أعمارهن تتجاوز الخمسين، ربات بيوت و منهن جدات، أبين إلا أن يقضين يومياتهن الرمضانية بين جدران المطاعم ،  مكرسات جهودهن و وقتهن في هذا الشهر الفضيل، لإعداد وجبات إفطار عابري السبيل و الفقراء،  من أجل نيل أجر إفطار صائم ، فيما استغلت زوجة صاحب قاعة حفلات مبادرته لفتح القاعة لإفطار الصائمين ، من أجل التطوع لإعداد الوجبات، جميعهن تحدثن للنصر عن يومياتهن و مدى توفيقهن بين التزاماتهن الأسرية و العمل التطوعي .
روبورتاج / أسماء بوقرن
حب التطوع يدخل سيدات المطاعم في رمضان
خضرا، فاطمة الزهراء و غنية، سيدات جمعهن العمل التطوعي في مطبخ واحد بمطعم « أربيس» بالخروب ، ليبذلن قصارى جهودهن، بغية تحضير وجبات  ترضي الصائمين، وسط أجواء ممتعة عاشت النصر جزءا  منها معهن.
عندما زرنا المطعم وجدنا السيدات الثلاث يعملن على قدم و سائق، إحداهن تقوم بتحريك قدر شربة الفريك، و الثانية تتفقد طاجين الزيتون، و أخرى تحضر الصحون، و برفقتهن شابتان في العشرينات من العمر، تطوعتا لتحضير السلطة و تجهيز الطاولات ، كانت حينها الساعة تشير إلى الخامسة مساء.  
تحدثن للنصر عن الدافع الذي جعلهن يكرسن وقتهن و جهدهن في سبيل إفطار الصائمين، و كذا يومياتهن الشاقة نظرا لواجباتهن الأسرية، خاصة في هذا الشهر الفضيل الذي تجد سيدة البيت نفسها فيه مجبرة على بذل جهد إضافي لتقديم ما لذ و طاب على المائدة لإرضاء أفراد أسرتها، فأجمعن بأنهن لا يقصرن في ذلك بالرغم من قضائهن اليوم بأكمله بين أقدار الطعام و وسط حرارة المطبخ، و أكدن بأن سنهن لا يمنعهن من بذل جهد كبير.  
السيدة فاطمة الزهراء
حبي للعمل الخيري دفعني للالتحاق بمطاعم الإفطار المجاني
فاطمة الزهراء أم لستة أبناء ، قالت للنصر بأنها و لأول مرة تشارك في العمل التطوعي الرمضاني ، راودتها الفكرة بعد  أن اقترحت المعلمة التي تدرسها القرآن بجمعية الإرشاد و الإصلاح إعداد وجبات للصائمين، و طلبت من الراغبات في ذلك التواصل مع الجمعية، فكانت الأولى لحبها للعمل التطوعي و رغبتها الكبيرة في نيل الثواب، بعد أن حصلت على الضوء الأخضر من زوجها.
و أوضحت بأنها تفضل تسخير وقتها و جهدها في هذا الشهر لفعل الخير، حيث تتوجه عند تمام التاسعة صباحا إلى المطعم، لتبدأ في  تحضير مكونات الوجبات و تقشير البصل و غسل الخس و الجزر و الطماطم، رفقة متطوعات أخريات ، ثم يشرعن في إعداد الأطباق، و ينتهين من عملية الطهي على الساعة الثالثة بعد الظهر و أحيانا الخامسة مساء، و يختلف التوقيت حسب نوعية الأطباق التي يحضرنها.

