الوحدة الجوارية 20.. تجمّع ضخم توسَّع في غياب المرافق
تحوّلت الوحدة الجوارية 20 و توسِعتاها الأولى و الثانية، إلى أكبر التجمعات الحضرية بالمدينة الجديدة علي منجلي، بعد أن فاق عدد السكنات بها 5000 وحدة، لكن هذا الحي الكبير ورغم تطوّره من ناحية عدد السكان، إلا أنه يعرف نقائص بالجملة تتمثل في غياب المرافق الترفيهية والمؤسسات العمومية والنقل والمحلات، ما جعل سيناريو الوحدة الجوارية 19 يعاد رغم مجهودات وتوصيات السلطات الولائية.
روبورتاج: حاتم بن كحول
بمدخل التوسعة 2 بالوحدة الجوارية 20، والتي تضم 1762 سكنا اجتماعيا يقطنه مرحلون في رمضان 2018 من أحياء بالمدينة القديمة على غرار شارع بلوزداد ورحبة الصوف و السويقة وسوق العصر والقصبة، خُيل لنا في البداية أن المكان عبارة عن حي مهجور، بسبب خلو شوارعه من المارة والمحلات المغلقة الموجودة أسفل عمارات تميزت بألوانها المتناسقة وهندستها الحديثة.
وبالتوغل داخل الأحياء، لاحظنا غيابا كليا للنشاط التجاري، حيث كانت جل المحلات مغلقة، باستثناء البعض منها التي تنشط في مجال بيع المواد الغذائية والتي تعد على أصابع اليد الواحدة، كما أن المرافق العمومية المنجزة أسفل العمارات، لم تباشر العمل بعد، على غرار الملحق البلدي و مكتب البريد، حيث وجدناها مغلقة، بينما كانت أشغال تهيئة بعض السكنات، لا تزال قائمة.
و بدأت مظاهر انتشار الردوم بمداخل العمارات في الظهور بشكل واضح، حيث أن الكثير من المستفيدين شرعوا في إجراء تعديلات و تغييرات داخل شققهم، و هو ما يظهر على الشرفات و النوافذ، و قد التقينا بعدد من السكان، حيث أكدوا بأن الكثير من أصحاب المساكن، لم يقطنوا بها بعد، حيث يقومون بإجراء إصلاحات، كتغيير البلاط و طلاء الجدران، فيما أدخل البعض تغييرات على المطابخ أو الحمامات.
وعند تواجدنا بحي 1400 مسكن بالتوسعة 1، وجدنا مواطنين يسيرون بسرعة كبيرة بسبب الحرارة الشديدة، للوصول إلى سكناتهم أو محطات الحافلات، و قد أخبرنا أحد من صادفناهم بالمكان أن أبرز النقائص المسجلة في التوسعتين هي غياب المرافق التجارية بسبب عدم مباشرة أصحاب المحلات لعملهم، كما أنهم لم يقوموا بكرائها للراغبين في العمل، وأضاف أن بعض التجار اشتروها بمبالغ في المتناول ويريدون بيعها بعد مدة زمنية من أجل نيل هامش ربح كبير، وخاصة عند التحاق بقية العائلات بسكناتها.
مركز بريد مغلق و محلات تُعَدّ على أصابع اليد
 كما عبر بعض من تحدثنا إليهم عن استغرابهم لعدم فتح مركز البريد الواقع بالتوسعة، رغم ارتفاع عدد السكان بعد سلسلة الترحيلات التي تمت في السنة الحالية، إضافة إلى أنه عمل في أول يوم من دخوله حيز الخدمة، واستقبل المواطنين بشكل عادي، ليتفاجأ السكان بغلقه في ثاني يوم ليستمر هذا الوضع لعدة أشهر، كما هو الحال مع المحلق البلدي الذي فتح أبوابه أثناء تدشينه فقط، ليضطر السكان إلى التوجه نحو وسط مدينة علي منجلي من أجل استخراج بعض الوثائق الإدارية.
وأكد شاب في الثلاثينات من عمره، أنه يتمنى أن تقوم السلطات المعنية بفرض غرامات أو عقوبات قد تصل لمنح تلك المحلات التي يتجاوز عددها 230 لأشخاص آخرين يريدون العمل، وأضاف آخر، أنه وبقية العائلات الأخرى يضطرون لقطع مسافة طويلة من أجل شراء بعض المستلزمات الغذائية على غرار الخضار والفواكه، ومنهم من يجبر على التنقل سيرا على الأقدام إلى غاية الوحدة الجوارية 18 التي تبعد عنهم بحوالي 3 كيلومترات.
