الحذاء الجزائري يعود بقوة و يكسر هيمنة المستورد
عرفت صناعة الأحذية المحلية انتعاشا ملفتا هذه الصائفة مع تحسن ملحوظ في النوعية و تطور ملموس في التصاميم وملائمة في الأسعار،وذلك بعد ركود طبع سنوات عديدة هيمن خلالها المنتوج الصيني على السوق، قبل أن يتراجع مؤخرا، بسبب رداءته و ارتفاع أسعاره، فضلا عن عودة الحذاء جزائري الصنع كبديل، و دخول تركيا على خط الإنتاج، بحسب ما أكده تجار، قالوا بأن سوق الحذاء باتت تعرف منافسة قوية خصوصا ما تعلق بالمنتجات متوسطة و ضعيفة الجودة و الموجهة لفئات واسعة من المستهلكين، في حين لا يزال الحذاء الايطالي والاسباني حكرا على الميسورين نظرا لغلاء أسعاره.
روبورتاج / أسماء بوقرن
شعار «صنع في الجزائر» لم يعد مرفوضا
النصر، حاولت استطلاع واقع سوق الأحذية بقسنطينة، فقادتنا جولتنا إلى عدد من المحلات على مستوى علي منجلي و وسط المدينة، وقد كان أول ما شد انتباهنا هو عودة المنتج محلي الصنع بعد سنوات من الانقطاع، إذ بدا جليا من خلال فضاءات العرض بأن الحذاء الجزائري أصبح منافسا قويا للحذاء الصيني بل و تفوق عليه في جوانب عديدة، وهو ما أكده تجار كثر تحدثنا إليهم، قالوا بأن شعار « صنع في الجزائر» لم يعد منفرا للزبائن كما كان سابقا، بل على العكس فإن الكثيرين باتوا يفضلونه على شعار « صنع في الصين»، بدليل أن  المنتوج  المحلي يعد الأكثر رواجا حيث عرفت السوق الوطنية انتعاشا غير مسبوق هذه السنة، خصوصا بالنسبة للأحذية الصيفية، مرجعين السبب في ذلك إلى تحسن نوعية المنتوج و اعتماد مصنعيه على مواد أولية جيدة، فضلا عن  عصرنة التصاميم، وهو الشق الذي صنع الفارق حسبهم، خصوصا وأن جودة المنتوج لم تؤثر على الأسعار، التي تبقى مقبولة ولا تزيد عن 2000دج للحذاء.
هذا التحول في صناعة الحذاء الجزائري، أزاح كما عبروا، العلامة الصينية عن الصدارة، بعدما هيمنت لسنوات، وفرضت منتجات رديئة وغير صحية مقابل أسعار منخفضة لا تتجاوز الألف دينار، إذ روجت لثقافة السعر قبل الصحة، وشوهت الذوق العام، خصوصا وأنها أحذية سريعة التلف تصدر منها روائح كريهة، مع ذلك فإن تراجع الطلب على الحذاء الصيني اليومي لم يكسر احتكار هذا البلد لتجارة أحذية السهرة، التي تبقى مطلوبة جدا نظرا لتوفر الخيارات و تعددها و ملائمة التصاميم، فالإقبال عليها كما أكده التجار، كبير رغم أن أسعارها مرتفعة نوعا ما، إذ لا ينزل سعر الصندل عن  3 آلاف إلى  4200 دينار دج، أما أسعار «البالرين» فتتراوح بين 2200 دج إلى  3800 دج.
