تقليص الاستيراد ينعش سوق مستحضرات التجميل الجزائرية
فرضت مستحضرات التجميل و العطور محلية الصنع، نفسها بقوة في السوق الجزائرية مؤخرا، بعد أن استغل منتجون فرصة تقليص نشاط الاستيراد ليطوروا من نوعية سلعهم التي ساهمت جودتها في تراجع هيمنة المستحضرات الصينية التي ظلت تحتكر السوق لسنوات بالرغم من رداءتها، كما كسب المنتج الجزائري ثقة الزبونات اللائي كن يتخوفن من استعمال كل ما هو محلي الصنع، و ذلك بعد أن وجدن في تنوعه ما يلبي طلباتهن و يحافظ على صحتهن خصوصا في ظل ملائمة الأسعار، بالرغم من شروط عرض هذه المنتجات، التي تباع عادة على طاولات الأرصفة تحت أشعة الشمس الحارقة، وهو ما يجرنا للحديث عن مدى صلاحيتها و عن خطورة استخدامها على الصحة.
روبورتاج: أسماء بوقرن
عرفت صناعة مستحضرات التجميل في الجزائر انتعاشا كبيرا في السنتين الأخيرتين، خاصة بعد أن أدرجت الحكومة هذه المواد ضمن قائمة المنتجات الممنوعة من الاستيراد، ما أعطى فرصة للمنتج المحلي لفرض نفسه في السوق الوطنية بفعل حرص المصنّعين على الالتزام بمعيار الجودة، وهو ما ساهم في تعزيز ثقة الجزائريات في المنتوج الوطني، خاصة و أن عديد العلامات استطاعت أن تعرض سلعا مطابقة لمعايير التصنيع، ما من شأنه أن يخفف العبء على الخزينة العمومية.  
النصر، قامت بجولة بين نقاط بيع مستحضرات التجميل و العطور بوسط مدينة  قسنطينة، و بالضبط في شارع «الرصيف» أين تكثر طاولات بيع « المكياج»، حيث شدنا حجم إقبال السيدات على هذه السلع  و مدى رواج المنتجات المحلية، حيث أكده التاجر طارق في حديثه إلينا، بأن مواد التجميل الجزائرية اكتسحت السوق بقوة بعد أن كان المجال حكرا على  المستحضرات الصينية التي تعد مطلب غالبية النساء متوسطات و محدودات الدخل نظرا لانخفاض أسعارها. مشيرة إلى أن هذه المستحضرات وغيرها من المنتجات التابعة للعلامات الفرنسية الشهيرة كـ «لوريال» و «صيفورة» اللتان تمتلكان نقاط بيع بقسنطينة، كانت تعد الأكثر تداولات في السوق  غير أن السلعة الجزائرية أصبح تنافس هي الأخرى مؤخرا  وباتت لا تقل تنوعا عن المنتجات التركية كـ «فلورمار» و «نوت» و العلامة السويدية «أوريفلام» التي يقتصر رواجها على الميسورات و الموظفات ذوات الدخل المرتفع، موضحا بأنه وبالرغم من توفر البديل المحلي، إلا أن المنتجات تركيا لا تزال واسعة الانتشار و كثيرة الطلب نظرا لجودتها العالية و تطور مستحضراتها بما يواكب الموضة و عالم الجمال.
