26 ألــف مخالفــة لتدابير الوقايــة من كورونـــا في سبعــة أشهــر بقسنطينــة
سجلت مديرية الأمن الوطني لولاية قسنطينة حوالي 26 ألف مخالفة لتدابير الوقاية من فيروس كورونا والحجر الجزئي منذ بداية فرضها نهاية شهر مارس الماضي إلى غاية يوم أمس، حيث كثفت المديرية عدد عمليات التوعية الموجهة للمواطنين ورفعتها إلى ما متوسطه 50 عملية يومية عبر مختلف الدوائر، كما باشرت حملة وطنية وزعت خلالها 3 آلاف كمامة على المواطنين بالولاية، التي اختيرت مع وهران والعاصمة كنقاط انطلاق، في حين تظهر الحركية العامة استجابة نسبية لإجراء وضع القناع الواقي ومسافة التباعد في المساحات والهيئات العمومية مقارنة بالأيام الماضية، مع الارتفاع المُقلق لعدد حالات الإصابة بالوباء المسجلة يوميا في قسنطينة، مثلما تعلن عنه لجنة رصد وتتبع الفيروس.
روبورتاج: سامي حبّاطي
تضاؤل الطابور أمام البريد المركزي
ولاحظنا أمس، خلال تواجدنا بالقباضة الرئيسية لبريد قسنطينة بوسط المدينة حضورا أمنيا معتبرا لتنظيم طوابير زبائن البريد، في حين فتحت مديرية البريد مكتبين إضافيين لصرف معاشات المتقاعدين في مقر الاتحاد العام للعمال الجزائريين، ما جعل الطابور الطويل يتضاءل تدريجيا خلال الفترة الصباحية، في حين تنقلنا إلى دار النقابة عبد الحق بن حمودة ووجدنا متقاعدين يسحبون معاشاتهم، كما ذكر لنا مواطنون بالمكان أنه يمكن لأي حامل لحساب بريدي أن يسحب أجره من المكتبين.
ومست حملة التحسيس وعملية توزيع الكمامات التي نظمتها مديرية الأمن الولائي القباضة الرئيسية، بينما عدنا إلى المكان حوالي منتصف النهار ولاحظنا أن سيارة للشرطة تجول بالمكان ويصدر منها ضابطٌ نداءات شفوية للمواطنين باحترام إجراءات التباعد الاجتماعي ووضع الكمامات والوقاية، قبل أن تتقدم المركبة من سلالم مسرح محمد الطاهر فرقاني ويطلب الضابط من الباعة والمواطنين الذين يتخذون منها مكانا للجلوس وعرض بعض السلع المحمولة على اليد، مغادرة الموقع، في حين تُسجّل حركية أقل داخل سوق رحبة الجمال الشعبي مقارنة بفترات سابقة.
وأبدى المواطنون استجابة لإجراءات الوقاية مثلما لاحظناه بمرأى العين، فأغلبيتهم يضعون الكمامات، في حين رافقنا مصالح الشرطة في العملية التحسيسية إلى غاية الحاجز الأمني الدائم على المدخل الغربي لمدينة قسنطينة، أين وزعت مطويات على السائقين تتضمن نصائح وقائية، في حين وجدنا أن أعوان الشرطة الذين يعملون بالحاجز قد أوقفوا شاحنة وحرروا مخالفات لثلاثة أشخاص كانوا على متنها دون أن يضعوا الكمامات، قبل أن توزع عليهم من طرف المشاركين في العملية.
وسلمت عناصر الشرطة الكمامات لمواطنين بمركز البريد في بوالصوف قبل التنقل إلى السوق الجوارية في نفس الحي، حيث وقفت على محل لبيع اللحوم لا يضع صاحبه ممسحة الأرجل عند المدخل، ليذكره القائمون على الحملة بأن عدم وجودها قد يعرضه للمخالفة القانونية.
12 ألف شخص دون أقنعة و13 ألفا خرقوا حظر التجول
وسجلت المديرية الولائية للأمن بقسنطينة منذ صدور المرسوم التنفيذي الذي ينص على إجبارية وضع الكمامة إلى غاية يوم أمس الأحد، 12 ألف مخالفة ضد أشخاص لم يلتزموا بهذا الإجراء، بحسب المكلف بالاتصال والعلاقات العامة، الملازم الأول بلال بن خليفة، حيث ذكر أن عدد الأشخاص الذين ضبطوا في وضعية مخالفة لإجراءات الحجر الصحي الجزئي، أو ما يعرف بحظر التجول الليلي، قد وصل إلى 13 ألفا و223  منذ بداية تطبيق الإجراء.
