فوق عدة هكتارات من التوسعة الغربية بالمدينة الجديدة علي منجلي بقسنطينة، تجري عملية بناء حديقة مائية ضخمة بالقرب من عمارات الوحدة الجوارية 14، بتكلفة إجمالية تقارب المائتي مليار سنتيم، في حين يراهن صاحبها على أنها ستحيي المكان وتتحول إلى مقصد للمواطنين من مختلف الولايات، لأنها تتسع لآلاف الأشخاص وتحتوي على ألعاب تدخل الجزائر لأول مرة. وستكون هذه الحديقة المائية مورد دخل للعشرات من الأشخاص من أبناء الأحياء القريبة ولأشخاص آخرين. وتنقل النصر في هذا الروبورتاج صورة شاملةً عن مشروع “أميرة لاند”، الذي يعتبر الأول من نوعه في ولاية قسنطينة المفتقرة لمساحات التسلية.
روبورتاج: سامي حبّاطي
عند وصولنا إلى موقع مشروع الحديقة المائية المسماة “أميرة لاند”، قابلتنا بوابة حديدية مغلقة نصّبت في جزءٍ من سور عال يحيط بمساحة أرضية واسعة غير بعيدة عن عمارات الوحدة الجوارية 14 بالمدينة الجديدة علي منجلي. دخلنا الورشة فوجدنا مجموعة من العمال الصينيين مستغرقين في القيام بأعمال مختلفة على مستوى المكان، فمنهم من كانوا يقومون بأشغال حفر ومنهم من كانوا يحملون أعمدة حديدية ومواد بناء مختلفة. وأخبرنا المستثمر صاحب المشروع، عُمر مرداسي، بأنه استعان بعمال صينيين، استطاعوا في فترة وجيزة إنهاء الأشغال الكبرى بالخرسانة والأعمدة الحديدية لمختلف أحواض السباحة وغيرها من المنشآت التي ستكون في الحديقة المائية.
شاطئ يتسع لـ 1000 شخص
وتتوسط الورشة بحيرة تجري عليها أشغال صب الخرسانة في الوقت الحالي، في حين تقع في منتصف مسار دائري يمثل نهرا، وسيتم تدعيمه بالأمواج الاصطناعية، حيث قال المستثمر إنها الأولى من نوعها على مستوى الجزائر، كما ذهب إلى القول أنها قد تكون الأولى في إفريقيا أيضا.
وأوضح لنا نفس المصدر بأنه سيتم إنجاز جسر صغير يمرّ عليه الرّاجلون لعبور البحيرة عند تنقلهم داخل الحديقة، في حين أكد لنا بأن من يدخلها للسباحة سيشعر بـ”متعة كبيرة” لأنه سيستغرق وقتا في التنقل بين ضفتيها.
تنقلنا مع صاحب المشروع إلى الجهة العلوية مقابل مسبح الأمواج الاصطناعية أو كما يسميها “شاطئ الأمواج”، الذي انتهت الأشغال الكبرى فيه، مثلما أكده لنا المستثمر عمر مرداسي، حيث أوضح لنا بأنه يستوعب ألف شخص في وقت واحد ويتربع على مساحة مقدرة بثلاثة آلاف متر.
ومن الجهة الخلفية لشاطئ الأمواج، وجدنا عمالا صينيين يقومون بالعمل داخل غرفة كبيرة بنيت بالخرسانة السميكة، وفي داخلها توجد محركات ضخمة وآليات ستركب من أجل إحداث الأمواج عن طريق ثقوب سفلية في أقصى جزء من المسبح. وأضاف لنا صاحب المشروع بأن هذه الآليات تحتوى على فِلترات لتصفية المياه وتنقيتها من أي شوائب قد تعلق بها، من أكبر الأشياء إلى الشّعيرات الصغيرة، فـ”نقاوة المياه من النقاط التي ستكون لها الأولوية في الحديقة”، كما أكد محدثنا.
180 مليار سنتيم كلفة المشروع
أما على الجهة العلوية، فتجري أشغال إنجاز مسبح خاص بالأطفال الصغار، حيث أوضح لنا نفس المصدر بأنه يستوعب 600 طفل في آن واحد، كما خصص مسبحا آخر للعائلات فقط، في حين سينجز في أقصى زاوية من الحديقة حوض للأشخاص الباحثين عن الراحة، وهناك يمكن للزوّار الحصول على لحظات من الصّفاء بعيدا عن الضّجيج. وقال صاحب المشروع أن الحديقة تضم 11 مسبحا و11 لعبة مائية مختلفة، بالإضافة إلى حظيرة لركن السيارات بسعة 1200 مركبة، في حين يتسع المكان لستة آلاف شخص.
وتتربع الحديقة على مساحة واسعة تقدر بأربعة هكتارات و8 آلاف متر مربع، كما أشار صاحبها إلى أنه يملك ما يقارب أربعة هكتارات أخرى على الجهة الخلفية من المكان، وينوي، مستقبلا، إنشاء حديقة تسلية فيها، في حين أكد لنا بأن قيمة مشروع الحديقة المائية تقدر بـ 180 مليار سنتيم.
وأضاف المستثمر بأن أشغال الإنجاز وصلت إلى نسبة متقدمة، حيث تجاوزت السبعين بالمائة، بعد أن انطلقت في شهر أكتوبر من السنة الماضية، بينما استهلكت تهيئة الأرضية وحدها سبعة أشهر. وقد عبر  المستثمر  عن الوضعية التي وجد فيها أرضية المشروع بالقول “لقد كانت جبلا واستغرق منا تحويلها إلى ما هي عليه وقتا طويلا وإمكانيات كبيرة”. وأضاف محدثنا بأن الصينيين الذين استعان بهم يعملون على مدار الساعة لإنهاء الأشغال.
