ضغط و شجارات يومية و إغماءات بالجملة وسط الموظفات!
• 84 عاملا لتلبية احتياجات نصف مليون نسمة
تعيش مندوبية علي منجلي حالة كارثية، فرضها الضغط المتزايد على مصالحها في مدينة تُصنف بكونها الأضخم بولاية قسنطينة، فقد تحول هذا الفرع البلدي من مكان مخصص لاستخراج وثائق الحالة المدنية، إلى مبنى تسوده الفوضى و يشهد على مختلف السلوكات غير الأخلاقية، التي تضع الموظفين كل يوم في حرج و تجعلهم يدخلون في مناوشات لا تتوقف مع المواطنين، و هي كلها مشاهد رصدتها النصر في هذا الروبورتاج.
عند وصولنا إلى المجمع الإداري الذي يضم المندوبية، لاحظنا أمام المدخل شابا كان يطالب المواطنين بدفع أموال مقابل ركن سياراتهم في الداخل، ولما استفسرنا عن الأمر علمنا أنه يمارس هذا النشاط غير القانوني منذ سنوات، فأثناء مراقبتنا للعملية لبرهة من الزمن، شاهدنا العديد من المواطنين وهم يدخلون في صراعات لفظية معه، وهنا تأكدنا أن ما خفي أعظم داخل هذا المبني الذي يضم إدارات أخرى، منها المندوبية البلدية.
واصلنا طريقنا نحو المندوبية التي تغطي احتياجات قرابة مليوني نسمة، حيث كانت عامرة بالشباب الذين يقفون بجانب الجدران إلى أن يغلق المرفق أبوابه وكأن المكان تحول لمنطقة وقوف ومراقبة المارة، و منهن الفتيات  اللواتي يتعرض بعضهن للمضايقات. تقدمنا بعدها نحو الباب الرئيسي لنتفاجأ بالعدد الكبير من المواطنين داخل المندوبية منذ الدقائق الأولى لفتحها، حيث وقفنا بأحد الأماكن لنكون شاهدين على كيفية سير التعاملات والأمور التي تحدث داخل هذا المقر العمومي.
مكان مُحرَّم على العائلات و شتائم لا تتوقف!
صراخ و كلمات نابية تسمعها هنا وهناك، تجعلك لا يمكن أن تعلم ما الذي يحدث في نفس الوقت لأن الشتائم تُطلَق من كل مكان.. سمعنا صراخ فتاة فاقتربنا لمعرفة ما يحدث، لنصاب بالدهشة لسماعنا شتائم تلك الفتاة و هي توجهها لإحدى العاملات،  و لحظات من بعدها، بدأ شجار آخر بين أحد الشبان و موظفة، كاد يتحول إلى اعتداء جسدي لولا تدخل بعض العقلاء من المواطنين، ليصل مندوب علي منجلي 1 السيد بسول نور الدين، الذي هدده برفع شكوى ضده لدى مصالح الأمن، ما جعل الشاب ينصرف.
و قد أخبرنا المندوب بأنه لا يتم رفع شكوى ضد المعتدين لفظيا على الموظفين، لأن مصالح الأمن تشترط أن يكون ذلك شخصيا أي باسم الضحية وليس خاصا بالبلدية، وهو ما جعل العديد من الموظفات يرفضن الدخول في متاهات المحاكم خوفا على سمعتهن، بعدها اغتنمنا فرصة تواجد بعض المواطنين لسؤالهم عن الأحداث التي تحصل في البلدية، فردوا بأنه ممنوع عليهم التواجد بهذا المكان رفقة عائلاتهم نظرا للشتائم والكلمات غير الأخلاقية التي تطلق هنا وهناك، حيث ذكر أحدهم أنه جاء في مرة من المرات لأخذ صور خاصة باستخراج جواز السفر رفقة عائلته، لكنه لم يتمكن من البقاء بجانبهم، نظرا للتصرفات التي تحدث، و التي أجبرته على البقاء بعيدا لغاية وصول دورهم.
قِبلة للنشّالين و النساء أولى الضحايا!
كما أكد لنا مواطنون أن الطوابير الخاصة باستخراج شهادة الميلاد، تعرف العديد من التجاوزات، مقدما مثالا بنشل إحدى الفتيات من طرف شاب كان يتظاهر بأنه ينتظر تحضير وثيقته، كما تتعرض النساء في نفس المكان إلى تهديدات من بعض المنحرفين وتٌسجل أيضا سلوكات غير أخلاقية.
توجهنا بعد ذلك نحو مكتب المندوب لمعرفة رأيه فيما يحدث داخل هذا المرفق العمومي، فاستقبلنا بحفاوة و بدأنا في تبادل أطراف الحديث معه، لكن فجأة، لاحظنا بعض الشباب من أمام نوافذ المكتب يدخنون ما يبدو أنه لفائف من المخدرات، سألناه عما يحدث ففتح لنا الباب الخلفي لنشاهد عددا كبيرا من الشباب و الفتيات الذين جعلوا من حديقة المركب الإداري مكانا للالتقاء.
نقص في أعوان الحراسة
أمام هذا المشهد الغريب، وجهنا تساؤلنا للسيد بسول عن دور أعوان الأمن سواء الخاصين بالمجمع الإداري أو التابعين للمندوبية، فرد أنه يملك 4 أعوان أمن فقط لتسيير كل مشاكل المندوبية، لأن عملية فتح مناصب الشغل مجمدة حاليا ولا يمكن توظيف آخرين جدد في الوقت الراهن، مضيفا أن الأعوان يتعرضون للاعتداء يوميا من طرف المنحرفين، أما المجمع الإداري فلا يتوفر، حسب تأكيد محدثنا، على أي رجال حراسة، مضيفا أن بعض الموظفات يتلقين تهديدات من طرف المواطنين الذين ينتظرونهن أمام مخرج المندوبية.
