تحدث مدربون في الحساب الذهني للنصر، عن سر تفوق المتنافسين الجزائريين في المسابقات الدولية بما في ذلك الأطفال الصغار، مؤكدين بأن الرغبة الكبيرة في تشريف الجزائر في محافل دولية عامل أساسي في حصد ألقاب، فضلا عن التكوين و التأطير الجيدين على يد مدربين أكف، بينهم من هزموا حكاما دوليين و حطموا أرقاما قياسية في المجال، لتصنف الجزائر ضمن أربع أقوى بلدان العالم في الحساب الذهني.

أسماء بوقرن

قابلت النصر، عددا من المدربين و المتنافسين في مسابقات الحساب الذهني، وذلك على هامش تصفيات بطولة الجزائر للحساب الذهني المؤهلة لبطولة العالم بألمانيا 2023، حيث شارك في الحدث 181 طفلا بقسنطينة، خضعوا لتكوين في السوروبان و الفاست مات و رياضيات الفيدا، وقد لاحظنا إقبالا قياسيا لمشاركين من مختلف الفئات العمرية، تنافسوا من أجل الظفر بمقعد ضمن تشكيلة الفريق الوطني، الذي سيرفع علم الجزائر في المنافسة العالمية بأوروبا، والذي كان الطفل إياد مغوزي صاحب 9 سنوات، أول الملتحقين به.
إياد قال لنا، بأنه بدأ تعلم قواعد السوروبان و هو في سن الخامسة، بتأطير من والده الذي يحمل شهادة مدرب و الذي يساعده في التدريب لتحقيق نتائج جيدة، و هو ما تحقق فعليا خلال التصفيات الوطنية الأخيرة، حيث نال محدثنا ألف و 475 نقطة، مؤكدا بأنه تحصل عليها بعد تحضير مكثف لمدة 7 أشهر.
 من جانبهم، اتفق مدربون جمعنا بهم نقاش حول الموضوع، على أن فوز أبطال صغار بكأس العالم قبل سنة و تكريمهم من قبل رئيس الجمهورية، شكل حافزا قويا لغيرهم للمشاركة في التصفيات، حيث تعتبر الطفلة سجود رحايلية الفائزة بكأس العالم للحساب الذهني سنة 2021 مثالا يحتدى به.   

* الحكم الدولي أحمد لمين شاغة
ننتقي الفئة الأعلى مستوى
قال الحكم الدولي أحمد لمين شاغة، إن اعتماد إستراتيجية ناجعة في التأطير و كذا في وضع اختبارات التصفيات، مكن من انتقاء الفئة الأعلى مستوى، التي يمكن بفضلها خوض منافسات عالمية، مضيفا بأن هناك مفاجآت أحدثها عدد كبير من الأطفال المشاركين في المنافسات المحلية بينهم حائزون على شهادات في مستويات مختلفة في الحساب الذهني، وذلك لتفوقهم في إجراء عمليات حسابية دقيقة كالجمع و الطرح و القسمة و الضرب و الجذور و التربيع و حساب العملات و الكسور و الأعداد الأولية و كذا حساب التواريخ في وقت وجيز جدا.
و أوضح، بأن اختبار تصفيات هذا الموسم جاء بإشراف من البطل العالمي للحساب الذهني لخمس مرات متتالية الانجليزي  جورج لان، وقد قام هو بترجمته لتقديمه للمشاركين، و قد كان اختبارا صعبا بعمليات حسابية كثيرة، دونت في 27 ورقة لحلها في ساعتين، اعتبره معيارا جيدا يمكن من انتقاء متنافسين وفقا لمعايير عالمية و بمستوى عال جدا، لتوافق طبيعته مع ما يقدم في منافسات عالمية.
و من أسرار التفوق كذلك، ذكر المدرب حرص الفريق المنظم للمسابقة على تحديد أهداف كل طبعة، من بينها الهدف المتعلق بعدد النقاط الواجب تحصيلها من قبل المتنافسين الأوائل لتوسيع الأفق قائلا، بأن نظرتهم اليوم كمدربين أصبحت عالمية، و الحصول على نحو ألفي نقطة هو مبتغاهم في كل مرة، علما أنه هدف اقتربوا من تحقيقه بفضل التأطير الجيد للمدربين و مرافقة الأولياء للمتنافسين.

