التَّهويل عند شرح خطر كورونا يؤثر على تحصيل التلاميذ
* الكمامات القماشية تعيق نمو مخ الأطفال الأقل من 6 سنوات
يجد الكثير من الأولياء صعوبة في فرض إجراءات الوقاية من فيروس كورونا على أبنائهم، خاصة المتمدرسين منهم، فيلجأ بعضهم إلى تخويف صغارهم لإجبارهم على التقيد بها، ما أثر سلبا على العديد منهم، فتحول الوباء إلى هاجس بالنسبة إليهم، خاصة بعد الدخول المدرسي، فهم مجبرون حاليا على التقيد بارتداء الكمامة و غيرها من الإجراءات.
ربورتاج / أسماء بوقرن
  و قد حذرت أخصائية نفسانية في حديثها للنصر، من المبالغة في تشديد الإجراءات الوقائية و تخويف الأبناء، مؤكدة بأن ذلك يؤدي إلى تشتت تركيزهم و يؤثر على تحصيلهم الدراسي، فيما دعت أخصائية في طب الأطفال إلى اتباع طريقة مبسطة و مرحة في التوعية و تطبيق الإجراءات، مضيفة أن الأطفال الأقل من 6 سنوات، غير ملزمين بارتداء الكمامة، لأنها تعيق نموهم، داعية إلى عدم اقتناء الكمامات القماشية للشريحة التي يتجاوز عمرها ست سنوات.  
ارتفاع حصيلة وباء كورونا و تسجيل أرقام مرعبة، في الشهر الجاري، تزامن مع الدخول المدرسي، ما زاد من مخاوف الأولياء، و دفع الكثير منهم  إلى استعمال أسلوب التخويف، لجعلهم يلتزمون بالإجراءات الوقائية، فيما انتهج الطاقم التربوي الصرامة، ما أثر على نفسية التلاميذ، كما قالت الأخصائية النفسانية سليمة سودوس، مؤكدة للنصر، بأن أسلوب التوعية المنتهج من طرف بعض الأساتذة و المساعدين التربويين، يقترب من التهويل أكثر منه إلى التحسيس و التوعية، ليتحول الوباء إلى هاجس بالنسبة لشريحة واسعة من الأطفال، كما أكد عدد من الأولياء تحدثت إليهم النصر، أنهم يستعملون أسلوب التخويف لضمان التزام الأولاد في الخارج بإجراءات الوقائية.
أولياء: التأكيد أن الأطفال ناقلون للعدوى فرض علينا تخويفهم
من بين الأولياء الذين تحدثت إليهم النصر، السيدة سليمة أم لأربعة أطفال، يدرس اثنان منهم في الطور الابتدائي، حيث قالت لنا أن الكم الهائل من المعلومات حول كورونا التي تتلقاها يوميا من المختصين، جعلها تحرص على تطبيق ما يقدمونه من نصائح و توجيهات على أبنائها، موضحة بأن تأكيدهم على أن الأطفال ناقلون للعدوى و لا يصابون بها، جعلها تجبرهم على ارتداء الكمامات لضمان سلامتها و سلامة زوجها الذي يعاني من داء السكري، و تحرص على توفيرها، بالرغم من ما يكلفها ذلك من مصاريف، مشيرة إلى أنها كانت في البداية تشتري لهم الكمامات الجراحية، لكنها صادفت أقنعة قماشية مصممة خصيصا للأطفال ، ففضلت أن تشتريها لأنها تدوم لمدة أطول مع إمكانية غسلها، كما أنها على مقاسهم، عكس الجراحية التي قالوا أنها ليست مناسبة لهم و تزعجهم، كما أنها مكلفة.
و اعترفت المتحدثة بأنها تنتهج الأسلوب التخويفي في توعية أبنائها و تلجأ أحيانا إلى ادعاء أن بعض العائلات تعرضت لحوادث مميتة بسبب استهتار أبنائها، و أضافت بأن ابنها الذي يدرس في السنة الثالثة ابتدائي، أصبح يخشى إصابة والده بالفيروس، و يرفض الخروج للعب و تقبيل الآخرين، فيما يحرص على وضع الكمامة و استعمال السائل المعقم يوميا، خوفا من أن يصاب والده بالعدوى و يموت، مشيرة إلى أنها أدركت بأنها مخطئة، بعد أن أصبح يعاني من الخوف المفرط من فقدان والده.
و قال رمزي، و هو أب لثلاث بنات، إحداهن رضيعة لم تكمل شهرها الثامن، بأن ابنته التي تدرس في السنة الرابعة ابتدائي، لم يعد أمر الدراسة و مراجعة الدروس يعنيها، بقدر ما أصبح تركيزها منصبا على الأمور الوقائية، مشيرا إلى أنها كانت في السابق تنقل له كل ما درسته بالقسم، و ما حدث مع أستاذتها أو بقية التلاميذ، لكنها أصبحت اليوم منشغلة بقارورة السائل المعقم و تغيير الكمامة و طريقة الجلوس في القسم.    
* الدكتورة زهرة نجار مختصة في طب الأطفال
الكمامات تعرقل وصول الأوكسجين إلى المخ و الرئتين لهذه الفئة..
تحذر الدكتورة زهرة نجار، طبيبة مختصة في طب الأطفال، في حديثها للنصر، الأولياء من وضع الكمامة لأطفالهم الأقل من ست سنوات، لأنها تعيق عملية تنفسهم و تعرقل وصول الأوكسجين إلى الرئتين و كذا إلى المخ الذي يعتبر في مرحلة تطور و يحتاج بشكل كبير للأوكسجين، كما يؤثر على وظيفتهما.
