مملكــة البطـاطــا تقـــاوم لتلبيـــة احتياجــات الســوق

* الأسعار ستواصل الارتفاع إلى غاية شهر نوفمبر
انطلق موسم غرس البطاطا غير الموسمية عبر المساحات الشاسعة لولاية عين الدفلى التي تساهم في تغطية السوق الوطنية بنسبة 35 بالمائة بهذه المادة الاستراتيجية، نظرا لتوفر عدة عوامل من بينها خصوبة التربة وتوفر المياه وامتلاك الفلاحين للخبرة الكافية في بلوغ أعلى مستويات من الإنتاج الموجه للاستهلاك ، فيما تتوجه الجهود للحد من ظاهرة استيراد البذور من صنف (أ) من عدة دول اوروبية في مقدمتها هولندا و فرنسا، كما مكن التضامن ما بين الفلاحين من تجاوز هزات السوق والإستمرار في الريادة وطنيا رغم الصعوبات .
روبورتاج: هشام ج
يضاعف في هذه الايام عديد الفلاحين الجهود لاستكمال غرس المساحات المبرمجة لإنتاج البطاطا قبل انخفاض درجة الحرارة التي تساعد البذور على النمو بصفة طبيعية، ويمثل منتصف شهر أوت الى غاية نهاية شهر سبتمبر المرحلة المثلى لعملية الغرس ، تسبقها مرحلة مهمة تتمثل في تهيئة الأرض والانتقاء الجيد للبذور المحلية المخزنة، سواء في غرف التبريد او بالمخازن التقليدية ، يتحرى من خلالها المنتجون سلامتها من أي أمراض وتفادي التعفن ، فأي تهاون أو تقصير يكبد الفلاحين خسائر مادية معتبرة لأن تقديرات تكاليف إنتاج الهكتار الواحد تتراوح ما بين 70 مليونا و 80 مليون سنتيم حسب الاستطلاع الذي أجريناه مع عدد من المنتجين، بسبب غلاء البذور التي تتراوح ما بين 50 الى 100 دج للكلغ الواحد حسب النوعية .
طفيليات وأمراض تهدد الشعبة
حيث توجد عدة اصناف تصل الى 80 نوعا،  الاصناف الأكثر طلبا لدى الفلاحين كما  يذكر السيد عثماني أحمد من بلدية المخاطرية  هي «بارتين»ا ،» امورزا» ،» سبونت»، «دزيري» ، «الاطلس» وغيرها من الانواع ذات المردود الكبير دون إغفال كما قال زميله في المهنة  على  تكاليف الانتاج كالأسمدة التي تجاوز سعرها 5800 دج للقنطار الواحد والمازوت،  فضلا عن المعالجة الكيميائية للأمراض ، كالبكتريا و بعض الفطريات التي استفحلت في السنوات القليلة الماضية  كالميلديو   و  الساق الاسود   ،اذ تتطلب  المعالجة الواحدة لمساحة 10 هكتارات مبلغ مالي يقدر ب 14 مليون سنتيم تكاليف الدواء  .
وفي تقدير المهندس الفلاحي احمد بلعيد إن سبب انتشار الطفيليات و الأمراض التي تصيب انتاج البطاطا هو عدم احترام الدورة الزراعية وتجاهل الاجراءات الوقائية ، حيث يستحيل كما قال ان يختفي المرض بل ينتقل طفيليا عبر البذور أو التراب، وينبغي ترك المساحات أو استغلالها في انتاج أصناف نباتية أخرى لثلاث (غلات) مواسم فلاحية، وهذا الأمر الذي لم يهضمه عديد المنتجين، لأن بعضهم ليسوا بملاك للأراضي بل مستأجرين يحاولون استغلال وتوجيه المساحة في انتاج البطاطا، لأنها تعطي مردودا وفيرا في زمن قياسي، كما أنها تضمن في اعتقادهم الأرباح ، لكن القاعدة و المعطيات قد تغيرت في السنوات الأخيرة بظهور الامراض لعل من بينها الميلديو .
 خزان لـ 28 ولاية من بذور البطاطا
تشير المعطيات الواردة من قبل مصالح الفلاحة لولاية عين الدفلى أن المساحة المعنية بغرس البطاطا غير الموسمية فاقت 8 آلاف هكتار من بينها  4 ألاف هكتار موجهة للاستهلاك و المساحة المتبقية لتكثيف البذور ، حيث يرتقب حسب عبد الوهاب رحمون رئيس مصلحة الانتاج بذات المديرية  انتاج يفوق مليوني قنطار بمردود يقدر بنحو 400 قنطار في الهكتار الواحد،  بعد ثلاثة أشهر من الآن، أي في منتصف شهر نوفمبر القادم ،  حيث يشرع كالعادة المنتجون الصغار في عملية جني المحصول يليهم بعد ذلك أصحاب المساحات الشاسعة، واستنادا إلى ذات المتحدث فإن عملية غرس البطاطا غير الموسمية تسير بوتيرة متسارعة، اذ تم لحد الآن غرس مساحة تفوق ألف هكتار، من أصل ثمانية آلاف هكتار مبرمجة.
 في الوقت الذي تتوفر فيه البذور بشكل كاف  ، اذ تجاوزت الكمية حدود 70 ألف قنطار تنتجها 40 مؤسسة مكلفة بتكثيف البذور ، تساهم الكمية في دعم 28 ولاية عبر التراب الوطني على غرار ولايات الوادي، سطيف، البويرة، مستغانم  وغيرها من الولايات المهتمة بهذا النشاط، دون الحديث عن البذور التي يتم انتقاؤها من مخازن الخواص،  موازاة وحملة غرس البطاطا غير الموسمية، ويشير في المقابل ذات المصدر أن ولاية عين الدفلى دخلت تجربة رائدة في انتاج بذور من صنف (أ) على مساحة تكثيف تصل الى 500 هكتار بإقليم بلدية العبادية المعروفة بخصوبة التربة وتوفر المياه العذبة ، الأمر الذي يعجل بتوقيف ظاهرة استيراد البذور من عدة دول أوروبية كهولندا وفرنسا، وتقليص الفاتورة بالعملة الصعبة ، حيث يمكن غرس هذا الصنف من البذور  في الموسم القادم الذي يعقب فترة الشتاء بين شهري فيفري ومارس، حتى يتسنى جني المحصول نهاية شهر ماي المقبل ، وهو الانتاج الذي يساهم في إغراق السوق الوطنية بمنتوج البطاطا .
واد الشلف.. العصب الرئيسي
يمثل واد الشلف الذي يقطع جزءا كبيرا من الأراضي الزراعية عصب القطاع الفلاحي بالولاية، وخزانا  حقيقيا للآبار المجاورة والطبقة الجوفية، فعلى طول مساره تتنوع المنتوجات الزراعية من بينها إنتاج مادة البطاطا، وقد انتعش مجرى الواد بتدفق مياه السدود خصوصا في فترة الصيف، من بينها سد سيدي امحمد بن طيبة و أولاد ملوك، اللذين ساهما لحد كبير منذ دخولهما الخدمة في الالفية الجديدة في انعاش المزروعات بعد معاناة كبيرة من قبل الفلاحين في جلب المياه من أماكن و على مسافات بعيدة ، كما ساهما في توسيع المساحات المسقية المجهزة كمحيط العامرة _ العبادية المصنف وطنيا على مساحة تتجاوز 8495 هكتارا، تستغل وتوجه مساحة كبيرة منه في تنمية  شعبة البطاطا  فيما توجد مساحة تفوق 7220  هكتارا قابلة للسقي من واد الشلف عبر المحركات، فيما يوجد محيط شلف الأعلى المجهز هو الآخر على مساحة تصل الى 20300 الى جانب مساحة قابلة للسقي بـ 19 746 هكتارا وفق احصائيات واردة من طرف الديوان الوطني للسقي وصرف المياه .
إنتاج يتعرض للتعفن داخل المخازن التقليدية

