غادر نهار أمس، حوالي 340 مواطنا كانوا قد قدموا من فرنسا و مصر، 3 فنادق بولاية قسنطينة، و ذلك بعد انقضاء فترة الحجر الصحي التي استغرقت أسبوعين في إطار الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدولة لمنع انتشار فيروس كورونا المستجد، و قد وقفت النصر على جانب من العملية و تحدثت إلى بعض هؤلاء المواطنين و كذلك إلى الجهات المشرفة عليها من سلطات و أطباء.

روبورتاج: ياسمين بوالجدري

العملية التي أشرفت عليها مصالح الشرطة بقيادة رئيس أمن الولاية، عرفت نقل المقيمين في الفنادق الثلاثة على متن 12 حافلة انطلقت صباحا إلى الجهات الأربع للوطن لتتوقف بأزيد من 30 ولاية، و قد بدأت من فندق “بروتيا” بوسط المدينة، الذي غادره 68 مسافرا بعد الإمضاء على الوثائق اللازمة و تسلّم جوازات سفرهم، أما في فندق الحسين الواقع بعلي منجلي، فقد شمل الإجراء حوالي 114 مقيما إضافة إلى 161 آخرين بفندق الخيام، وهم المواطنون الذين سبق لهم القدوم إلى الجزائر عبر مطار قسنطينة في العشرين من شهر مارس الفارط، حيث أن معظمهم أتوا من العاصمة المصرية القاهرة، بينما قدم عدد قليل من باريس بفرنسا.
و وسط إجراءات النقل التي سارت في ظروف حسنة، تحدثت النصر إلى بعض المواطنين الذين كانوا في الحجر الصحي و من بينهم السيدة سميرة التي أعربت و علامات الارتياح بادية عليها، عن سعادتها بخروجها معافاة بعد انتهاء مدة الحجر حيث قالت و هي تجر الحقيبة مغادرة فندق «الحسين»، إنها متجهة إلى مسكنها في الجزائر العاصمة بعد أن حظيت بالعناية اللازمة مباشرة بعد قدومها من القاهرة، داعية الجزائريين إلى المكوث في منازلهم إلى أن تمر الأزمة.
أما أحد المغادرين الذي خرج رفقة زوجته و ابنتيه باتجاه الحافلة التي ستقلهم إلى منزلهم بوسط العاصمة، فقد قال و هو لا يزال يضع الكمامة «جميع الجزائريين معنيون بالحجر الصحي و لسنا نحن فقط، و ذلك حتى يُرفَع عنا هذا الوباء”، قبل أن يضيف «جئت من القاهرة رفقة أسرتي وقد حظينا بخدمات رائعة».

مواطنون خرجوا من الحجر يؤكدون للنصر: «الأطباء كانوا يزوروننا يوميا وأي شيء نطلبه يصلنا للغرف»


عبد الرزاق البالغ من العمر 25 سنة، مغادِر آخر أخبرنا أنه كان يعمل في إحدى الشركات الناشطة في قطاع السياحة بالقاهرة، و كان قد برمج العودة لقضاء أيام بالجزائر خلال شهر أفريل، لكنه اضطر إلى تقديم موعد السفر بعد تزايد حالات فيروس كورونا، مضيفا أنه عاد مع العديد من الجزائريين الآخرين الذين كان بعضهم في مصر من أجل السياحة، فيما قرر آخرون و بينهم أشخاص مقعدون، العودة أيضا خوفا على أنفسهم على اعتبار أنهم مصابون بأمراض مزمنة.
عبد الرزاق أكد أنه حظي بعناية جيدة في الفندق الذي كان يقيم فيه، مضيفا “أفراد عائلتي كانوا قلقين قليلا في البداية، لكن الحمد لله، بعد تأكد عدم إصابتي اطمأنوا.. لقد كان الأطباء يزورونا كل يوم و يأتون لقياس درجة حرارة الجسم، كما كان الأكل يصلنا إلى غاية الغرفة و لم ينقصنا شيء في الحقيقة، و أي غرض نحتاجه كان يأتينا”. و عن يومياته في الحجر طيلة 14 يوما، يقول الشاب في ارتياح واضح “الحمد لله، الأطباء هنا اعتنوا بنا و كانوا يطمئنوننا و يخبروننا بأن كل شيء على ما يرام و بأن درجة الحرارة جيدة، كما أنهم كانوا يتصلون بنا بالهاتف».

