تعترض حملة جني الطماطم الصناعية بولاية الطارف ، عقبات باتت ترهن تحقيق الأهداف المرجوة، يحدث هذا بالرغم من الإجراءات العملية الاستباقية التي اتخذتها المصالح المعنية بالتنسيق مع كل الفاعلين وممثلي شعبة الطماطم الصناعية تحضيرا لإنجاح الحملة، خاصة مع وفرة المحصول من الطماطم الصناعية هذا الموسم .
متاعب في دفع المحصول وطوابير طويلة أمام الوحدات
و يشتكي المنتجون من الصعوبات الكبيرة التي تعترضهم في تسويق المنتوج الذي بات مهددا بالتلف، و هي المشكلة التي لاتزال حسبهم تطفو على السطح مع مطلع كل موسم جني، بما أثار مخاوف المزارعين من مغبة تكبدهم للخسارة خاصة ببلديات الجهة الغربية كالبسباس ، الذرعان ، الشط ، شبيطة مختار وبن مهيدي المناطق الرائدة في إنتاج الطماطم الصناعية ،و التي يواجه بها المنتجون متاعب كبيرة في دفع المحصول لدى الوحدات التحويلية جراء الطوابير الطويلة للجرارات الفلاحية  والشاحنات المحملة بالطماطم المصطفة أمام أبواب الوحدات منذ الفجر وإلى ساعات متأخرة من المساء على طول مئات الأمتار تحت الحرارة الشديدة في انتظار تفريغ حمولتها.  
وذكر بعض المنتجين، أنهم اضطروا لرمي أطنان من الطماطم الصناعية على الطريق وفي الوديان بعد أن تعذر عليهم تسويقها وتعرضها للتلف والتعفن بفعل الحرارة والطوابير الطويلة أمام الوحدات، وهو ما تسبب في تكبد بعض المزارعين لخسائر فادحة بالنظر لارتفاع أعباء تكاليف الإنتاج ، ذلك أن أغلب المنتجين لجأوا للاستدانة من الغير ورهن حاجياتهم من أجل مجابهة أعباء حملة الغرس الباهظة التي تتعدى 50 مليونا في الهكتار، عسى أن تعوض هذه الأعباء في حملة الجني، ليصطدموا بعجزهم عن تسويق محصولهم وتلفه وإفلاسهم، وهذا في ظل عدم حيازة أغلب المنتجين على التأمين الفلاحي للحصول على التعويضات في مثل هذه الحالات.
من جهة أخرى، اشتكى منتجون تعرض محصولهم للسرقة من قبل مجهولين بعد أن تعذر عليهم جنيه في وقته بسبب مشكلة التسويق المطروحة وغلاء مصاريف نقله نحو الولايات المجاورة أمام محدودية إمكانياتهم ، وأمام هذه الوضعية يقول المنتجون بأنهم اضطروا للتخلص من محصولهم ببيعه لمتعاملين من خارج الولاية لتغطية جزء ولو قليل من مصاريف الإنتاج الباهظة ، حتى أن منهم من قام برهن عتادهم وبيع حلي زوجاتهم لتغطية أعباء حملة الغرس.
 هذا وتحدثت مصادر من المجلس المهني لشعبة الطماطم عن حجم الخسائر التي لحقت بعشرات المنتجين والناجمة عن مشكل التسويق وتلف المحصول، تراوحت ما بين 200مليون سنتيم إلى أكثر من 3ملايير سنتيم، و إعلان العشرات عن إفلاسهم ودخولهم في نفق مظلم بخصوص دفع ديون الاستدانة من الغير.
مشكلة التسويق وراء عزوف المنتجين عن الشعبة
في حين قال ممثل عن مجلس شعبة الطماطم الصناعية، بأن مشكلة التسويق تبقى الهاجس الذي يؤرق المنتجين كل موسم جني وهو السبب الرئيسي الذي يبقى وراء عزوف عشرات الفلاحين عن مزاولة هذه الشعبة رغم قيمتها الإقتصادية، وتعليق آخرين لنشاطهم دون رجعة في السنوات الماضية تفاديا لمتاعب التسويق وتجنبا للخسائر والإفلاس.
وأضاف المصدر، بأن ما أعاق حملة الجني والتحويل، هو غلق أربع وحدات تحويلية أبوابها لمشاكل مالية وإدارية ،وهو الأمر الذي انعكس سلبا على عملية الجني التي تواجه صعوبات بفعل معضلة التسويق التي دفعت بالمنتجين ببعض المناطق إلى العزوف عن جني محصولهم وتركه عرضة للحرائق والتلف وبيع المحصول على القائم في حالات أخرى لعجزهم عن إيجاد آليات لتسويقه .
من جهة أخرى يشتكي المنتجون من نقص اليد العاملة التي رهنت بدورها حملة الجني رغم التحفيزات المالية التي وضعوها لاستقطاب العمالة وتشجيعهم على العمل بالحقول، مع حصولهم بعد ساعات العمل على أجرة يومهم و كميات من الطماطم لسد حاجياتهم المعيشية.
