فتحت أمس الأول، حديقة الحيوانات و التسلية ببرج بليدة بالعوانة، غرب جيجل، أبوابها للزوار، و عشاق الحيوانات، وسط إجراءات احترازية و وقائية شملت مختلف الفضاءات التابعة لها، و قد شهدت الحديقة عملية تهيئة واسعة و جلب حيوانات جديدة إليها ، خلال فترة غلقها بسبب الحجر الصحي، الناجم عن جائحة كورونا، ما جعلها تستعيد اليوم وجهها المشرق و الجذاب و أجواءها البهيجة.

روبورتاج/ كـ . طويل
الأطفال ينشرون الفرح بالحديقة
زرنا الحديقة في حدود الساعة العاشرة صباحا، موعد فتح أبوابها أمام الزوار، فوجدنا عائلات مصطفة، بالمدخل الرئيسي للحديقة، و كان أعوان المؤسسة منهمكين في تحسيس الزوار و حثهم على احترام إجراءات التباعد.
المكان الذي ظل هادئا طيلة خمسة أشهر، استعاد بريقه و جماله و زواره، خاصة الأطفال الذين اشتاقوا إلى الحيوانات و روعة المكان، فمنهم من كان يتمنى أن يرى حيواناته المفضلة، و هو حال الطفل أحمد، الذي وجدنا الدموع تملأ عينيه ممزوجة بابتسامة، و كان يردد عبارة « توحشت أميرة»، و هو اسم أنثى الفيل، التي يحبها جميع الزوار، نظرا  لخفتها و احتكاكها بالزوار.
و أخبرنا والد الطفل، بأنه اشتاق للحديقة كثيرا و للحيوانات الموجودة بها، كونه من عشاق الحيوانات، و كان يزور الحديقة كل أسبوع تقريبا، لكن بعد غلقها، حزن كثيرا، مضيفا « البارحة عندما قرأت خبرا نشرته صفحة جريدة النصر، و تداولته مواقع التواصل الإجتماعي، مفاده فتح الحديقة، أخبرت ابني أحمد، فكاد يطير فرحا، كما لو أنه كان في غيبوبة، و استيقظ منها و استعاد طبيعته و نشاطه، لم يصدق أنه سيزور الحديقة، ويرى الحيوانات مجددا».
و سادت أجواء الفرح بين الزوار الصغار و الكبار معا ، و أخبرنا شاب تزوج في شهر مارس الفارط، أنه لم يستطع أن يسافر مع عروسه لقضاء شهر العسل بسبب الحجر المنزلي الذي فرضته الجائحة، و بعد عودة  النشاط  تدريجيا، يحاول أن يعوض بعض ما ضاع منهما، مثمنا فتح أبواب الحديقة، مشيرا إلى أن جائحة كورونا و تبعاتها أثقلت كاهل المواطنين و أدخلت العالم في دوامة من الخوف و الهلع.
و أضاف أن عمال و أعوان الحديقة يشرفون على ترتيب دخول الزوار و كذا تطبيقهم إجراءات الوقاية و السلامة، خصوصا التباعد، فهو المطلوب منهم بالدرجة الأولى، على حد تعبيره، كما ثمنت العائلات الإجراءات الوقائية التي اتخذتها إدارة الحديقة.
إجراءات وقائية صارمة و تدعيم الحديقة بعمال جدد
الملاحظ جدية و حماس العمال عند البوابة الرئيسية التي شهدت توافدا كبيرا للزوار، فظلوا يحثون الزوار على ضرورة التباعد و ارتداء الكمامة، دون أن تمنعهم درجة الحرارة المرتفعة من مواصلة العمل، كما أن تحليهم بحسن المعاملة جعل الجميع يحترم الإجراءات التي تشرحها اللوحات الإرشادية و الوقائية المعلقة في كل مكان.
و أوضحت مسيرة الحديقة نعيمة بوحليسة ، بأن كافة الترتيبات و الإجراءات قد تمت من أجل احترام و تطبيق البرتوكول الصحي، فتم تحديد ممرات السير و الدخول، و كذا فتح بوابة مخصصة لخروج الزوار، و شاحنة تقوم يوميا بتعقيم المساحات و الفضاءات بالحديقة.
و في البوابة الرئيسية، وضعت حواجز و لافتات تدعو للبس الكمامة و التباعد الاجتماعي، مع وضع أعوان يسهرون على تنظيم عملية اقتناء التذاكر و الدخول للحديقة، و قياس درجة الحرارة ، مع الحرص على تعقيم الأيادي و ارتداء القناع الواقي، و قد تم تعزيز التواجد الميداني بعمال موسميين، يسهرون على تطبيق الإجراءات و حث المواطنين على التباعد داخل الحديقة، كما يقومون بمنع الزوار من التجمع بجوار أقفاص و مراقد الحيوانات و الاحتكاك بهم، كما أنهم ينظمون دوريات مستمرة، لتحسيس الزوار بضرورة احترام التباعد الجسدي و البرتوكول الصحي، فيما تم إعلام و لقاء أصحاب الأكشاك و الفضاءات المختلفة بالحديقة، على غرار حظيرة الألعاب و المطاعم، بضرورة إحترام الإجراءات و التعقيم المستمر و منع الاحتكاك بين الزبائن.
الاعتماد على وعي الزوار و فرق المراقبة
 قالت المتحدثة، بأن نجاح عملية فتح الحديقة يرتكز على وعي الزوار و إدراكهم لخطورة الوضع الصحي العالمي، جراء جائحة كورونا، مشيرة إلى أنه تم اغتنام غلق الحديقة طيلة الخمسة أشهر الفارطة، من أجل القيام ببعض الترميمات و التحسينات داخل الحديقة، و ترتيب بعض الإجراءات، بالرغم من تأثر المؤسسة ماديا بالغلق ، فهي لا تعتمد على مداخيل أخرى، و اضطرت لتحمل أعباء مالية كبيرة خلال فترة الحجر الصحي، حيث يتم ضمان الأكل للحيوانات و كذا أجور العمال.في ما يتعلق بمواعيد فتح و غلق الحديقة، ذكرت المسؤولة، بأنها تفتح حاليا على الساعة العاشرة صباحا و تغلق في الثامنة ليلا.
تجولنا داخل الحديقة، و لاحظنا وجود عدد معتبر من اللافتات التحسيسية و التوعوية التي تدعو لاحترام مسافة التباعد الجسدي و استعمال الكمامة و عدم إطعام الحيوانات و الاقتراب منها، كما أن بعض الزوار كانوا يجلسون بأرضية الحديقة، في حين كان الأطفال منهمكين باللعب و مشاهدة الحيوانات بعد طول انتظار.و كل زائر كان يلتقط الصور التذكارية بجوار الحيوان المفضل لديه، و مداعبته، و كان أعوان الأمن، يمنعون الجميع من الاقتراب من الأقفاص أو لمسها و كذت إطعام الحيوانات، و قال لنا أحد الزوار، بأنه سعيد  بالعودة إلى الحديقة بعد طول انتظار مضيفا « لقد شاهدت من بعيد الإجراءات المتبعة في الحديقة في الساعات الأولى من فتحها ، و أتمنى أن تستمر على هذا الشكل الصارم» .