أطباء أشرفوا على المتابعة الصحية: استطعنا السيطرة على الخوف لدى المحجور عليهم


ذكر طبيبان أشرفا على المتابعة الصحية لمعظم المسافرين الذين تم تحويلهم للحجر الصحي بقسنطينة، أن الفرق الطبية استطاعت إزاحة حالة الخوف التي سيطرت على هؤلاء المواطنين في البداية، و ذلك من خلال طمأنتهم و متابعة الأعراض التي تظهر عليهم أولا بأول.
الدكتور تواتي رشيد و هو طبيب عام بالمؤسسة العمومية للصحة الجوارية العربي بن مهيدي، شرح للنصر الطريقة التي كانت تتم بها عملية المتابعة الصحية للأشخاص المحجور عليهم بفندق الحسين، حيث ذكر أنه كان يزورهم لمرتين في اليوم و ذلك على العاشرة صباحا ثم على الساعة العاشرة ليلا، و هو وضع استمر على مدى 14 يوما ألزِم خلالها المعنيون بعدم الخروج من الغرف و عدم الاحتكاك بالعمال.
و زيادة على ذلك فقد تم تزويد جميع المقيمين برقم الطبيب و رقم مصلحة الاستقبال، و في حال تسجيل أية مشكلة، كان الدكتور تواتي يذهب إليهم مباشرة، مثلما أخبرنا، مضيفا أنه قد تم أيضا جلب الأدوية مجانا لذوي الأمراض المزمنة لأن أغلبيتهم لم يأتوا بها أو لأن الكميات المتوفرة لديهم نفدت، ليوضح الطبيب أن فترة 14 يوما تعد عموما مدة كافية و مقبولة لاكتشاف ظهور أعراض وباء كورونا المستجد.
و عن التكفل النفسي بالمقيمين خلال الأسبوعين الماضيين، ذكر الدكتور تواتي أنه حرص على القيام بهذا الدور بحكم خبرة 30 سنة التي يمتلكها في مجال الطب، و التي سمحت له بالتمكن من جعل المعنيين يتقبلون وضعيتهم و إجراء الحجر الصحي و ألا يخافوا من المرض أو الأعراض مع الحرص على عرضها عليه أولا بأول، خاصة بعد أن وقف في بداية الأمر على حالة من الخوف الشديد بينهم، ليتلاشى هذا الخوف تدريجيا، مثلما يؤكد الطبيب و هو لا يزال يرتدي بدلة حماية تغطي كامل جسمه.

فقدان حاستي الشم والتذوق قد يدل على الإصابة

و بيّن الدكتور أن فقدان حاستي الشم و التذوق بطريقة سريعة و مفاجئة، قد يكون علامة على الإصابة بعدوى “كوفيد 19»، إذا لم تظهر الأعراض الكلاسيكية على غرار الحمى و آلام العضلات و ضيق التنفس، حيث يمكن للمريض مثلا أن يشعر أنه يقوم بمضغ ورق الكرتون و ليس الطعام، و هو ما يستوجب أن تكون المتابعة يومية و دقيقة.أما الدكتورة شامي من المؤسسة العمومية للصحة الجوارية الخروب، و التي تابعت المحولين إلى الحجر الصحي بفندق الخيام رفقة زميلتها، فذكرت أنه تمت متابعة الحالات منذ اليوم الأول حيث تم الكشف عن الجميع و بالأخص ذوي الأمراض المزمنة، مضيفة أن الأمر في البداية كان صعبا بعض الشيء بسبب التوتر الذي سيطر على جميع الوافدين، فأي عارض يظهر على أحدهم كان يجعلهم يشكّون في احتمال الإصابة بفيروس كورونا رغم أن الأمر يتعلق غالبا بأنفلونزا عادية أو التهاب خفيف في اللوزتين، لتعلق قائلة “الحمد لله استطعنا تجاوز هذا الأمر، فقد كنا نمر عليهم يوميا و نطمئنهم و نعطيهم الأدوية».

مدير فندق الحسين: عمالنا لم يغادروا الفندق طيلة 15 يوما


أكد مسيّرا فندقين استقبلا المواطنين المحجور عليهم صحيا بقسنطينة، أنه قد تم الحرص على ضمان ظروف إقامة جيدة للجميع، معتبرين أن ذلك يدخل في خانة الواجب الوطني.
مدير فندق الحسين بولفخاذ عبد الوهاب ذكر أنه تم الحرص طيلة مدة 14 يوما على العناية بجميع المواطنين المحولين من المطار، معلقا بالقول “لقد أصبحنا بمرور الأيام بمثابة عائلة واحدة.. العمل كان جبارا على مستوى قسنطينة بتكاثف جهود مصالح الولاية و الأمن و مديريتي الصحة و السياحة».
و أضاف بولفحاذ أن العمل كان يتم بالتنسيق مع الجهات المذكورة من خلال الأخذ بالنصائح و التعليمات التي تقدمها، موجها شكره لإطارات الفندق و العمال الذين لم يخرجوا طيلة 15 يوما و الذين قال إنه بقي معهم شخصيا، معتبرا ما تم تقديمه واجبا في ظل الظرف الذي تعيشه البلاد، أما مدير فندق الخيام السيد عناني محمد الصالح، فأكد في تصريح مقتضب للصحافة أن مصالحه أدت واجبها و ضمنت أحسن استقبال للمواطنين لكي يقيموا في ظروف جيدة.

الأمين العام لولاية قسنطينة: وفّرنا ظروف إقامة مريحة بتضافر جهود الجميع

أكد الأمين العام لولاية قسنطينة، أن جميع الأشخاص الذين خضعوا لفترة الحجر الصحي حظوا بظروف إقامة مريحة، و ذلك بتضافر جهود جميع الجهات المتدخلة.
و قال أخروف السعيد في تصريح للصحافة على هامش العملية، إنه قد شُرع في نقل المواطنين إلى ولاياتهم الأصلية، بعد أن رُحلوا إلى الجزائر و أخضعوا للحجر الصحي بفنادق قسنطينة، و ذلك في ظروف وصفها بالمريحة من ناحية التكفل أو الرعاية الصحية أو التغطية الأمنية، مؤكدا أن كل مصالح الدولة على المستوى الولائي تكفلت أيضا بضمان هذا الأمر، على غرار مديريات السياحة و النقل والحماية مدنية.

ي.ب

الرجوع إلى الأعلى