استعادت مدينة عين فكرون وهجها التجاري هذا العام بعد لجوء التجار إلى جلب ملابس تركية وعرضها بأسعار مغرية، مقارنة بما هو مطبق بولايات كبرى و مجاورة ، ما جعل الإقبال منذ بداية شهر رمضان وخاصة في العشر الأواخر، يتزايد،  مع حضور لافت للتونسيين .
روبورتاج وتصوير: أحمد ذيب
تشير المعطيات التي رصدناها في جولتنا الميدانية للمحلات التجارية بمدينة عين فكرون، إلى أن المدينة بدأت تستعيد بريقها التجاري، على خلاف الموسم الماضي أين وقفنا على عديد المفارقات التي جعلت تجارة الملابس بالمدينة في مواجهة غزو الملابس التركية، فأسعار ملابس الأطفال الجاهزة في المحلات المتواجدة عبر مدن الولاية و عديد مدن الولايات الشرقية، هي التي دفعت المواطنين للتوجه صوب مدينة عين فكرون،  حيث أوضح بعض من التقيناهم، بأن سعر فستان للبنات تجاوز مبلغ 7 آلاف دينار خارج عين فكرون، بحجة أن السلعة المعروضة تركية، غير أنهم وجدوا عروضا مختلفة و بأسعار أقل عبر محلات عين فكرون، أين تفاوتت الأسعار بين 2500 دينار و حتى 3 آلاف دينار وصولا لـ4 آلاف دينار.
و ذهب عديد الزبائن الذين اختاروا هذه السنة مدينة عين فكرون لاقتناء كسوة لأبنائهم، إلى أن قدرتهم الشرائية المتدنية بسبب  مصاريف رمضان و اقتراب عيد الفطر ، دفعتهم لاختيار محلات عين فكرون، أين قاموا بكسوة أبنائهم و بمبالغ ليست كتلك التي يقترحها أصحاب المحلات  والمراكز التجارية     في مدن مختلفة .و يرى أرباب أسر، بأن توجه بعض التجار بعين فكرون للملابس التركية، جعل الإقبال كبيرا  نظرا للنوعية الجيدة و تعدد  الموديلات ، على خلاف السنوات الماضية ، التي اقتصر فيها العرض على السلع  الصينية ، الأمر الذي خلف عزوفا .
أسبوع “الصولد “ لتحاشي الكساد
يشير تجار تحدثنا إليهم ، إلى أن هامش الربح بمدينة عين فكرون سواء لدى تجار الجملة أو التجزئة ضئيل جدا،  و لا يتجاوز مبلغ 500 دينار للباس الواحد، في الوقت الذي تتجاوز الألبسة نفسها التي يقتنيها تجار بولايات مختلفة من محلاتهم هذا الهامش بكثير ، و هو ما كان سببا في تنقل عائلات من ولايات مجاورة  للتبضع بعين فكرون .
أحد تجار ملابس الأطفال قال أنه يبيع سلعا صينية، مبينا   بأن فساتين البنات اللواتي يبلغن من العمر بين سنتين و6 سنوات، تتراوح بين ألفي دينار وألفين و500 دينار، في الوقت الذي يبيع فيه الفساتين نفسها بسعر التجزئة بهامش ربح يصل إلى 400 دينار، فيما يعرض آخر سراويل تركية خاصة بالأطفال ما بين سنتين و4 سنوات بمبلغ 900 دينار، مشيرا إلى أنه يضيف  300 دينار عن سعر الجملة، نتيجة للتكاليف التي يدفعها.
