أكلة شعبية عريقة تقاوم متغيرات الزمن
يعتبر الفول من المنتجات الزراعية العريقة التي ظلت سائدة بولاية قالمة منذ عقود طويلة، و توارثتها الأجيال المتعاقبة لتوفير مصادر العيش و مواجهة الظروف الاجتماعية الصعبة، حيث يعد الفول مصدر غذاء هام يخزنه السكان لفترة طويلة و يستنجدون به وقت الحاجة عندما ينتهي مخزون المواد الغذائية الأخرى بالمناطق الريفية.  
و بالرغم من تطور الأنظمة الغذائية بالمنطقة و ظهور زراعات أخرى، فإن الفول لا يزال محافظا على مكانته بولاية قالمة و ينتظره السكان كل ربيع لإعداد أطباق شعبية شهية، تتربع على موائد العائلات القالمية بين شهري فيفري و ماي، و هي الفترة التي ينضج فيها الفول النيئ و يصبح قابلا للاستهلاك.    
و في كل موسم ربيع تتنافس ربات البيوت على إعداد أحسن أطباق الفول بقالمة، و تقديمها للضيوف كتقليد عريق توارثه السكان من جيل إلى جيل.  
و توجد نحو 5 أطباق معروفة من الفول بالمنطقة و هي الرفيس بالفول، كسكس بالفول، مرق الفول، طمينة بالفول، و أخيرا الفول المفور و هو أشهر الأطباق و أكثرها تداولا بولاية قالمة، التي تحولت إلى قطب كبير لإنتاج مختلف أنواع الفول لتلبية الاستهلاك المحلي، و تصديره إلى الولايات الداخلية التي لا ينمو فيها هذا النوع من الزراعات المعاشية.  و يعد سوق بوعاتي محمود بقالمة من اكبر أسواق الفول بولاية قالمة، يقصده التجار من عدة ولايات لشراء كميات كبيرة و بيعها بالولايات الداخلية، و تعد بلديات بوعاتي محمود، الفجوج، الركنية، بومهرة أحمد، بلخير، بوشقوف، عين بن بيضاء، النشماية، قلع بوصبع و مجاز عمار من أهم المناطق المنتجة للفول بولاية قالمة، و سكان هذه البلديات الأكثر معرفة بأطباق الفول، حيث يعدون أجودها و يقدمونها للضيوف كتقليد ربيعي لم تؤثر فيه التحولات الاجتماعية المتسارعة.  
و نظرا لأهمية الفول في الدورة الزراعية فقد توسعت زراعته في السنوات الأخيرة، و تحول إلى محصول استراتيجي يضمن الغذاء للسكان، و يساهم في تحسين وضعهم الاجتماعي من خلال تجارة الفول التي راجت في السنوات الأخيرة، و ظهرت العديد من الأسواق المحلية المتخصصة في بيع الفول النيئ عبر عدة بلديات.  
و قد ظل الفول من أهم المخزونات الغذائية لدى سكان المناطق الريفية خلال المرحلة الاستعمارية و سنوات قليلة بعد الاستقلال، حيث يعد الفول الجاف أيضا مصدر غذاء رئيسي في فصل الشتاء عندما تنقطع الطرقات و تطبق الثلوج على الأقاليم الجبلية شهورا طويلة، و ساهم الفول إلى جانب القمح و الحمص في مواجهة أزمات الغذاء التي مر بها السكان و المجاهدون خلال حرب التحرير المقدسة.  
فريد.غ        
 

الرجوع إلى الأعلى