rتتهددها الحرائق وحوادث المرور وعنف الزوار

تتعرض قردة الماغو التي تعد جزءا من  الحركية السياحية بالكورنيش الجيجلي للعديد من الأخطار الناجمة عن سوء تعاطي البشر مع هذه الحيوانات الوديعة، حيث تقدم لها أطعمة مضرة وتعامل بشكل عنيف  إضافة إلى ما تخلفه الحرائق  وحوادث المرور من أخطار تصل حد النفوق، فيما نفى مختصون ما يقال عن مداهمة «الماغو» للأحياء،  وأكدوا أن كل ما تبحث عنه هو الأكل والماء ولا تهاجم إلا عندما تتعرض للإعتداء، لكن مواطنين عبروا عن تخوفهم من «هجومها» وما تلحقه من ضرر بالمحاصيل.

إذ تستقبل القردة  الزائرين عند مدخل الولاية، و تحديدا بالكورنيش الجيجلي، الذي يعد موطنا لها، وتخرج إلى الطرقات والمناطق المأهولة بالسكان من أجل طلب الطعام، فيستمتع السياح بقضاء أوقات لا تنسى بمشاهدتها ومداعبتها لكن الأمر لا يخلو من الأخطار.
  فصيلة نادرة  استوطنت الشريط الشمالي للبلاد


