تختزن ولاية قالمة كنوزا ثمينة من الآثار القديمة التي تؤرخ لحقب زمنية بعيدة تعود إلى ما قبل فجر التاريخ، فقد تعاقبت عليها حضارات كثيرة تركت آثارها المادية و العقائدية بالمنطقة، و مازالت بعض شواهدها ماثلة للعيان فوق سطح الأرض، بينما تبقى كنوز أخرى و أسرار دفينة تحت الأرض، تنتظر من ينقب عنها و يخرجها من تحت الردوم المتراكمة فوقها منذ أمد بعيد، لتظل هذه المنطقة الكنز عرضة لعمليات نهب، حيث قطعت عصابات رؤوس عدة تحف سيما بالمسبح الروماني فيما تبقى أخرى عرضة للإهمال.
إعداد: فريد.غ
تعد قالمة واحدة من أغنى المناطق الأثرية بالجزائر، فأينما وليت وجهك فثمة إرث الإنسانية القديم، يروي قصص من عاشوا قبلنا هنا و بنوا حضارة عريقة لم تستطع عوامل الطبيعة و الزمن، و يد البشر الهدامة، أن تمحوها من الوجود، و يقول الباحثون و خبراء الآثار بأن قالمة متحف أثري مفتوح مازال يحتفظ بالكثير من الأسرار الدفينة تحت الأرض، و بين فترة و أخرى تنكشف بعض هذه الكنوز المثيرة بعمليات حفر بسيطة لبناء مشروع اقتصادي و اجتماعي، و باستثناء هذه الحفريات الصدفية فإن إرث الإنسانية القديم مازال خفيا ينتظر من يخرجه من المدافن المنسية إلى الوجود.   
النصر غاصت في عمق المتحف الأثري الكبير، و سلطت الضوء على واقع قطاع الآثار القديمة بقالمة، و المخاطر التي تواجه هذا الإرث الإنساني و الحضاري النادر، و دوره في تطوير البحث العلمي، و دعم قطاع السياحة و الاقتصاد المحلي، حيث لم تعد الآثار القديمة مجرد مواقع و تحف للزيارة و العرض، بل أصبحت موردا منتجا للثروة و الوظائف، و ثقافة و بحوث ثرية، و مقصدا للسياح من كل أصقاع العالم.   
مديرة دائرة الآثار بقالمة  
 حماية الممتلكات و استقطاب السياح مهمتنا الأولى
التقينا بمديرة دائرة الآثار بقالمة جافي أمينة المتطلعة إلى مستقبل جديد قد يحول قالمة إلى قطب أثري و سياحي كبير، حيث تحدثت عن واقع الآثار بقالمة، و التحديات التي تواجه المواقع الأثرية المنتشرة في الطبيعة، و شبكات الآثار التي ألحقت خسائر كبيرة بالتحف النادرة، عندما عمت الفوضى منتصف التسعينات، و امتدت اليد الهدامة إلى الإرث الإنساني بالنهب و التحطيم.  
تقود أمينة جافي فريقا يتكون من مهندسين متخصصين في الآثار، و حراس المواقع، و مجموعة دليل السياح، و موظفين مهتمين بالجرد و المالية و الإدارة، فريق يعمل بتناسق كبير كأنه رجل واحد من أجل حماية الممتلكات الأثرية، و ترميمها، و تحويلها إلى مورد اقتصادي و سياحي ثمين يدعم جهود التنمية المحلية، لان قطاع الآثار أصبح اليوم مصدرا للثروة و الوظائف، و لم يعد مهملا و بدون جدوى كما كان خلال السنوات الماضية.  
تقول أمينة جافي بأن دائرة الآثار بقالمة قد تأسست بعد دائرتي العاصمة و قسنطينة، مما يدل على الأهمية الكبيرة لولاية قالمة في مجال التاريخ و الآثار و الحضارات القديمة، فهي بحق متحف  عملاق  مفتوح على الطبيعة، توجد به  عشرات المواقع الأثرية بينها 11 موقعا مصنفا و محميا، أهمها المسرح الروماني العريق الذي يعود تاريخه إلى نهاية القرن الثاني بعد الميلاد، المقبرة الميغاليتية بالركنية، مدينة تيبيليس الرومانية بسلاوة عنونة، المسبح الروماني بحمام برادع، صور الثكنة القديمة، الحمامات الرومانية بمدينة قالمة، و غيرها من المواقع الأخرى المكتشفة و غير المكتشفة حتى الآن، و مازالت الحفريات الخاصة بالمشاريع المختلفة تفاجئ الباحثين بمزيد من المواقع المخفية تحت الأرض بقلعة بوصبع، حمام دباغ، و غيرها من المناطق الأخرى التي مرت عليها الحضارات العريقة و الشعوب القديمة التي عمرت إقليم قالمة منذ فجر التاريخ.  