سر جودة العلامة الجزائرية
و عن عدد العلامات الجزائرية الموجودة و سر رواجها في سوق تسيطر عليها أوروبا و تركيا، أوضح ذات المتحدث، بأن الماركات المحلية في تزايد ملفت، إذ يفوق عددها حاليا العشر علامات، بعضها يعتمد على الخبرة التركية باعتبارها رائدة في المجال، و غالبيتها تستخدم مادة أولية مستوردة من بلدان أجنبية على غرار علامة «ماريلين» المصنعة في الشراقة بالجزائر العاصمة، و «بيوفي» المشهورة بإنتاج طلاء الأظافر بأسعار تتراوح بين 250 و 350 دينار،  و كذا علامة «ماسكارا»، كما أكد البائع طارق، بأن الإنتاج المحلي عرف قفزة نوعية خاصة في ما يتعلق بزيوت الشعر و الأقنعة الطبيعية أو « البيو» الخاصة بالوجه والتي تعد موضة واسعة الانتشار هذا الموسم، مضيفا، بأن الإنتاج المحلي يعد لافتا أيضا بالنسبة للمستحضرات المغذية للجسم كعلامة «أبو السعد»، المتفوقة في انتاج الشامبو و الصابون و زيوت الشعر و كريمات ترطيب و تغذية الجسم، و كذا علامة «كوليس»، للزيوت الطبيعية و التي يكثر عليها الطلب أيضا  بالإضافة إلى «أندريا دوتي» المخصصة لمراهم وأقنعة الشعر و «لورياك» و كذا المصنعين العملاقين «مارلين» و «فونيس» المنتجين لمختلف أنواع المساحيق و كريمات الأساس و الماسكرا و ظلال العيون و مثبتات المكياج  و غيرها.
كما قال المتحدث، أن هنالك علامات مختصة في إنتاج  العطور  و مزيلات الروائح،  و منها «وان أكس» و «دول» و «رياكسيون» و هي منتجات مصنعة في ولايات برج بوعريريج و العاصمة و البليدة، مشيرا إلى وجود ماركات جزائرية مقلدة تعمل بالشراكة مع الشركات الأصلية المصنعة أو « سو ليصونص»، كعلامة  «سي» و «لا في إي بال» ، بحيث يمكن التفريق بين المقلدة و الأصلية من خلال كلمة «فاشن»، التي نجدها في الماركة الأصلية و «بلوناس» في المحلية المقلدة .     
دبي تدخل بقوة على خط المنافسة
من جهته أكد نسيم، و هو صاحب إحدى طاولات مواد التجميل        بـ «الرصيف»، بأن تركيا تحتل المرتبة الأولى في تموين السوق المحلية بمستحضرات الجمال، إلى جانب فرنسا و إمارة دبي التي دخلت مجال المنافسة بقوة، حيث أحدثت حسبه، ثورة في هذا المجال إذ تنافس عددا من علاماتها على غرار «رومونتيك» و «بيوتي» و «بي بي»، كبريات الماركات العالمية، وذلك بفضل توفر عنصر الجودة، خاصة فيما يتعلق بكريم الأساس و مرطب البشرة و ظلال العيون و الماسكارا و أحمر شفاه و غيرها من المواد التي تعرض بأسعار مرتفعة نوعا ما تفوق2000 إلى 3الاف دج.
الصين منبع المنتج المقلد
بدوره تحدث التاجر عزيز، المختص هو الآخر في بيع مواد التجميل بمحله الكائن بشارع العربي بن مهيدي عن تراجع استعمال مستحضرات التجميل الصينية التي كانت مهيمنة على السوق المحلية، و أرجع ذلك إلى رداءة النوعية والزيادة غير المبررة في الأسعار والتقليد السيئ لبعض العلامات      مثل علامة «نوت» التركية، مشيرا إلى أن هنالك فرقا كبيرا بين السلعة المقلدة و الأصلية، حيث يظهر من خلال السعر، فسعر كريم الأساس المقلد من علامة «نوت» يقدر بـ 650 دينار، بينما يعادل سعر الكريم الأصلي الضعف، غير أن بعض التجار يتحايلون في ترويج المقلد، و هو ما جعل عددا كبيرا من زبوناته يحرصن على طلب المنتج الأصلي منه محله دون غيره، بينما تفضل أخريات المقلد بسبب إغراء السعر.