و قالت لنا سيدة « لقد قدمت من ولاية سطيف، عندما سمعت بأن الحديقة فتحت مجددا، أحضرت أبنائي من أجل مشاهدة الحيوانات و قضاء سويعات جميلة وسط الطبيعة الخلابة، تعتبر هذه الحديقة من بين أفضل المناطق بولاية جيجل التي تجلب السياح «.
واصلنا جولتنا بالحديقة، فجذب انتباهنا التزام أصحاب الأكشاك بالإجراءات الاحترازية و الوقائية عند تلبية طلبات الزبائن، و قال لنا أحد البائعين، بأن الرهان في الوقت الحالي يرتكز على الزوار، بفضل وعيهم و حرصهم على احترام الإجراءات الوقائية، سيتم منع انتقال الفيروس و التغلب على الوباء الوبائية، مشيرا إلى أن إدارة الحديقة، تشدد باستمرار على احترام البروتوكول الصحي و الوقائي، و بأن أي مخالف سيتعرض لعقوبة.
أوضحت من جهتها الطبيبة البيطرية يسرى قميحة ، بأن غلق الحديقة طيلة خمسة أشهر، سمح لطاقمها بالقيام بمجموعة إجراءات و مراقبة الحيوانات، فالعمل ظل متواصلا عبر ضمان الوجبات الغذائية الصحية للحيوانات و توفير العلاج لها.وأشارت بأنها لم تشخص خلال فترة الغلق إصابة الحيوانات بمشاكل في الجهاز الهضمي، كالتسممات الغذائية و الإسهال التي كانت تصيبها كثيرا قبل الغلق، بسبب الأكل الذي يقدمه الزوار لها او كان يؤثر كثيرا على صحتها و سلامتها.كما سمحت ذات الفترة كذلك بفتح أقفاص بعض الحيوانات، خصوصا الأحصنة، و تركها تتجول بحرية داخل الحديقة، و تحسنت الوضعية الصحية لكافة الحيوانات.
و أشارت الطبيبة البيطرية إلى أن الحديقة تدعمت بثلاثة أصناف من الحيوانات و و هي الغزلان، قردة المون و الأحصنة، ما سمح برفع عدد الأصناف الموجودة إلى 51 صنفا، و جميعها بحالة صحية جيدة، كما شهدت الحديقة ولادات جديدة.و تابعت المتحدثة بأنه في حال وجود مصاب بفيروس كورونا، فلا شيء يثبت بأنه  سينقل العدوى إلى بقية الحيوانات، حيث لا توجد دراسات واضحة تشير إلى إمكانية انتقال الفيروس من البشر إلى الحيوانات، سوى بعض الأخبار المتداولة في الصين، داعية الزوار إلى تجنب الاحتكاك المباشر مع الحيوانات و لمسها أو إطعامها، و الاكتفاء بمشاهدتها من بعيد، من أجل الحفاظ على سلامتهم و عدم التأثير على النظام الغذائي للحيوانات، و أكدت من جهة أخرى إلى أن عودة الحركة إلى الحديقة، سيوثر في سلوكات الحيوانات و نظامها الغذائي مؤقتا.عندما غادرنا  الحديقة، لاحظنا استمرار توافد عشرات الزوار، في ظل التنظيم المحكم عند المدخل الرئيسي، و كانت حظيرة السيارات شبه ممتلئة، بمركبات تحمل ترقيم عدد كبير من الولايات.
و تبقى حديقة الحيوانات بالعوانة من بين أفضل الفضاءات و أكثرها استقطابا للزوار و السياح بعاصمة الكورنيش الجيجلي.

الرجوع إلى الأعلى