المسرح الروماني.. كنوز نادرة  و هندسة متفردة    
يعد المسرح الروماني بقالمة تحفة هندسية متفردة، أبدعت فيها يد الإنسان قبل أكثر من 1800 عام، لم تنل منه عوامل الطبيعة و الزمن، وبقي شامخا يروي تاريخ البشرية القديم، و الحافل بالإنجازات المعمارية، و المعتقدات الدينية و التميز الفكري و الحضاري.
النصرغاصت في قلب القلعة الرومانية الحصينة و كانت مديرة دائرة الآثار دليلنا، و في كل محطة و موقع من مواقع المسرح الكبير كانت أمينة المتخصصة في علوم الآثار القديمة تتحدث بإسهاب عن كل قطعة أثرية و عن كل قسم من أقسام المسرح، و تاريخه البعيد، مؤكدة بأن دائرتها الأثرية تعد من أغنى الدوائر المتواجدة بنحو 32 ولاية عبر الوطن، لما تتوفر عليه من إرث تاريخي و أثري هائل

مازال مفتوحا على مزيد من الاكتشافات و المفاجآت.   
يعود تاريخ بناء المسرح الروماني، و الذي يحتضن مقر دائرة الآثار بقالمة، بين سنتي 198 و 211 ميلادي في عهد الإمبراطور الروماني " سبيتم سيفر"، و هو عبارة عن حفرة طبيعية بشكل نصف دائري، سويت جوانبها، و غطيت بالمرمر، و الحجارة المصقولة المنحوتة لجعلها مقاعد في نظام هندسي دقيق، شكل ما يعرف بالمدرج المحاط بجدار سميك مرتفع، به أبواب و كوات فيها تماثيل مختلفة الأحجام و الأشكال.  
و قد قامت سيدة رومانية ثرية تدعى "آنية أليار" بتمويل المشروع الكبير من مالها الخاص، و قدرت تكلفتها بنحو 400 ألف سيستار، و هي عملة رومانية لها قيمتها الكبيرة من القطع الذهبية الثمينة.  
و يتسع المسرح لأكثر من 3200 متفرج، و يتكون من عدة أقسام أهمها المدرج الكبير و الأوركسترا، و الخشبة، بالإضافة إلى عدة أجنحة بينها السطح المعمد، و السلم الحجري، و الخشبة.  
تم تصنيف المسرح الروماني بقالمة سنة 1900 من طرف الإدارة الاستعمارية، و سنة 1968 من طرف الدولة الجزائرية المستقلة، و حسب مديرة دائرة الآثار أمينة جافي فإن عملية الترميم التي خضع لها المسرح من طرف رئيس بلدية قالمة سنة 1904 قد حالت دون إدراج المسرح الروماني بقالمة ضمن قائمة التراث العالمي، لكن مكانته الوطنية و العالمية مازالت تفرض نفسها على قائمة الإرث الإنساني المادي القديم، و هو يعتبر اليوم ثاني أهم مسرح روماني في العالم بعد مسرح روما.  
و يعد المسرح بمثابة متحف كبير يضم في أقسامه المختلفة قطعا نقدية و تحفا أثرية ثمينة، و قطعا من مختلف الحضارات المتعاقبة على المنطقة بينها الحضارة  الفينيقية، النوميدية، وصولا إلى الوندال، و البيزنطيين، ثم العصر الحديث.  
جهود لجلب السياح و تحويله إلى قطب سياحي كبير  

تعمل دائرة الآثار بقالمة على عدة جبهات مهمة، بينها حماية الممتلكات الأثرية و مواجهة الاعتداءات التي تتعرض لها المواقع المصنفة، و متابعة مشاريع الترميم و التهيئة، لكن المهمة الأكبر حسب أمينة جافي هي التعريف بقطاع الآثار بقالمة و الترويج له، و تحويله إلى قطاع منتج للثروة و الوظائف، و ذلك من خلال استقطاب السياح من داخل الوطن و من الخارج، و البعثات العلمية، و الطلبة و التلاميذ، و الوفود الرسمية التي تزور قالمة.  