و يعرض تاجر آخر يتواجد محله على مستوى الشارع الذي يضم محلات تعرض ملابس تركية، سراويل للأطفال الذين ما بين سنتين و6 سنوات، بمبلغ 700 دينار بسعر الجملة و  400 دينار للقميص الواحد للأطفال بين 6 و14 سنة، أما سراويل الجينز للأطفال  بين 6 سنوات و14 سنة، فتبلغ 1600 دينار بسعر الجملة و1900 دينار   للتجزئة ، فيما يعرض تاجر مجاور في الشارع نفسه فساتين الفتيات اللواتي يتراوح سنهن بين 8 و14 سنة بمبالغ تتراوح من ألفي دينار إلى 3500 دج، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بسعر الجملة وعند البيع  بالتجزئة يطبق زيادة تقدر بـ300 دج للفستان الواحد ، مؤكدا على أن هامش الربح داخل المدينة سواء في الجملة أو التجزئة ضئيل جدا، في ظل الخيارات التي يجدها الزبون، أما البضاعة نفسها، فتعرض بأثمان باهظة تصل للضعف في ولايات شرقية مختلفة.
وأعلن الكثير من أصحاب المحلات عن  تخفيضات و وضع لافتات كبيرة الحجم تحوي عبارة “صولد” للفت أنظار الزبائن، مؤكدين على أن الأسبوع الأخير للشهر الفضيل هو لـ”الصولد” بامتياز في أسلوب يجنبهم الكساد ، حيث تعرض فساتين و سراويل كلاسيكية خاصة بالفتيات بأسعار  خفضت بـ40 بالمائة و تم تعليق على أحد المحلات لافتة تشير إلى سعر أن الفساتين 2200 دينار ، في  حين بلغت السراويل الكلاسيكية ألفي دينار و أكد أحد التجار ، على أنه قام ببيع كل السلع المتواجدة بمحله بسعر “الصولد”، مبينا بأن التخفيضات تخلصهم من المخزون تحضيرا لجلب سلع جديدة من تركيا  بعد  العيد.
إنجاز مراقد يزيد في إقبال التونسيين  

وكشف عدد من التجار التونسيين القادمين الذين يرتادون بكثرة على محلات عين فكرون، بأن بعضهم قدم للمدينة وولج التراب الجزائري بعد مسيرات 22 فيفري، بعد أن أبانت سلمية الشعب الجزائري عن وعي كبير جعلهم لا يتخوفون من المعاملة التي سيجدونها وبين بعض القادمين من نابل التونسية، بأن الوضع المستقر في الجزائر جعلهم يقبلون على المدن الجزائرية، و منها عين فكرون .
و بين من تحدثنا إليهم، بأن إنشاء المراقد بهذه المدينة التي لا تتوفر على فنادق، ساعدهم بنسبة كبيرة وخفف من تنقلاتهم اليومية صوب المدن المجاورة، التي تحتوي على فنادق سواء بأم البواقي أو عين مليلة أو حتى قسنطينة.
عصابات تستهدف الزبائن وتراكم للنفايات
النقطة السلبية التي أجمع عليها عديد التجار الذين تحدثنا إليهم، هي استهداف زبائن بالاستيلاء
على أغراض  من داخل المركبات ، أو ما يقتنونه من سلع،  و  هي ظاهرة تمس التونسيين بشكل أكبر.
و يؤكد أحد التجار، أن المواطنين وأصحاب المحلات على علم بهوية اللصوص، غير أن التهديدات التي تلاحقهم، جعلتهم لا يبلغون عناصر الشرطة،  مطالبين الشرطة  بتنظيم دوريات راجلة ،  لتأمين المكان ونشر الطمأنينة في نفوس المتسوقين.  
 و ترتب عن تزايد النشاط التجاري بعين فكرون تراكم  للنفايات ومخلفات التجارة من أكياس وعلب كارطونية، في مشهد شكل نقطة سوداء أخرى،  وبات مرتادوها  يلتمسون تدخلا للسلطات المحلية قصد إيجاد حل للوضع السلبي بالتنسيق مع تجارها، على غرار إنشاء حاويات خاصة بمخلفات التجارة ،  تفاديا لتراكمها، خاصة عند غلق التجار لمحلاتهم في حدود الساعة الثانية زوالا.
و أوضح بعض التجار، بأن عمال النظافة يقومون بعملهم، غير أنهم غير قادرين على مواكبة حجم نشاطهم اليومي و بات العمل بفرق تناوبية أكثر من ضروري.
أ/ذ

الرجوع إلى الأعلى