    وعن   أسعار البطاطا الموجهة للاستهلاك والمقدرة في الأسواق المحلية حاليا  بنحو 70 دج للكلغ الواحد ، يرى الفلاحون أنها مرشحة للارتفاع أكثر  إلى  غاية حملة جني المحصول  التي يشرع فيها شهر نوفمبر المقبل ، و يعود ذلك إلى عدة عوامل من بينها فساد المنتوج في بعض المخازن التقليدية، بحكم ارتفاع درجة الحرارة، فضلا عن الاحتكار و المضاربة من جهة وتصنيف كمية كبيرة قد تصل حسب السيد لخضر زواتني عن الغرفة الفلاحية الى حوالي 50 بالمائة، كبذور  يصعب تسويقها، كما أن وفرة المياه بالوديان و السدود كفيلة هذا الموسم بامتصاص الفائض الموجود، والرفع من مساحات غرس البطاطا على ضفاف واد الشلف، الذي لم تنضب مياهه في هذه الصائفة بفعل امتلاء  سد سيدي امحمد بن طيبة عن أخره،  الى جانب بعض السدود الأخرى كسد غريب ،دردر  ، أولاد ملوك بكميات متفاوتة .
ومن بين المؤشرات الدالة على توسيع مساحات غرس البطاطا الإجراءات المتخذة من قبل ديوان سقي الارضي الفلاحية (اونيد) من خلال تخصيص كمية تناهز 80 مليون متر مكعب من مياه السدود المذكورة لتدعيم عمليات السقي الفلاحي ، في مقدمتها انتاج البطاطا وفق المهندسة الفلاحية فضيلة دومة هذه الكمية تطلق على مراحل ، تقدر الكمية المرصودة من سد دردر بـ20 مليونا، سد سيدي امحمد بن طيبة 30 مليونا، حرازة 5 ملايين، غريب 15 مليونا، اولاد ملوك 8 ملايين .
تضامن وشراكة لتحاشي الإفلاس
رغم الهزات الارتدادية في انهيار أسعار مادة البطاطا، يعود الفلاحون الى نشاطهم المعهود على أمل استقرار هذه الشعبة واستعادة التوزان المالي  الذي يختل بفعل غياب  ميكانيزمات   تضمن هامش الربح ، حيث يقول عثماني أحمد فلاح من بلدية المخاطرية أن المنتج  يتيه وسط حلقة التسويق بأسعار زهيدة ليفاجأ بعد أسابيع قليلة  بارتفاع جنوني للأسعار ، داعيا الجهات الوصية إلى تنظيم حركة السوق ، ومن الأسرار الخفية على بعض المتتبعين للشأن الفلاحي  المتعلق بصمود وبقاء ولاية عين الدفلى رائدة في انتاج هذه المادة الاكثر طلبا على الموائد ،  وجود حالة من التضامن القائم بين المنتجين في اقتناء البذور و مساعدات بعضهم البعض بالعتاد و الأموال اللازمة إلى غاية جنى المحصول و إقتطاع وتسديد الديون أو الدخول في شراكة إلى أن يتعافى المنتج من الصدمة المالية التي سببتها أسواق البطاطا .
  هـ  / ج

الرجوع إلى الأعلى