 أما بخصوص الأطفال الأكثر من ست سنوات، فعليهم وضعها، محذرة من استعمال أسلوب التخويف و الترهيب و كذا التهويل، سواء من قبل الأساتذة أو الأولياء، مؤكدة أن الأطفال نادرا ما يصابون بالوباء.
و تدعو الأساتذة إلى انتهاج أسلوب التوعية بطريقة مبسطة و سليمة، دون ترهيب الطفل و تشتيت تركيزه، و تفضل أن ينزعوها وقت الاستراحة في ساحة المدرسة، مع ضمان التباعد الجسدي، لأن الفيروس لا يعيش في الهواء، و إنما ينتقل من شخص إلى آخر فقط، فيما تنصح بارتدائها داخل القسم، و ترك النوافذ مفتوحة، حتى و إن كان الجو باردا، لضمان التهوئة، مع الحرص على ارتداء المعاطف لتجنب الإصابة بالزكام.  
و بخصوص عدم توفر كمامات مناسبة لهذه الشريحة العمرية، أكدت بأنه على المستوى الدولي لم يتم تخصيص كمامات للأطفال، و تنصح الأولياء باختيار أقنعة جراحية ذات لون أزرق، لكونها تساعد على دخول الهواء، و تحذرهم من استعمال الكمامات القماشية ، التي راجت خلال الجائحة، و ذلك لأنها تعيق عملية التنفس، و تجعل الطفل يستنشق الهواء الذي يتنفسه و المتمثل في ثاني أوكسيد الكاربون، و هو ما يؤدي إلى شعور الطفل بالعياء و الدوار، مشيرة إلى أن الوباء لا يصيب الأطفال و هم مجرد ناقلين، موضحة بأن هناك حالات نادرة فقط، و و تقدر بحوالي حالة واحدة بين 10 آلاف حالة، و تتعلق في الغالب بالذين يعانون من الحساسية أو الربو و يكون تأثير فيروس كورونا عليهم، كتأثير الزكام.
و بخصوص طريقة التوعية و التحسيس، تحذر المختصة من انتهاج الصرامة المفرطة ، داعية إلى اتباع طريقة عقلانية مبسطة و سليمة  و سلسة، بحيث لا يشعر من خلالها الطفل بالخوف من الفيروس، أو أنه مقيد، و تعليمه أن تلك السلوكات صحية، يجب علينا اتباعها، حتى بعد انفراج الأزمة، و ذلك بغسل الأيدي قبل الأكل و بعد الدخول إلى المرحاض و التأكيد بأن هناك جراثيم و ميكروبات لا نراها بالعين المجردة، لهذا يجب علينا تنظيفها باستمرار،  و الحرص كذلك على نزع الحذاء و المئزر عند الدخول إلى البيت لأنهما يحملان فيروسات ، و تنصح أيضا بتوعية الأطفال بترك مسافة متر واحد بينهم، لأن هناك أمراضا أخرى معدية، كالتهاب اللوزتين و الزكام و غيرهما.
* الأخصائية النفسانية سليمة سودوس
أسلــوب التوعيــة المنتهج مع الأطفـــال يقترب أكثــر من التهويل
من جهتها قالت الأخصائية النفسانية سليمة سودوس، بأن بعض الأولياء، و حتى الأساتذة ، يعتمدون على التهويل و التخويف في  التوعية لتطبيق إجراءات الوقائية و هذا أسلوب خاطئ، و لا يجدي نفعا، لما يسببه من ضغط كبير على الطفل، و يشتت انتباهه، فيصبح تركيزه منصبا على الالتزام بتلك الإجراءات، خوفا من العقاب، بدل متابعة ما يقدمه الأستاذ، و هذا ما يؤثر على تحصيله العلمي، و على نفسيته، حيث يصبح يشعر بنوع من النفور من المدرسة، و يفضل البقاء في فضاء بعيد، يشعر  فيه بكامل حريته، و يكون بعيدا عن ضغط البيت و المدرسة، داعية الأساتذة إلى تخصيص حيز زمني قصير للتلاميذ للترويح عن النفس و خفض الكمامة لثواني قليلة، داخل القسم.  
المختصة شددت على ضرورة انتهاج أسلوب مرح و مبسط في التوعية لتطبيق إجراءات الوقاية، سواء من قبل الأستاذ أو حتى الأولياء، و جعلهم يتعايشون مع الوضع، دون التأثير على حالتهم النفسية، و الابتعاد قدر الإمكان عن تضخيم خطورة الوباء .
و أضافت أنها استخلصت من خلال الحالات التي استقبلتها في عيادتها بمدينة قسنطينة، الخوف و الضغط الكبيرين  الممارس في الغالب من قبل الأولياء على أطفالهم، كما لاحظت بأن جلهم واعون بطرق الوقاية، و يجيدون استعمال المعقم، داعية إلى عدم المبالغة في التوعية، مؤكدة بأن هذه المرحلة تم تجاوزها، نظرا لطول عمر الأزمة التي تجاوزت تسعة أشهر، و متابعتهم للحملات التي نظمتها وسائل الإعلام و عرضتها قنوات يوتيوب.  
أ . ب

الرجوع إلى الأعلى