شهدت العديد من المناطق الجبلية بجيجل، تنظيم قافلة طبية من قبل مصالح الصحة للجيش الشعبي الوطني، حيث زارت عائلات و وضعت خيما لاستقبال المرضى و تقديم فحوصات مجانية و أدوية، و هي مبادرة لقيت استحسانا من طرف سكان هذه النقاط، خاصة في ظل ضعف التكفل الصحي بها.
روبورتاج: كـ. طويل
النصر تنقلت مع الوحدة الطبية التي زارت بلديتي بوراوي بلهادف و بوسيف أولاد عسكر، أين وقفت على مختلف التدخلات التي قامت بها عبر المنازل و كذا تقديم التوجيهات، و قد كانت الانطلاقة صباحا من مقر القطاع العملياتي بجيجل، وصولا إلى منطقة المطبخ ببلدية بوراوي بلهادف الجبلية، أين وجدنا خيمة منصبة، و عشرات المرضى ينتظرون دورهم في الدخول للكشف، فيما كان أفراد من الطاقم الطبي يقومون بقياس ضغط الدم للمتواجدين.
تقربنا من أحد المرضى، فأخبرنا بأنه جاء من أجل الكشف عن حالته الطبية، إذ يعاني من ألم شديد في البطن منذ فترة، و توجه للعديد من الأطباء دون أن يتماثل للشفاء، ليفضل أخذ رأي الطبيب العسكري، فيما ذكر «عمي أحمد» بأنه وجد صعوبة في التنقل إلى الدكاترة الخواص، بسبب ظروفه المالية الصعبة و الخانقة، وقد فرح لدرجة كبيرة عند سماعه بخبر تنقل قافلة طبية تابعة للمؤسسة العسكرية إلى المنطقة، مشيرا إلى أن تواجدها قد أثلج صدره لدرجة كبيرة لا يمكن وصفها، إذ سيتمكن أخيرا من تلقي العلاج اللازم.
أما عبد الله، فعلّق قائلا «لقد جئت اليوم بابنتي الصغيرة من أجل تلقي العلاج و الكشف عنها من قبل طبيب مختص، فظروفي المادية لا تسمح حتى بأخذها إلى الطبيب، كما أني لا أملك بطاقة الشفاء، إذ أني أعمل في مجال البناء و لست مؤمنا اجتماعيا، ليضيف «أحاول جاهدا ضمان قوتي اليومي في منطقة جبلية صعبة العيش، وكلنا في هذه المنطقة نعاني من الظروف الاجتماعية الصعبة، و القاهرة، كما أن ابنتي الصغيرة كثيرة المرض، فجسمها الهزيل لا يتحمل مختلف الأمراض المحيطة بها، و التي تصيبها بشكل متكرر، و قد سعدت كثيرا بوجود الطاقم الطبي العسكري بالمنطقة».
واصلنا الحديث مع العديد من المرضى، الذين أكدوا لنا بأن التكفل الطبي بالمنطقة ضعيف لدرجة كبيرة، حيث أن العيادة الوحيدة بغدير الكبش، يوجد بها ممرض يقوم بتقديم الإسعافات، كما أن مختلف المراكز الصحية لا تضمن الخدمات اللازمة وتعرف غيابا للمختصين، ما أثر سلبا على حياتهم المعيشية و زاد من تفشي مختلف الأمراض، خصوصا المزمنة منها، فغياب الإرشادات الطبية و المرافقة من قبل الجهات المعنية، زاد من حدوثها لدى العديد من الأشخاص، خصوصا كبار السن، و العائلات الفقيرة و المعوزة، التي دخل الداء بيوتها و لم يهجرها، فزاد من حجم المعاناة اليومية.
معظم الحالات تتعلق بأمراض مزمنة و موسمية
توجهنا لداخل الخيمة الطبية المنصبة، أين كان الطبيب العسكري يقوم بفحص مريض و يحاوره لفترة طويلة لمعرفة الأمراض المصاب بها، حيث أخبرنا الدكتور أن الحالة التي بين يديه وجدت صعوبة كبيرة في الحصول على تشخيص طبي دقيق حول مرضها منذ فترة طويلة، ليقدم لها مجموعة من النصائح و عددا من الأدوية لمعالجة الزكام.
و قال لنا الطبيب، بأن جل الحالات التي مرت عليه منذ الفترة الصباحية، تتعلق في الأساس بالأمراض المزمنة و كذا الموسمية، مؤكدا بأن أغلبها طرحت العديد من الأسئلة حول طبيعة مرضها، و تحدثت عن الحاجة للتكفل الطبي المتكرر.