ونبه نفس المصدر إلى وجود أشخاص مشبوهين استغلوا وضعية الحجر الجزئي من أجل القيام بأعمال إجرامية تندرج في خانة الجنح أو الجنايات، حيث تمت مراقبة 916 شخصا وإخلاء سبيلهم، في مقابل 162 شخصا وضعوا في غرف التوقيف للنظر بسبب الاشتباه بهم في جنح تتعلق بحيازة الأسلحة البيضاء المحظورة و قطع مخدرات للاستهلاك، فضلا عن حيازة المخدرات والمؤثرات العقلية بغرض البيع.
وشملت العمليات الأمنية المنفذة من طرف المديرية طيلة الفترة المذكورة خلال ساعات الحظر، توقيف تسعة أشخاص مبحوث عنهم، إلى جانب 28 شخصا يشتبه في إثارتهم لشجارات جماعية، كما ألقت قوات الأمن القبض على شخص زوّر رخصة استثنائية للتنقل خلال ساعات الحجر الجزئي منذ حوالي شهرين، فضلا عن آخر بسبب الاشتباه فيه بالتصريح الكاذب وانتحال هوية الغير، كما أوقف شخصان آخران لأنهما كانا محل صدور قرار نهائي بالحبس وستة كانوا محل حيازة مؤثرات عقلية بطريقة غير شرعية قصد البيع والعديد من الحالات الأخرى.
أما بخصوص النشاط التجاري خلال فترة الحجر الصحي، فقد أوضح نفس المصدر أن المديرية سجلت 732 مخالفة أفضت إلى غلق 333 محلا، كما يوجد شخص ضبط في وضعية ممارسة نشاط دون رخصة، بحيث يعرض مشاوي للبيع في الطريق العام وفي ظروف لا تتلاءم مع شروط النظافة الصحية.
وسجلت الولاية أيضا 238 مخالفة متعلقة بعدم احترام التباعد الجسدي و95 حالة تتعلق بعدم تنظيف وتعقيم المحلات، فضلا عن 50 محلا مارس أصحابها النشاط خلال الحجر الجزئي.
رفع متوسط التحسيس إلى 50 عملية في اليوم
وأفاد المكلف بالاتصال أن العملية المنظمة أمس، تمثل انطلاقة لحملة وطنية شرعت فيها المديرية العامة لتوزيع الكمامات على المواطنين، وخصوصا الفئات الهشة منهم، حيث كانت نقطة البداية من ولاية قسنطينة ووهران والعاصمة. وأضاف نفس المصدر أن مديرية أمن ولاية قسنطينة تستهدف الفئات الهشة بالدرجة الأولى، خصوصا وأن الحملة تصادف تاريخ استلام المتقاعدين لمعاشاتهم، حيث شملت القبّاضة الرئيسية للبريد ومراكز شارع بلوزداد وكدية عاتي وبوالصوف والسوق الجواري بنفس الحي وحاجز الشرطة عند المدخل الغربي لمدينة قسنطينة.
ولم تستثن وسائل النقل من العملية، إذ مست عربات الترامواي من أجل تحفيز المواطنين على وضع الأقنعة الواقية والحد من انتشار فيروس كوفيد-19، الذي يرى المكلف بالاتصال أن أرقامه ما زالت مرتفعة. ودعا المتحدث باسم المديرية المواطنين إلى الالتزام بالبقاء في منازلهم إلا للضرورة، معتبرا أنها المكان الأمثل لحماية الإنسان من الإصابة، خصوصا مع وجود دراسات ترجح فرضية بقاء الفيروس في الهواء، مثلما أكد.
وشرعت مديرية أمن ولاية قسنطينة في توزيع ثلاثة آلاف كمامة مثلما أكده المكلف بالاتصال، الذي قال أنها منتجة وفقا للمعايير الصحية المعمول بها داخل ورشات المديرية العامة للأمن الوطني، مشيرا إلى أنها قابلة للاستعمال لأكثر من ثلاث أو أربع ساعات. وأشار نفس المصدر إلى أن مديرية الأمن تركز على العمل التوعوي أكثر من التركيز على مخالفات إجراءات الوقاية، رغم تأكيده على فرض صرامة كبيرة في التعامل مع المخالفين، خصوصا ما تعلق بالتباعد الجسدي ووضع الكمامة في المساحات العمومية، مضيفا أن عمليات التعقيم تتم بصفة يومية باستعمال الآليات التابعة للأمن مع التركيز على المؤسسات التربوية، كما أن معدل عمليات التحسيس وصل إلى 50 في اليوم عبر مختلف دوائر الولاية، ويتم فيها استهداف التلاميذ منذ ثاني يوم من شهر نوفمبر الجاري.
