احتساب القسط المدفوع يثير الجدل بين مرضى وصيادلة
يتهم عديد المرضى الصيادلة بارتكاب تجاوزات في احتساب القسط المتبقي الذي يدفعه المريض من وصفة الدواء و التي تكون عادة  20 في المئة، حيث يُطلب منهم دفع مبالغ يرون أنها تتجاوز هذه النسبة، كما أنها تختلف من صيدلي لآخر في الوصفة الواحدة، بالرغم من أن هناك نظام آلي واحد للحساب معمول به على مستوى جميع الصيدليات، فيما  يقول الصيادلة بأن عملية الحساب مضبوطة و دقيقة، و لا يمكن فرض مبالغ خارجة عن القسط المطلوب من المريض، كما أن الوثيقة التي ترسل للمديرية تتضمن كل تفاصيل العملية الحسابية، و بإمكانهم الحصول على نسخة منها.
مرضى يتعاملون ببطاقة الشفاء قالوا للنصر، بأن الصيادلة يطالبونهم بدفع نسب كبيرة من تكلفة شراء الأدوية الموصوفة من قبل طبيبهم، خاصة المصابين بأمراض مزمنة الذين يعالجون بصفة مستمرة و دورية ولا يستفيدون من نسبة تأمين بنسبة مئة في المئة، إذ يدفعون في الغالب 20 في المائة من تكلفة الدواء نقدا للصيدلي ، فيما يدفع 80 في المائة من هذه التكلفة، كما هو معلوم، صندوق التأمينات الاجتماعية وهذا راجع، حسبهم، إلى عدم مراقبة الصيدلي الذي يحدد المبلغ المطلوب دفعه نقدا من قبل المؤمن، دون أن يقدم كشفا أو بيانا يوضح فيه المبلغ الإجمالي لتكلفة الدواء و النسبة المدفوعة من قبل الصندوق. التقينا بمريض بإحدى الصيدليات بقسنطينة ، فقال بأنه مصاب بمرض على  مستوى البروستات منذ أزيد من  10 سنوات و وصف له الطبيب دواء «بيرميكسون 160 غ « و «كاردولار 2 ملغ « و أسعارهما معروفة، إلا أنه في كل مرة، يطلب منه الصيدلي الذي يقصده دفع نسبة تختلف عن النسبة التي حددها بقية زملائه و عندما يسأل هؤلاء الصيادلة عن السر في ذلك، وما إذا كان الدواء عرف زيادة في سعره، يردون بالنفي، حيث طالب بمنح الفئة التي تستعمل بطاقة الشفاء كشف حساب يحدد المبلغ الإجمالي لتكلفة الدواء والمبلغ المخصص لصندوق الضمان الاجتماعي والمطلوب دفعه من قبل المستفيد من التأمين، لأنه في ظل ما هو معمول به حاليا، بترك الحرية للصيدلي، ستحدث تجاوزات و ابتزازات ـ حسب ذات المريض،  خاصة وأن معظم المرضى كبار السن . فيما أكدت مريضة أخرى مصابة بمرض في الغدة الدرقية، بأنها هي الأخرى ورغم أن الوصفة و عدد الأدوية لم يتغيرا ، إلا أن الصيادلة يطالبونها بدفع مبالغ إضافية، رغم أنها مؤمنة اجتماعيا بنسبة مئة بالمئة، و لدى استفسارها عن الأمر، يقولون لها أن الأدوية الجنيسة أسعارها مختلفة، ولا تتطابق مع السعر المحدد للدواء الواجب تعويضه، و المذكور في القائمة الوطنية للأدوية المعوضة و المفقود طبعا لذلك الصيدلي، مطالبة بدورها بضرورة منح الصيدلي كشف للمريض عن عملية شراء الأدوية.  و قال مريض آخر يعالج من مرض القلب و ارتفاع ضغط الدم بأنه يتناول بصفة دورية، كل ثلاثة أشهر أدوية «بلوبراس 16 ملغ» و «تنورمين 100 ملغ أو (أتنور)» في ظل انعدام الأول، و كذا «أسبيجيك»، وهي أدوية معروفة وأسعارها لم تتغير كثيرا، إلا أنه يتفاجأ كل مرة بمطالبة بعض الصيادلة بدفع مبلغ يتجاوز نسبة 20 في المئة المخصصة له، و لدى طلب نسخة عن الوثيقة المتضمنة تكلفة الدواء و النسبة المقتطعة، يكتفي الصيدلي بمنحه نسخة عن وصفة الدواء دون تحديد السعر و لا تتضمن  نسخا عن القسيمات، على غرار ما كان معمولا به قبل تعميم بطاقة الشفاء، التي هي في حاجة إلى دعمها بإجراءات و ميكانيزمات جديدة لإضافة شفافية أكبر على أسلوب التعامل بها والقضاء على الغش والتحامل في استخدامها من قبل بعض الصيادلة، كما أضاف محدثنا.
