دعا أطباء و مختصون في التغذية، إلى اعتماد التغذية العلاجية، ضمن مخططات العلاج التي يحددها الأطباء للمرضى، وأكدوا خلال يوم دراسي نظمته مؤخرا، جمعية أخصائيي التغذية و أمراض الأيض بقسنطينة، بأن النظام الغذائي يعتبر جزءا مهما من مسار التعافي وعاملا مساعدا لتحسين نتائج العلاج الدوائي، كما تعد التغذية العلاجية أسلوبا وقائيا حديثا يعتمد بشكل متزايد في دول العالم للحد من الانتشار المتزايد لكثير من الأمراض المستجدة على غرار السمنة و ارتفاع ضغط الدم و السكري وأمراض القلب و السرطانات و الأمراض الصدرية.

و حسب أخصائية التغذية سارة بوشكيط ،عضو لجنة تنظيم الملتقى، فإن الهدف من اختيار الموضوع، هو تعميق الوعي بأهمية النظام الغذائي الصحي في تعزيز نجاعة المخطط العلاجي للمرضى، خصوصا المرضى المزمنين و المصابين بالأمراض الخطيرة مثل سرطان القولون و سرطان الثدي إلى جانب المرضى الذين خضعوا لعمليات جراحية تستوجب تكييف غذائهم بشكل يسهل التعافي و يجنب تعرضهم لمضاعفات قد تكون خطيرة، وقالت بوشكيط، بأن موضوع التغذية العلاجية يطرح بشكل كبير في الأوساط الصحية و الطبية في العالم ككل، بعدما تأكد بأن الغذاء الذي نتناوله يلعب دورا رئيسيا في تحديد حالتنا الصحية و الأداء الوظيفي لأجسادنا موضحة، بأن اللقاء العلمي الذي عرف مشاركة أطباء عامين و متخصصين، يرمي للتأكيد على ضرورة اعتماد هذا الأسلوب كجزء من العلاجات التي يصفها الأطباء للمرضى وأن يدخل مخطط الأكل ضمن أولويات الطبيب إلى جانب الأدوية، لأنها عناصر تكمل بعضها و تساعد على تحقيق نتائج أفضل، مشيرة إلى أن تحديد الخطة العلاجية يرتبط بخصوصية كل حالة، فمثلا لدينا النظام الغذائي الخالي من الجلوتين و الأنظمة الغذائية السائلة و  النظام الغذائي لمرضى السكري (يتم فيه التحكم في السعرات الحرارية)، و النظام الغذائي لمرضى الكلى و نظام غذائي منخفض الدهون و آخر عالي الألياف و نظام بدون أملاح مضافة، و قد يتغير النظام الغذائي العلاجي للشخص بمرور الوقت بناء على استجابته وتحسن حالته الصحية، حيث يمكن أن يكون مؤقتا
 أو يصبح دائما.

وبهذا الخصوص، أوضحت البروفيسور زكية قسامة، من مصلحة الأمراض الهضمية بمستشفى قسنطينة، بأن اختيار  نظام الغذاء يندرج ضمن التكفل الصحي بالمريض، إلى جانب التشخيص الصحيح و المبكر و تحديد الحالة بدقة فعندما يشرح الطبيب الوضع للمريض، يساعده ذلك على استيعاب حالته و تتبع نظام  غذائي مناسب على غرار ما هو معمول به مع مرضى السيلياك الذين يعدون الفئة الأكثر تضررا.
 وقالت الطبيبة، بأن الانتباه إلى هذه الجزئية مهم جدا خاصة بالنسبة للأطباء العامين، على اعتبار أنهم أول من يكتشف الأعراض المرضية عند الأفراد خلال المعاينات اليومية مشيرة، إلى تسجيل تزايد في حالات الإصابة بمرض السيلياك، حتى بين الأطفال الصغار خاصة في البلدان التي يكثر فيها استهلاك القمح ومشتقاته بما في ذلك شمال إفريقيا عكس دول آسيا أين يعوض القمح بالأرز، موضحة بأنه من الأمراض التي تعتمد بشكل شبه كامل على التغذية العلاجية كحل.

من جانبها، ذكرت أخصائية التغذية بالمؤسسة الاستشفائية ديدوش مراد مجدة لبيض، بأن مرض شحم الكبد هو أيضا من الأمراض التي يتوقف نجاح علاجها على نظام التغذية  أو ما يعرف بالتغذية العلاجية موضحة، بأن المرض صار شائعا كثيرا خاصة بين الأفراد الذين يعانون من السمنة والسكري، و الحل يمكن حسبها، في اتباع نظام غذائي متوازن يحدده الطبيب و أخصائي التغذية، يعتمد بالأساس على التخلي عن السكريات و الأكل السريع تعويضهما بمزيج من الخضر والفواكه، ناهيك عن استهلاك ما يكفي من المياه و ممارسة التمارين الرياضية.
وقالت الأخصائية، بأن هذا المشكل الصحي زاد كثيرا في السنوات الأخيرة، بفعل تغير النمط الغذائي للجزائريين و كثرة استهلاك الوجبات السريعة المشبعة بالدهون و الزيوت المعادة و السكريات.

