* حذر و ترقب في أوساط التلاميذ و نظام التفويج يبعث على الارتياح
شهدت أمس ولاية قسنطينة التحاق  تلاميذ الطورين المتوسط و الثانوي بمقاعد الدراسة، على غرار باقي ولايات الوطن،  في ظروف تنظيمية حسنة، لكن مع تسجيل حالة من الارتباك عند التلاميذ و الأطقم البيداغوجية، بسبب تفشي فيروس كورونا.
بلغ عدد المتمدرسين في الطور المتوسط  بولاية قسنطينة 83 ألف تلميذ و في الطور الثانوي 43 ألف و 900 تلميذ، فيما تدعم  القطاع بـ  12 مؤسسة تربوية جديدة  في الطورين،  و 25 حافلة جديدة  تضاف إلى أزيد من 250 حافلة، تضمن نقل التلاميذ من المناطق النائية و مناطق الظل من  وإلى مؤسساتهم التعليمية، و ذلك ضمن القرارات التي اتخذتها مؤخرا الحكومة لضمان دخول مدرسي آمن، و تطبيقا لآليات الوقاية من جائحة كورونا.
النصر قامت بجولة استطلاعية عبر عدد من ثانويات و متوسطات المدينة الجديدة علي منجلي ، فلمسنا صرامة في تطبيق البروتوكول الصحي داخل المؤسسات، وسط مخاوف من عدوى الفيروس المستجد، في ظل ارتفاع معدلات الإصابة اليومية.
لاحظنا أمس خلال جولتنا الاستطلاعية، حالة عامة من الحذر و الترقب، سواء بالنسبة للتلاميذ و أوليائهم أو الأساتذة و الطاقم الإداري، فرغم كل التحضيرات و الاستعدادات التي سبقت هذا الموعد من  تعقيم المؤسسات الدراسية قبل 72 ساعة من  موعد الدخول المدرسي، و كذا تقسيم التلاميذ إلى أفواج، غير أن ارتفاع أعداد الإصابات مجددا خلال الأيام الأخيرة، بعد طول استقرار،  أخلط الأوراق، و تسبب في حالة من الخوف ، خاصة بين بعض الفئات من  التلاميذ الذين أكدوا للنصر أنهم يتوقعون إصدار قرار بتوقيف الدراسة في أية لحظة، في ظل هذه المعطيات التي لا تبعث على الارتياح .
التقينا أمام ثانوية بن عبد القادر محمد العربي بالوحدة الجوارية رقم 02 بالمدينة الجديدة علي منجلي في قسنطينة ، بمحمد أمجد،  تلميذ في السنة أولى ثانوي، فقال لنا أنه تردد كثيرا قبل مغادرة البيت باتجاه الثانوية،  و يعتقد أن الوصاية قادرة على إصدار قرار توقيف الدراسة في أية لحظة ، حفاظا على سلامة التلاميذ في ظل المؤشرات الراهنة و تفاقم الإصابات بكورونا مجددا.
و أكدت لنا مجموعة من التلميذات كن واقفات أمام المدخل الرئيسي للثانوية، في انتظار أن يرن جرس الدخول، عدم ارتياحهن للعودة للدراسة مجددا، بعد أزيد من سبعة أشهر من الانقطاع عنها، و هذا راجع إلى  تزايد الإصابات اليومية بالفيروس  ، و المؤشر الوحيد الذي يبعث على القليل من الارتياح بالنسبة إليهن هو انتهاج مبدأ التفويج في تقديم الدروس،  حيث لا يتعدى الفوج الواحد 24 تلميذا لضمان تطبيق التباعد البدني، حرصا على سلامة المتمدرسين ، إلى جانب تقليص الحجم الساعي للحصص الدراسية إلى 45 دقيقة للحصة الواحدة .
نفس الطرح قدمه لؤي، تلميذ بنفس الثانوية ، مشيرا إلى أن اليوم الأول من انطلاق الدراسة عرف تسجيل غياب عدد معتبر من التلاميذ،  خوفا من انتقال العدوى بينهم.
لاحظنا أن الكثير من الأولياء رافقوا أبناءهم في أول أيام الدراسة، خاصة في الطور المتوسط، من أجل الاطمئنان على سلامتهم و الوقوف على مدى تطبيق البروتوكول الصحي داخل المؤسسات.
 و أعربت إحدى الأمهات عن خوفها على ابنها ،في ظل الظروف الصحية الراهنة، مؤكدة  أنها لم تتوقف عن تقديم النصائح و التحذيرات لابنها الذي يلتحق لأول مرة بمتوسطة علي منجلي 15 ثنيو أحمد بالوحدة الجوارية 18 ، خاصة في ما يتعلق بارتداء الكمامة و تفادي التجمعات مع الزملاء،  و رغم طول العطلة و أهمية العودة إلى مقاعد الدراسة اعتبرت المتحدثة أن  الحفاظ على صحة الأبناء و وقايتهم من العدوى، أهم من كل الاعتبارات الأخرى .