و بخصوص مدى قدرتها على  التوفيق بين مهامها كربة بيت، خاصة و أنها أم و لها مسؤوليات كبيرة، و نشاطها التطوعي ، قالت بأنها تنظم وقتها، حيث  تستيقظ باكرا للقيام بمهامها المنزلية و التكفل بابنتها النافس، و أحيانا تتفق مع زميلاتها لتحضر كل منهن كمية من «الكسرة» ، لتزين طاولات الصائمين،  و تخصص كمية لأفراد أسرتها ، فيما تعتمد على إحدى بناتها في تحضير وجبة الإفطار ، لتقوم بعد عودتها للبيت بمساعدتها فيما تبقى من مهام.
السيدة خضرا جدة
سني لم يمنعني من التطوع
من جهتها السيدة خضرا ذات 62 عاما من العمر، قالت بأن سنها لم يمنعها من تقديم المساعدة ما دامت لا تزال قادرة على العمل، و هو ما جعلها تستغل ذلك لنيل أجر إفطار صائم ، كما تسعى من خلال العمل التطوعي للتقرب من الله عز و جل و الإعداد لدار الآخرة ، حسبها، و عن مدى توفيقها في تحمل مختلف المسؤوليات، قالت بأن ساعات الصيام تكفي لتقسيمها بين مهامها المنزلية و عملها التطوعي، كما أن زوجة ربيبها تتكفل بإعداد وجبة الإفطار، ما شجعها على المشاركة يوميا في تحضير مائدة إفطار عابري السبيل تحت لواء جمعية الإرشاد.

السيدة غنية
رمضان مناسبة لنيل الأجر و الثواب
غنية أم لثلاث بنات  قالت بأنها تعتمد في بعض الأحيان على ابنتها ، للتفرغ التام لعملها الإنساني و التضامني، مشيرة إلى أنها سبق و أن شاركت في حملات تضامنية تحت لواء الجمعية، غير أنها و لأول مرة اختارت التطوع في رمضان،  مسخرة وقتها و جهدها لفعل الخير، حيث تتوجه في الصباح يوميا إلى المطعم، فتلتقي بسيدات أخريات يجتمعن على طاولة تحضير الأكل في أجواء وصفتها بالمميزة و الرائعة ، و فور انتهائهن من مهامهن يقمن بغسل الأواني التي استخدمنها في التحضير ، كما يقمن بتنظيف المطبخ ، و توضيب علب الأكل الخاصة بالعائلات المعوزة،  لتعود في المساء لبيتها ،  فيما يتكفل شباب متطوع بعملية توزيع الوجبات.
زوجة صاحب قاعة حفلات «ماسينيسا»
مبادرة زوجي  لإفطار الصائمين شجعتني على التطوع
زوجة ناصر يعقوبي ،صاحب قاعة الحفلات «ماسينيسا « بالخروب ، قالت بأن زوجها خصص و لأول مرة هذا الفضاء لإفطار عابري السبيل و الفقراء من إمكانياته الخاصة ، ما جعلها تفكر في التطوع رفقة أفراد عائلة زوجها في تجسيد المشروع، حيث تقوم بمساعدة زوجها في تجهيز الطاولات،  كما تقوم بغسل الأواني، قائلة بأنها تتناول وجبة الإفطار بالقاعة رفقة أسرتها و والد زوجها، مؤكدة بأن العائلة بأكملها مجندة لإنجاح هذه المبادرة، كصدقة على حماتها المتوفية .
شابات ينخرطن لأول مرة في العملية
التقينا أيضا بفتاة في 22من عمرها   تقدم يد المساعدة للسيدات المتطوعات، وقالت للنصر بأنها تشتغل عاملة في مطعم ، و عندما علمت بأن صاحبه خصصه لإفطار الصائمين المعوزين مجانا، قررت أن تنخرط في المبادرة لأول مرة، فتقوم بتحضير السلطة و غسل الفواكه و تجهيز الطاولات،  كما توزع الوجبات الجاهزة على بعض العائلات الفقيرة في بيوتها، و هو ما وقفنا عليه بالمطعم، حيث وجدنا المتطوعات يجهزن وجبة لعائلة معوزة ،  كما وجدنا شابة أخرى تقدم لهن يد المساعدة و أخبرتنا بأنها تستغل وقت فراغها للتطوع.
أ/ ب

الرجوع إلى الأعلى