قاسمت النصر، مساء الاثنين الفارط، أعوان الحماية المدنية بالبليدة، إفطارا جماعيا نظم بالوحدة الرئيسية و ضم عشرات الأعوان ببهو الوحدة الرئيسية، الذين يعملون بمختلف الوحدات الفرعية عبر إقليم الولاية.

-  روبورتاج: نورالدين عراب

و رغم أن المبادرة لم تكن الأولى بحيث تعودت مديرية الحماية المدنية على تنظيم إفطار جماعي لأعوانها و إطاراتها، لكن هذا الموسم كان متميزا، حيث غابت عنه الصورة الحميمية و العناق و الكل كان حذرا بضرورة احترام مسافة الأمان و استعمال الكمامات و لا تختلف الأجواء عن مشاهد العسكري المجند الموجود على أهبة الاستعداد لدخول المعركة في أي لحظة.
و بالرغم من كل هذه الأجواء التي خيمت على الإفطار الجماعي الذي شارك فيه ممثلون عن قطاع الصحة و المصالح الأمنية و مديريات مختلفة، إلا أنه كان فرصة للأعوان، للقاء زملائهم من مختلف الوحدات الأخرى و في نفس الوقت، كان الإفطار فرصة لالتقاط الأنفاس بعد معركة صعبة مع فيروس كورونا و تبادل أطراف الحديث بين الضباط و الأعوان بعيدا عن غرفة العمليات.
و ساهم هذا الإفطار في الرفع من معنويات الأعوان و تشجيعهم على المجهودات الكبيرة التي يبذلونها في مواجهة هذا الوباء، خاصة و أنهم كانوا في الصفوف الأمامية و العديد منهم بقوا لفترة طويلة بعيدا عن عائلاتهم، كما تم على هامش الإفطار، تكريم عدد من الأعوان اعترافا و تقديرا بالمجهودات المبذولة و تشجيعا لهم على مواصلة المعركة ضد هذا الوباء الخفي.
إجراءات مشددة للوقاية من الفيروس
لا تختلف المشاهد في الوحدة الرئيسية للحماية المدنية بالبليدة، عن مشاهد ثكنة عسكرية في حالة حرب و كل الجنود على أهبة الاستعداد و تشديد أجهزة الرقابة الأمنية و وضع الجنود أيديهم على الزناد استعدادا لأي لحظة قد يواجهون فيها عدوا محتملا، هذا المشهد نفسه رصدناه بوحدة الحماية المدنية، في حين الاختلاف الوحيد في العدو، بحيث إذا كان العساكر يواجهون عدوا جليا، إلا أن عناصر الحماية المدنية يواجهون عدوا خفيا و أول إجراء وقائي يقومون به، هو تشديد الرقابة خوفا من تسربه إلى داخل الوحدة، ثم حماية المواطنين و نقل المصابين إلى المستشفيات.
و لتفادي تسرب العدو الخفي في أوساط الوحدة، اتخذت إجراءات مشددة للدخول، بحيث أن كل عون أو زائر للوحدة، ملزم بالدخول عبر ممر التعقيم في المدخل الخارجي، كما أن كل سيارات الإسعاف التي تخرج لنقل مصابين بفيروس كورونا أو تدخلات أخرى، يتم تعقيمها أثناء عودتها و قبل دخولها إلى الحظيرة، كما يمر الأعوان و السائق عبر ممر التعقيم و كلها إجراءات وقائية لتفادي انتشار الوباء، مع احترام الأعوان لكل شروط الوقاية و السلامة الصحية داخل الوحدة، خاصة التباعد الاجتماعي، النظافة و غيرها.
الحرص على الجاهزية وتحضير سيارات الإسعاف للتدخل