ومنذ 2007 أصبحت دائرة الآثار بقالمة تتمتع بالاستقلالية في التسيير تحت صفة المؤسسة الاقتصادية العمومية ذات الطابع التجاري "إيبيك"، و أصبحت تعمل على خارطة طريق واعدة لتحقيق مداخيل مالية من خلال حقوق الدخول الرمزية للمواقع المصنفة، و في مقدمتها المسرح الروماني، تيبيليس و الحديقة الأثرية "كالاما".  
و قد زار المسرح الروماني بقالمة أكثر من 15 ألف سائح في النصف الأول من سنة 2018، بينهم نحو 400 سائح أجنبي من أمريكا، روسيا، ألمانيا، فرنسا، الصين، السويد، تونس، سوريا، إيطاليا، الصحراء الغربية، تشيكوسلوفاكيا، نيجيريا و بريطانيا و اليابان و أوكرانيا.  
و تعد أشهر فيفري، مارس، أفريل و ماي الأكثر استقطابا للسياح الجزائريين و الأجانب، حيث تمتاز هذه الفترة من السنة بجمال الطبيعة بقالمة، و اعتدال المناخ، و انتعاش الحركة الاقتصادية و الثقافية بالمنطقة.  
حديقة «كالاما» الأثرية...بقايا حضارات عريقة بقلب قالمة  
و إلى جانب المسرح الروماني تعول دائرة الآثار كثيرا على الحديقة الأثرية "كالاما" وسط المدينة، لجلب السياح و إعطاء دفع قوي لقطاع الآثار القديمة، و تحويله إلى مورد اقتصادي هام، بعد ان ظل عرضة للإهمال و التخريب و النهب سنوات طويلة.  
و تقع الحديقة التاريخية الجميلة بقلب قالمة القديمة، بمحاذاة المسرح الروماني، و هي تمثل واجهته الخلفية، و تعطيه عمقا جغرافيا مهما، يفتح آفاقا واسعة أمام السياح و يدفع بهم إلى الغوص أكثر وسط مزيد من المواقع الأثرية الأخرى، كالسور البيزنطي، والحمامات الرومانية، و حديقة الثكنة و المسجد العتيق، و شارع عنونة و غيرها من المواقع التاريخية الأخرى التي جعلت من مدينة قالمة متحفا ثريا يغري الزائر المتعطش للاكتشاف، والتمتع بروائع الإبداع البشري على مر العصور.  
و تتكون الحديقة الأثرية من 5 أروقة بينها رواقان رئيسيان هما رواق قالمة، و رواق مداوروش، و في كل رواق قطع أثرية خاصة به، منها أنصاب، تيجان، الأعمدة و قواعدها، توابيت، تماثيل، إفريز، و بقايا قنوات نقل المياه، طاولات حجرية، و منقوشات بونية، و كلها قطع من الرخام الأبيض و الوردي و الحجارة الكلسية.  
و قد تم تدشين الحديقة من طرف رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في جوان 2003، و تحولت في ما بعد إلى ما يشبه المتحف المفتوح يضم قطعا أثرية تم جلبها من مناطق أثرية بخميسة و مادور بسوق أهراس، و قالمة و تيبيليس و عين نشمة ببلدية بن جراح.  
المتجول بالحديقة الهادئة يمكنه رؤية التحف الأثرية القديمة، و يستمتع بإبداع هندسي راق خلد الفكر البشري منذ آلاف السنين، و لم تنل منه عوامل الطبيعة و الزمن، لكن يد الإنسان امتدت إليه بسوء و كادت أن تدمر إرثا حضاريا عريقا في زمن الفوضى، و الإهمال الذي طال المواقع الأثرية بالجزائر.  
و تقوم فرق متخصصة بالإشراف على الحديقة الأثرية من حيث الصيانة و الحراسة، و تنظيم عمليات الدخول إليها، و مرافقة السياح و تقديم الشروح اللازمة لهم، بخصوص التحف و الحقب الزمنية التي تنتمي إليها.