و أمام هذه المشكلة، لجأ بعض المزارعين إلى تشغيل العمالة الأجنبية الإفريقية والعربية لجني محصولهم وإنقاذه من التلف ، فيما لجأ البعض الآخر للاستنجاد بذويهم وأقاربهم على شكل «تويزة « لجني المحصول ودفعه نحو الوحدات المحلية وبالولايات المجاورة رغم ارتفاع تكاليف مصاريف النقل لإنقاذ موسمهم الفلاحي .
علاوة على ذلك، يطرح المنتجون مشكلة السعر المرجعي المحدد للتسويق المقدر ب15دينارا والذي يبقى لا يغطي حقيقة تكاليف الإنتاج المرتفعة ، خاصة مع لجوئهم إلى استعمال أصناف الطماطم الهجينة ونظام التقطير للرفع من قدرات الإنتاج و ارتفاع أسعار الأدوية المعالجة ، ليبقى التخوف كبيرا من تقاعس بعض المحولين في صرف مستحقاتهم بعد انتهاء حملة الجني والتحويل.
منتجون يتهمون وحدات بعرقلة الجني و التحويل
 لم يتوان بعض المنتجين في توجيه أصابع الاتهام لبعض الوحدات التحويلية بافتعال العراقيل للتأثير السلبي على حملة الجني والتحويل ، وذلك من خلال ضخ المنتوج بكميات قليلة بالوحدات للإبقاء على زحمة الطوابير ، ومن ثمة ممارسة الابتزاز بدفع المنتجين للتخلص من محصولهم القابع أمام أبواب الوحدات بأبخس الأسعار، التي لا تغطي حسبهم نسبة قليلة من تكاليف الإنتاج المرتفعة.
و هي حيل، يقول المزارعون، بأنهم ألفوها من بعض المحولين في ممارسة الضغط عليهم لقبول محصولهم بالسعر الذي يريدونه، ما دفع بالبعض إلى توجيه الإنتاج لطرحه في الأسواق المحلية والولايات المجاورة للإستهلاك الطازج ورمي الكميات الأخرى على حافة الطرقات وفي الأودية عوض بيعها بأسعار لا تلبي القليل من الأعباء.
في وقت أكد فيه أحد الفلاحين على أنه اضطر لترك محصوله على القائم في الحقول عرضة للنيران والتعفن تحت أشعة الشمس الحارة والسرقة، عوض بيعه بأسعار شبه مجانية لا تلبي طموحاته مع إرتفاع تكاليف الإنتاج ،ناهيك عن تجنب متاعب إنتظار صرف المستحقات المالية التي عادة ما تظل عالقة لأشهر، قبل أن يتم تسريحها بعد اللجوء إلى الطرق الاحتجاجية وطرق أبواب العدالة.
و اتهم منتجون أشباه المحولين بمحاولة كسر شعبة الطماطم، بافتعال شتى الطرق والمشاكل واللجوء في المقابل إلى استيراد منتوج الطماطم المصبرة ثنائي وثلاثي التركيز، تحت غطاء تغطية حاجيات السوق من هذه المادة التي تبقى بعض أصنافها حسبهم رديئة وتفتقر للشروط الصحية، من خلال إضافة مواد وملونات محظورة .
5 وحدات تحويلية لاستقبال محصول الطماطم

في حين أوضحت مصالح الفلاحة، بأنه تم فتح 5وحدات تحويلية محلية، بمن فيها الأخرى بالولايات المجاورة أمام المنتجين لتسويق محصولهم ، وهذا بعد أن تم تجاوز إشكالية السعر المرجعي للتسويق المحدد باتفاق كل الشركاء على 15 دينارا للكلغ الواحد ،وإبرام عقود بين 450منتجا و المحولين لتمكينهم من تسويق محصولهم في ظروف حسنة ، كما تم وضع بين أيدي المزارعين كل التسهيلات للاستفادة من دعم الدولة لإقتناء المعدات لمكننة شعبة الطماطم و تجاوز مشكلة العمالة.
وأرجعت المصالح المعنية بعض الصعوبات المطروحة حاليا في عملية التسويق إلى وفرة الإنتاج لهذا الموسم ، مطمئنة المنتجين بأن إجراءات عملية اتخذت في الميدان لمتابعة حملة الجني والتحويل والتدخل للتكفل بالمشاكل حفاظا على مجريات الحملة.
وأشارت نفس المصالح، إلى تسجيل أزيد من 1.2مليون قنطار من الطماطم الصناعية منذ بداية انطلاق حملة الجني ، في الوقت الذي يتوقع فيه تحقيق إنتاج قياسي يفوق 3ملايين قنطار بمعدل 700قنطار في الهكتار ،بزيادة تتعدى المليون قنطار عن إنتاج الموسم الفارط  الذي لم يتجاوز مليوني قنطار.