واصلنا طريقنا لعلنا نجد سكانا آخرين يعانون من نقائص أخرى، فاستوقفنا أحدهم، واتضح أنه لم يقطن بعد في سكنه الجديد بسبب غياب المرافق الضرورية، وينتظر لغاية تحسن الأوضاع من أجل جلب عائلته والتحول نهائيا إلى الوحدة الجوارية 20، مضيفا أن العديد من جيرانه لم يلتحقوا بشققهم بسبب العديد من النقائص المسجلة و التي يبقى أهمها غياب المحلات التجارية.
«تعبنا من المشي لمسافات طويلة لركوب وسيلة نقل»
التقينا برب عائلة آخر، اتضح أنه التحق بسكنه مؤخرا، حيث أكد أنه تعب وبقية السكان من السير على الأقدام لمسافات طويلة تحت أشعة الشمس الحارة، من أجل الوصول إلى محطة الحافلات، كما تحدث عن انعدام وسائل النقل والمواصلات، حيث يضطر للانتظار لساعات من أجل ركوب الحافلات التي لا يزيد عددها عن اثنتين أو ثلاث، فيما يرفض الخواص مواصلة التقيد بنفس مخطط النقل الذي تتبعه الحافلات العمومية والممتد إلى توسعة الوحدة الجوارية 20، عوضا عن محطة المسافرين بالوحدة 2.
وقال أحد المسنين القاطنين بذات الحي، أنه وبقية السكان يضطرون للتنقل على متن سيارات «فرود» للوصول إلى حي «كوسيدار» ومنه ركوب المواصلات المؤدية إلى مختلف الأحياء وخاصة إلى مدينة قسنطينة، مضيفا أنه يضطر أحيانا لإنفاق ما يقارب 300 دج يوميا من أجل النقل فقط، و يخرج من منزله في الصباح الباكر خشية التأخر عن العمل.
ورغم النقائص الكبيرة، إلا أن شوارع التوسعتين كانت نظيفة، والطرقات واسعة ومهيأة جيدا، كما توفرت بعض المرافق الترفيهية متمثلة في ألعاب الأطفال على مستوى بعض المساحات الفاصلة بين العمارات.
وعند خروجنا من التوسعتين 1 و2، لاحظنا حيوية كبيرة في الطريق المحاذية لهما، مقارنة بالمسالك الداخلية، حيث اتضح أنها الطريق المؤدية إلى خارج المدينة الجديدة عبر مسلك الوزن الثقيل والذي يعد مقصدا للعديد من السائقين القاطنين في مختلف الوحدات الجوارية الجديدة على غرار 17 و18 و19 و20.
اتجهنا نحو الوحدة الجوارية 20 والتي تضم 3 مجمعات سكنية بها 2050 سكنا، حيث قصدنا المجمع السكني 1، الذي يقطنه مرحلون من حي الأقواس ورحبة الصوف وصالح باي، وكانت شوارع هذه الوحدة أكثر حيوية من سابقتيها، فيما كانت العشرات من المحلات مفتوحة أمام المواطنين، وأكد بعض السكان أنهم ومنذ التحقاهم بشققهم في جانفي 2017، لم تتغير الظروف نحو الأفضل، من خلال استمرار تسجيل بعض النقائص.
تذبذب كبير في توزيع المياه يؤدي للاستعانة بالصهاريج
توجهنا بعدها إلى المجمع السكني 2 الواقع على بعد عشرات الأمتار، حيث رحل إليه قاطنوه من نهج الثوار وبن بولعيد وحي الباردة بجبل الوحش والمنطقة الصناعية، وأجمع السكان الذين تحدثنا إليهم أن مشكلتهم الرئيسية تتمثل في المياه التي لا تصل إلى حنفياتهم إلا مرة واحدة كل ثلاثة أيام و لمدة قصيرة، على حد تأكيدهم، ما يجبر العديد منهم على الاستعانة بمياه الصهاريج، أما بالنسبة للذين يملكون مركبات خاصة بهم، فإنهم يتوجهون إلى مختلف الينابيع الواقعة في مفترق الطرقات الأربع أو بمحاذاة الطريق الرابط بين علي منجلي و عين سمارة، حيث أصبحت هذه المادة الحيوية تشكل صداعا لقاطني هذه الوحدة.
بعدها لاحظنا تواجد بعض المحلات التي تزاول عملها بشكل عادي، وتحدثنا إلى أحد أصحابها الذي يشتغل في بيع الأجهزة العامة والمواد الحديدية ويقطن في نفس الحي، حيث أكد سمير أنه وبقية التجار يعانون من انعدام الكهرباء على مستوى محلاتهم، إذ يضطر للتزود بها عن طريق كابل يربط محله بمنزله ويمتد لكيلومتر واحد، كما أضاف صاحب مقهى يدعى كمال أنه يستنجد بكهرباء المنزل أيضا في انتظار تجسيد وعود السلطات بإدخال هذه الخدمة المهمة في مجال التجارة.
