أكد الدكتور بن لخضر واسيني طبيب بيطري رئيسي بحظيرة الحيوانات والتسلية «موستالاند» في مستغانم، أن قتل النمر الذي فر من حديقة الحيوانات بتوقرت، ربما كان الحل الأنسب في تلك الوضعية قبل أن يصل النمر للتجمعات السكانية ويفترس مواطنين أو أطفال، مبرزا أن النمر من الحيوانات المفترسة التي ترتفع درجة خطورتها كلما زاد هيجانها، وهذا ما يتطلب التدخل السريع والفعال بإشراف بيطري من أجل تهدئته إن أمكن بواسطة حقنه بالمخدر أو قتله، في الحالات المستعصية.

وأضاف الدكتور واسيني في لقاء مع النصر بحديقة الحيوانات  «موستالاند» بمستغانم وهي حديقة عمومية تابعة للمؤسسة الولائية العمومية الإقتصادية و التجارية، أنه في حالة فرار حيوان مفترس من حديقة أو حظيرة ما، يجب يتم إستشارة ومرافقة طبيب بيطري مباشرة وبسرعة لاتخاذ الإجراءات الضرورة لتلك الحالة ، إما بتخدير الحيوان، إذا كان فراره نحو منطقة خالية من السكان مثل الغابة، حيث يمكن للبيطري في هذه الحالة تحضير الحقنة المنومة وإعطائها للحيوان عن طريق وسائل خاصة تسمح بتصويب الحقنة على بعد 8 مترات ، أو باتخاذ إجراءات أخرى أسرع إذا توجه الحيوان المفترس نحو منطقة بها سكان أو أشخاص مثل زوار الحدائق و غيرها ، ومن بين الإجراءات الممكنة أيضا رمي شبكة عملاقة فوقه تصعب عليه الحركة، أو اللجوء لمحاولة إطعامه من طرف العمال الذين كانوا يعتنون به داخل الحديقة، لأنه يرتاح لهم إذا لم تكن حالته خطيرة جدا، وأشار محدثنا أن مسألة فرار الحيوانات خاصة المفترسة من الحظائر و الحدائق، قد يعود لأبسط تهاون من طرف أي عامل ، أو تساهل في احترام المقاييس الأمنية.
من جانب آخر تطرق الدكتور واسيني لمسألة توفير مخدر الحيوانات الذي قال أنه ممنوع من الاستيراد وفق القانون الجزائري، ولكن يتم جلبه من طرف مسؤولي الحظائر الحيوانية بعد الحصول على اعتماد وترخيص من وزارة الفلاحة، وأردف المتحدث، أن متنزه «موستالاند» بصفته عضوا في جمعيتين دوليتين لحظائر الحيوانات، واللتين أبرم معهما عدة اتفاقيات، يتيسر بفضلهما جلب المخدر بعد اتخاذ الإجراءات القانونية الضرورية.
 صغير النمر الأبيض يباع بأكثر من مليار