علامات مجهولة تسوق على أنها اسبانية    
لفتنا خلال جولتنا بمحلات الأحذية انعدام ختم بلد المنشأ في الكثير من القطع المعروضة، ما عدا المنتجات الاسبانية و الايطالية و البرتغالية، بالمقابل فإن غالبية الأحذية الأخرى لا تتضمن إشارة إلى المصدر   إذ يكتفي مصنعوها بوضع إسم ماركة غير معروفة أو تقليد إسم ماركة عالمية، و عند استفسارنا عن الأمر من محمد صاحب محل « شوبينغ شوز» بالمركز التجاري رتاج مول،  أوضح لنا بأنه لا يُشترط ذكر المصدر في الحذاء، لكونه مذكورا أصلا على العلبة، لكن حين أردنا معاينة العلبة قيل لنا بأنه قد تم التخلص منها، وهي ملاحظة تشمل عديد المحلات الأخرى، ففي الغالب تباع الأحذية للزبائن في أكياس بلاستيكية دون وضعها في علبها الخاصة.

 بدوره أكد أمين، وهو صاحب محل بذات المجمع، بأن المنتجات مجهولة المصدر هي في الغالب صينية الصنع، يتم التخلص من علبها لتجنب كشف مصدرها للزبون، مضيف بأن هنالك من التجار من يعرضونها على أنها مستوردة من بلدان أوروبية كإسبانيا مثلا.
جمال جلودي صاحب محل لبيع الأحذية بقسنطينة
السعر و الجودة أعادا المنتوج الجزائري للصدارة  
يؤكد جمال جلودي، صاحب محل لبيع الأحذية و الملابس محلية الصنع  بنهج بن مليك « لاري بوتي» ، بأن المنتجات الجزائرية تعرف انتعاشا ملفتا هذه السنة، فبعد ركودها لسنوات عاد الإقبال عليها مجددا، مرجعا ذلك لجودة المادة الأولية التي تدخل في صنعها، حيث يستعمل المصنعون حسبه، جلدا أصليا يجعل من الحذاء صحيا و مريحا، بدليل أنه لم يسبق لأي زبون أن اشتكى من بضاعته بعد استعمالها، مضيفا بالقول بأن السوق الجزائرية واكبت الموضة و أصبحت تعتمد على تصاميم عصرية تتماشى مع أذواق المستهلكين.
وبخصوص الأسعار  التي لاحظنا بأنها مرتفعة نوعا ما، أوضح محدثنا أن زيادة الإقبال على المنتج ساهمت في ارتفاع تكاليف المواد الأولية التي تدخل في تصنيعه، وهو ما انعكس مباشرة على تكلفة الحذاء، مشيرا في ذات السياق إلى أن استقرار الأسعار و تحسن النوعية و انتعاش السوق مرهون بتوفر المادة الأولية قبل كل شىء، أما فيما يتعلق بالعلامات الجزائرية الرائجة، فقد ذكر علامة «جاكات كلوب» المصنعة في غليزان، و التي تعد  من الماركات المطلوبة في السوق نظرا لجودة أحذيتها و تصاميمها المميزة، بالإضافة إلى « ستارت سميت» و مقرها باتنة، وهي شركة مختصة في الأحذية الرياضية، ناهيك عن علاماتي «ماك فيل»،  و «زبر» ، حيث تنتج هذه الشركات نعالا صيفية بأسعار تتراوح ما بين 2000 و 3600 دينار، أما الأحذية الكلاسيكية فتشتهر بصناعتها علامة «ماك فيل» وحدها، و تصل  أسعارها إلى 4800 دينار  وهي أحذية جلدية ممتازة حسبه، عادة ما يتم استيراد قاعدتها من بلدان أوروبية.
المنتوج التركي ينافس الأوروبي   
استطلاعنا قادنا إلى عدد من محلات بيع الأحذية بالرتاج مول،على غرار محل «ماجيك شوز» ، الذي أقر صاحبه محمد بحقيق،  بتراجع الإقبال على المنتجات الصينية مستثنيا أحذية السهرة، التي يزيد الطلب عليها خلال مواسم الأعراس، مؤكدا من جهة ثانية، بأن المنتوج الصيني ليس رديئا بالضرورة، لأنه ينقسم إلى فئات و تختلف جودته من علامة إلى أخرى.