يوجد المكاك البربري بالجزائر عبر عدة مناطق، على غرار بجاية، تيزي وزو، جيجل، فهو يتواجد في أغلب الغابات غابات  الشريط الشمالي للبلاد،  وتشتهر الجزائر بوجود قرد «المكاك البربري» أو الماغو، الذي يُعَد أشهر أنواع القردة وأكثرها في الجزائر، وهو من نوع القردة دون ذيل، وتُعَد من أفضل الأنواع المعروفة لقرد العالم القديم، حسب الخبراء، ومن خلال تسميته «المكاك البربري»، يتضح أن هذه التسمية مستمدة من سكان منطقة المغرب العربي التي يقطنها الأمازيغ أو كما يطلق عليهم أيضا «البربر»، ويطلق عليه سكان بجاية وتيزي وزو في الجزائر «زعضوض» باللهجة الأمازيغية القبائلية، و يمتاز عن بقية القردة من خلال لونه البنّـي المائل للأصفر ويميل لون الجوانب السفلى من وبره للون الرمادي الفاتح ولون وجهه وردي غامق، و لنموه حد أقصى يقارب 75 سم، و يبلغ وزنه في المعدل الطبيعي، 14 كلغ، كما أن الأطراف العلوية لهذا القرد أطول من أطرافه السفلية.
 يتكاثر «الماغو» بانتظام وفق الفصول،  بحيث تكون الولادات في الربيع الذي يتميز بطقس لطيف وخاصة بوفرة الغذاء، و يصفه المختصون بالقرد الاجتماعي، يتنقل في شكل مجموعات مختلطة من الذكور والاناث، و تتكون كل مجموعة من 10 إلى 35 فردا، و في جيجل، تكثر العديد من المجموعات التي لم تستطع الجهات المختصة عدها، لعدة أسباب أهمها،   طريقة عيشها و تأقلمها.
سكان يشتكون من مداهمة الحقول و ارعاب أطفال ونساء
و قد كثر الحديث  داخل التجمعات السكنية بالجهة الغربية بجيجل،  عن هجوم القردة على المحاصيل الفلاحية، و كذا دخولها للمنازل، خصوصا عبر شبكات التواصل الاجتماعي، ما صورها  كحيوان متوحش، يثير الرعب في نفوس القاطنين، و قد تنقلت النصر إلى بعض التجمعات السكانية، على غرار منطقة أفتيس، تازة، العوانة القديمة، أين أوضح مواطنون، بأن القردة تقوم بالاعتداء على محاصيلهم الزراعية، و تقوم بسرقة الأكل المتواجد، كما أنها تسبب الذعر للأطفال الصغار، و النساء اللواتي يهبنها، بحثنا مطولا عن مجموعة من القردة التي تهاجم المنازل، حسب الأخبار المتداولة، لكن لم نجد الصورة التي رسمت من قبل أشخاص بالدلائل و الملموس، فقد وقفنا على تواجد قردة بجوار منازل و حقول، بـأعالي العوانة، تتنقل بين أشجار الزيتون و البلوط، و أشار شيخ، بأن الظاهرة، تكثر بشكل كبير، خلال الفترة الصباحية، قبل شروق الشمس، أين   تقترب قردة  من المساكن، لشرب  الماء، و اقتلاع الزرع للأكل،  وتنتشر  عبر المنازل، إذ يستمر تواجدها لساعات من الزمن قبل الانسحاب تدريجيا.
 و هو مشهد  يتكرر  ، عبر العديد من التجمعات السكنية، خصوصا القريبة من الحظيرة الوطنية لتازة، وقال عبد الله، بأن ظاهرة هجوم القردة، أو زحفها بشكل جماعي على التجمعات السكنية،  تكرر مرات قليلة، و حسب الظروف المحيطة، مؤكدا بأن المجموعات المتواجدة، اعتادت الإقامة بجوار السكان، و تأكل من محاصيلهم، أو من القمامة، مشيرا، بأن الهجوم الذي يتحدث عنه بعض الاشخاص موجود في مخيلتهم، كون القردة، لا تقوم بالاعتداء على السكان، فالطبيعة الحيوانية، تجعل القرد   في حالة الإحساس بالجوع يبحث عن الأكل وفقط، وفي مطلع النهار يمارس دورته الحياتية العادية   مثل البحث عن الغذاء، و تنقلها في شكل مجموعات،  وهو أمر جعل   سكان يصفون  تحركات المجموعات بالهجوم، فلم يسبق للمتحدث كما يقول و أن سمع بهجوم للقردة على المواطنين، مشيرا، بأن جل المجموعات التي تزور المكان، متأقلمة مع الإنسان، و لا تسبب له ضررا جسديا، بل تتلف المحاصيل وفقط، مؤكدا، بأن العديد من المجموعات تتواجد بحظيرة تازة، بسبب الوسط الملائم للعيش، و كذا حمايتها من المخاطر التي يسببها البشر، فقد وصل الأمر، ببعض المواطنين إلى إطلاق النار عليها، و محاربتها.
هذه هي أصناف « الماغو»
تنقلنا إلى إقليم الحظيرة الوطنية لتازة،  أين توجهنا  رفقة فرقة مختصة، متكونة من محافظين بالحظيرة،  نحو مضيق واد تازة، و المعروف بتواجد مجموعات من القردة، أين أخبرنا بوشارب عبد الوهاب محافظ قسم الغابات بالحظيرة ، بأن المنطقة تشهد تواجدا كبيرا للقردة، كما أنها تعتبر فضاء ملائما لها حيث تستغلها كمراقد، فهذه الحيونات الوديعة تفضل المناطق الصعب الولوج إليها،وهو ما لاحظنه حيث بدت لنا  مجموعة من القردة من بعيد ، و قد كان من الصعب التعرف على عددها  و حتى التقاط صور  لها.