تنقلنا رفقة القافلة إلى المنازل، و قد كان من بينها بيت عائلة بمنطقة غدير الكبش، و هو منزل متواضع مقسم إلى أجزاء مختلفة، و يبدو من خلال مظهره الخارجي، بأن من يقطنونه يعانون من فقر شديد. دخلنا إلى المنزل فوجدناه في حالة كارثية، حيث تعيش به عائلة فقيرة لدرجة كبيرة، و قد بدأ الطبيب في فحص البنت المعاقة مريم البالغة من العمر 13 سنة، إذ كانت تعاني من ألم شديد، و قد تحدث معها مطولا لمعرفة طبيعة المرض الذي أصيبت به.

في تلك الأثناء، سرقنا دقائق من الزمن للحديث مع الأم، فأخبرتنا بأنها عانت كثيرا مع ابنتها التي كانت مصابة بمرض «سبينا بيفيدا» منذ سنوات، و قد خضعت لعملية جراحية لاستئصال الورم، ما أدى إلى إصابتها بشلل أقعدها الفراش، إلا أن الظروف المادية الصعبة، زادت من حجم المعاناة بسبب عدم حصولها على كرسي متحرك و حتى فراش يريحها، مضيفة بأن زوجها يحاول جاهدا كسب قوت يومه، كما أن عمله غير مستقر في منطقة جبلية صعبة.
بعد انتهاء حديثنا مع الأم، وجدنا الطبيب قد قدّم للطفلة مجموعة من الأدوية مع رسالة توجيهية لزملائه المختصين، لنواصل بعد ذلك السير إلى منزل مجاور، تتواجد به ثلاث فتيات عازبات و يتيمات يعيشن في مكان موحش، و بعد أخذ الإذن من أحد أقرباء العائلة، قمنا بزيارة مختلف الغرف التي تعيش فيها الأسرة، حيث وجدنا أن حالتها متدهورة لدرجة كبيرة، بجدران غير مكتملة و ملابس و أفرشة مهترئة.
مواطنون يستحسنون المبادرة
وذكر لنا حاضرون بأن الفتيات الثلاث يعانين من ظروف قاسية و صعبة، و قد قام الطاقم الطبي المتنقل بفحص المرضى و تقديم الدواء اللازم لهم، مع  توجيههم نحو مركز الضمان الاجتماعي من أجل تفعيل بطاقة الشفاء لشراء الدواء، فيما استحسن مواطنون بالجوار المبادرة التي قام بها أفراد الجيش الشعبي الوطني، من خلال زيارة العائلات الفقيرة و المحتاجة، مؤكدين بأن حضورهم كان جد مهم.
توجهنا بعدها إلى منطقة قاع الزان بأعالي بلدية بوسيف أولاد عسكر، أين تم نصب خيمة بالمنطقة، و قد وجدنا العديد من المواطنين ينتظرون دورهم من أجل الدخول للفحص الطبي، و أخبرنا حاضرون بأنهم يجدون صعوبة كبيرة في التكفل الطبي في المنطقة، و يقطعون مسافات طويلة من أجل ذلك، إذ يفضلون التوجه لولاية ميلة المجاورة، لقربها.
وقال المعنيون، بأن العديد من المرضى تأزمت وضعيتهم جراء تأخر التكفل الطبي من قبل الجهات المختصة، و ذكر محمد، بأنه يعاني من ألم شديد في الرأس، قائلا» جئت اليوم للحصول على فحص طبي، فلم تقنعني التوجيهات المقدمة من قبل الأطباء الأخصائيين حول حالتي المرضية، إذ زرت العديد منهم لكن دون جدوى، و قد أتيت لأخذ رأي الطبيب العسكري، لأن المؤسسة العسكرية معروفة بجديتها في تقديم العلاج و التشخيص الدقيق».
بعد لحظات شاهدنا أفرادا من الجيش الوطني، يقومون بنقل شخص مسن يجد صعوبة في المشي، كما كانت الأجواء رائعة، بحضور الأطفال الصغار، ولدى دخولنا للخيمة وجدنا الطبيب يقدم إسعافات أولية لطفل مصاب من يده، ظل على نفس الحالة لأيام عديدة دون تقديم العلاج له.
و تدخل هذه العملية في إطار مبادرة سخرت لها مصالح الصحة العسكرية كل الوسائل و الإمكانيات الطبية، تنفيذا لتعليمات القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي، والمتعلقة بالتكفل الطبي بالمواطنين في المناطق النائية، أين انطلقت من بلدية بوراوي بلهادف بولاية جيجل عبر إقليم الناحية العسكرية الخامسة، بتجنيد أطقم طبية مجهزة بكل الوسائل المادية، حيث ستمس العديد من النقاط الجبلية.                                         كـ. ط

الرجوع إلى الأعلى