لا كمامة و لا تباعد خارج المؤسسات التربوية
لاحظنا خلال هذا الاستطلاع أن انتشار الخوف من العدوى بين التلاميذ، لم يدفعهم إلى التمسك بتطبيق آليات الوقاية خارج  أسوار المؤسسات التربوية، حيث شاهدنا مجموعات من التلاميذ لا تحترم إطلاقا مسافة الأمان  و التباعد و الكثير منهم لا يضعون الكمامة ، و اكتفوا بحملها بين أيديهم من أجل وضعها عند الدخول إلى المؤسسات التعليمية و تحديدا الثانويات،  باعتبار تلاميذ الطور الثانوي، حسب تعليمات الحكومة، معنيين أكثر من غيرهم بوضعها، سألنا عددا من هؤلاء التلاميذ عن سبب عدم ارتدائهم الكمامات و عدم احترامهم التباعد البدني، فردوا أن  وضع الكمامة طوال النهار في حد ذاته إشكال كبير بالنسبة إليهم، خاصة و أنهم لم يتعودوا على وضعها طيلة الفترة السابقة، كما أن احترام مسافة التباعد أمر صعب، مثلما أكدوا،  رغم أهمية هذه الإجراءات.
و أمام ثانوية  ساقية بوخميس بالتوسعة الغربية للوحدة الجوارية رقم 20 ، وجدنا مجموعات من التلاميذ ينتظرون موعد الالتحاق بأقسامهم، غير مبالين بتطبيق البروتوكول الوقائي، خاصة في ما يتعلق بمسافة الأمان، حيث كانوا يتصافحون و يتعانقون و لا يرتدي إلا القليل منهم الكمامات ، نفس المشهد وجدناه أمام متوسطة علي منجلي 15 ثنيو أحمد المتواجدة بالوحدة الجوارية رقم 18 ،  لكننا لاحظنا أن التلميذات أكثر احتراما للاجراءات الوقائية،  مقارنة بالذكور، خاصة في ما يتعلق بارتداء الكمامة.
انضباط كبير داخل المؤسسات
عكس ما سجلناه خارج الثانويات و المتوسطات، هناك تطبيق صارم للإجراءات الوقائية داخل المؤسسات في أول يوم من الدخول المدرسي،  و هو ما أكده التلاميذ  الذين تحدثت إليهم النصر ، فانطلاقا من  المدخل الرئيسي، وصولا إلى قاعة الدرس ، يلتزم كل تلميذ بوضع الكمامة،  و قد وزعت الكثير من المؤسسات كمامات على التلاميذ ، مع وضع قارورات من الحجم الكبير للسائل المعقم في مدخل البوابة و في فناء المؤسسة، و أخرى داخل الأقسام لضمان التعقيم الدائم للأيدي .
كما يمنع منعا باتا التجمع داخل  الفناء، أما في قاعات الدراسة فلابد من احترام مسافة التباعد بين الطاولات و لا يسمح  إلا بجلوس تلميذ واحد فقط في كل طاولة،  و يوجد 20 إلى 24 تلميذا في كل فوج داخل  القاعة الواحدة .
أخذنا كعينة متوسطة لشطر القرمي بالوحدة الجوارية 20 ، فبعد محاولات عديدة مع الطاقم الإداري،  تمكنا من الدخول، فوجدنا كل الطاقم البيداغوجي مجندا لتطبيق و احترام البرتوكول الصحي، تفاديا لانتشار فيروس كورونا.
أما تلاميذ ثانوية بن عبد القادر محمد العربي بالوحدة الجوارية رقم 2 ، فقد أكدوا لنا  أنهم ملزمون باحترام كل الإجراءات داخل المؤسسة ، و قد تحول الشغل الشاغل لكل الطاقم البيداغوجي، هو مراقبة مدى التزام التلاميذ  بالإجراءات الوقائية .
تكثيف الدروس و الحجم الساعي حديث الساعة
 بين التلاميذ
بعيدا عن هاجس كورونا الذي ميز الدخول المدرسي لهذه السنة ، لاحظنا أن أغلب التلاميذ  يتناقشون حول الطريقة الجديدة المنتهجة في الدراسة هذه السنة، و التي فرضها انتشار فيروس كورونا المستجد ، حيث قالت نسمة، تلميذة في القسم النهائي بثانوية ساقية بوخميس، أن تكثيف الحصص الصباحية و المسائية بمعدل ست حصص صباحا و أربع حصص مسائية سيثقل كاهل التلاميذ ، رغم تقليص الحجم الساعي للحصة إلى 45 دقيقة و تعتقد أن ذلك لن يصب في صالح التلميذ المجبر على التأقلم مع هذا النظام التعليمي الجديد. أما  عماد، المقبل على اجتياز امتحان شهادة التعليم المتوسط،  فأكد أن التلاميذ أمام تحد كبير هذا العام، خاصة المقبلين على اجتياز الاختبارات الحاسمة ، فهم مجبرون على التأقلم مع التنظيم الدراسي الجديد، سواء من حيث التقسيم الساعي أو حجم الحصص ، من أجل تحصيل علمي جيد، بعد أزيد من سبعة أشهر من الانقطاع عن الدراسة.
