المرافق العائلية تحوّل الخروب إلى عاصمة للترفيه بقسنطينة
تحولت الخروب خلال السنوات الأخيرة إلى وجهة أولى للقسنطينيين و غيرهم من  زوار الولاية خاصة في الفترة الليلية، بفضل الطابع العائلي لمطاعمها و صالوناتها، التي تقدم خدمات جد مقبولة و متنوعة  فإن أردت الاستمتاع بعشاء عائلي جيد و هادئ عليك أن تقصد « الفيلاج» لأن هذه الجهة من المدينة فتحت ذراعيها أمام مستثمرين كسروا الصورة النمطية التي تطبع سكان الخروب ، و حولوا البلدية إلى قلب نابض للولاية وعاصمة ترفيهية بامتياز، خصوصا وأنها تمتاز عن قسنطينة بطول لياليها فالخروب مدينة لا تنام إلا فجرا، كما أنها تعرف بهدوئها الكبير وذلك خلافا لعلي منجلي، التي تتفوق عليها أيضا بتعدد المرافق العائلية كالمطاعم وصالونات المرطبات، فضلا عن حظيرة الألعاب والتسلية صنوبر لاند، التي افتتحت هذه السنة.
ربورتاج/ أسماء بوقرن
النصر، قامت بجولة استطلاعية في وسط مدينة الخروب، فكانت وجهتنا الأولى هي  شارع بوهالي العيد المعروف بتعدد مطاعمه، و الذي أصبح قبلة للمستثمرين بفضل الحركية الواسعة  التي يشهدها على مدار السنة، ناهيك عن خصوصية المنطقة الهادئة و الآمنة و المحافظة، و التي باتت مغناطيس جذب للعائلات و للمتعاملين الاقتصاديين كذلك.
تحولات اجتماعية انعكست على التجارة والأعيان الحلقة الأقوى
سكان عاصمة الشرق الجزائري عانوا لسنوات من نقص فادح في المرافق و فضاءات الراحة بوسط المدينة، التي و بالرغم مما تتمتع به من مقومات سياحية، إلا أنها لا تتوفر على مرافق عائلية ترفيهية وحتى تلك الفضاءات القليلة الموجودة تغلق باكرا جدا وكأنها تعمل وفق دوام وظيفي، وهو ما يتسبب في تراجع الحركية في المدينة التي يهجرها القسنطينيون مساء، قاصدين علي منجلي و الخروب، وإن كان الطابع التجاري للمدينة الجديدة يجذب كثير من الناس، فأن الخروب استطاعت أن تكون مستقطبة للعائلات بفضل وفرة الاستثمارات الخدماتية خصوصا ما تعلق بشق الإطعام، فكثيرا ما ارتبط اسم الحي القديم «طنجة» بالشواء الذي ظل مرادفا للحديث عن هذه المدينة لسنوات، لكن من يقصدها اليوم، يمكنه أن يجد أكثر من ذلك فالعديد من الأحياء أًصبحت تضم الكثير من فضاءات الأكل السريع و المرطبات كما تعد الخروب مدينة المطاعم الراقية التي تقدم التنوع الغذائي و الثقافي كذلك، فهنا تجد الأكل السوري و الهندي و التركي و الايطالي، وإن حدث و استقبلت زوارا مهمين فيمكنك أن تدعوهم دون حرج إلى أحد مطاعمها الفاخرة التي تضمن خدمة نوعية بامتياز على غرار « البيك و لو بوفيه و تيطا و المائدة»    كما يمكنك أن تحظى بوجبة عائلية بسيطة وغير مكلفة في « ميغا بيتزا او مامس برغر» وغيرها.
 تشبه المراحل التي مرت بها هذه المدينة، مراحل حياة فتاة صغيرة خجولة كبرت لتصبح شابة جميلة تخلت تدريجيا عن خجلها لتنفتح على العالم و تندمج فيه، كذلك هي الخروب فقبل سنوات كانت هذه البلدية معروفة بانغلاقها و عزلتها ، لكن تحولات جذرية بدأت تظهر على المجتمع الخروبي بسبب النزوح العمراني لكثير من سكان قسنطينة نحو هذه البلدية، فضلا عن التأثير الذي رافق استحداث التوسع العمراني و قطب إعادة الإسكان الجديد ماسينسا، و هكذا انفتحت المدينة أكثر فأكثر و تطور نشاط مطاعم الشواء و توسع  ولأن المطاعم و الفضاءات العائلية تزدهر ليلا، فإن بلدية الخروب اعتادت السهر و أصبحت مدينة لا تنام إلا بعد الفجر خصوصا في فصل الصيف.
مدينة لا تنام
الجميل والايجابي في هذه المنطقة هو أن التحولات الاجتماعية والانفتاح لم ينعكسا سلبا على عاملي الأمن و أخلاق السكان الذين لا يزالون محافظين، فقلما تسمع في شوارعها كلاما بذيئا أو تحضر شجارات ، وذلك راجع بالأساس إلى  الدور الذي لا يزل يلعبه أعيان المدينة في تنظيم العلاقات الاجتماعية و توجيه بوصلة الحياة العامة، و الذين يتدخلون دائما لحل المشاكل بين السكان أو بين التجار، ما جعل المنطقة تحافظ على هدوئها و خصوصيتها، وهو ما تلاحظه عند التجول في الشوارع و ما يؤكده أيضا مرتادوها و من بينهم السيد نور الدين، الذي قال لنا، بأنه يقصدها  دائما رفقة زوجته و أطفاله للتنزه و ذلك منذ نحو ثلاث سنوات، إذ يقضي في العادة وقتا ممتعا و لا يتعرض لأي إزعاج كما عبر، مضيفا بأن تردده على الخروب زاد في السنة الأخيرة بعد افتتاح حظيرة للتسلية الصنوبر لاند، حيث يصطحب أبناءه إليها في الفترة المسائية ثم يقصد أحد المطاعم القريبة ليلا لتناول العشاء، أما أكثر ما يعجبه، فهو استمرار نشاط تجارها ليلا، فالمحلات تظل مفتوحة إلى ساعات متأخرة بما في ذلك محلات السوق البلدي و تلك التي تعنى بتجارة الملابس وحتى الأقمشة، وهو تحديدا ما تفتقر إليه قسنطينة.  