وأرجعت ذات المصالح، وفرة الإنتاج تراجع الأمراض الطفيلية والظروف المناخية الملائمة التي ميزت الموسم الفلاحي ، بما فيها التكفل بحل مشكلة السقي التي كانت مطروحة من خلال تخصيص 10مليون متر مكعب من مياه سد الشافية لسقي الطماطم على مساحة 4200هكتار منها 1700هكتار بسهل بوناموسة بكل من بلديات الذرعان، بن مهيدي ، البسباس  وعصفور.
إضافة إلى ترخيص السلطات للفلاحين لإنجاز آبار عميقة، و قد تضاعفت المساحة المغروسة التي قفزت من 2600هكتار الموسم الفارط، إلى أزيد من 4 آلاف هكتار هذه السنة، عقب عودة عشرات المنتجين لمزاولة نشاطهم بعد هجرة أراضيهم في السنوات السابقة، و هذا على إثر الإجراءات العملية المتخذة من قبل السلطات العمومية لإعادة بعث هذه الشعبة ذات القيمة الاقتصادية و الاجتماعية ،إلى جانب التدابير التي أقرتها الوصاية للتكفل بمشاكل المنتجين و المحولين على حد سواء.
70 بالمائة من الإنتاج وجه للتحويل
وتؤكد مصالح الفلاحة، على أن 98بالمائة من المساحة المغروسة تخص أصناف الطماطم الهجينة ذات النوعية والمردودية الكثيفة التي يتعدى مردودها 700قنطار في الهكتار، و هو ما ساهم في الرفع من قدرات الإنتاج نوعا و كما، في حين بلغ معدل الإنتاج بالمساحة المسقية على 1587هكتارا عن طريق التقطير، ما بين ألف و 1500قنطار /الهكتار.
و أفادت نفس المصالح، بأنه و من أجل تجاوز مشكلة التسويق، تم إبرام اتفاقيات مع 450فلاحا لتسهيل تسويق محصولهم نحو الوحدات التحويلية، مقابل حصول المنتج على دعم الدولة المقدر بـ4دنانير والمحول على 1.5دينار للكلغ الواحد من الطماطم، في وقت تطمح فيه السلطات المحلية أمام الإجراءات المتخذة، لإعادة بعث وتطوير الشعبة، ما جعل الولاية قطبا للطماطم الصناعية وذلك بمرافقة المنتجين والمحولين وتوسيع المساحة.
و تفيد مصالح الفلاحة، بأن 70 بالمائة من إنتاج الطماطم الصناعية، وجه للتحويل، فيما يوجه باقي المحصول لسد حاجيات السوق المحلية من الاستهلاك الطازج، أمام تزايد الطلب على هذه المادة التي تراوحت أسعارها حاليا بين 20 و 30دينارا للكيلوغرام.
من جهته ممثل المحولين، أكد على تجنيد كل الإمكانيات لإنجاح حملة التحويل، حيث تتواجد بالولاية 6وحدات تحويلية بطاقة إنتاج إجمالية تقدر بحوالي 9 آلاف طن في اليوم، أي ما يساوي 28 ألف طن، في حين أن فائض المحصول سوف يسوق نحو الوحدات التحويلية الأخرى خارج الولاية كقالمة، سكيكدة و عنابة، أمام التنافس الكبير بين الوحدات التحويلية و تزايد الطلب على محصول الطماطم الصناعية المحلية المعروفة بجودتها العالية.
تحفيز المنتجين على الانخراط في برنامج المكننة
  من جهته كشف رئيس غرفة الفلاحة، عن إيداع 3فلاحين لملفاتهم للحصول على العتاد الموجه لحملة غرس وجني الطماطم ، مشيرا إلى وضع تسهيلات لتمكين الفلاحين من الانخراط في هذه العملية، و هذا بعد أن تقرر لأول مرة إدراج شعبة الطماطم الصناعية في برنامج المكننة، من خلال دعم المنتجين بآلات الجني و إنشاء تعاونيات ما بين المنتجين لاقتناء العتاد الفلاحي الخاص بالمكننة الذي تبقى تكلفته باهظة، و هو ما سيسمح بتجاوز مشكلة نقص العمالة التي كانت تطرح كل موسم مع انطلاق حملة الجني و الغرس، و هي المشكلة التي دفعت بعشرات المنتجين إلى هجرة أراضيهم و تعليق نشاطهم.
و تعول الجهات المختصة على برنامج المكننة، في إعادة الاعتبار لشعبة الطماطم الصناعية و عودة الولاية إلى سالف عهدها كقطب متخصص في إنتاج هذه المادة الاقتصادية، من خلال توسيع المساحة المغروسة و الإجراءات العملية المتخذة، و هذا بعد أن عرفت الشعبة تقهقرا في الإنتاج و تقلصا في المساحة خلال السنوات الأخيرة لعدة أسباب.        
نوري.ح

الرجوع إلى الأعلى