  ويزور السياح الجزائريون و الأجانب الحديقة باستمرار، لما لها من أهمية كبيرة و خاصة بالنسبة للطلبة و الباحثين في شؤون الحضارات القديمة و الإرث الإنساني الذي يعود إلى ما قبل  فجر التاريخ.

مدينة تيبيليس  ..حصن منيع عمره أكثر من 2000 سنة  
تعد مدينة تيبيليس الرومانية ببلدية سلاوة عنونة غربي قالمة واحدة من بين أهم المواقع الأثرية بالمنطقة، و يمكن للزائر ان يدخل من أبوابها الشهيرة، و يشاهد و يلمس بيديه أسوار المدينة، و أعمدتها و قصورها، و يمشي في ساحاتها الواسعة، و طرقاتها المعبدة بالحجارة المصقولة، و يقف على آثار معابدها، و يسترجع حقبة زمنية بعيدة عمرها أكثر من ألفي عام. 
تقول أمينة جافي مديرة دائرة الآثار بقالمة بأن مشروعا هاما قد تم تسجيله للمحافظة على هذا الإرث التاريخي العظيم، و تحويل تيبيليس إلى منطقة جذب للسياح و الباحثين و الطلبة، مؤكدة بأن ما يظهر من المدينة اليوم هو الجزء القليل منها فقط، أما الأسرار الأخرى فإنها بلا شك مازالت مدفونة تحت الأرض، و تحتاج إلى جهد و عمل منظم للكشف عنها، و إخراجها من تحت الأنقاض على دائرة الضوء.    
و قد تم تنصيب فريق حراسة بالموقع الأثري المتربع على مساحة تقارب 40 هكتارا، و أصبح الدخول إلى تيبيليس منظما و بسعر رمزي يضمن مزيدا من المداخيل المالية للدائرة الأثرية، التي تخوض تحديا كبيرا للربط بين الجدوى الاقتصادية للمواقع الأثرية، و السياحة و البحث العلمي، و مواجهة عصابات الآثار التي ألحقت خسائر كبيرة بالمواقع المصنفة بقالمة خلال السنوات الماضية.  
و توجد بمدينة تيبيليس 5 أبواب هي باب الكنيسة، باب النصر، الباب الشرقي، باب المدخل الرئيسي و باب حاكم المدينة.  
و ظلت المدينة الأثرية معزولة سنوات طويلة، لا يدخلها إلا الرعاة و عصابات الآثار، و بعد تعبيد الطريق المؤدي إليها، وإيصال خطوط الكهرباء، انتعشت السياحة بتيبيليس، و أصبحت قبلة لقوافل السياح و الباحثين، في انتظار مشاريع أخرى لتركيب نظام الطاقة الشمسية و إضاءة المكان، حتى يصبح لؤلؤة يمكن مشاهدتها ليلا من مسافة بعيدة، و خاصة من الطريق الوطني 20 المجاور.  
المقبرة الميغاليتية..  حياة ما بعد الموت  
وسط الكهوف و الصخور الكلسية العملاقة قرب بلدية الركنية شمالي قالمة، ينام أكثر من 300 ألف إنسان منذ أمد بعيد، عدد كبير من السكان القدامى دفنوا هنا داخل قبور عملاقة، كانوا يعتقدون بأنها تتسع لحياة ما بعد الموت، و تضمن لهم البقاء و الحماية وسط بيئة موحشة من الجبال الصخرية و الأودية السحيقة.  
إنها المقبرة الميغاليتية العملاقة التي تضم 300 ألف قبر جنائزي و 300 حانوت، و هي أكبر مقبرة ميغاليتية بشمال أفريقيا تعود لفترة ما قبل التاريخ، و وجد بها الباحثون هياكل عظمية و قطعا من الفخار و قطعا معدنية تدل على أن الإنسان القديم كان موهوبا و مبتكرا.   و كلمة ميغاليت معناها الصخر العملاق الذي يحيط بالقبر و يغطيه، و تدل هذه القبور الصخرية الكبيرة على قوة و شجاعة الإنسان القديم و تفانيه الكبير لبناء حياة ما بعد الموت، و إرضاء الآلهة.
و حسب الأخصائية في علم الآثار القديمة أمينة جافي فإن إنسان ما قبل التاريخ كان يعتقد بوجود حياة ما بعد الموت، ولذا فهو كان شديد الحرص على توفير أسباب الحياة من خلال القبور الحصينة، و الأغراض الثمينة التي ترافق الميت إلى قبره، و ظل هذا الاعتقاد سائدا عقودا طويلة من الزمن.  