       المطاعم الاستثمار الأكثر انتشارا    
و لعل أكثر ما زاد من كثرة زوار الخروب، هو تعدد المطاعم التي أعطت دفعا قويا لعجلة التنمية بالمنطقة و حولتها إلى مقصد أول للزوار، فهذه المرافق تطورت و ابتعدت عن التقليد، وأصبت تعتمد هندسة خارجية جذابة و ديكورات عصرية، أضفت الكثير لمدخل البلدية وذلك على غرار مطعم «سلطان باشا» الذي أفتتح هذه الصائفة، و  الذي يعد الأول من نوعه بقسنطينة، بفضله تخصصه في الأطعمة التركية و الهندية، و قد علمنا من صاحبه السيد كمال، بأنه تخلى عن  نشاطه السابق المتمثل في تسيير وكالة لبيع السيارت يحاذيها فضاء تجاري «سوبيرات» ليحول عقاره المتواجد عند مدخل حي بوهالي، إلى مشروع مطعم كلفه 4 ملايير سنتيم، بعدما لاحظ الإقبال الملفت على المطاعم من  قبل سكان قسنطينة و الولايات و المناطق المجاورة كعين مليلة و تاجنانت و  عين فكرون و عين البيضاء و باتنة و غيرها،  إذ قرر الاستثمار في المجال و فضل أن يتخصص في تقديم مأكولات تركية و هندية ليخلق  التنوع بالإضافة إلى تقديمه للأكل التقليدي و الغربي خاصة و أن العديد  من رجال الأعمال الأجانب و المتعاقدين مع شركات  جزائرية يقصدون كما قال، مطاعم المنطقة بكثرة ليلا، حيث ينهي نشاطه عادة عند الساعة الواحدة صباحا.
كل النكهات موجودة و الخيارات
 حسب السعر
خلال زيارتنا للمطعم الذي يتميز بديكور عصري مع لمسة عمارة إسلامية، اطلعنا على لائحة أسعار الأطباق الهندية التي تقدم لأول مرة في مطعم محلي، و التي تتراوح بين 1100 دينار و 1300 دينار منها صالونا باللحم و بالسمك و بالدجاج، ماندي بالدجاج  و باللحم و كباب هندي، بالمقابل تتراوح أسعار الأطباق التركية بين 900 دينار و 1200 دينار ، على غرار  كباب اسطنبول و اللحمة بالصينية و اللحم بالعجين و ريش بالفرن غيرها، و تنطلق أسعار المشاوي السورية من  800 دينار إلى 1300 دينار  منها كباب عالكيف و شقف خروف و شيش طاووق و المعجوقة و ما إلى ذلك، أما الأطباق الغربية فتتراوح بين 800 دينار و 1300 دينار.
الأطباق التقليدية ترفع مؤشر الإقبال
زرنا بعده «زعيم الشام»، ثاني أشهر مطعم في المنطقة، فأخبرنا صاحبه، بأنه قبل 4 سنوات كانت البلدية تفتقر للمطاعم الراقية، و تقتصر على محلات الشواء و الأكل السريع،  غير أنها سرعان ما تحولت إلى قطب مهم في هذا المجال، ما خلق منافسة قوية إذ يسعى كل مطعم لتقديم الأفضل و ذلك بالتركيز على جودة الطعام و حسن الاستقبال وهو ما ضاعف حجم الإقبال، مؤكدا بأن الزبائن يأتون من داخل وخارج الولاية، ولذلك لم يعد يكتفي بتقديم المشاوي السورية لكون الزبائن اعتادوا عليها بل بات يقدم أطباقا تقليدية كثيرة تعد اليوم الأكثر طلبا و بالأخص الشخشوخة مقابل 900 دينار للطبق ، و الكسكسي 800 دينار، فيما يتراوح سعر باقي الأطباق بين 700 دينار و 900 دينار.
 محدثنا قال بأنه، بأنه كان مترددا في الاستثمار في الخروب بدلا من علي منجلي، ليقرر بعد دراسته دقيقة للمكان خوض التجربة لأسباب تتعلق بوفرة الأمن، فضلا عن التسهيلات التي يقدمها أعيان المنطقة للمستثمرين، إذ سبق وأن استفاد من خدماتهم في بداياته.
صنوبر لاند تصنع الفارق
في المقابل أكد لطفي، مسير المطعم العصري «تيطا قرياد» ، المشهورة بأكله الإيطالي، بأن زبائنه كثر و بالأخص من ولايات مجاورة كأم البواقي و سطيف ، موضحا بأن الطبيعة المحافظة للمنطقة، ساهمت كثيرا في نجاح استثماره  كما زاد من معدل الإقبال مؤخرا، فتح الفضاء الترفيهي الضخم صنوبر لاند في البلدية، إذ باتت الحظيرة مقصدا للمئات من العائلات الباحثة عن فضاء للترفيه.
 أ . ب

الرجوع إلى الأعلى