عاد شهر رمضان دون أن يعيد معه صوت الآذان بعدة أحياء من المدينة القديمة بقسنطينة، بعد بقاء المساجد مغلقة للعام الخامس على التوالي نتيجة لأعمال ترميم لم تكتمل، حيث لم يجد السكان غير الحسرة للتعبير عن تأسفهم من الأمر، في وقت تتوقع فيه مديرية الشؤون الدينية استلام خمسة مساجد بعد حوالي أربعة أشهر.
روبورتاج : سامي حباطي
وانطلقنا في جولة عبر أحياء المدينة القديمة للاطلاع على وضعية المساجد الخاضعة للترميم، حيث كانت البداية من حي «ربعين شريف» الذي يوجد به مسجد قديم يحمل نفس الاسم. وقد وجدنا بوّابة المَسجد مغلقةً بعد أن اختفى شكل المسجد بسبب نزع السقف وتهديم جدران داخلية لولا المئذنة القائمة نحو السماء، في حين لاحظنا وجود نعوش على جانب البناء تحمل اسم المسجد. وتمكنا من الاطلاع على جزء من المشهد الداخلي عبر نافذة جانبية للمسجد، الذي ظهرت لبنات جدرانه الحجرية نتيجة نزع التلبيس في المراحل الأولى من عملية الترميم، فيما لا ينذر المشهد الداخلي بقرب موعد اكتمال عملية «إعادة الاعتبار» المستمرة منذ ما قبل تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية.
مساجد المدينة القديمة خزان للذكريات بالنسبة للسكان
وسعينا إلى الدخول إلى المسجد لكن دون جدوى، في وقت أكد لنا أحد المواطنين القاطنين بالحي أن المصلين يضطرون إلى التنقل إلى مساجد أخرى، ومنهم حتى من يتوجه إلى حي باب القنطرة من أجل أداء صلاة التراويح والجمعة، فيما يمثل «ربعين شريف» أكثر من مسجد بالنسبة إليهم، فهو يحمل الكثير من ذكريات الطفولة لعدة أجيال منهم، مثلما قالوا، فضلا عن أن سكانا قدماء كانوا يترددون على المكان للصلاة فيه رغم انتقالهم إلى مناطق سكنية أخرى قبل غلقه.
وقد عبر سكان الأحياء الأخرى التي شملتها جولتنا عبر المدينة القديمة عن نفس الأمر تقريبا في علاقتهم مع المساجد القديمة الخاضعة للترميم، ففي حي سوق العصر مر بنا شاب ونحن نقوم بالتقاط الصور لمسجد سيدي الكتاني المغلق أيضا جراء عملية الترميم، فبادرَنا بالحديث مؤكدا على أن السكان يحنّون إلى انبعاث صوت الآذان من هذا المسجد القديم، في حين قال سكان من حي رحبة الصوف أنهم متشوقون لأداء الصلاة في جامع سيدي لخضر، كما أشار أحد المارة توقف للحديث معنا، أنه أمضى طفولته في حي رحبة الصوف ثم رحل عنها منذ أكثر من ثلاثين سنة، لكنه ظل يعود إلى حيه القديم كلما وجد الفرصة لأداء الصلاة في الجامع المذكور. وقال سكان من رحبة الصوف أيضا أن زاوية «زنقة باش تارزي» المغلقة بغرض الترميم كانت المكان الذي تعلم كثير منهم فيه القرآن في صباهم، بينما توقف القائمون عليها عن ذلك خلال الثمانينيات. وأوضح أحد السكان أنه يتمنى أن تفتح مجددا ليتمكن أطفاله من الاستفادة من التلقين فيها مثلما فعل هو عندما كان صغيرا.
عمليات ترميم بوتيرة بطيئة
وتواصلت جولتنا عبر المساجد، حيث كان جامع سيدي لخضر التاريخي المحطة الثانية، وبلغناه من بوابته الجانبية التي يعلو جانبها الأيمن لوح رخامي دونت فيه معلومات عن حادثة الاعتداء اليهودي على المسجد في سنة 1934 بقيام أحدهم بالتبول على جداره، وما تبع ذلك من أحداث دموية جراء انتفاضة الجزائريين المسلمين على اليهود، فيما استطعنا الدخول إلى البناء بعدما تصادف حضورنا مع مجموعة من العمال التابعين للمؤسسة المشرفة على عملية الترميم، كانوا يهمون بالمغادرة «بعد يوم شاق من العمل»، بحسب ما أخبرونا به.
