أشخاص يُقلعون عن التدخين وآخرون يكتفون بحد أدنى    
ساهمت الأزمة الوبائية في تقليص الكثير من المدخنين من حجم استهلاك السجائر، و إقلاع البعض عن التدخين نهائيا، تخوّفا من  عدم قدرة الرئتين على مجابهة الفيروس،
*  روبورتاج / أسماء بوقرن
و منهم من كانت الإصابة بالوباء سببا للتوقف نهائيا عن التدخين بعد أن لاحظوا مدى خطورة ذلك على الصحة و لتحذيرات الأطباء من تعقد الوضع الصحي، فيما كشف تجار  للنصر عن تراجع  المبيعات  بنسبة  قدروها بأكثر من 60 بالمئة.  كما يحذر مختص في الأمراض الصدرية من استهلاك التبغ خاصة و أن هناك نسبة كبيرة من المدخنين يعانون من انسداد رئوي دون علمهم، ما يزيد من صعوبة مواجهة  الجسم لكوفيد، حتى و إن كانت الإصابة بنسب  ضئيلة.
 و أربكت  جائحة كورونا الكثير من  المدخنين سيما بعد تسجيل حالات خطيرة  في أوساطهم، ما جعل الخوف يتسرب إلى نفوس من كانت السجائر جزءا من حياتهم ،   حسب ما أوضحه من تحدثت إليهم النصر،  وذلك بعد تداول عبر صفحات تعنى بالإرشادات و التوجيهات الطبية فحوى بحوث أجريت على مستوى دولي  تفيد بأن المدخنين يتعرضون أكثر من غيرهم لخطر تعقد وضعهم الصحي و احتمال الوفاة   في حالة الإصابة بعدوى كورونا‏‎، و هناك من الأطباء  من جزموا بأن التدخين يضعف الوظيفة الرئوية، و يرفع خطر الإصابة بالعديد من حالات عدوى الجهاز التنفسي، مما يزيد من صعوبة تصدي الجسم لفيروس كوفيد 19 المسبب لالتهاب رئوي حاد، و غيره من الأمراض التنفسية، اذ توصي منظمة الصحة العالمية بالإقلاع عن التدخين،  كي تؤدي الرئتان و القلب وظيفتهما على نحو أفضل، و تؤكد بأن نتيجة ذلك تظهر  بعد 12 ساعة، بحيث يعود أحادي أكسيد الكربون في مجرى الدم إلى مستواه الطبيعي، كما تنخفض شدة السعال و ضيق التنفس بعد شهر إلى 9 أشهر من التوقف عن التدخين.
أقلع عن التدخين لثلاثة أشهر بعد إصابته بكورونا    
و قد أكد الشاب سامي بأن التزامه لمدة طويلة بالحجر المنزلي، بعد فرض عطل استثنائية،  ساهم في تقليص معدل تدخينه للسجائر ليصبح يدخن سيجارة واحدة في اليوم، بعد أن كان  معدله اليومي 10 سجائر على الأقل  ، لكنه قرر الإقلاع عنه نهائيا عند إصابته بوباء كورونا، و ذلك لمدة 3 أشهر، كما نصحه الطبيب بذلك، مؤكدا له بأن رئة المدخن و مناعته أضعف، مضيفا بأن  ما حفزه أكثر على ذلك مباشرته لممارسة تمارين رياضية سطر لها برنامجا خاصا خلال الحجر لملء وقت فراغه، مشيرا إلى أن التزامه بالبقاء في البيت حتم عليه ضبط نمط حياة صحي،  كممارسة الرياضية و اتباع حمية غذائية لإنقاص وزنه، الذي عرف زيادة لافتة.
 وقال ذات المتحدث بأنه منذ حوالي شهر من عودته للعمل و استقرار الوضعية الوبائية وقتها عاد للتدخين بمعدل ضعيف جدا، لكن و مع تأزم الوضعية الوبائية و تسجيل عدد لافت من الإصابات، أصبح متخوفا من خطر انتقال العدوى إليه، ليقرر الإقلاع  نهائيا، و ذلك منذ 15 يوميا، مختتما حديثه بالقول بأن إصابته بالوباء في وقت سابق، تسببت في تغيّر ذوق السيجارة في فمه، و كذا الرائحة التي أصبحت عفنة بالنسبة له، ما زاد  من نفوره من التدخين.  
وفّر  6 آلاف دينار شهريا بعد مقاطعة السجائر

من جهته أفاد محمد  و إطار في مؤسسة عمومية،  في حديثه للنصر بأنه اعتاد على تدخين علبة سجائر في اليوم، ما مقداره 20 سيجارة، غير أنه و مع بداية انتشار الوباء تحديدا منذ شهر مارس الماضي، قرر تقليص العدد إلى النصف، أي بنسبة 50 بالمئة، موضحا بأن ذلك أثر على نفسيته و أصبح شديد الانفعال، غير أن خوفه من الإصابة جعله يتحمل ذلك، لكن بعد أن أصيبت زوجته قرر الإقلاع  ، و أضاف ذات المصدر إلى أن  هاجس الإصابة لا يزال يطارده و يخشى على عدم قدرة جهازه التنفسي على مجابهة الفيروس، باعتباره ضعيفا نتيجة التدخين، مشيرا في الختام إلى أنه تمكن من توفير مبلغ 6 آلاف دينار اعتاد على إنفاقه شهريا ، بحيث يقتني العلبة بـ 210 دنانير.
