كشفت رئيسة قسم النفايات المنزلية بالوكالة الوطنية للنفايات، للنصر عن استحداث مشروع لمرافقة الإدارات و الجامعات  لتثمين الورق، الذي يشكل نسبة معتبرة من الحاوية الجزائرية إلا أنه غير مستغل، و ذلك من أجل رفع معدل تثمين النفايات الذي يسجل مستوى متدني قدرته بـ 9.83 بالمئة، نتيجة عدم الاستغلال الأمثل للحاوية الجزائرية التي 80 بالمئة منها قابل للتثمين، كما كشفت عن حصيلة مفصلة عن قيمة المداخيل المحصلة  من النفايات، و كذا طبيعة هذه النفايات و غيرها من المعطيات.

*  أسماء بوقرن

قدمت السيدة عقيلة بوذراع، رئيسة قسم النفايات المنزلية بالوكالة الوطنية للنفايات، دراسة مفصلة عن واقع تثمين النفايات المنزلية في الجزائر، أثناء فعاليات يوم دراسي حول واقع تسيير النفايات في الجزائر و دوره في  تحقيق التنمية المستدامة بجامعة قسنطينة 02، و المنظم من قبل قسم علوم التسيير لكلية العلوم الاقتصادية و التجارية و علوم التسيير،  كما طرحت عديد المشكلات التي تواجه  هذا القطاع الخالق للثروة و لمناصب الشغل، حيث كشفت عن تسجيل الوكالة سنة 2022 أكثر من 4 آلاف عامل، كل عامل يقوم بتثمين  22 طن من النفايات في الشهر، و هي أرقام قابلة للزيادة، و التثمين، في حال ارتفع عدد المتعاملين الاقتصاديين الناشطين في المجال.  
تحقيق مداخيل بـ  151 مليار دينار من تثمين النفايات    
ذات المتحدثة قالت على هامش اليوم الدراسي للنصر بأن قيمة المداخيل التي تُحصل سنويا نتيجة تثمين النفايات المنزلية عرفت زيادة ملحوظة، حيث قدرت بـ 151 مليار دينار سنة 2021، بعدما سجلت 92 مليار دينار سنة 2020، اذ يبقى معدل تثمينها ببلادنا ضعيف جدا يقدر بـ  9.83، فيما تسرتجع حسبها  منشآت المعالجة ما نسبته  1 بالمئة من الحاوية الجزائرية،  بالرغم من أن 80 بالمئة منها قابل للتثمين،  مشيرة إلى أن 50 بالمئة منها هي نفايات عضوية و 30 بالمئة ممثلة في نفايات التغليف، اذ يتم التخلص من النفايات من خلال الردم بدل استرجاعها، ما يؤثر سلبا على وضعية مراكز الردم و يتسبب في تسجيل خسائر معتبرة.
غياب ثقافة تثمين القماش و الورق لدى المتعاملين الاقتصاديين
و قالت السيّدة بوذراع  بأن الوكالة قامت بدراسات ميدانية انطلاقا من المعلومات المتوفرة لديهم، حيث تعتبر النفايات البلاستيكية و بعدها المعدنية الأكثر طلبا، حيث تشكل  النفايات العضوية ما نسبته 53 بالمئة، 15 بالمئة هي نفايات البلاستيك، و تشكل الحفاظات 11 بالمئة من النفايات، و هي نفايات جديدة تساهم في خلق الثورة، أضف إلى نفايات الورق و الكرتون التي تشكل ما نسبته 6 بالمئة، أما القماش فيقدر بـ 4 بالمئة من الحاوية الجزائرية، أما المعادن فتشكل 1 بالمئة، كما أن هناك، حسب ذات المسؤولة، نفايات خطيرة كالبطاريات و المصابيح و التي تشكل 20 بالمئة، و هي أيضا نفايات ستساهم في انعاش الاقتصاد إن تم استغلالها استغلالا أمثل.
و أردفت المتحدثة للنصر، بأن ثقافة استرجاع القماش و الورق غائبة لدى المتعاملين الاقتصاديين، لذا تعمل الوكالة جاهدة على التشجيع على الاستثمار في استرجاع كل النفايات القابلة للرسكلة، حيث باشرت بمشروع رسكلة الورق، و الذي يتم تدارسه مع الجامعات و الإدارات، و ذلك من أجل وضع مخططا لوضع حاويات بالمكاتب و المؤسسات لفرز الورق و استرجاعه، و هي عملية ستخفف عبأ كبيرا على هذه المنشآت من خلال تخليصها من نفايات الورق و الأعباء المترتبة على ذلك.  و بخصوص منشآت معالجة النفايات، قالت المتحدثة في مداخلتها  بأن عددها عرف تراجعا، حيث كان سنة 2021 ، 101 مركز ردم تقني، ليصبح هذه السنة  99 مركزا، مشيرة إلى أن أكثر من 70 بالمئة من الخنادق على المستوى الوطني سواء مشبعة أو في طريق التشبع، لكن في حال التثمين الكلي للنفايات، سنتمكن، كما أردفت، من خفض تكلفة الردم إلى 2.4 مليار دينار مع تحقيق قيمة اقتصادية و تمديد حياة الخندق الخاص بالردم إلى 23 سنة، بدل 5 سنوات فقط.