ورغم أننا لم نتمكن من التصوير من داخل المسجد، إلا أننا لاحظنا أن لبنات الجدران الداخلية ظاهرة بعد أن نزع تلبيسها، باستثناء الجدران الواقعة في المدخل على الجهة السفلى، في حين استعملت الخرسانة في فرش الأرضية التي تضم قبر الباي العثماني حسن بن حسين المعروف باسم «أبي حنك»، وهو من قام ببناء المسجد في القرن الثامن عشر بالإضافة إلى قبرين آخرين. أما على الجانب الأيمن من الأرضية التي حددت فيها القبور بألواح، أخبرنا العمال أن تحتها ترابًا ما يزال مكشوفا، فقد وضعت على جانب الشواهد والهياكل الرخامية المنقوشة بإتقان رغم سماكتها بحسب ما لاحظنا، فيما لم نتمكن من قراءة ما دوّن عليها لضيق المكان وقلة الإنارة.
ويبدو من مظهر الورشة أن عملية الترميم تسير بوتيرة بطيئة جدا، فقد انطلقت في سنة 2014، خلال التحضيرات لتظاهرة عاصمة الثقافة العربية وكان من المفترض أن تكتمل في السنة الموالية التي احتضنت فيها قسنطينة التظاهرة، لكن ذلك لم يحدث إلى غاية اليوم، في وقت أطلعنا فيه أحد الساكنين مقابل الجهة الخلفية من المسجد على جزء من الجدار الخلفي الذي يكاد يقع على رؤوس السكان، ما دفع إلى دعمه بألواح خشبية، كما حدثنا نفس المصدر عن الخوف اليومي الذي يعانيه القاطنون بالبناية من وقوع حجارة على رؤوس أطفالهم.
اكتظاظ بالمساجد المفتوحة لصلاة التراويح
وما يزال جامع سيدي لخضر محافظا على لون جدرانه الخارجية الخضراء ومئذنته المشرئبة إلى السماء والمطلة على المسالك الضيقة للأحياء المحيطة به على غرار الجزارين، رغم كل ما طاله من عوامل الزمن، في حين لاحظنا أن إحدى الدور الملاصقة لجهته الخلفية قد انهارت ولم تبق منها إلا كومة من الخراب. أما الطريق إلى زاوية «زنقة باش تارزي» فتتوسطه بناية نقشت على الإطار العلوي لبوابتها كتابة باللغة العربية لم نستطع تبين فحواها، في حين أخبرنا أحد السكان القدماء أنها منزل «بشتارزي» مرجحا أن تكون الكتابة مُحدِّدة لتاريخ بنائه. ورغم ما يحمله هذا المكان من تاريخ، فقد وجدنا بوابته مغلقة، كما كتبت عليها شعارات رياضية، على غرار عبارة «الموك» بالحروف اللاتينية، وغيرها من الكلمات. وقد وجدنا الزاوية الرحمانية، المسماة «جامع باش تارزي» في وضع مشابه، فرغم أنها ما زالت محافظة على مظهرها العام، إلا أنها مغلقة بداعي الترميم، في وقت يعاني فيه سكان الأحياء المحيطة بالمساجد المغلقة من الاكتظاظ في أماكن الصلاة المفتوحة على غرار مسجد سيدي ميمون ومسجد الباي الذي يقصده المُصلّون من مختلف أرجاء المدينة القديمة، لكن محدثينا أكدوا لنا أن المشكلة ليست مُسجّلة خارج شهر رمضان. وأكد مدير الشؤون الدينية والأوقاف لولاية قسنطينة أن مصالحه ستستلم كلا من مسجد سيدي لخضر وسيدي الكتاني وجامع باش تارزي والزاوية العليا والزاوية السفلى بعد حوالي أربعة أشهر، فيما يوضح لنا السكان أن أزمة غياب مساحات الصلاة قد خفّت مقارنة بما كانت عليه سابقا بعد إعادة فتح بعض المساجد التي كانت مغلقة على غرار الجامع الكبير بطريق جديدة. س.ح
ورشات الترميم تؤجل مرة أخرى الصلاة في مساجد قسنطينة المغلقة
- التفاصيل
-
أنجزها متخرجون وطلبة جامعيون بقسنطينة: ابتكـارات موجهـة للفلاحيـن والمرضى والمستثمريـن
ابتكر متخرجون وطلبة جامعيون بقسنطينة، مجموعة من الأجهزة الذكية الموجهة للفلاحين والمرضى والمستثمرين وأصحاب الفنادق والمصانع،...