فبعض الزبونات كما قال، يعانين من بشرة حساسة هي عرضة أكثر للإصابة بالحساسية أو التقرحات الجلدية، وهو ما يدفعهن للبحث عن الجودة مهما كان السعر، وهو تحديدا ما أكدته آمال معلمة في الطور الابتدائي، قابلناها في ذات المحل، قالت بأنها لا تغامر أبدا بشراء منتج مقلد، فيما أضافت أميمة، و هي موظفة بمؤسسة عمومية، بأنها امتنعت عن اقتناء  المستحضرات المقلدة و  التي تعرض على الطاولات  بعد أن أصيبت بحساسية في الجلد و احمرار في العينين، حيث عانت لفترة سنة من العلاج لدى طبيب أمراض الحساسية،  ما جعلها تلجأ لمستحضرات مصنعة في فرنسا كعلامة «سيفورة»،  التي تناسب بشرتها، غير أنها تتوقف عند استخدام كريم الأساس و الماسكرا لكون منتجاتها باهضة جدا و يتجاوز سعرها 3 آلاف دينار .
بالمقابل أخبرتنا غالبية الفتيات اللواتي قابلناهن أمام طاولات المكياج بعكس ذلك، حيث عبرت وسام قائلة بأنها تقتني الماكياج ومستحضرات التجميل من الطاولات، لكون أسعارها في المتناول، كما لم تعد تعير اهتماما للبلد المصنع لأنه و في كلى الحالات لا يمكنها التفريق بين المقلد و الأصلي.
 و ترى محدثتنا، من جهة أخرى، بأن العلامات الجزائرية تعد جيدة جدا، إذ قالت بأنها، تستعمل كريما واقيا من الشمس من علامة «فونيس» منذ سنتين، لا يكلفها سوى 500دج مع أنه ممتاز وفعال،
تقليص الاستيراد يخلق فرص عمل لشابات و ينعش تجارة «الكابة»
بيع مواد التجميل خلق فرصة كبيرة للباحثات على العمل، سيما بعدما فتحت علامات أجنبية نقاط بيع معتمدة لها في قسنطينة على غرار «فلورمار» و «أوريفلام» و «سيفورة» ما وفر مناصب عمل لشابات يشتغلن اليوم في التسويق  المباشر أو الشبكي داخل أوساطهن المهنية و العائلية و الجامعية، أين تلقى هذه المنتجات رواجا كبيرا، حيث يتقاضين رواتبهن بحسب حجم ما تم بيعه وهي عملية تعتمد على جمع النقاط.
بالمقابل تروج أخريات لهذه المستحضرات عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي بإنشاء صفحات متخصصة، انغلاق السوق على المنتج المستورد ساهم أيضا في انتعاش تجارة «الكابة» التي وجد فيها شباب مصدرا للرزق و للربح.
الدكتور فؤاد بونصر أخصائي الأمراض الجلدية
شروط العرض قد تتلف المستحضر مهما كانت جودته
دعا الدكتور فؤاد بونصر أخصائي الأمراض الجلدية، باعة مستحضرات التجميل إلى ضرورة الالتزام بمعايير و شروط الحفظ و ذلك بعرضها في درجة حرارة لا تفوق 25 درجة، لتحافظ على صلاحيتها، مضيفا بأن ترك هذه المنتجات على الطاولات المكشوفة يعرضها للتلف مهما كانت جودتها، لأن الحرارة تؤثر على تركيباتها الكيميائية و تقلص من مدة صلاحيتها، بحيث تتلف بعد فترة قصيرة من استعمالها، كما تشكل خطرا كبيرا على البشرة و تتسبب في تهيجها و الإصابة بالإكزيما، إذ ينصح الدكتور، بعدم الانجذاب وراء السعر الذي يكون أقل في الطاولات مقارنة بالمحلات،  و الاهتمام بدل ذلك بالنوعية، كما حث على ضرورة الإطلاع على اسم البلد المصنع و تاريخ الصلاحية و التحلي بثقافة استهلاكية صحيحة لتجنب المشاكل الصحية كالتهابات الجلد والعيون.
أ.ب

الرجوع إلى الأعلى