 واصلنا السير عبر العديد من المحطات و الفضاءات الجميلة، بالمنطقة المهجورة جراء العشرية السوداء، على غرار منطقتي الطبولة و النمشة، وعند توقفنا بالطريق ، لاحظنا حركة غريبة في الغابات، قبل أن يخبرنا المحافظ بأن القردة تتواجد بكثرة بالمنطقة، قائلا « هنا  توجد القردة الغابية ( المتوحشة)، و التي لا يستطيع الإنسان مشاهدتها  الا نادرا، كونها ألفت الحياة الغابية، وتهرب في حالة إحساسها بحركة غريبة»  مشيرا، بأنها تتأقلم لوحدها في الغابة، إذ تعتمد في غذائها على المحاصيل الزراعية و الأشجار المثمرة، خصوصا الثمار الموسمية، و الزيتون،  ما يجعلها  ذات  بنية حسنة، وأشار المتحدث، بأنه توجد ثلاث فئات من القردة، تختلف حسب سلوكياتها  ضمن الحظيرة،  فئة غابية( متوحشة)، و تعيش في شكل مجموعات، و هي الأقوى  ضمن الحظيرة، و   تعيش ضمن البيئة الطبيعية،  ولا يمكن للإنسان الاقتراب منها  مسافة 60 مترًا ، نجدها  بشكل عام في بيئات طبيعية  و غابات بعيدة عن البشر، نظامها الغذائي يأتي حصرا من الموارد الطبيعية المتاحة في بيئتها.
 أما الفئة الثانية و تتمثل في القردة نصف غابية، وتتمتع  بالقوة أيضا ، وتعيش في بيئات الغابات الطبيعية على حدود التجمعات السكنية بالحظيرة، على غرار (أفتيس ، دار الواد)، و تقترب هذه الفئة من البشر، بحثا عن الفواكه والخضروات التي يزرعها السكان، و قد تسبب ذلك في حدوث أضرار لهم ، و نزوح عائلات، كون القردة، أفسدت نشاطهم الزراعي، مشيرا بأن هذا النوع  لا يقترب من الإنسان و  يمكن مشاهدته  فقط بالعين المجردة، كما أنها قردة  لا تتناول الطعام المطبوخ.
 أما الفئة الثالثة  وهي المتأقلمة مع البشر، و التي يشاهدها جميع المواطنين و الزائرين للولاية، تتجول على طول الكورنيش، و تقترب كثيرا من البشر، و تعتمد في طعامها على ما يقدمه الزائرون لها، أو تتجه للتجمعات السكنية، و تقتات على القمامة.
«الإنسان العدو رقم واحد للقردة  واختطافها للأطفال إشاعة»
و قال المحافظ، بأن القردة في الوقت الراهن تتعرض للعديد من المخاطر، فلكل فئة مخاطر تهددها،  و الإنسان يعتبر العدو الأول لها، و يشكل خطورة عليها ، جراء التصرفات غير المسؤولة، إذ تتسبب المأكولات المقدمة من قبله في إرباك النظام الغذائي الطبيعي للقردة، عبر إفراطهم في تزويدها بأطعمة غير مراقبة كالفول السوداني والخبز، ما يتسبّب في موت الكثير منها، كونها تتضرر من الأطعمة الغنية بالأملاح المعدنية، مشيرا بأن ظاهرة الحرائق تؤثر سلبا على طريقة عيشها، و تؤدي إلى وفاتها، أو هجرانها للمنطقة، كما أن عودة عائلات إلى القرى و المداشر، و استحواذها على الينابيع أثر بشكل كبير على عيشها، و وخلف في العطش الحاد للقردة، و الذي بدوره يؤدي إلى نفوقها، بالإضافة إلى خطر آخر، يتعلق بالقردة المتواجدة على طول الطريق الوطني رقم 43،  أين تتسبب حوادث المرور في جرح العديد منها، و دهسها، حيث تم تسجيل وفاة عدد معتبر من القردة، خصوصا فئة الصغار.
و قال محدثنا، بأن القردة  تعيش في بيئتها منذ سنوات، وما يتم تداوله حول هجومها على بعض التجمعات السكانية، مبالغ فيه لدرجة كبيرة، فهي  تستوطن الجبال منذ قرون، و طبيعتها الحيوانية، تجعلها تبحث عن موطن و تتأقلم حسب كل بيئة، فتواجدها بمناطق معينة و بالقرب من التجمعات السكانية، أمر طبيعي، كونها تبحث عن الأكل و الماء، فتتصرف، حسب طبيعتها و تحاول الظفر بالأكل، من أجل إطعام صغارها، أو سد رمق الجوع، مشيرا بأن جل الروايات التي تتحدث عن اختطاف القردة للأطفال، مجرد خرافة فقط، و لم يتم تسجيل حالات مماثلة، و في ما يتعلق بحالات جرح بعض المواطنين، فذلك ناجم  حسب المتحدث عن تصرفات مقلقة، أثرت على القردة، ما يجعلها تقوم بتصرفات عدوانية،كما يستهجن المحافظ  تعاطي بعض الأشخاص بعدوانية مع «الماغو» من خلال رشقها بالحجارة، ما يضطر هذه القردة للرد بشكل عنيف على المتربصين بها.
 و أشار المتحدث، بأن القردة محمية بقوة القانون، و في حال تعرضها لتصرفات تؤدي إلى وفاتها أو سرقتها، يتم التصرف حسب الأطر القانونية المعمول بها، و التي تصل إلى حد تجريم المتعرض لها و حبسه،  وقد اتخذت السلطات الجزائرية عدة إجراءات بسبب تعرضه لخطر الانقراض؛ حيث تم وضع إشارات في أماكن وجوده بكثرة، تجنبا لإعطائه أطعمة قد تؤدي إلى وفاته، إضافة إلى منع امتلاكه لغرض التربية.
الحظيرة الوطنية لتازة الموطن الآمن للقرد المغاربي


و أشارت مديرة الحظيرة ليليا بودوحان، بأنه تم تسطير برنامج خاص لحماية القردة، التي تعتبر أحد الرموز الحيوانية بالحظيرة، عبر تحسيس المواطنين و السكان القاطنين حول المخاطر الممكن أن يسببها الإنسان للقرد، و كذا الأمراض الممكن انتقالها للإنسان في حالة التلامس بينهما على غرار داء الكلب، و قالت المتحدثة، بأن فضاء الحظيرة المحمي، سمح للقردة بالتكاثر، كونها مشتلة نموذجية لإحياء هذه القردة، لما تملكه تلك الغابة من أشجار ونباتات طبيعية مختلفة ووديان، تستقطب قردة الماغو وتغريها بجدوى البقاء والتكاثر.
كـ.ط

الرجوع إلى الأعلى