ولاحظنا خلال تواجدنا بالمكان بأن الأرضية ليست في نفس مستوى الارتفاع، حيث تبدو مائلة، فسألنا صاحب المشروع، الذي أخبرنا بأنه تعمد أن تكون على هذا الشكل حتى يكون زوار الحديقة على موعد مع مشهد جميل عند الوصول إلى أعلى نقطة فيها، وهو الموقع الذي ستنجز فيه كافيتيريا يستريح فيها زوار المنتجع ويمكنهم من خلاله الحصول على مشهد بانورامي لكامل الحديقة المائية والألعاب الموجودة فيها.
ونبّه نفس المصدر بأنه يوفر لزوار الحديقة مركبات صغيرة تكون مهمة سائقيها نقل المواطنين داخل الحديقة، بسبب كبر مساحتها، مضيفا بأن الركوب على متنها سيكون اختياريا للأشخاص الراغبين في ذلك، خصوصا كبار السن والمرضى أو من الأشخاص العاديين أيضا.

لعبة “ التورنادو “ تكلف عشرة ملايير
ورأينا العمال الصينيين يعملون على بعض الألعاب التي جرى تنصيبها، مثل لوح تزحلق ضخم يرتفع عن الأرض بما يوازي عدة طوابق، حيث يتوجب الصعود إلى نقطة الدخول إليه المرور عبر سلالم ضخمة، وبعد القفز يتزحلق الإنسان إلى النقطة المقابلة فيه، ليعود بعد ذلك إلى مسار مائي ينتهي إلى حوض سباحة صغير، وأخبرنا المستثمر بأن هذه اللعبة غير موجودة في مكان آخر من الجزائر وبأنه أول من سينصبها في قسنطينة، كما من المرتقب نصب أفعوانية ضخمة يصل علوها إلى 14  مترا بينما يبلغ طولها 130 مترا.
وقال نفس المصدر إنه سيستورد لعبة مائية ضخمة تسمى بـ”التورنادو”، مشيرا إلى أنها موجودة في بعض الحدائق المائية بدبي وشرم الشيخ فقط، كما أن تكلفتها تقدر بعشرة ملايير سنتيم. وقد نصّب العمال مجموعة من الألعاب الأخرى، على غرار لعبة على شكل أنبوب حلزوني يدخل فيها الأطفال ليخرجوا داخل حوض مائي عند نهايتها، بعد أن يكونوا قد استمتعوا بعدة التفافات مدفوعين بقوة المياه.
الدّخول مجاني للرضع و 800 حصة تجريبية قبل الفتح
وصرح لنا صاحب الحديقة المائية “أميرة لاند”، بأن تسعيرة الدخول إلى المكان ستكون في المتناول ولن تتجاوز ما هو معمول به في باقي المنتجعات المشابهة لها، لكنه شدد على أن الدخول سيكون مجانيا للأطفال الذين تقل أعمارهم عن عامين وللأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 65 سنة، موضحا بأنه سيضمن توفير الجو الملائم للعائلات التي تقصده للاستجمام وقضاء أوقات ممتعة.
وقال نفس المصدر إن المشروع سيوفر مناصب شغل لعشرات العائلات من أحياء الوحدة الجوارية 14 القريبين من الحديقة، مشيرا إلى أنه من المحتمل أن يفتتح مع بداية موسم الاصطياف للسنة القادمة، لكنه نبّه بأن الأمر قد يتأخر بعض الشيء أيضا بسبب الإجراءات الإدارية الواجب اتخاذها، لأن الحديقة يجب أن تكون مضمونة مائة بالمائة من ناحية السلامة وأمن الزوار، على حد قوله، فضلا عن أنّ الحصص التجريبية لن تقل عن 800 حصّة قبل فتحها أمام المواطنين.
وأخبرنا نفس المصدر بأنه يبحث عن الماء من أجل تدعيم المشروع، حيث قال إنه يسعى إلى إنجاز نقب، لكنه لم يعثر على المياه الجوفية إلى حد الساعة رغم أنه حفر عميقا في الأرض، في حين أكد  لنا بأن ذلك لن يمثل مشكلة بالنسبة إليه، لأنه قادر على بناء خزان مائي ضخم، يُملأ مرة واحدة وبواسطة نظام التصفية الموجود في الحديقة، سيكون قادرا على استعماله لفترة طويلة.
وتعتبر ولاية قسنطينة متأخرة في هذا النوع من حدائق التسلية والمنتجعات مقارنة بولايات أخرى أقل منها من ناحية الكثافة السكانية والقدرات المالية، فقد أنجز مستثمرون مشاريع مماثلة في ولايات أخرى، على غرار بسكرة وأم البواقي خلال السنتين الأخيرتين وهي حيز الخدمة في الوقت الحالي.
وقد أشار المستثمر عمر مرداسي إلى أن حديقته ستكون إضافة إلى مدينة قسنطينة، كما أنها ستستقطب مواطنين من الولاية ومن الولايات الأخرى لكبر حجمها واحتوائها على مزايا عديدة ومختلفة، كما أنها أكبر من الحدائق المائية التي أنجزت في مناطق أخرى. غادرنا المكان تاركين خلفنا فريق العمال الصينيين يواصلون نشاطهم داخل الورشة، في وقت كان فيه المستثمر يؤكد بأنها ستكون “تُحفة” يوم افتتاحها.                    
س.ح

الرجوع إلى الأعلى