أخطاء كارثية في كتابة لوحات أسماء الأحيـاء والشوارع بـالمدن الجـزائرية
أظهرت دراسة ميدانية قام بها إبراهيم عطوي، مدير وحدة البحث في نظم التنمية الاجتماعية بالجزائر والخبير لدى مجموعة خبراء الأمم المتحدة في مجال تحديد أسماء الأماكن والأشخاص، وجود  فوضى كبيرة في تسمية الشوارع والأحياء بالمدن الجزائرية، حيث وقف نفس الخبير من خلال عدة عينات قدمها في ملتقى وطني حول أسماء الأماكن والأشخاص نظم مؤخرا بجامعة البليدة 02 بالعفرون، عن و جود كوارث في كتابة اللوحات التي تثبت في الشوارع و الأحياء، وأصبحت هذه اللوحات هي نفسها بحاجة إلى تعريف و تصحيح للأخطاء الموجودة فيها.
 ومن أهم الأخطاء التي وقف عليها مثلا، تسمية شوارع بأسماء أشخاص لا يذكرون إن كانوا شهداء أو مجاهدين أم علماء أم شخصيات سياسية، و ذكر منها أحد الشوارع ببلدية حسين داي بالعاصمة، يسمى شارع محمد زنيتي، ولا يعرف إن كان هذا الشخص شهيدا أم مجاهدا، أم شخصية وطنية ، كما أشار إلى لوحة أخرى تشير إلى شارع عادر محمد و محمود، ولا توضح اللوحة إن كان الاسمان يعودان لشقيقين وإذا كانا شهيدين أم مجاهدين أو لديهما صفة أخرى.وهناك أمثلة كثيرة من هذا النوع، تتواجد بأغلب مدن الجزائر.
في نفس الإطار وقف الباحث في الدراسة الميدانية المذكورة، على أخطاء كبيرة في الترجمة من العربية إلى الفرنسية، وخلط كبير بين النهج و الشارع، و كذا الأسماء التي تكتب بالعربية و يتم اختصارها في شكل رموز بالفرنسية، مثل اسم محمد يكتب بالفرنسية «ماد» (MED)، كما رصد نفس المصدر اختلافا في الكثير من الأحيان بين اللوحات التي تكتب بالعربية وترجمتها بالفرنسية، مثلا إحدى اللوحات بالعاصمة كتبت عليها بالعربية  «العناصر» و بالفرنسية حي العناصر، وفي نفس السياق وقف الباحث عطوي على تسميات مختلفة لمكان واحد، ومنها محطة الميترو بحسين داي بالجزائر العاصمة، حيث في لوحة كتبت حي المعدومين، و أخرى العناصر، و لوحة ثالثة كتبت واد كنيس، متسائلا عن التسمية الصحيحة لهذا المكان. الفوضى في اللوحات لم تقتصر على كتابتها فقط ، بل تعدت إلى طريقة تثبيتها في الشوارع والأحياء، حيث لا يوجد مكان واحد قار، يعد نموذجا لتثبت به هذه اللوحات، بل العملية هي الأخرى تتم بطريقة فوضوية، و قد رصد الخبير عطوي لوحات مثبتة بالقرب من أبواب المباني، وأخرى بمحاذاة النوافذ و لوحات أخرى بالقرب من سطوح المنازل وفي أماكن تكاد تكون مخفية. في نفس الوقت فإنه لا يوجد شكل واحد لهذه اللوحات، ففي المدينة الواحدة توجد أشكال مختلفة لهذه اللوحات، على عكس الدول المتقدمة، حسب الخبير عطوي، ففي تلك الدول تتضمن لوحات الشوارع والأحياء رمز المدينة، و تحمل نمطا واحدا من الكتابة، مشيرا إلى أن فرنسا مثلا، كل لوحات الأماكن تشير إلى رمز المقاطعة، لهذا فهي تختلف من بلدية لأخرى، في حين أنها موحدة بالمدينة الواحدة، ويشترط