتج عنه ضررا على مستوى الجهاز الهضمي، كما قد تسبب هذه المكملات الغذائية طفــــحا جلديا أو تهيــــجات على مستوى البشــــرة، لبعض الأشخاص الـــــــذين يعانون من الحساسية المفرطة ويمكن أيضا أن تسبب هذه المكملات إمساكا أو إسهالا أو آلاما على مستوى المعدة والأمعاء حتى لغير المصابين بأي نوع من الحساسية و المرض.
وقال أيضا، بأنه يمكن لهذه المكملات أن تتفاعل مع أدوية أخرى  في حال تناول كليهما في فترة زمنية واحدة، أو أن تناول مغذيات طبيعية يمنع في بعض الأحيان امتصاص مكونات هذه المكملات على مستوى الجهاز الهضمي، على غرار الشاي الذي يمنع امتصاص الكالسيوم، و ذكر الأخصائي، بأن الاستهلاك العقلاني لهذه المكملات يحقق نتائج مرضية جدا، فيما يخص معالجة وتطويل الشعر والأظافر، لكن هذا يتطلب من السيدات استشارات طبية مسبقة، مع ضرورة التنسيق بين أخصائيي التغذية والتجميل وطبيب الجلد.
كما نصح المختص، بالبدائل الغذائية الطبيعية، التي تحمل مكونات فعالة لتغذية الشعر والبشرة والأظافر،  منها البيض، باعتباره غنيا بالبروتينات والأحماض الأمينية، إضافة إلى الخضر والفواكه الداكنة، التي تساهم في ترطيب الشعر ومعالجته، لاسيما فاكهة الأفوكادو، و كذا الحليب كامل الدسم نظرا لاحتوائه على الدهون التي تعيد نضارة الشعر، والأسماك  والمكسرات التي تعالج الجفاف وتساقط الشعر والأظافر، وأوضح، أن التغذية المتوازنة بالاستعانة بأخصائي، هي الحل الأنسب للحصول على جسم مثالي وصحي.

الرجوع إلى الأعلى