وقال شاب آخر، إن المنطقة تفتقد للمرافق الترفيهية على غرار ألعاب للأطفال وأماكن لجلوس العائلات، رغم المساحات الشاسعة غير المستغلة، وأضاف أن الوحدة الجوارية 20 هي الوحيدة بعلي منجلي التي لا يوجد بها ملعب جواري، ما يجعل الشباب يعجزون عن إيجاد أماكن للترفيه و ممارسة الرياضة، كما تحدث عن بعض المساحات التي تم تسييجها مؤخرا دون الكشف عن طبيعة المشاريع التي ستحتضنها.
واصلنا طريقنا باتجاه آخر مجمع سكني، وهو رقم 3 حيث كان يعرف حركية هو الآخر، كما كانت جل العمارات مأهولة، وتجلى ذلك من خلال الملابس المعلقة بالنوافذ أو الهوائيات المنتشرة، حيث أن ساكنيها هم المرحلون من حيي جبل الوحش و الباردة، إضافة إلى بعض القادمين من مزرعة جيرار بحي «الشالي».
أحد السكان قال إن وحدة جوارية بهذا الحجم من حيث المساحة والسكان، لا تتوفر على عيادة متعددة الخدمات، كما تفتقر لمسجد، حيث يضطر بعض المصلين إلى أداء فريضة الصلاة بمصلى صغير، أو التنقل إلى الوحدة الجوارية 18.
 و أضاف آخر أن غياب المؤسسات العمومية يبقى أمرا غير مفهوم بالنسبة للسكان، وأشار إلى أن الهياكل التربوية متوفرة مبدئيا رغم أن المسافة بينها وبين بعض المنازل بعيدة نوعا ما، كما تطرق إلى انتشار الكلاب المتشردة بعد غروب الشمس، ما أصبح يهدد حياة السكان وخاصة المصلين الذين يؤدون صلاة الفجر في المسجد.
العضو بتنسيقية لجان أحياء مدينة علي منجلي عبد الغني دويب
سكان الوحدة يعانون من نقص الخدمات رغم ضخامتها
وقال عبد الغني دويب عضو بتنسيقية لجان أحياء مدينة علي منجلي، إن الوحدة الجوارية 20 تعتبر ثاني وحدة بعلي منجلي من حيث عدد السكان بعد الوحدة رقم 17، ورغم ذلك فإنها تفتقر للعديد من المرافق الضرورية، و منها النقل والهياكل الترفيهية وخاصة المحلات، مؤكدا أن ضعف النشاط التجاري في هذه الوحدة وبتوسعتيها 1 و 2 يطرح أكثر من علامة استفهام، خاصة وأن الغرض من شراء محل هو ممارسة التجارة وليس تركه مغلقا، موضحا أن السكان يعانون من غياب هذه الخدمات إضافة إلى الإدارات على غرار ملحق البلدية ومركز للبريد وعيادة متعددة الخدمات، متمنيا أن تتحسن الأوضاع في هذه الوحدة التي تحولت إلى قطب سكاني كبير في ظرف وجيز.
فراح عزيز مندوب مندوبية علي منجلي 3
مخطط النقل الجديد سينهي الأزمة
وقال مندوب مندوبية علي منجلي 3، عزيز فراح، والمسؤول عن الوحدة الجوارية 20 وتوسعتيها 1 و 2، أن النقل متوفر رغم أن عدد الحافلات التي تصل إلى تلك النقطة ضئيل جدا حسبه، مضيفا أنه سيخطر الجهات المعنية بتدعيم هذا الخط بحافلات إضافية، أما فيما يخص التوسعتين 1 و2 فسيتم العمل بمخطط نقل جديد في قادم الأسابيع، وبالتالي إنهاء مشكلة النقل نهائيا.
كما رد المتحدث حول غلق المحلات في التوسعتين 1 و2، موضحا أنها سلمت لأصحابها ولكن لم يقوموا بالشروع في عملهم، عكس تلك الواقعة في الوحدة الجوارية 20 والذين يزاولون نشاطهم بشكل عادي، مضيفا أن الوضعية ستتحسن أكثر مع التحاق كل العائلات بسكناتهم.
و كان والي قسنطينة عبد السميع سعيدون، قد شدد على ضرورة استغلال المحلات على هامش تسليمها إلى أصحابها، كما طالب المسؤولين بتوفير المرافق الترفيهية والمساحات الخضراء والنقل، وذلك تفاديا للسيناريو الواقع بالوحدة الجوارية 19، التي لا تتوفر إلى اليوم على محلات تجارية، ولكن يبدو أن التشابه كبير بين الوحدتين، خاصة وأن معظم التجار لم يلتزموا بأوامر الوالي ولم يستغلوا لحد الآن محلاتهم.
ح.ب

الرجوع إلى الأعلى