* أمينة بوكلال مدربة
الإقبال الكبير على دورات الحساب كشف عن نوابغ
 قالت أمينة بوكلال، مديرة مدرسة خاصة لتعليم اللغات و التكوين و التدريب في الحساب الذهني بسيدي مبروك الأعلى بقسنطينة، بأن الإقبال الكبير على التكوين في مهارات و آليات الحساب الذهني، كشف عن نوابغ في هذا المجال، ساعد تأطيرهم بشكل جيد على بلوغهم لمستويات ممتازة و التفوق في مسابقات عالمية،  كما ذكرت مواكبة حكام و مدربين جزائريين لأهم التطورات الحاصلة في المجال، و المتمثلة في أساليب الحساب الجديدة، منها «الفاست مات».
و أوضحت المدربة في مجال الحساب الذهني، بأن  فوز أطفال جزائريين في مسابقات عالمية حفز آخري على الالتحاق بالدورات التدريبية، و التسجيل في تخصص جديد هو الفاست مات، الذي يعتمد على تقنيات رياضية تسهل عملية الحساب، و تغني الطفل عن الآلة الحاسبة في الامتحانات، معتبرة بأن إدراج تخصصات جديدة أكثر نجاعة من السابقة، ساعد كثيرا على تحقيق التقدم و الدليل حسبها هو النتائج المحققة في الطبعة الأخيرة من مسابقة طوكيو.
و أضافت، بأن اهتمام الأولياء بتطوير مهارات الأبناء الفكرية و تعزيز مؤهلاتهم العقلية، زاد بشكل ملفت           وهناك إقبال كبير على الدورات التكوينية، مؤكدة بأن لها تأثيرات إيجابية ملموسة، منها تحسين مستوى التلميذ في الرياضيات، خاصة بالنسبة للذين يعانون من صعوبات في حل المسائل الرياضية، كما تعالج هذه الأساليب عدة مشاكل تعليمية حسبها، كالتأخر الدراسي فضلا عن كونها أداة مرافقة نفسية لمن يعانون من فرط الحركة و ضعف التركيز و التفكير السلبي، موضحة بأن تحقيق نتائج إيجابية في السنوات الأخيرة يرجع أيضا، إلى جودة التأطير و وعي الأولياء بفاعليته في تحسين التحصيل الدراسي.   و تحدثت المدربة، عن دور الأولياء الذي تراه عاملا مهما ساعد كثيرا في التفوق، مشيرة إلى أن الاهتمام الكبير بتعليم الأبناء مهارات الحساب الذهني تجلى من خلال تلقي الأولياء أنفسهم لدورات تكوينية من أجل تأطير أبنائهم في البيت، بعد أن كانوا في البداية لا يثقون في هذا النوع من الرياضات الذهنية، موضحة بأن افتكاك أطفال لألقاب عالمية في المنافسات العالمية مكن من زيادة الإقبال على دورات الحساب الذهني، و نمى حافزا قويا لدى شريحة أوسع من الآباء والأطفال لتطوير قدراتهم الفكرية و التحكم في مختلف آليات الحساب الذهني، وهو واقع تقف عليه كما عبرت خلال عملها اليومي، أين تلحظ تزايد الاهتمام بالمشاركة في المنافسات و شغف رفع الراية الوطنية.

* حكيم بلواد بطل عالمي في الحساب الذهني
جزائريون أطاحوا بحملة أرقام قياسية
تحدث الدكتور حكيم بلواد، بطل عالمي في الحساب الذهني، و طبيب متخرج من كلية الطب بوهران و جامعة ليون بفرنسا، عن فوزه باللقب و كيف استطاع أن يهزم أبطالا مصنفين بأرقام قياسية في الحساب الذهني، لينجح في إدراج الجزائر ضمن قائمة أول أربع دول تفوقا في عالم في الحساب الذهني.
و قال الدكتور حكيم بلواد، بأن شغفه بمادة الرياضيات التي يسميها رياضة العقل، دفعه لتعلم آليات الحساب الذهني، حيث خضع لأول دورة تكوينه سنة 2016 حصل بعدها على لقب وطني ثم لقب عربي، تلتها مشاركته سنة 2018 في أول بطولة عالمية رفقة ابن أخته الذي تحصل على لقب بطل أشبال الذاكرة، فيما نافس حكيم أقوى مدربي الذاكرة الذين دخلوا موسوعة جينس في الحساب الذهني، حيث نافست الجزائر أبطال  أقوى ثلاثة بلدان في العالم في هذا المجال و هي الهند و اليابان و الصين.
 وأوضح، أنه بعد تتويجه و الظفر بالمرتبة الثالثة عالميا في الحساب الذهني في ألمانيا، نجح في تكوين فريق وطني في مجال الحساب الذهني، حيث يحرص كل سنة على إجراء تصفيات وطنية لانتقاء 15 شخصا لتمثيل بلادنا في منافسات دولية.
 و عن سر تفوق المتنافسين الجزائريين، قال الدكتور حكيم، إن الجزائري بطبعه لديه حب التفوق في المنافسات الدولية، و بمجرد توفر الإمكانات اللازمة يحقق نتائج غير متوقعة، كما تطرق كذلك لاهتمام الأولياء بتعليم أبنائهم آليات الحساب السريع لوعيهم بالأثر الإيجابي لهذا التدريب على الذاكرة، و الدليل حسبه، تضاعف إقبال الأسر على تسجيل الأبناء في دورات تكوينية مختلفة، مؤكدا بأن الحساب الذهني ينشط السيالات العصبية و يعد بمثابة تدريب دوري للعقل كما يجعله في حالة نشاط.
كما يعتمد الحساب الياباني السوروبان، على الخيال و له انعكاسات إيجابية، منها تعزيز الثقة في النفس و التركيز و رفع معدل الذكاء و تنمية القدرات الفكرية، نتيجة تنشيط خلايا الدماغ الأيمن و الأيسر، من خلال تفعيل الحواس بفضل ألعاب الذكاء و غيرها، و كلها آليات لا تساعد حسبه في تطوير مهارات الطفل الحسابية فقط، و إنما تكمن كذلك من تطوير قدراته الفكرية في مختلف المجالات و تعزز ثقته بالنفس، ما يجعله يرغب في خوض كل منافسة علمية لإبراز قدراته.
أ ب

الرجوع إلى الأعلى