هيبة عزيون

* الأخصائي النفساني العيادي كمال بن عميرة
الأزمة ستُحفِّز التلاميذ على التكيف النفسي و الدراسي
«بعد التراخي و الاستهتار اللذين سجلناهما بين أعداد كبيرة من المواطنين، خاصة الشباب و المراهقين خلال الفترة الأخيرة، في ما يخص تطبيق إجراءات الوقاية من كوفيد 19 ،  جاء الدخول المدرسي في الطورين المتوسط و الثانوي  ليدفع الجميع إلى التخلص من العادات السيئة التي اكتسبوها خلال عطلة طويلة فرضت عليهم بسبب الجائحة، و استرجاع صفة التلميذ، بكل ما ترمز له من انضباط و تنظيم للوقت ، و أيضا التزام ببروتوكول صحي صارم ليبقى في مأمن من الخطر و ضمان سلامة زملائه و أساتذته أي أسرته الثانية، إلى جانب أسرته الأولى بالبيت.
الملاحظ أيضا أن الجائحة أحدثت تغييرا في المناهج و البرامج التعليمية، فقد تقلص الحجم الساعي و تم الاعتماد على نظام الأفواج، و بالتالي نقص الضغط  ، و بإمكان التلميذ أن يدرس بأريحية و يركز أكثر في دروسه، و أقول هنا «رب ضارة نافعة»، ففي مثل هذه الظروف رغم صعوبتها  ، إلا أن التلميذ سيشعر بالارتياح النفسي و يسترجع ثقته في نفسه، و يتخلص من الذاتية ليكتسب الوعي الجماعي،و هنا لا بد من أن يكون هناك تنسيق و تعاون و تكامل بين الأولياء و الأساتذة، لتنمية وعي التلميذ بالوضع الراهن و إدراكه لأهمية الوقاية ، و بالتالي تخليصه من كل المخاوف، و غرس ثقافة النظافة و المحافظة على البيئة و المواطنة في نفسه.
 و أوجه هنا رسالة إلى الأولياء لكي يتحملوا مسؤوليتهم كاملة إزاء أبنائهم المتمدرسين و يكونوا صمامات أمن و أمان و توعية لهم، يشجعونهم و يساعدونهم في الدراسة، و يتجنبوا تخويفهم   من الفيروس.في هذه المرحلة، على التلميذ أن يدرك أن الأستاذ موجه و مشرف في العملية التعليمية و أيضا الوقائية، و عليه أن يعتمد على نفسه في الدراسة  في البيت، و يتخلص من الارتباك و التوتر اللذين يطبعان كل بداية جديدة،  في ظروف خاصة، إن الأزمة الراهنة ستصقل شخصية التلميذ نفسيا و انفعاليا   و تجعله أكثر نضجا و قوة و قدرة على مواجهة المصاعب  .            إلهام.ط 

* أخصائية علم النفس التربوي نبيلة عزوز
نظامُ الأفواج يضمن الشعور بالارتياح و التركيز للتلميذ
« كمدرسة و أخصائية في علم النفس التربوي، لاحظت أن الدخول المدرسي للطورين المتوسط و الثانوي، تم بشكل عادي و لو أن بعض التلاميذ تقاعسوا في الالتزام بإجراءات الوقاية، لكنهم سيتعودون عليها تدريجيا .
في المقابل لاحظت أن أكبر المستفيدين من نظام الأفواج هم التلاميذ و الأساتذة ، فبدل أن يضم القسم 42 تلميذا، لا يستطيع الأستاذ متابعتهم و تقييمهم جميعا، أصبح الفوج يضم من 15 إلى 20 تلميذا ، مما يسهل على الأستاذ تقييم مستوى كل واحد و رصد نقاط ضعفه و قوته و إيجاد الحلول المناسبة، و من بينها الدروس الاستدراكية التي تقتصر على عدد قليل، و بالتالي الجائحة وفرت الارتياح للأساتذة و التلاميذ و يسرت العملية التعليمية و تمرير المعلومات و استيعابها دون ضغوط و أتوقع أن تكون النتائج جيدة. كما أن الحرص على تجاوز الفوضى التي كانت سائدة في السنوات الفارطة و إعادة تنظيم الأقسام و تباعد الطاولات، و توفير وسائل الوقاية و النظافة ، عوامل تجعل التلميذ كل ما يدخل إلى مؤسسته و قسمه يشعر بالانشراح و السرور و التفاؤل و الإقبال على التعلم، لكن لا بد من مد جسور التعاون بين الأساتذة و الأولياء، لاسيما في ما يخص الالتزام بالبروتوكول الصحي، حتى لا تتشتت جهود الأساتذة في هذا المجال بدل التركيز على العملية التعليمية».
إلهام.ط

الرجوع إلى الأعلى