وذكر الدكتور واسيني أن سلالة النمر الأبيض النادرة اختفت من الفضاءات الطبيعية عبر العالم ولم يبق منها سوى 221 نمرا، كلهم في الحظائر الحيوانية منها، حظيرة مستغانم التي يوجد بها نمران ذكر وأنثى و أشبالهما، الذين ولدوا في «موستالاند» ويتم الاعتناء بهم وترويضهم وفق المعايير العالمية للتكفل بهذه الحيوانات المحمية دوليا ولا  التي لا تقدر بثمن، ولكن يمكن بالتقريب تقدير القيمة المالية لمولود النمر الأبيض في شهره الثاني ، الذي قد يصل سعره لدى عصابات تهريب والمتاجرة بالحيوانات النادرة خاصة ل 1,2مليار سنتيم.
حواجز وأقفاص وفق معايير دولية لتفادي  فرار النمر
وخلال جولتنا بالحظيرة، سجلنا تعزيزات أمنية متمثلة في حواجز أمنية حديدية على ثلاثة مراحل، الأول لحماية الزوار من الاقتراب من الحيوان، والثاني الذي هو عبارة عن سياج قضيبي مرتفع ولا يسمح للحيوان بإخراج أحد أطرافه لمنعه من الاتصال بالزوار بينما الحاجز الثالث هو تعزيز أمني لتفادي هروبه، وكان حسب ما شاهدناه بالنسبة للنمر على شكل قفص قضيبي صلب، من جهة أخري، وأثناء دخولنا للجهة الخلفية أين توجد الأقفاص التي تلجأ إليها الحيوانات للأكل و النوم، فوجدناها أكثر صلابة ومصنوعة بطريقة تحمي العمال المعتنين بهذه الحيوانات وتسمح بتفادي وقوع أي حادث.
علما أن كل فضاء بموستالاند الحيوانية مزود بنظام مراقبة بالكاميرات التي تبث كل مجريات اليوم مباشرة في غرفة خاصة عن طريق شاشات يشرف عليها مجموعة من العمال لإعلام المسؤولين أو أعوان الحراسة بأي طارئ في أي مكان من الموقع، أو تلقي إنذارات أعوان الحراسة المنتشرين عبر ممرات وفضاء الحضيرة.
زوار «يعتدون»  على حيوانات أليفة   
تمر سنة على حادثة افتراس نمر ليد طفلة عمرها 8 سنوات بحديقة الحيوانات والألعاب «موستا لاند» بمستغانم، لتأتي حادثة مقتل نمر رميا بالرصاص في تقرت وتعيد طرح إشكالية تأمين الحيوانات والمواطنين في حدائق و حظائر الحيوانات بالجزائر، وهنا طرح محدثنا مسألة الجمهور الزائر لحدائق الحيوانات و الذي لا يمتلك ثقافة هذه الزيارة، حيث سرد لنا عدة حالات إعتداءات على حيوانات أليفة بموستالاند، منها إقدام أطفال على فقأ عين أرنب من فصيلة «أراني الكانيش» بإستعمال غصن شجرة، مما اضطر الطاقم البيطري لإجراء عملية جراحية له  ، مثلما تدخل ذات الفريق عدة مرات لعلاج بعض الحيوانات وقرود «المكاك البربري» التي يداعبها الزوار ويمنحونها مأكولات لا تناسبها خاصة شرائح «الشيبس» مما يسبب لها مشكل هضمي، وليس هذا فقط بل تعرض هذا الحيوان لإعتداءات تسببت لها في إصابات بعد حرقه بالولاعة أو كيه بالسجائر، وأحد تلك القردة فقد نهائيا عينه بعد أن فقأها أحد الزوار و  الذين لا يحترمون البيئة أيضا ويرمون القمامة في كل مكان، رغم وجود لافتات متنوعة تدعوهم للحفاظ على المحيط وتحذرهم من الإقتراب من الحيوانات أو إثارة هيجانهم، ولكن تتكرر تلك السلوكات يوميا.
 وفي إطار إعطاء حركية أكبر للحديقة   ومحاولة زرع ثقافة تعامل الزوار مع الحيوانات، كشف الدكتور واسيني أنه سيتم جلب عدة حيوانات أخرى منها الزرافة، الدب الأبيض وفرس البحر والفيلة وغيرها، وهذا بعد التوقيع على إتفاقيات دولية مع عدة حظائر سواء في أوروبا وحتى في المغرب و تونس، ومن المشاريع التي ينتظر أن تنطلق في سبتمبر المقبل، مشروع تحرير بعض الحيوانات الأليفة في فضاء غابي مساحته 6 هكتارات، يمكن للزوار إرتيادها و الإقتراب الفعلي من تلك الحيوانات مع أخذ التدابير الأمنية، ويتوقع مسيرو  المرفق أن يكون هذا الأمر مضبوطا بجدول زمني يتم إعلام الزوار به مسبقا.
كما وجه محدثنا نداء  للمؤسسات التربوية والجامعات لزيارة الحظيرة وإجراء بحوث ميدانية والتعرف عن قرب على تلك الحيوانات، خاصة  السلالات النادرة .
كانت الساعة تقترب من منتصف النهار، عندما دخلنا  «موستالاند»، وبمجرد إقترابنا من الزوار الذين كانوا قادمين من كل أنحاء الجزائر حسب لهجاتهم خاصة من الولايات الجنوبية وكذا المغتربين،  سمعنا الأطفال يسألون عن مكان النمر لوقع حادثة تقرت على نفسيتهم، توجهنا معهم نتتبع  اللافتات الخاصة بالحيوانات المفترسة، فوجدنا أكبر عدد من زوار الحديقة قرب قفص النمور وبهجة الأطفال لا توصف لرؤيته، وساءتنا أيضا تصرفات بعض الأولياء الذين كانوا يحملون أطفالهم ويتجاوزون الحاجز لتقريب الأولاد من القفص، وأخذ صور للنمور التي كانت بداخله، ولولا تدخل أعوان الحراسة لإعادة الأمور لوضعها الطبيعي لكانت الكارثة.
شاهدنا النمرين الأبيضين والنمر العادي و أشبالهم، وشاهدنا الأسد الهجين «أسد-نمر» ويسمى «ليتيقر» وهو من السلالات القليلة في العالم أيضا، ولكن ما لفت إنتباهنا، وجود صغير النمر في العيادة البيطيرية، إنها الأنثى «لولا» التي ولدت هزيلة واهنة الجسم وكادت والدتها أن تفترسها لأن النمر لا يقبل الضعيف في وسطه ويفترسه حتى ولو مولوده، ولكن تمكن طاقم الحظيرة من إنقاذ «لولا» التي تخضع للعلاج وللرضاعة الإصطناعية والرعاية البيطرية كي تستعيد عافيتها وقوتها.
ب/خ

الرجوع إلى الأعلى