نحصي 700 متعامل اقتصادي أغلبهم
 في تثمين البلاستيك
المتدخلة قالت بأن الوكالة أنشأت بنكا معلوماتيا خاصا بالمتعاملين الاقتصاديين العاملين في مجال استرجاع و رسكلة النفايات، يتم من خلال هذا البنك متابعة تطور عدد المتعاملين الاقتصاديين، و الذي بلغ حوالي 700 متعامل اقتصادي، أغلبهم في مجال تثمين البلاستيك، و هي المادة التي يلجأ أغلب المتعاملين للاستثمار في استرجاعها و رسكلتها، موضحة بأن البنك يتوفر على كل المعلومات الخاصة بهم و يحصي كمية النفايات المثمنة، مردفة في هذا السياق بأن الأرقام المسجلة أبانت عن اختلاف تثمين النفايات في السوق الجزائرية باختلاف جهات الوطن، ففي ولاية قسنطينة مثلا يسجل البنك بالنسبة لتثمين مادة بلاستيك 56 متعاملا اقتصاديا، لكن تعد ولايات الوسط الأكثر استرجاعا للنفايات البلاستيكية.
أشارت المتحدثة إلى أن الخسائر التي سجلها القطاع في جائحة كورونا، خلفت أثرا بالغا على نشاط المؤسسات، إذ سجلت خسائر فادحة على مستوى استرجاع النفايات، حيث بلغت كمية النفايات غير المثمنة بـ 600 ألف طن، بخسارة قيمتها 92 مليار دينار، حيث تم تسجيل توقف 423 مؤسسة مسجلة في البنك المعلوماتي عن النشاط، و هذا طوال فترة الجائحة.   
السوق الموازية تُعيق عملية تحصيل ثروة النفايات
طرحت المتحدثة جملة من العراقيل التي تصادف المتعاملين الاقتصاديين، و تعيق عملية تحصيل الثروة الضائعة، في مقدمتها مشكل العقار الصناعي الذي يقف عقبة في وجه المستثمرين إذ يجد أصحاب المؤسسات مشكلا كبيرا في تخزين النفايات، أضف إلى نقص التمويل، و كذا منافسة السوق الموازية اذ هناك مؤسسات تعمل في الخفاء تعيق نشاط المؤسسات النظامية، و لا تساهم في ذر الثروة و لا في انعاش الخزينة العمومية، كذلك طرحت المتحدثة مشكل نقص اليد العاملة حيث تلجأ مؤسسات لمهاجرين المقيمين داخل أرض الوطن، و من بين العراقيل التي تحول أيضا دون بلوغ الأهداف المرجوة، العراقيل الإدارية المطروحة، حسبها بحدة، خاصة المتعلقة  بمنح رخص الاستغلال و التي حالت دون مباشرة عديد المستثمرين لنشاط استرجاع و فرز و رسكلة النفايات.
الفرز عند المصدر يرفع معدل استرجاع النفايات
 بـ 30 بالمئة
كما تطرقت السيدة بوذراع للإستراتيجية المسطرة من قبل وزارة البيئة، لأفاق 2035، و التي ترمي لتعزيز الفرز عند المصدر، معتبرة بأنه مهم جدا لكن وجب التحسيس بضرورته، من خلال تنظيم حملات تحسيسية و نشر لافتات، لأن الفرز الفردي سيؤدي إلى رفع معدل تثمين النفايات المنزلية إلى 30 بالمئة، أما  بالنسبة إلى النفايات الهامدة فيرفعه إلى 50 بالمئة، و هذا سيساهم في تدليل العقبات التي تعطل عملية فرز و تثمين النفايات من المواطن إلى البلدية إلى مركز الردم التقني.
و دعت في ختام حديثها المتعاملين الاقتصاديين للاستثمار في الثروات الضائعة  كاسترجاع القماش و الورق و المواد الخطيرة كبطاريات و غيرها، و التي ستساهم في بناء الاقتصاد الوطني من خلال تقليص فاتورة الاستيراد و بعث الصناعة المحلية، لمختلف المنتوجات التي  يمكن تصنيعها محليا بالمواد الناتجة عن عملية الرسكلة دون الحاجة لاستيرادها، خاصة ما تعلق بالسماد العضوي، الذي يمكن إنتاجه محليا، و الذي سيساهم في تخفيف عبئ كبير على ميزانية الدولة التي تتكبد خسائر كبيرة نتيجة استيراده من خارج الوطن، أضف إلى كونه سماد طبيعي خال من المواد الكيمائية يساعد على استصلاح الأرض و تقديم منتوج طبيعي مئة بالمئة، سيحمي المياه الباطنية و الجوفية من التلوث.     
    أ. ب

الرجوع إلى الأعلى