تنافس الحظيرة الوطنية للشريعة بالبليدة ، شواطئ البحر خلال موسم الاصطياف، حيث لم تعد هذه المنطقة القبلة المفضلة للسياح خلال موسم الشتاء وتساقط الثلوج، بل تحولت في السنوات الأخيرة إلى قبلة المصطافين، بحثا عن الهدوء و الهواء النقي.

في ساعات الصباح وإلى غاية الرابعة مساء ، تكون المنطقة شبه خالية، والحركة فيها شبه منعدمة إلا من سكانها، لكن مع حلول العصر تبدأ العائلات تتوافد على الشريعة، وذلك مع انخفاض درجة الحرارة و انبعاث نسمات الهواء البارد، وتفضل أغلب العائلات التوجه نحو الفضاءات الغابية، لقضاء أوقات ممتعة تحت ظل أشجار الصنوبر الحلبي و الأرز، بعيدا عن ضجيج المدن وصخبها و اكتظاظ الشواطئ خلال موسم الاصطياف.
زائر المنطقة مع حلول الظلام ، يخيل له وكأنه في منطقة قريبة من الشواطئ، حيث تتجمع أغلب العائلات بالساحة المركزية للبلدية أو المساحة المحاذية للمصعد الهوائي، أين تنتشر محلات بيع المثلجات، فعقب العودة من الفضاءات العائلية الغابية، تتجمع العائلات بهذه المواقع لتناول المثلجات و قضاء السهرة،  كما يختار الأطفال فضاءات اللعب المخصصة لهم، بمحاذاة محطة المصعد الهوائي، للعب والتنزه.
وفي حدود منتصف الليل تقريبا، تعود العائلات إلى منازلها، بعد قضاء يوم هادئ وجميل وسط جبال الشريعة، كما أن أغلب العائلات تحضر معها وجباتها من منازلها و تتناول العشاء في الهواء الطلق،  في ظل غياب مطاعم بهذه المنطقة السياحية الجميلة.
 كما لا تتوفر الفضاءات العائلية البعيدة عن مركز البلدية على الإنارة ، مما يجعل العائلات تضطر إلى الدخول إلى الساحة الرئيسية مع غروب الشمس.