ما يشد الانتباه عند دخول الوحدة الرئيسية للحماية المدنية، هو تواجد 10 سيارات إسعاف في الحظيرة على أهبة الاستعداد للتدخل السريع في حال وجود أي اتصال تعلق بفيروس كورونا أو غيره، حيث أنه و في الحالات العادية، كانت تكتفي هذه الوحدة بثلاث أو أربع سيارات فقط مخصصة للتدخلات العادية أو تدخلات حوادث المرور، لكن فيروس كورونا رفع من الجاهزية و جندت مديرية الحماية المدنية عددا من سيارات الإسعاف الإضافية للتدخل و نقل المصابين بفيروس كورونا، أو الحالات المشتبه فيها إلى المستشفيات.
و يقول مسؤول خلية الإعلام، عادل الزغيمي، في هذا السياق، بأن عدد التدخلات اليومية المتعلقة بفيروس كورونا، وصلت إلى 48 تدخلا و يتطلب ذلك تجند عدد أكبر من سيارات الإسعاف و الأعوان لتلبية كل الاتصالات و نقل كل الحالات المشتبه فيها و القيام بكل التدخلات اللازمة.
الإفطار الجماعي لم يعوض حنين الأعوان للمة العائلة
قبل الإفطار بحوالي نصف ساعة، تجمع الأعوان بالساحة الرئيسية  لتبادل أطراف الحديث و كان المشهد لا يختلف عن استراحة محارب بعد معركة طويلة مع العدو، في حين هذه الاستراحة طبعتها الحيطة و الحذر و احترام كل شروط الوقاية، خوفا من تسرب هذا العدو الخفي في وسطهم من جديد، بعد تسجيل 24 إصابة في صفوف الحماية المدنية بالبليدة و بعد أذان المغرب، انتقل الأعوان و الضابط و الضيوف إلى صلاة المغرب جماعة في الساحة، لكن حتى مشهد الصلاة كان مختلفا و لأول مرة نحضر صلاة جماعية بهذا الشكل، بحيث قام الجميع الذين يصل عددهم إلى 200 شخص في صلاة الجماعة، في مشهد مخالف تماما عما كان قبل كورونا، بحيث لا تقل المسافة بين الشخص و الآخر عن متر و نصف و بعد إقامة الصلاة، انتقل الأعوان و الضيوف إلى طاولات الإفطار، في مشهد غابت عنه الحميمية المعتادة، التي أفسدها التباعد و ضرورة احترام مسافة الأمان في تناول الإفطار، كما لم يخف بعض الضيوف ارتباكهم و حضورهم كان بقلق و حذر، فيما أحضر بعض الضيوف المدعوين فطورهم من المنزل و ذلك لاعتقادهم بأن عدم تناول أي وجبة خارج المنزل، يساعد في الوقاية من فيروس كورونا.
و تحدثنا مع عدد من الأعوان أثناء الإفطار الجماعي و الشعور بالقلق لم يفارقنا طيلة تواجدنا بالوحدة، خاصة و أن عددا كبيرا منهم لا يغادرون وحدات الحماية المدينة منذ ظهور الوباء و لهذا قمنا بتعقيم أنفسنا عند الدخول و لم ننزع الكمامة الطبية إلا أثناء الجلوس إلى مائدة الإفطار، فيما كنا حريصين على التباعد أكثر، رغم أن المائدة كانت تضم إعلاميين فقط، كما أنه و أثناء حديثنا مع الأعوان، كنا حريصين على احترام مسافة أمان أكثر مما هو مطلوب.
و ذكر لنا بعض الأعوان، أن مائدة الإفطار و بالرغم من أنها جمعتهم بالعائلة الثانية و هي عائلة الحماية المدنية و كانت فرصة لرفع المعنويات و تبادل أطراف الحديث مع زملائهم و ضباط لم يلتقوهم منذ ظهور الفيروس، لكن لم يخفوا الحنين إلى العائلة الذي لا يمكن أن تعوضه مائدة الإفطار الجماعي للعائلة الثانية.
و يقول أحدهم، بأن مائدة الإفطار الجماعي تخفف منه لكن لا تعوضه، خاصة و أن العديد منهم لم ينتقلوا إلى عائلاتهم منذ شهرين كاملين و لهم أبناء و آباء و أمهات فرض عليهم فيروس كورونا البقاء بعيدين عنهم خلال هذه الفترة الصعبة، لتفادي احتمال نقل العدوى لهم.
و يذكر مدير الحماية المدنية بولاية البليدة، مرزاق باشي، أن تنظيم هذا الإفطار الجماعي للأعوان و رؤساء الوحدات و مشاركة فاعلين في الميدان، جاء للرفع من المعنويات و التشجيع على التصدي لهذا الوباء، مضيفا بأن الحماية المدنية جندت كل الوسائل المادية و البشرية خلال هذه الفترة، لمواجهة وباء كورونا و الخروج من هذا المأزق.
و في السياق ذاته، يذكر مسوؤل خلية الإعلام، عادل الزغيمي، بأن مديرية الحماية المدنية متعودة على تنظيم الإفطار الجماعي في كل موسم، لكن هذه السنة غابت عنه الصور الحميمية و التعانق، مضيفا بأن الابتعاد عن العائلة لا يعوض بإفطار و يبقى سلوكا رمزيا لرفع معنويات الأعوان و تشجيعهم على مواصلة الكفاح، في ظل هذه الظروف الصحية الصعبة، مشيرا إلى إشراك الأسلاك الأخرى التي صمدت في هذه المعركة و منها أسلاك الصحة، الأمن و وسائل الإعلام و الجمعيات من أجل تأكيد دورها أيضا في مواجهة هذا الوباء.
تكريم أعوان أشرفوا على عملية توليد سيدة في سيارة إسعاف