كنا بصدد محاورة السيد بسول وإذ بالباب يفتح من طرف أحد الموظفين، وسط صراخ من الموظفات، ليهرع المندوب إلى الخارج ويتجه نحو أحد المكاتب، تبعناه لمعرفة ما يحصل، لنشهد على إغماء إحدى الموظفات، الذي علمنا أن سببه الضغط المتزايد على العمال، ما يجعل من حدوث مثل هذه الأمور أمرا يتكرر يوميا، حيث أكد لنا المسؤول أن العديد من الموظفات يرفضن مواصلة العمل، ليضطر إلى إقناعهن بالعودة.
أكثر من 5 آلاف وثيقة تُستخرَج يوميا
بعد مشاهدتنا ما يحصل طلبنا من المسؤول أن يمنحنا أرقاما تخص ما يستخرجه المواطنون من هذه المندوبية، انتظرنا قليلا لنعرف أن المندوبية تعرف توافد حوالي 3 آلاف مواطن يوميا لاستصدار مختلف الوثائق، بل أن العدد وصل في أيام الدخول الاجتماعي، إلى 5 آلاف طالب للوثائق، ما بين شهادات الميلاد و الإقامة وغيرها، كما يتم استخراج حوالي 60 رخصة سياقة يوميا و كذلك البطاقات الرمادية في نفس اليوم الذي يتم فيه إيداع الملف الخاص بها.
تقربنا من بعض المواطنين لمعرفة آرائهم في الخدمات المقدمة من طرف المندوبية، حيث بدا بعضهم راض بينما كانت مجموعة أخرى ساخطة، فقد أوضح أحدهم أنه يصاب بالإحباط عندما يكون مجبرا على استخراج بعض الوثائق من المندوبية، بسبب الاكتظاظ الكبير وضعف الخدمات، فيما قال آخر إنه و رغم العدد الكبير من المواطنين الذين يقصدون المرفق، إلا أنه يجد سهولة كبيرة في استخراج البطاقات الرمادية الخاصة بالسيارات.
10 آلاف بطاقة بيومترية سُلِّمت منذ جانفي
أما في ما يخص الوثائق البيومترية التي يتم استخراجها من ذات المندوبية، فقد كان عدد جوازات السفر البيومترية 5254 وبطاقات التعريف الوطنية البيومترية 9689، دون احتساب الملفات التي تعالج حاليا، وهذا في الفترة الممتدة من 1 جانفي لغاية 25 سبتمبر من سنة 2018، أما العدد الإجمالي المسحوب منذ اعتماد جواز السفر البيومتري وبطاقة التعريف من نفس الصنف، فقد بلغ 35 ألفا منذ عام 2015، كما يتم استخراج شهادة ميلاد «خ 12» في نفس يوم طلبها.
كما أكد مندوبا علي منجلي 1 و3 أن فريقيهما قاما باستقبال ملفات التلاميذ المقبلين على شهادة التعليم المتوسط و البكالوريا هذا الموسم، من خلال التنقل لمختلف المؤسسات التربوية في مدينة علي منجلي، لتفادي قدوم أولياء التلاميذ المرتبطين بأعمالهم اليومية، حيث يحدد موعد لالتقاط الصور في المندوبية لتمنح البطاقات للمعنيين دون تسجيل أية أخطاء، فيما تم تجهيز حوالي 3000 بطاقة خاصة بتلاميذ المتوسط، و2000 للمقبلين على اجتياز امتحان شهادة البكالوريا، وهذا منذ اشتراط وزارة التربية الوطنية وثائق الهوية البيومترية من أجل اجتياز الامتحانات النهائية في طوري المتوسط و الثانوي.
عدم تجديد عقود العمال يؤزم الوضع
بعد الإطلاع على الكم الهائل من الوثائق التي يتم استخراجها من مندوبية علي منجلي، حاولنا معرفة عدد العمال الذين يشرفون على هذه العمليات، لكن إجابة المندوبين كانت صادمة، حيث أخبرونا أنه لا يتجاوز 84 عاملا بين المصلحة التقنية والحالة المدنية، كما أن 27 منهم يدخلون في إطار عقود ما قبل التشغيل، مضيفين أن تجميد المناصب حاليا يجبرهم على العمل بنفس العدد رغم النقص الكبير.
و أكد المصدر ذاته أن الجهات المعنية بالتوظيف ترفض تجديد عقود العمال المتعاقدين مع جهازي «أنام» و «داس»، ما يجبر المندوبية على التفريط في موظفين تكونوا بها لمدة لا تقل عن 6 سنوات، و بالتالي البحث عن آخرين جدد، وهو انشغال تم رفعه لوالي الولاية الذي تدخل لتوفير بعض العمال.
«فتح ملحقات جديدة لم يخفف الضغط»
سألنا مندوب علي منجلي 3 عن سبب الضغوطات الكبيرة على هذه المندوبية رغم فتح مندوبيتين إحداهما في الوحدة الجوارية 1 والأخرى بالوحدة 18، إضافة إلى بدء استغلال ملحقة بالوحدة 20، فردّ أن تلك المندوبيات تعرف أيضا نقصا حادا في العمال، ولم تخفف الضغط أبدا، وذلك بسبب تموقع المندوبية الرئيسية بجانب العديد من المجمعات الإدارية على غرار مديرية المياه، وسونلغاز والمستشفى وغيرها.
و أضاف محدثنا أن الحل يكمن في تغيير مكان المندوبية إلى إحدى المساحات المتاحة، مذكرا أن بلدية الخروب لا تملك المكان بل تكتريه مثل بقية المؤسسات الموجودة على مستوى المجمع الإداري ومنها مديرية التشغيل، والضمان الاجتماعي.