الوجهة المفضلة للشواء
تحولت الشريعة إلى المكان المفضل للعائلات لشواء اللحوم في الهواء الطلق خلال عيد الأضحى و بعده، فمع حلول المساء تتوافد العائلات على الفضاءات الغابية القريبة من مركز البلدية، التي لا توجد بها أعشاب كثيفة و أدغال، ويتم إحضار كمية من الحطب من الأشجار الجافة المجاورة لإشعال النيران، و شواء اللحم في الهواء الطلق، وقضاء وقت جميل في منطقة هادئة.
وفي هذا السياق كانت مصالح الحماية المدنية بالولاية ومحافظة الغابات المواطنين قد حذرت من تحضير الشواء في الغابات، للوقاية من  الأخطار الناجمة عن اشتعال النيران، التي قد تؤدي إلى اندلاع حرائق، لهذا يختار المواطنون المناطق الخالية من الأعشاب و الأحراش لإشعال النار وتحضير  الشواء، كما يقومون بإطفاء النار قبل المغادرة، لتفادي اندلاع حرائق التي تسببت هذا الموسم في إتلاف مساحات شاسعة من الحظيرة الوطنية للشريعة وسلسلة جبال الأطلس البليدي.
 وعلى الرغم من الإقبال الكبير الذي تشهده هذه المنطقة  في فصل الشتاء، و في فصل الصيف، لكنها لا تزال بحاجة إلى عدة مرافق تليق بمقام السياح الذين يقصدونها، و منهم أجانب، وفي مقدمتها المطاعم، حيث أن  الموجودة بالشريعة تعد على أصابع اليد الواحدة، وبعضها مخصصة للأكل الخفيف فقط،  ويتواجد في مدخل المنطقة مطعم للبيتزا، تتشكل أمامه مع اقتراب الليل طوابير من السياح، في ظل غياب مطاعم أخرى راقية .
نفس الشيء بالنسبة لمحلات بيع المثلجات صيفا، حيث أن عددها قليل جدا، ولا تلبي الطلب الكبير للوافدين على المنطقة، كما تغيب فضاءات الراحة اللائقة بالعائلات في الساحة الرئيسية للبلدية أو المواقع الأخرى.
 وعلى الرغم من الجهود المبذولة من طرف السلطات المحلية لتطوير السياحة بهذه المنقطة المصنفة عالميا، إلا أن نتائجها لم تظهر و لم يستفد منها بعد السياح، ولا تزال المنطقة يقصدها الزوار من أجل التمتع بجمالها وهدوئها ونسمات هوائها الباردة صيفا، ومداعبة ثلوجها شتاء، في حين لم تظهر أية خدمات جديدة و مفيدة للسياح، باستثناء المصعد الهوائي الذي فسح المجال للعائلات التي لا تمتلك سيارات بالتنقل إلى الشريعة والتمتع بمناظر طبيعية جميلة على طول المسافة الرابطة بين مدينة البليدة والشريعة، إلا أن هذا المصعد يتوقف عن العمل على الساعة السادسة مساء، وبذلك تضطر العائلات التي تتنقل إلى الشريعة عن طريق المصعد إلى العودة قبل السادسة مساء، وهو وقت غير مناسب للعودة، ولهذا يطالب العديد من الزوار وسكان المنطقة، بتمديد وقت عمل المصعد الهوائي إلى غاية الساعة الثامنة ليلا ، من أجل السماح للزوار بقضاء أوقات أطول بالشريعة، كما يسمح لسكان المنطقة بالتنقل بعد السادسة مساء.
وفي السياق ذاته ، فإن فتح الطريق الرابط بين تباينت ببيوينان والشريعة، سهل حركة سير السيارات، وخفف الضغط على الطريق الوطني رقم 37 ، الرابط بين الشريعة ومدينة البليدة، كما أن طريق تباينت الأنسب لسكان العاصمة للوصول إلى الشريعة ، بعد فتح الطريق المزدوج الرابط بين بوينان وبابا علي بالجزائر العاصمة.


فنادق جديدة وقرية سياحية تنتظر التجسيد
برمجت السلطات الولائية بالبليدة عدة مشاريع بالشريعة من أجل تطوير الحركية السياحية بالمنطقة، منها قرية سياحية تتربع على مساحة 20 هكتارا رصد لها مبلغ 10ملايين دينار، وتتوفر هذه القرية، وفق الدراسة التقنية المقدمة من طرف مديرية السياحة بالولاية، على عدة مرافق و فضاءات عائلية و ساحات للعب.
في حين أن هذه القرية التي تمت مناقشة ملفها في الدورة الأخيرة للمجلس الشعبي الولائي المنعقدة منذ أسابيع ، لا تزال تطرح مشكل تسوية الأرضية، خاصة وأن الحظيرة الوطنية للشريعة منطقة غابية، يعترض مسوؤلوها على انجاز مشاريع قد لا تتلاءم وخصوصيات المنطقة، ونفس الشيء بالنسبة للفنادق، حيث سجلت مديرية السياحة 05 فنادق جديدة لمستثمرين خواص، تنتظر استكمال الإجراءات الإدارية والحصول على رخص البناء.
وفي نفس الوقت تضم المنطقة فندقا توقفت الأشغال به قبل أن تتجاوز نسبة 05 بالمئة، بعد النزاع الذي برز بين الحظيرة الوطنية للشريعة وصاحب المشروع حول الأرضية، وحاليا لا تتوفر الشريعة سوى على فندق واحد يوجد حيز الخدمة، و فندق ثان عمومي استلم،  في حين لم يفتح أبوابه للزبائن، كما تتوفر الشريعة على عدد من الشاليهات أغلبها ملك للخواص، وأخرى عمومية مغلقة و مهملة بسبب وضعها القانوني الذي لم تتم تسويته.   
و يأمل زوار المنطقة وعشاق الطبيعة بالشريعة، أن تتحسن الخدمات أكثر وتنجز هذه المشاريع، وتكون لائقة بهذه المنطقة التي تعد قبلة المواطنين من كل جهات الوطن وخارجه.
ن- ع

الرجوع إلى الأعلى