و اعتبر المتحدث بأن مشاكل الحذاء الصيني لم تعد مطروحة كما كانت في السابق، إذ تختلف النوعية حسب العلامة التي يستوردها التجار، فمنها ما هو رديء و منها ما هو عالي الجودة، مثل علامة «جيرانوفا» التي تعد رائدة في مجال الأحذية، بالإضافة إلى علامتي « ميلانكا و سوزان» موضحا بأن بعض التجار يعرضون علامات تجارية صينية على أنها أوروبية المنشأ، لإغراء الزبائن، رافضا ذكر تفاصيل أخرى لأن الأمر يتعلق حسبه، بسر مهني كما أنه يرفض الإساءة لزملائه التجار على حد تعبيره.
باعة آخرون،  أكدوا في حديثهم للنصر، بأن المنتوج التركي هيمن على  السوق و أزاح المنتوج الصيني، فحسب محمد بحقيق،  تعد الأحذية التركية موضة هذه الصائفة، و تنافس حتى بعض العلامات الإسبانية و الإيطالية، نظرا لتصاميمها العصرية المبهرة التي تغطي كثيرا على ضعف جودتها.
الحذاء الإسباني حكر على الميسورين

من جهته أكد صاحب محل لبيع الأحذية الإسبانية المستوردة بنهج بن مليك بوسط المدينة، بأنه لاحظ هذه السنة تراجعا نسبيا في الإقبال على منتجاته مقابل رواج متزايد للأحذية الجزائرية، التي أصبحت تنافسية بفضل تحسن نوعيتها و مواكبتها للموضة و للتصاميم العصرية .
 و بخصوص حجم الطلب على العلامات التي يعرضها فقد قال، بأن الحذاء الإسباني تفوق على الإيطالي الذي كان أفضل منتج أوروبي وذلك بالنظر إلى جودته العالية، مرجعا سبب إلى عدم فهم الايطاليين للسوق الجزائرية عكس الإسبان الذين نجحوا في تلبية أذواق الزبائن الجزائريين من حيث الألوان و التصاميم، ليحتل  بذلك الحذاء الإسباني مقدمة المنتجات الأكثر طلبا، لكن في أوساط فئة معينة من الموظفات و الزبائن الأوفياء و ليس عموم المستهلكين،  فأسعار هذه الأحذية مرتفعة نوعا ما و لا تتناسب مع القدرة الشرائية للجميع، إذ تتراوح ما بين 4500 دينار إلى 5500 دينار، فيما تكون أقل بقليل بالنسبة للأطفال.
وحسب ذات المتحدث، فإن الزبائن يجهلون عديد التفاصيل المتعلقة بنوعية الحذاء، ولذلك ينخدع الكثيرون بالنوعية الرديئة ، بالرغم من أنهم يشترون أحذيتهم أحيانا مقابل أسعار باهظة، حيث قدم لنا بعض التوضيحات بخصوص التفاصيل التي من شأنها أن تساعدنا على معرفة جودة الحذاء، كمعاينة تلك القصاصات الشفافة التي نجدها مثبتة  على جوانب النعل بعد شرائه.
زبونات همهن الوحيد التصميم و أخريات يبحثن عن النوعية
خلال حديثنا إلى عدد من الشابات و النسوة اللائي قابلناهن داخل محلات الأحذية لاحظنا اختلافا كبيرا في معايير شراء الحذاء، فحسب وسام  وهي شابة في عقدها الثالث، يعد التصميم  العصري أهم معيار في اختيار المنتج، مهما كان سعره أو مصدره، أما فريدة التي كانت تقتني حذاء لابنتها، فقالت بأنها تبحث عن أحذية ذات نوعية جيدة يدوم استخدامها  و تكون مريحة للقدم، وقد ابتاعت لطفلتها حذاء صيفيا مقابل مبلغ  2500 دينار.  
أ  / ب

الرجوع إلى الأعلى