بسّول نور الدين مندوب علي منجلي 1

لا يمكــن مسايــرة التـرحيــلات بالإمكانـــات المتاحـــة
أكد نور الدين بسول مندوب علي منجلي 1 أن مصالحه تجد بعض الصعوبات في مسايرة سلسلة الترحيلات المستمرة على مستوى المدينة الجديدة، أمام الضغط المتزايد على المندوبية يوما بعد يوم.
و أضاف بسول أن عدد السكان في تزايد مستمر، يقابله تجميد في عدد العمال مع الاشتغال بنفس الإمكانات المتاحة دون تطويرها، لا من حيث الكم ولا من ناحية النوع، ما يجعل الأمور أكثر تعقيدا في ما يخص العمل الميداني مثل تهيئة الطرقات، ونظافة الأحياء وإنارتها، إلى النشاط داخل المندوبية من توفير مختلف الوثائق التي يطلبها المواطن.
و تعهد المندوب ببذل مجهودات إضافية من أجل وضع المواطن في أريحية، مؤكدا أن هدفه وبقية المندوبين، يبقى تغيير وجه المدينة الجديدة علي منجلي، رغم اعترافه ببعض النقائص التي وعد بمعالجتها في المستقبل القريب.

فرّاح عزيز مندوب علي منجلي 3

نعمل في الميدان لتغطية النقائص
قال السيد عزيز فراح مندوب علي منجلي 3، إن عمل المندوبين لا يقتصر على ضمان الوثائق التي يطلبها المواطن داخل مصالح الحالة المدنية، بل يشمل فريقا بكامله ينزل إلى الميدان من أجل تغطية النقائص التي تشهدها معظم أحياء علي منجلي.
و ذكر السيد فراح أن مصالحه تعاني من ضغط كبير، نتيجة الإقبال الكبير عليها من طرف المواطنين يوميا، في وقت تعرف المندوبية نقصا حادا في عدد العمال، حيث يتم تكوين العديد من الشبان لاكتساب الخبرة والعمل بها، ولكن يتم التوقف عن الاستعانة بهم، بعد نهاية عقودهم، مما يضطر المندوبية إلى البحث عن موظفين جدد في كل مرة، أما عن الضغط المتزايد من طرف السكان على هذا المرفق، فقد أكد المنتخب أن تموقعها بالقرب من المجمعات الإدارية يجعلها المقصد رقم واحد بالنسبة للمواطن.

طرودي فيصل مندوب علي منجلي 4

العراقيل و الانتماءات الحزبية لن تمنعنا من خدمة السكان
أكد طرودي فيصل مندوب علي منجلي 4 أنه وبقية المندوبين يعملون لهدف واحد هو خدمة المدينة الجديدة وسكانها، مضيفا أن كلا منهم ينتمي إلى حزب سياسي مختلف ولكن مصلحة علي منحلي جعلت منهم يخلعون قبعة الأحزاب.
و ذكر المندوب أن مصالحه تسعى إلى منح الإضافة إلى هذه المدينة الكبيرة، والتي تعتبر قطبا سكانيا بامتياز، داعيا المواطنين للتحلي بروح المسؤولية ومساعدة السلطات المحلية في مختلف النشاطات التي تقوم بها، وخاصة مبادرات تنظيف الأحياء، لتكون علي منجلي مثالا يقتدى به من طرف بقية المناطق على المستويين المحلي و الوطني، ليؤكد في الأخير أنه وبقية المندوبين، يبذلون كل ما في وسعهم من أجل نيل رضا الجميع وذلك منذ انتخابهم من طرف المواطنين.       ح.ب

روبورتـــاج: حاتم/ب

الرجوع إلى الأعلى