قبضة حديدية لتنظيم البناء وحماية الطبيعة و المواطن: شرطة العمران بقسنطينة... ذراع أمنية متعددة الاختصاصات
تتصدى فرقة شرطة العمران وحماية البيئة بقسنطينة، لكل الأيادي التي تطال العمران وتمتد للمحيط البيئي وتخل بنظامه، وتعمل عناصرها على الحد من...
أنجز بمواصفات عصرية وتحول إلى قِبلة لآلاف التجار: سوق الجملة للخضر بوادي العثمانية يساهم في الوفرة واستقرار الأسعار
• 3 آلاف طن من المنتجات الفلاحية تدخل يوميا يستقطب السوق الجهوي للجملة للخضر والفواكه، ببلدية وادي العثمانية في ولاية ميلة،...
النصر ترافق فرقة رقابية في يوم رمضاني بخنشلة
مداهمــــات تكشــــف مشاهــد صادمــــــة بالمحلات وتسجيل تجاوزات خطيرةوقفت فرقة رقابية مشتركة، خلال مداهمات فجائية للمحلات التجارية ببلدية خنشلة، منها المختصة في صناعة الحلويات التقليدية و مخابز و قصابات...
النصر تقضي يوما مع سكان الشيقارة بأعالي ميلة
إنهاء الربط بسد بني هارون في سبتمبر والبناء الريفي يحيي أمل الاستقرار تراهن مصالح بلدية الشيقارة بولاية ميلة، على مشروع الربط بسد بني هارون، لإنهاء أزمة العطش التي عمرت لأشهر وقوضت أحلام...
تـأهـيل و ترميم حــي "الأقــواس"
مشروع ضخم لإعادة الاعتبار للوجه التاريخي لمدينة سكيكدة شُرع، قبل أشهر قليلة، في مشروع لإعادة تأهيل وترميم حي ديدوش مراد، المعروف بالأقواس، في مدينة سكيكدة، كواحد من أهم وأضخم المشاريع بالولاية، إذ يصنف...
توقُعُ احتضان آلاف السكنات ومشاريع تنموية في الأفق
معالم مدينة جديدة تتشكل في عين عبيد بقسنطينة تتجه بلدية عين عبيد بقسنطينة نحو تطور عمراني غير مسبوق، يرافقه تطور في البنية التحتية وتوسع كبير في الكتلة الحضرية والسكانية التي يتوقع أن تصل إلى 20 ألف...
تستقطب السياح من داخل وخارج الوطن
- تيديس - الأثرية.. عراقة التاريخ وسحر الطبيعة تحافظ مدينة «تيديس» الأثرية منذ عقود طويلة، على شموخ أعمدتها وحجارتها التي تحكي قصصا عن حضارة غابرة، لا تزال حقول بني حميدان الغناء تحتفظ برجع صدى تاريخها...
زاوية الهامل ببوسعادة: قلعة صانت الهوية و أشاعت العلوم و المعارف
تعتبر زاوية الهامل القاسمية المتواجدة في الولاية المنتدبة بوسعادة، من أهم الصروح الدينية والثقافية العريقة في الجزائر، التي ساهمت على...
انتعاش تجارة الصوف ودكاكين قديمة تعود للنشاط بقسنطينة
الموضــــة تُحيــي حـرفــــة الحيّــاكـــــــةأحيت الموضة حرفة الحياكة من جديد، و زادت الطلب على منتجاتها من مفروشات و قطع ديكور وملابس على وجه الخصوص، وهو ما أنعش تجارة الصوف وأعاد للدكاكين الصغيرة بوسط مدينة...