و تعاني المقبرة الميغاليتية بالركنية من العزلة و انهيار الطريق المؤدي إليها، بالرغم من أهميتها الكبيرة من الناحية التاريخية و العلمية و السياحية.  
و يتوقع بعث مشاريع هامة في المستقبل لفك العزلة عن الموقع الأثري الهام، و وضع نظام حراسة له، و تحويله إلى قطب سياحي منتج للثروة و الوظائف لسكان المنطقة، الذين لم يتوقفوا عن المطالبة ببعث استثمارات مجدية بالمنطقة الأثرية المهملة.   
المسبح الروماني  .. تحفة تتحول إلى مستنقع  
يعد المسبح الروماني المتواجد بقرية حمام برادع شمال مدينة قالمة من بين أجمل المواقع الأثرية القديمة بالمنطقة، يتميز بهندسة متفردة، تتخذ الشكل الدائري المبني بالحجارة المصقولة بقطر يبلغ 35 مترا.  
و كان نبلاء الرومان يجلبون إليه المياه الساخنة من منبع حموي مجاور، و يسبحون و يستمتعون فيه بعد يوم العمل الشاق.  
و بالرغم من مرور آلاف السنين على بناء المسبح فإنه مازال إلى اليوم صامدا في وجه متغيرات الزمن رغم الإهمال الذي طاله، و حوله إلى مستنقع راكد تحيط به الحشائش البرية من كل مكان.  
و حسب مديرة دائرة الآثار بقالمة فإن المسبح الروماني سيعرف عمليات ترميم و تأهيل ستعيد له مكانته التاريخية و الفنية و العلمية، كواحد من أهم المواقع الأثرية المصنفة بالجزائر.  
و قد قامت بلدية هليوبوليس بتركيب نظام إنارة بالموقع، و أصبحت عائلات كثيرة تزوره ليلا للاستمتاع بجمال المكان، و الوقوف على واحدة من الإبداعات البشرية الضاربة في أعماق التاريخ.  
و يرى المهتمون بقطاع السياحة و الآثار بقالمة بأن المسبح الروماني سيكون له شأن كبير في المستقبل عندما تنتهي عملية الترميم و التأهيل، و يصبح مصدر استقطاب للسياح و الباحثين من داخل الوطن و من الخارج.  
اكتشافات بالصدفة في انتظار مشاريع بحث
مازالت حفريات البناء بقالمة تكشف لنا كل يوم عن خبايا الأرض من الكنوز الأثرية القديمة، و حسب أمينة جافي فإن هذه الحفريات التي تحدث عادة بالصدفة هي الوسيلة الوحيدة لاكتشاف المزيد من المواقع الأثرية بقالمة، في انتظار مشاريع بحث و تنقيب منظمة و مدروسة لاستكشاف مزيد من المواقع الأثرية و تثمينها، و إضافتها إلى قائمة التراث الوطني القديم الذي لم يعد مجرد تراث و آثار، بل أصبحت له قيمة اقتصادية سياحية و عملية، لا تقل أهمية عن باقي القطاعات الأخرى المنتجة للثروة و الوظائف.  
  و بالنظر إلى الكنز الأثري الكبير الذي تتوفر عليه ولاية قالمة، فقد أصبحت المواقع الأثرية فيها عرضة للاعتداءات، و العصابات المحلية، و شبكات الآثار العابرة للحدود، حيث سجلت عمليات سرقة و نهب كثيرة، طالت المواقع المصنفة و غير المصنفة على مدى السنوات الماضية، عصابات تقطع رؤوس التحف النادرة و تهربها إلى الخارج مع القطع النقدية و التماثيل الصغيرة.  
و يعد المسرح الروماني بمدينة قالمة الأكثر عرضة للسرقة و النهب، حيث قدرت عدد الرؤوس المسروقة منه سنة 1996 بنحو 12 رأسا ذا قيمة تاريخية و فنية كبيرة.  
و تعمل دائرة الآثار بقالمة على التصدي لهذه العصابات من خلال دعم نظام الحراسة، و تحديد المواقع بالتنسيق مع أملاك الدولة و إدارة مسح الأراضي، و جهات أخرى معنية بحماية الإرث الوطني الثمين.   
فريد.غ



الرجوع إلى الأعلى