حلاقات خمس نجوم يحملن شهادات ليسانس يتحدثن اللغات  و يسافرن للتكوين في الخارج
مجال الحلاقة و التجميل الذي طالما اشتهر بكونه ملاذا للمتسربات من المدارس و عديمات المستوى، اللائي يجدن في الصالونات ملجأ للهروب من عزلة المنزل و عيش حياة متحررة نوعا ما، تحول مؤخرا إلى أحد أهم المجالات التجارية المربحة، ما دفع بخريجات الجامعات إلى اقتحامه بقوة، فبتن ينافسن الصالونات التقليدية البسيطة بمراكز تجميل ذات معايير عالمية،  أنشأنها بالاعتماد على تمويل وكالات دعم و تشغيل الشباب، أونساج و أونجام، و كناك، التي وفرت لهن فرصة للنشاط و الهروب من شبح البطالة. حسب مصالح التجارة بقسنطينة يحصي نشاط الحلاقة 306 صالون بالمدينة عموما، هي ملك لسيدات غالبيتهن تمتلكن بطاقة حرفي، لكن في السنوات الأخيرة  شهد هذا النشاط قفزة نوعية من حيث مستوى الخدمات المقدمة و نوعية التعاملات، إذ أن الصالونات التقليدية تراجعت نوعا ما مقارنة برواج مراكز التجميل متعددة التخصصات، التي تديرها فتيات جامعيات خرجيات كليات اللغات الانجليزية و الفرنسية و الأدب و حتى الاقتصاد. انفتاح الجامعيات على هذا المجال و تحديهن لنظرة المجتمع السلبية للحلاقة، كان وليد معاناة مع البطالة حولت شهادة الليسانس من نعمة الى نقمة على حاملاتها، بعدما قذفت بها الى عامل البطالة و البحث المضني غير المثمر عن وظيفة، وهو ما أكدته سارة 27 سنة ، حاملة لشهادة ليسانس في اللغة الإنجليزية ، أوضحت لنا بأنها عانت من البطالة لمدة سنتين كاملتين، عجزت خلالها عن الحصول على وظيفة في مجال تخصصها ، ما دفعها للتفكير في دخول مركز التكوين المهني بحي المنظر الجميل، للحصول على شهادة موازية، و إختارت مجال الحلاقة و التجميل لميلها إليهما، و بعد تخرجها حصلت على قرض مصغر من وكالة أونجام، و باشرت استثمارها.
مداخيل تتراوح بين 5 إلى 10 ملايين شهريا
 كشفت محدثتنا بأنها إن إستثنت مصاريف كراء المحل و أجور العاملات ، فإن دخلها الشهري يتعدى بكثير 5 ملايين سنتيم، على اعتبار أنها تقدم خدمات أخرى كتركيب الأظافر الاصطناعية  و الحناء  و حتى علاج البشرة و العناية بها، مشيرة إلى أن ذروة نشاطها، تكون خلال موسم الصيف بحفلاته و أعراسه، حيث تجني أحيانا ما يتعدى 10ملايين سنتيم شهريا، وقد تمكنت من تسديد نصف القرض الذي باشرت عن طريقه نشاطها، كما استطاعت اقتناء سيارة خاصة من نوع بيجو 207.
سارة أوضحت كذلك، بأن القوانين التي فرضتها في صالونها الخاص لتجنب الشبهات، ساهمت في منحه شهرة و سمعة جيدة، فغالبية زبوناتها محترمات و ميسورات الحال محاميات، طبيبات، ربات منزل و جامعيات و هن وفيات لصالونها بشكل مستمر، لأنهن يدركن بأنها ليست حلاقة تقليدية تتعامل بوسائل بدائية، بل حلاقة مثقفة و واعية تعرف أهمية تعقيم وسائل الحلاقة، و تجيد قراءة طرق الاستعمال الموجودة على ظهر علب الكريمات و مختلف المستحضرات و تواريخ انتهاء صلاحيتها.
تكوين نوعي في الخارج لدى أشهر الماركات مقابل 50 مليون سنتيم
 دلال  40 سنة، حاملة لشهادة ليسانس في التسيير و الاقتصاد من جامعة قسنطينة  تملك مركزا شهيرا للحلاقة و التجميل بحي سيدي مبروك، تتعامل مع زبونات وفيات، قالت بأن نشاطها بدأ صغيرا لكنه تطور الآن، بعدما أصبحت تسافر كل صائفة تقريبا إلى تونس و فرنسا، لتلقي تكوين نوعي في دار عالمية متخصصة في مواد التجميل، وهي دورات مفتوحة تقدمها الدار للمهتمين بها من مختلف أنحاء العالم، مقابل مبلغ يعادل 50 مليون سنتيم، على أن يستمر التكوين لمدة شهر كامل، تمنح لصاحبته في الأخير شهادة تثبت كفاءتها في أحد مجالات التجميل وهي عديدة، تتنوع بين أصول التعامل مع المواد و المساحيق، إلى دورات العناية بالبشرة، تصفيف و حلاقة الشعر و صبغه و العناية بالشعر التالف، الماكياج و البوتوكس و الكيراتين و غيرها.
حسب المتحدثة، فإن هذه الشهادات التي تمتلك منها اثنتين لحد الآن، تعد بمثابة تصريح بالتميز و الكفاءة، فضلا عن ذلك، فإن أسفارها المتكررة نحو الخارج، تسمح لها بإحضار بعض المساحيق و المستحضرات الأصلية لتعيد بيعها أو استعمالها في صالونها، وهي مستحضرات تطلبها عادة زبونات من مختلف الطبقات و ليس فقط زبونات الطبقة الراقية أو البرجوازية.
جامعيات أخريات مثل هدى، الحاصلة على ليسانس إعلام و اتصال، اعتدن على ممارسة المهنة بشكل مستقل، حيث تتنقلن إلى منازل زبوناتهن بعد أن تعرضن عليهن خدماتهن عبر موقع « فايسبوك»، و بالتالي هن حلاقات تحت الطلب تجنين من 400 إلى 1000دج، وذلك هربا من شبح البطالة وكسبا لمصروف الجيب. تجدر الإشارة إلى أن مصالح التجارة، كانت قد قدمت حصيلة لنشاطات الصائفة الماضية في ما يخص مراقبة نشاط صالونات الحلاقة و مدى احترامها لشروط النظافة و التعقيم، و جاء فيها تسجيل 32 مخالفة، 30 منها متعلقة بالخدمة غير المطابقة أي غياب النظافة، أو استعمال منتوج غير صالح .  فتم حجز حوالي  6 كيلوغرامات من المواد غير الصالحة بقيمة 27 ألف دج ، و إصدار إقتراح غلق في حق صالون واحد.
نور الهدى طابي

الرجوع إلى الأعلى