سيــارات و دمــى و مواد تجميــل في محافـظ التلاميذ هذا الـموســم

تثير نوعية الأدوات المدرسية المعروضة في الأسواق هذا الموسم استياء  العديد  من الأولياء بسبب البهرجة المبالغ فيها والأشكال التي اتخذتها والتي جعلتها أقرب إلى الألعاب منها إلى وسائل بيداغوجية، فالرسومات والمجسمات والألوان المستعملة اعتبرت انحرافا عن الهدف التربوي ومنطق تجاري يتجاهل خصوصية الفئة التي يوجه إليها هذا النوع من السلع.
روبورتاج : أسماء بوقرن
وإضافة إلى الأشكال الغريبة التي كانت موضوع استهجان في مواقع التواصل الإجتماعي تعرف الأسعار إرتفاعا كبيرا وضع الكثير من العائلات في مأزق، حيث أن تأمين ادوات تلميذ في المتوسط يتطلب ما لا يقل عن  12 ألف دينار مع احتساب الكتب بينما يصل المبلغ حسب تلاميذ إلى 40 ألف دج في المرحلة الثانوية، بسبب ما عرفته الأدوات من زيادات مقارنة بالموسم الماضي.
ويحذر المختصون من التحول الذي تعرفه سوق الأدوات المدرسية ويعتبرون أن تلك الأشكال الغريبة والجريئة والمسوقة للعنف تؤثر على التركيز وتصيب التلميذ بالتشتت ناصحين بالعودة إلى القوائم الموحدة لضبط محتويات المحفظة.
 

خلال زيارة استطلاعية لمكتبات مدينتي  قسنطينة وعلي منجلي قبيل الدخول المدرسي ، لفت انتباهنا أشكال الأدوات المدرسية ، مع الحرص على عرض الملفت منها في الواجهات لاستمالة التلاميذ، الذين يرغبون في شراء كل ما هو مميز و يرمز للعبتهم المفضلة أو الرسوم المتحركة التي يعشقونها، فقد استوحيت تصاميم عدد كبير من الأدوات المدرسية من ألعاب الأطفال كالدمى و السيارات، و ذلك من خلال تصميم أقلام و مقلمات و كذا علب العجين في شكل دمية بأدق تفاصيلها ، الأمر نفسه بالنسبة للأدوات المخصصة للذكور و التي جاءت على شكل مختلف أنواع المركبات ، بتصاميم مثيرة و عصرية و بتقنية «3 دي»،  كما برزت  تصاميم أخرى لا تناسب بتاتا الفئة العمرية للتلاميذ ، كغراء ملونة بها ملمع على شكل أحمر شفاه ، مقلمة على شكل حقيبة  يد ، و محفظة في شكل حقيبة أمتعة   خاصة بالعرائس بقطعها الثلاث، و كذا ألوان مائية على شكل علبة مساحيق تجميل ، و هو ما يجعلها تستغل في غير مهمتها الأساسية، و اعتبارها كوسائل للترفيه و التسلية أكثر من أدوات للدراسة ، و قد تساهم بشكل كبير في إلهاء التلميذ حتى داخل القسم، اذ ينشغل باللعب بها و لا يركز اهتمامه على ما يلقنه له الأستاذ.
محافظ  على شكل حقائب الأعراس و أغلفة كراريس لماعة

تصاميم أغلفة الكراريس هي الأخرى جاءت مغايرة هذه السنة ، فالواقع نظره عليها يظن أنها مخصصة لتغليف هدايا الأطفال، لكن بالتمعن فيها يتبين بأنها غلاف كراس أو كتاب ، حيث لم تتوقف عند استيحاء شخصيات الرسومات المتحركة   ، إنما اتخذت ألوانا مختلفة مزينة بالملمع و بمختلف أنواع الشخصيات الكرتونية،  التي تم رسمها   بطريقة مثيرة، و هو ما يؤثر على سلوكات الطفل باعتباره في مرحلة تعلم ،  كما صنعت علب العجين الحدث وسط المكتبات ، حيث أسالت لعاب الأطفال الذين  و بمجرد رؤيتها   يطالبون الأولياء باقتنائها ، لكونها أخذت أشكالا جديدة،  إذ أصبحت توضع داخل علب مصممة على شكل سيارات و دمى  أو حيوانات ، بأسعار مرتفعة تصل إلى 460 دينارا ، و تختلف من شكل لآخر ، هذا بعد أن كانت في السابق توضع في أكياس شفافة .
كما أخذت المحافظ المصممة للإناث هي الأخرى تصاميم جديدة و ملفتة في ذات الوقت، حيث غاب عن الكثير مما  هو معروض   معيار البساطة ، فقد استوحت الشركات المنتجة تصاميم حقائب السفر و الأفراح المزينة بالأحجار الملونة اللماعة،  و من أبرزها تلك المصممة على شكل حقيبة من ثلاث قطع تحاكي جهاز العروس  ، قطعة مخصصة للأدوات و أخرى للمجة و الثالثة عبارة عن مقلمة ، و هو ما أثار إعجاب التلميذات المرافقات  لأوليائهن ، و اللواتي حرصن على اقتنائها ، غير أن بعض الأمهات رفضن الانصياع للمطلب،  نظرا لغلاء سعرها الذي بلغ 4400 دينار ، و فضلت شراء محافظ بتصميم بسيط لا يتعدى سعرها الألفين دينار .
أولياء مستاؤون من نوعية الرسومات   
في المقابل تداول أولياء عبر مواقع التواصل الاجتماعي صورا لمحافظ و أغلفة ، مزينة بصور شخصيات كرتونية مثيرة، حيث تظهر في صور غير أخلاقية،  كما يوجد  من ضمنها  ما يشجع على العنف ، و دعوا من خلال هذا الفضاء لمقاطعة مثل هذه الأدوات لكونها تحرض على فساد الأخلاق، حيث علق أحد الأولياء قائلا « الأدوات المدرسية أصبحت مثيرة و محرضة على فساد الأخلاق، فكيف لطفل في ست سنوات من العمر أن يشاهد و باستمرار صورا غير أخلاقية على مقلمته أو غلاف كراسه ،  هذه الظاهرة أصبحت تحيط بأبنائنا من كل النواحي فلا الرسوم المتحركة أصبحت تخلو منها و لا حتى القصص و الكتب»، كما  طلبوا من الجهات المعنية إخضاع  سوق الأدوات للمراقبة و منع كل ما من شأنه أن يؤثر على صفو تفكيرهم.
ارتفاع الأسعار يضع الأولياء في مأزق    