 وأضافت أخصائية التغذية ريان بركان، من المؤسسة الاستشفائية سيدي مبروك، بأن الغذاء بات عاملا مسببا للإصابة بالعديد من الأمراض بما في ذلك حالات العقم وتكيس المبايض و أمراض  السرطان، التي تزيد احتمالات التعرض لها عند الأشخاص الذين يعانون من السمنة مثلا ناهيك عن أن تناول كميات إضافية من الطعام تتعدى بكثير حاجة الجسم، يسبب اختلالا في وظائف معينة وهو ما ينتهي إلى الإصابة بالمرض بسبب سوء توظيف الجسم للمخزون الإضافي من السكريات و الدهون.

أما أخصائية التغذية عفاف شيخ أميمة، من المؤسسة الاستشفائية الخروب فقالت، بأن التغذية العلاجية هي حل للكثير من الأمراض، لأنها تحسن وضعية الجسم و أداء وظائفه، و تعتبر كذلك عاملا وقائيا للحد من انتشار أمراض كثيرة بينها أمراض ناشئة أو مستجدة، وحسب المتحدثة فإنه بالرغم من معرفة الكثيرين لأهمية الغذاء كعامل علاجي و وقائي من الأمراض، إلا أن الالتزام بالنظام الغذائي الصحي يكاد يكون منعدما، مرجعة السبب إلى عادات الأكل و إلى مستوى المعيشة كذلك، على اعتبار أن النظام الصحي يقوم بالأساس على اللحوم المنتقاة و الخضر والفواكه بشكل كبير.
ولم تنف، بأن الهوس بالمظهر الجيد و الأناقة و اللياقة، غذى نوعا ما الاهتمام بطبيعة النظام الغذائي في أوساط الشباب على وجه الخصوص، كما أشارت الأخصائية، إلى أن هناك تطورا في مستوى الوعي بأهمية مراقبة نمط الأكل و تنظيمه لمواجهة الأمراض و تعزيز المناعة، وهو تطور حصل منذ جائحة كورونا وإلى يومنا، بحسب ما تعكسه المعاينات اليومية في المؤسسات الاستشفائية على حد قولها.  
* أخصائي الطب الداخـلي البروفيسور كمال حناش
 40 بالـمائة من الجزائريين يُعانون من السمنـة

 قال البروفيسور كمال حناش، أخصائي الطب الداخلي بمستشفى ديدوش مراد بقسنطينة، بأن قضية التغذية الصحية أوالتغذية العلاجية باتت مهمة و تدخل في تحديد واقع ومستقبل الصحة في بلادنا، لأن الغذاء الصحي حل للكثير من المشاكل الصحية وجزء من المخططات العلاجية الناجعة لغالبية الأمراض، و الإشكال حسبه، هو أننا اكتسبنا عادات غذائية سيئة جدا منذ زاد استهلاكنا للوجبات السريعة والأكل الجاهز و السكريات، ما ضاعف نسب الإصابة بمرض السمنة بين الجزائريين إلى حدود 40 حتى 50 بالمائة.
وقال، بأن السمنة هي في حد ذاتها سبب مباشر للإصابة بأمراض مزمنة وخطيرة مثل السكري و السرطان و ضغط الدم، ناهيك عن انعكاساتها على الصحة النفسية، لأن شكل الجسم غير المتناسق، يخلف عدم تقدير للذات وفقدان الثقة في النفس، ولذلك فمن الضروري جدا حسبه، أن يزيد الحديث أكثر في الأوساط الطبية والصحية أولا، عن التغذية العلاجية و أن تدرج بشكل صحيح و جاد في مختلف مراحل التكفل  بالمرضى      أو من يشتبه إصابتهم بالمرض، فضلا عن تشجيع الدور التوعوي للعاملين في قطاع الصحة، بغية زيادة مساهمتهم في نشر الوعي بين المواطنين حول أهمية التغذية العلاجية .
و حذر البروفيسور حناش، من تزايد انتشار ما يعرف بالأمراض المستجدة مثل الأوبئة و التي ترتبط بنمط العيش و طبيعة الغذاء وتأثير ذلك على مناعة الأفراد، وقال بأن قضية الصحة و علاقتها بالغذاء لا تتوقف على فئة الراشدين فقط،  بل تنسحب أيضا على الأطفال الذين تزايدت كذلك حالات السمنة في أوساطهم بسبب ما يتناولونه يوميا من مأكولات غير صحية وحلويات و عجائن، حتى داخل المؤسسات التعليمية مؤكدا، بأن وجبات المطاعم المدرسية غير مناسبة ولا تتناسب مع ما يحتاجه الأطفال فعليا.
وخلص الطبيب، إلى التأكيد بأن معدل العمر في المجتمع الجزائري ارتفع مقارنة بسنوات الستينيات، و تعدى 40 إلى 75 و حتى 80 سنة ولكن هذا التطور رافقه ارتفاع محسوس في نسب الإصابة بالأمراض كالسكري و ضغط الدم و أمراض الصدر و الأمراض الداخلية و غيرها وذلك مرتبط مباشرة بطبيعة الغذاء.
 هدى طابي 

الرجوع إلى الأعلى