صيادلة يؤكدون :
 العملية يحكمهـا نظام آلي محاسبي دقيق لا يسمح لنا بالقيــام بتجــاوزات
نفى الصيادلة الذين قصدناهم بوسط مدينة قسنطينة الاتهامات الموجهة إليهم ويؤكدون أن العملية يحكمها نظام محاسبي دقيق لا دخل لهم فيه، متبرئين من التجاوزات التي ممكن أن تحدث خاصة لكبار السن، حين تطلب منهم مبالغ تفوق بكثير ما هو موجود في الوثيقة، باعتبار أنهم لا يعرفون كيف تتم العملية الحسابية و لا حتى كيفية قراءة الأسعار الموجودة على القسيمة، مؤكدين بأن ذلك يدخل في إطار نزاهة الصيدلي و احترامه لأخلاقيات المهنة. حيث أكد أحدهم بأنه لا توجد أي تجاوزات و المواطن يعتقد أنه ما دام قد حصل على بطاقة الشفاء ــ خاصة المؤمنين بنسبة مئة بالمئة ــ فهو يحصل على كل الأدوية مجانا، و يجهل كل الإجراءات و القواعد التي يعمل على أساسها الصيدلي، فهناك مثلا الأدوية الجنيسة التي تختلف أسعارها ولا تتطابق مع السعر المحدد للدواء الواجب تعويضه المذكور في القائمة الوطنية للأدوية، ففي هذه الحالة على المريض حتى و إن كان مؤمنا أن يدفع المبلغ الإضافي الذي يتجاوز سعر الدواء الموجود محليا، مشيرا إلى أن العملية الحسابية التي نقوم بها في هذه الحالة، هي طرح السعر المرجعي من السعر الإجمالي ، و السعر الناتج هو الذي يدفعه المريض المؤمن بنسبة مئة في المئة،  موضحا بأن المريض يجهل أن سوق الأدوية أيضا يخضع لتغيرات، حيث أن عدد كبير من الأدوية كان يعوض عنها من قبل إلا  أنها حاليا لم تعد كذلك، فيما عرفت أخرى ارتفاعا في أسعارها.
فيما اعتبر صيدلي آخر أن المريض لا يعي العملية الحسابية التي يقوم بها الصيدلي بواسطة نظام آلي مضبوط من قبل مديرية الضمان الاجتماعي و يخضع للتحديث بشكل دوري، لكن من حقه أن يطلب نسخة من الوثيقة التي ترسل للمديرية و التي تتضمن كل التفاصيل عن سعر الدواء و الكمية التي تحصل عليها و كذا السعر المرجعي و مختلف المعلومات التي تمكنه من معرفة ما له و ما عليه، مشيرا بأن المواطنين يشتكون كثيرا من الأقساط التي يدفعونها و يرغبون في الحصول على الأدوية مجانا.
مدير الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بالنيابة
  إطلاق بوابـة إلكترونيـة توفـر كل المعلومــات للمؤمنين قريبــا
أوضح من جهته مدير الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي للعمال الأجراء بقسنطينة بالنيابة شيروف عادل، بأن بيع الصيدلي للدواء الجنيس يمكنه من الحصول على تحفيزات تتجاوز 20 في المائة، ما يدفعه إلى السعي جاهدا لبيع أكبر كمية من الأدوية الجنيسة، إذ يختلف السعر من علامة تجارية لأخرى، و هو ما يثير تساؤلات لدى المرضى، مؤكدا في ذات السياق، بأنه لا يمكن أن يكون القسط الذي يدفعه المؤمن عند شراء الدواء متفاوتا من صيدلي لآخر، عندما تكون الأسعار ثابتة، مشيرا إلى أن الصيادلة يخضعون إلى نظام آلي موحد يخضع للتحديث عندما يطرأ تغيير في سعر الدواء، إذ يتم نشر الأسعار الجديدة على صفحة الويب للصيدليات، مضيفا بأنه سيتم قريبا إطلاق بوابة إلكترونية للمؤمنين اجتماعيا، لتفادي كل الإشكالات التي تواجه المريض، حيث يصبح بإمكانه الإطلاع على قائمة أسعار الأدوية.
رئيس مجلس أخلاقيات الصيادلة لناحية قسنطينة
إخراج 40 دواء من قائمـة الأدويـة المعوض عنها يثيـر تسـاؤلات المرضــى
قال رئيس مجلس أخلاقيات الصيادلة لناحية قسنطينة كمال بغلول أن الاتهامات التي يوجهها المريض للصيادلة غير منطقية، لأن كافة الصيدليات تخضع لنظام  آلي محاسبي واحد، يتم تحديثه من قبل مديرية الضمان الاجتماعي عندما يطرأ أي تغيير في سعر الأدوية، موضحا بأن مهمة الصيدلي تنحصر فقط في إدخال أسماء الأدوية و الكمية الموجودة في الوصفة، و النظام وحده يتكفل بالعملية الحسابية و يحدد القسط الذي يدفعه المريض. و أضاف بأنه تم مؤخرا إخراج 40 نوعا من الأدوية من قائمة المعوض عنها، و يمكن أن يكون ذلك من بين أسباب تساؤل عديد المرضى في ما يخص ارتفاع القسط المدفوع رغم عدم اختلاف الأدوية، مؤكدا بأن المريض من حقه الحصول على نسخة من الوثيقة المتضمنة كل التفاصيل و بشكل دقيق.                        
أسماء بوقرن

الرجوع إلى الأعلى