تخلّى عن الوظيفة ليحقّق حلمه
شـاب ينشـئ مؤسسـة تكويـن بجيجل أنشأ ابن جيجل، الشاب عبد المؤمن زيوط، مؤسسة خاصة للتكوين بمدينة الطاهير، قصد الاستثمار في طاقات شباب المنطقة، ومساعدتهم على تخطي عتبة البطالة في مرحلة لاحقة، بفضل ما يكتسبونه...
في دورة تعتبر الأولى من نوعها بقطاع التكوين
التحكم في تقنيات الإعلام الآلي.. حلم يحققه مكفوفون بجيجل احتضن، مركز التكوين المهني والتمهين الشهيد زيغة محمد بجيجل، دورة تكوينية حول قارئ الشاشة لفائدة فئة المكفوفين، في مبادرة تعتبر الأولى من نوعها...
مختصون يحذرون من تبعات جمع عشوائي لمواد قابلة للرسكلة
نبش حاويات القمامة مشكلة تهدد الصحة العمومية بقسنطينةأصبحت نقاط جمع القمامة على مستوى الأحياء السكنية تشكل هاجسا لدى السكان، بسبب نبش أشخاص الأكياس المرمية داخل الحاويات، لجمع المواد المعاد تدويرها، ما يؤدي...
يحافظ على طبيعته في زمن المراكز التجارية والمساحات الكبرى
السوق الأسبوعي بالخروب يقاوم رياح التغيير لا يزال السوق الأسبوعي ببلدية الخروب بقسنطينة يحافظ على مكانته كواحد من الأسواق التي تشهد إقبالا لا بأس به من قبل المواطنين والتجار على حدّ سواء،...
ليلة بخط السكة المنجمي المزدوج بلاد الحدبة عنابة: ســـواعد جزائريــة ترفع التحدي وتشرف على منشــآت عملاقـــة
يداهم الظلام سريعا قاعدة الحياة التي أقامتها شركة كوسيدار العملاقة بمنطقة جبلية شرقي قالمة، و يلتحق مهندس الجيولوجيا (ب. يعقوب) بمركز...
تنافس سلع تركيا والصين
معاطـف محليــة تلقـــــى رواجــــا في الســــوقحقّق المنتوج المحلي للمعاطف الشتوية النسائية المعروفة باسم «ترانش كوت»، رواجا واسعا، لدرجة بات يصعب التفريق بينها وبين المستوردة، حسب ما...
لتوحيد محتويات التعليم الأساسية وطنيا
ديوان المطبوعات الجامعية يخوض تجربة إصدار الكتب المرجعية يخوض ديوان المطبوعات الجامعية، في الفترة الأخيرة، تجربة إصدار الكتب المرجعية باعتبارها أداة أساسية في المسار التعليمي والتكويني للطالب، و وسيلة...
أجيـال من الجيـجلـيات توافـدن على ورشته
- خميسي -.. ثلاثون سنة في مرافقة العرائس يختص بن حجي بوخميس، المعروف محليا باسم خميسي، في تفصيل و خياطة اللباس التقليدي الرفيع و تحديدا لباس العروس أو « التصديرة»، ويعد الخياط الأشهر...
استثمارات ضخمة في غرس بساتين الفواكه بالطارف وعنابة
مردود وفيـــر في رمـــان منطقة سيدي جميل المصنــــف الأول وطنيـــــا تحولت سهول سيدي جميل بدائرة البسباس في الطارف، إلى قطب لإنتاج الرمان وتسويق الشتلات إلى مختلف الولايات وحتى لخارج الوطن،...
نادي الهندسة والتكنولوجيا والابتكار بمالك حداد
فضاء يعلّم الصغار البرمجة والاختراع ويصنع رواد المستقبل تدعّمت ورشات قصر الثقافة مالك حداد بقسنطينة، بفضاء تكنولوجي لتعليم البرمجة وتجسيد مشاريع ابتكارية، سُمي «نادي الهندسة والتكنولوجيا والابتكار...
<< < 1 > >> (1)