أما بخصوص العقوبات المسلطة على سائقي السيارات الذين لا يضعون الكمامات عند تواجدهم بمفردهم داخل مركباتهم، فقد أوضح المكلف بالاتصال لدى المديرية أن المرسوم التنفيذي الصادر في الجريدة الرسمية يوم 29 جوان 2020 ينص في مادته العاشرة على أن كل سائق ملزم بوضع القناع الواقي داخل سيارته الخاصة حتى لو كان بمفرده، كما أشار إلى أن مصالح الأمن تكتشف خلال تطبيق العمل الوقائي بعض التحايل، على غرار حمل شخص لآخر في سيارته وادعائه أنه من أفراد أسرته رغم عدم وجود علاقة قرابة تربطهما، كما أضاف أن وجود الشخص في مركبته الخاصة لا يجعله في منأى من الإصابة.
rأخصائي نفساني
التنشئة النفسية و وسائل التواصل وراء رفض إجراءات الوقاية
سألنا الأخصائي النفساني في المركز الطبي الاجتماعي للمديرية الولائية للأمن الوطني، الحكيم كريم أوصالح، الذي شارك في عملية التحسيس، عن الدوافع التي تجعل بعض الأشخاص لا يحترمون الإجراءات الوقائية ويرفضونها، حيث أوضح أنها فئة قليلة عدديا مقارنة بعدد الذين يستجيبون لها، مشيرا إلى أن مشكلة الرافضين لوضع الكمامات تعود بالدرجة الأولى إلى استقاء المعلومات من مصادر خاطئة ومغالِطة مثل منصات التواصل الاجتماعي التي يمكن لأي شخص أن يكتب فيها وينشر معلومات دون أن يحوز أي تكوين أو مستوى يؤهله للحديث في موضوع فيروس كورونا.
وذهب الأخصائي عميقا في سبر أغوار هذا السلوك، موضحا أن جذوره يمكن أن تصل إلى اختلال في التنشئة النفسية للفرد بحيث تتطور لديه روح رافضة لأي نوع من السلطة، سواء كانت ممثلة في الأب أو القانون، فضلا عن تميز بعض الأشخاص بالاستعداد لتلقي خطاب الرفض. وأكد نفس المصدر على ضرورة استقاء المعلومة حول الفيروس من مصادر واضحة، فالبعض ينزع إلى التهويل والبعض الآخر ينزع إلى التبسيط المبالغ فيه، منبها إلى أن عمليات التحسيس تستهدف تصحيح المعلومات وتنوير المواطنين بالمعرفة الصحيحة، رغم تأكيده على أن نسبة صغيرة من الأشخاص تبقى دائما غير ملتزمة، كما شدد على وجود هذه الفئة في جميع المجتمعات.
وتحدث الأخصائي النفساني عن القصص المنبثقة من نظرية المؤامرة التي تحيط بالخطاب المتداول حول فيروس كورونا، وما تساهم به في تحفيز سلوك الرفض، في حين نبه أنه ينبغي على الأفراد التمسك بالوقاية من الإصابة قبل كل شيء من باب «عدم الإلقاء بالنفس إلى التهلكة»، كما أضاف أن المجتمع متنوع ما يجعل المستوى المعرفي والتعليمي من فرد إلى آخر يلعب دورا في طريقة التعاطي مع موضوع الجائحة.
وأكد نفس المصدر أنه لمس خلال العملية الميدانية مستوى أعلى من الإدراك لدى المواطنين في التعامل مع خطر الجائحة، حيث رجح أن يكون للأمر علاقة بارتفاع عدد الإصابات، فضلا عن عمليات التحسيس المكثفة التي تقوم بها مختلف الجهات على غرار مصالح الأمن والقطاع الصحي، كما أشار إلى أنه لم يصادف أيا من المشككين في المرض خلال تجاذبه أطراف الحديث مع المواطنين.

الرجوع إلى الأعلى