قام مدير الحماية المدنية على هامش الإفطار الجماعي، بتكريم أعوان أشرفوا على عملية توليد سيدة في سيارة إسعاف منذ أيام و ذلك اعترافا و تقديرا للسلوك الإنساني الذي قاموا به، كما كرمت الحماية المدنية عددا من الأعوان الآخرين، خاصة الذين كانوا في الصفوف الأمامية لمواجهة فيروس كورونا و نقل الحالات المصابة و المشتبه فيها بالفيروس.
و يذكر ممثل عن فرقة كوفيد 19 العون، لغزالي الهامشي، في هذا السياق، أنهم مروا بأيام صعبة خاصة خلال الفترة الأولى، مشيرا إلى أن عدد التدخلات وصل في اليوم الواحد إلى 20 تدخلا لسيارة إسعاف واحدة و أضاف بأن أي اتصال يتلقونه، يعتبرونه على أساس أنهم ينقلون حالة إصابة مؤكدة بالفيروس بنسبة 99 بالمائة، حيث يتخذون كافة الاحتياطات من خلال احترام المسافة بين الأعوان و الضحية و تعقيم سيارة الإسعاف و ارتداء اللباس الواقي، مشيرا إلى أنه و في البداية، يتم التأكد مما إذا كان المتصل يحمل أعراض كورونا كالحمى و السعال الجاف و لما يتم التأكد من بعض الأعراض، يتم نقل المشتبه فيه في سيارة الإسعاف، كما يبقى أعوان الحماية المدنية بعيدين عنه.
و في السياق ذاته، يذكر محدثنا أن بعض المواطنين يتصلون للتبليغ عن حالات بسيطة على أساس أنها لمصابين بفيروس كورونا و رغم ذلك يتم التنقل إليهم، مضيفا بأن الجيران في بداية انتشار الوباء، عرقلوا نوعا ما مهام عناصر الحماية المدنية و سببوا لهم الإزعاج، كالقيام بتصوير الضحية و إظهار الحذر الكبير منه، في حين أنه و مع مرور الوقت، تأقلموا مع الواقع الجديد و ساهموا في مساعدة عناصر الحماية المدينة، و في بعض الحالات يقومون ببعض السلوكيات منها عزل الضحية. قائلا بأن الأوضاع تحسنت و تسير نحو الاستقرار التنازلي خلال هذه الأيام، متمنيا رفع الوباء و عودة الحياة الطبيعية للمجتمع.
ن/ع

الرجوع إلى الأعلى