كورونا نقله من معدل 40 سيجارة يوميا إلى 7
 وأكد الشاب  أنيس وهو موظف،  للنصر بأنه اعتاد على تدخين علبتي سجائر في اليوم ما يعادل 40 سيجارة   إذ ينفق شهريا ما قيمته 15000 دينار، غير أن إصابته بفيروس كورونا أجبرته على التوقف عن التدخين، و ذلك تطبيقا لتعليمات الطبيب و كذا لتعقد وضعه الصحي، حيث ظل مدة طويلة طريح الفراش لم يقو  حتى  على القيام   لأخذ سيجارة واحدة، غير أنه و بعد تحسن وضعه الصحي عاد إلى  التدخين ، بمعدل 5 إلى 7 سجائر في اليوم ، ما أثرا كثيرا على صحته، بحيث عطل وتيرة شفائه، حيث لا يزال يعاني من السعال، و هو ما أرجعه طبيبه المعالج إلى السجائر، و أوضح له بأن وضعه لا يختلف عن وضع المصابين بالأمراض المزمنة و كبار السن.
محدثنا قال بأن تقليصه للمعدل اليومي، ساهم أيضا في تقليص حجم نفقاته، خاصة مع فرض زيادة في الأسعار، بـ 20 دينارا في نوعية السجائر التي يستهلكها.
 تجار يسجلون تراجعا كبيرا في المبيعات
وقال يزيد معيزة  تاجر على مستوى كشك بنهج عبان رمضان بوسط مدينة قسنطينة للنصر، بأنه لمس تراجعا لافتا في اقتنائه، موضحا بأن نسبة كبيرة من زبائنه كانوا يقتنون علبة أو اثنتين صباحا، غير أنه و مع انتشار الوباء لاحظ بأنهم أصبحوا يكتفون بشراء ما بين سيجارتين  إلى 7 سجائر في اليوم، لأسباب لم يحصرها في الخوف من الإصابة و عدم القدرة على مقاومة الوباء فحسب، و إنما لتضرر نشاطهم المهني بالأزمة الوبائية، حسب ما أكدوه له،  مضيفا بأنه سجل تراجعا في نسبة البيع بـ 80 بالمئة، و أشار ذات المتحدث البالغ من العمر 58 سنة بأنه هو الآخر أصبح يدخن  5 سجائر في اليوم بعد أن كان يدخن الضعف، و قال بأنه يحاول تدريجيا التخلص منه إلى أن يقلع عنه نهائيا.
من جهته قال محمد صاحب كشك على مستوى وسط المدينة، بأنه لاحظ تراجعا لافتا في تجارة السجائر حيث هناك من كان يشتري علبة كاملة أصبح يكتفي بـ5 إلى 7 سجائر في اليوم، مضيفا بأن سعرها ارتفع بـ 10 دنانير في العلبة الواحدة، بحيث  أصبح سعر علامة «مرلبورو» بـ 290 دينارا، و ثمن  «غولواز» 240 دينارا،  في حين أصبح «أفراز» يباع بـ 130 دينارا، مقابل  150 دينارا لعلامة   «نسيم»    و 210 دنانير  لنوعية «سويتش» ، و «وين ستون» 240 دينارا، و أوضح بأن تأثر الوضع المادي للكثيرين  في الجائحة يعد من أبرز الأسباب التي تقف وراء تراجع استهلاكه.
زيادات في الأسعار تصل إلى 20 دينارا      
من جهته  يرى تاجر في بيع التبغ بالجملة يوسف بوجعجع، بأن تجارة التبغ تأثرت كثيرا في الجائحة و تراجعت لما نسبته 60 بالمئة، في المقابل تم تسجيل زيادة في الأسعار بنحو 20 دينارا و ذلك منذ نحو 3 أشهر، حيث أصبح سعر المارلبورو يقدر بـ 280 دينارا، بعد أن كان   260 دينارا،  فيما تم تسجيل زيادات بـ10 دنانير في باقي الأنواع.
* الدكتور محمد زين العابدين بن كنيدة مختص في الأمراض الصدرية  
  التدخين يصيب بالانسداد الرئوي ويخفض نسبة الأوكسجين في الدم
 ويؤكد  الدكتور زين العابدين بن كنيدة مختص في الأمراض الصدرية بمستشفى قسنطينة، بأن آفة التدخين تؤثر لا محالة على الجهاز التنفسي،  موضحا  بأن مواجهة الشخص العادي للفيروس تختلف عن المدخن، الذي يختلف معدل التنفس لديه مقارنة بالأشخاص العاديين.
محدثنا قال بأن هناك حالات عدة لأشخاص يعانون من انسداد رئوي نتيجة التدخين، غير أنهم لا يعلمون بذلك، و هناك من يرتفع معدل الخطورة لديه في حالة الإصابة بالوباء، و سيواجه معضلة صعوبة التنفس، و انخفاض نسبة الأوكسيجين في الدم، مهما كانت نسبة إصابته بالوباء، و قد تدخله للإنعاش، مشيرا إلى أن نسبة الأوكسيجين في الدم تنخفض أكثر لدى شخص مصاب بانسداد رئوي، فيما قد تظل النسبة مستقرة لدى شخص لا يعاني من أمراض.
و تحدث المختص عن أعراض الانسداد الرئوي عند المدخنين و التي لا تكون مشخصة في حالات عدة، و منها  سعال دائم و اللهاث و صعوبة في التنفس عند بذل جهد عضلي،  التهاب في القصابات الهوائية،  و حث في هذه الحالة على ضرورة زيارة الطبيب الذي سيخضعه لقياس التنفس لتشخيص حالته، مؤكدا بأن عدم الإقلاع عن التدخين سيؤدي عاجلا غير آجل للإصابة بانسداد رئوي و يصبح بالتالي جهازه التنفسي غير قادر على مواجهة العدوى التي
تصيبه.                                           أ ب

الرجوع إلى الأعلى