الزائر لعدد من مكتبات مدينة قسنطينة، لا يتفاجأ بالشكل الملفت للأدوات فقط و إنما يصطدم أيضا بالأسعار التي عرفت ارتفاعا كبيرا ، حسب ما لاحظناه و  أكده بائع بمكتبة الشافعي و الذي حدد هامش الزيادة بـ 30 دينارا في الكراريس، فيما قدرت في المحافظ بأكثر من 600 دينار ، و قد تقربنا  من  سيدة    كانت تقوم بشراء الأدوات و المحافظ لبناتها ، لمعرفة تكلفة مستلزمات التلميذ الواحد، حيث قالت بأن لها ثلاث بنات اثنان منهما تدرسان في الطور المتوسط، حيث تتضمن رزنامة كراريس ابنتها التي تدرس في الثالثة متوسط 18 كراسا و باقتناء المحفظة و الكتب و الأقلام و الأغلفة و باقي الأدوات تصل تكلفة محفظة التلميذ الواحد 12000 دينار ، و الأمر نفسه بالنسبة لابنتها التي تدرس في السنة أولى متوسط إذ تحتاج لـ24 كراسا ، مشيرة إلى أنها تخصص ميزانية تفوق 40 ألف دينار للأدوات المدرسية و كذا الكتب، فيما أكدت تلميذة تدرس بالسنة ثانية ثانوي بأن تكلفة الكراريس و باقي الأدوات كلفتها 6 آلاف دينار ، و بالنظر إلى الأسعار التي استقيناها من عين المكان يتضح بأنها مكلفة جدا و تثقل كاهل الأولياء،  حيث وجدنا بأن سعر المقلمات مثلا وصل لحد 600 دينار و أقلام التلوين ذات الحجم الكبير 390 دينارا،  كما أن سعر الكراريس ذات علامة   مطلوبة، عرفت ارتفاعا طفيفا قدر بخصوص كراس 288 صفحة  بـ 180 دينارا، و 192 صفحة بـ 140 دينارا ، و 120 صفحة بـ 60 دينارا ، و 96 صفحة بـ 50 دينارا و 64 صفحة بـ 45 دينارا .
مواقع التواصل الاجتماعي تدخل على خط التسويق
لم يعد بائع الأدوات المدرسية يكتفي بعرض سلعته في محله  ، و إنما أصبح ينتهج طرقا أخرى للترويج لسلعته و تجنب كسادها بفضل التطور التكنولوجي الهائل، حيث يلجأ للفضاء الافتراضي،    و هو ما قام به صاحب مكتبة بالمركز التجاري رتاج مول ، حيث نشر مقطع فيديو يبرز من خلاله  الأدوات المعروضة مرفوقا  برقم الهاتف للاستفسار و كذا الشراء، فيما قامت  جهات تسوق  لماركة عالمية عبر موقع انستغرام بعرض صور عن منتوجاتها المصممة بشكل مختلف معتمدة على تقنية 3 دي في المحافظ، حيث توفر خدمة البيع و الشراء مع التوصيل المجاني  .

المختصة في علم النفس التربوي نبيلة عزوز
أشكال الأدوات  الجديدة  تشتت  عقل التلميذ    
 أكدت المختصة  في علم النفس التربوي نبيلة عزوز في حديثها للنصر، بأن أشكال الأدوات المدرسية المعروضة ببعض المكتبات بوسط مدينة قسنطينة  تؤثر سلبا على التلميذ، في مقدمتها الأشكال المحرضة على فساد الأخلاق، مشيرة إلى أنها سبق و أن لاحظت أغلفة كتب و كراريس عليها رسومات لدمى مثيرة ، موضحة بأن ذلك يؤثر سلبا على تفكير الطفل و يسلب منه براءته، بحيث يصبح تفكيره منشغلا بأمور لا تناسب إطلاقا فئته العمرية و تحرمه من عيش طفولته ، كما أنها  تشتت تفكيره لأن الصورة لها  تأثير كبير على مخلية الطفل ، بالإضافة لمختلف أنواع الأدوات التي هي في تصاميمها عبارة عن سيارات و دمى و حيوانات،   حيث تتحول إلى وسيلة  للهو  تفقده   التركيز  داخل القسم ، و يصبح لا يأبه بما يقدمه له الأستاذ، مما  يؤثر على تحصيله العلمي ، داعية الأساتذة إلى توحيد قائمة الأدوات و أغلفة الكراريس و الحرص على اقتناء أدوات ذات تصاميم بسيطة .
أ ب

الرجوع إلى الأعلى