فيها أن تحمل رمز المدينة. أما في الجزائر فلا أثر لرموز المدن في هذه اللوحات، وفي بعض الحالات تكتب على صفائح حديدية، و في حالات أخرى على لوحات خشبية أو لوحات رخام، كما أن حجمها يختلف من شارع لآخر، ومن حي لآخر، وفي نفس الوقت فإن طريقة الكتابة أو نوع الخط يختلف من لوحة لأخرى في المدينة الواحدة. من جانب آخر أشار نفس المصدر، إلى أن بعض التسميات التي تركتها فرنسا، لا تزال موجودة إلى اليوم، وبعضها في الوثائق الإدارية و لم تغير بأسماء عربية، وأشار في هذا الإطار إلى اسم السفاح الفرنسي « لافيجري» الذي عذب و قتل الجزائريين، في حين لا يزال اسمه متداولا بالعاصمة اليوم، ويذكر على ألسنة الجزائريين يوميا، ورغم أن المنطقة أصبحت تسمى بالمحمدية، إلا أن اسم «لافيجري» لا يزال ملتصقا بألسنة العاصميين، والأغرب أن اسمه يوضع في لوحات حافلات النقل، في حين عندما استعمرت فرنسا الجزائر، قامت بمحو كل التسميات العربية و الإسلامية من الشوارع و الأحياء، فقبل احتلالها للعاصمة كان يوجد 225 اسما عربيا، لم يبق منها سوى 12، والبقية كلها غيرتها فرنسا بأسماء شخصيات فرنسية وأوربية، مشيرا في نفس السياق، إلى أن العديد من الأسماء القديمة التي كان يستعملها الجزائريون اختفت اليوم، وذكر منها على سبيل المثال «زنقة»، « رحبة» وغيرها .  ويربط نفس المتحدث هذه الفوضى والأخطاء الكارثية في كتابة لوحات أسماء الأماكن، إلى عدم الاعتماد على مختصين في كتابتها، حيث تلجأ البلديات في أغلب الأحيان إلى أصحاب محلات مختصة في كتابة اللوحات الإشهارية، و في الكثير من الأحيان يكون هؤلاء من ذوي المستوى التعليمي المحدود، ولهذا تقع مثل هذه الأخطاء، خاصة في الترجمة، ويقتضي الأمر، حسبه، وضع هياكل موحدة لتسير أسماء الأماكن والأشخاص، وأكد على ضرورة أن تكون تحمل البعدين الثقافي و الحضاري و ترمز إلى هوية البلاد.
مخاوف من أن نتحول إلى بلد بدون عنوان
من جانب آخر يتخوف الباحث إبراهيم عطوي من أن نتحول مستقبلا إلى بلد دون عنوان، على حد تعبيره، مشيرا إلى وجود أحياء لم تطلق عليها تسميات منذ الاستقلال، كما يتم سنويا بناء أحياء سكنية جديدة، في حين تبقى دون عناوين، و المعروف أن عملية تسمية الأماكن لها دور كبير في عملية التواصل عالميا. و كشف في هذا السياق، عن إطلاق الصين سنويا ما يزيد عن  20 ألف اسم على أماكن، في حين أن الرقم في الجزائر ضئيل جدا، حسبه، و في سياق متصل دعا الخبير عطوي، إلى ضرورة إيجاد هيئة لتسيير أسماء الأماكن و الأشخاص على أن تكون تابعة لوزارة الداخلية، لا إلى وزارة المجاهدين، كما دعا إلى توحيد شكل ألواح أسماء الأماكن وأن تكون تحمل رموز المدن الموجودة فيها، وفي نفس الإطار شدد على ضرورة أن تكون تسميات الأحياء والشوارع بأسماء الشهداء المعروفين خلال ثورة التحرير                              
.نورالدين-ع

الرجوع إلى الأعلى