عائـــلات تعيش حيــاة بدائية في منطقة حمـام الصالحيـن
تعيش أزيد من 30 عائلة بمنطقة حمام الصالحين في بلدية عزابة و المصنفة ضمن مناطق الظل بولاية سكيكدة، ظروفا معيشية صعبة بسبب غياب أدنى المتطلبات، حيث مازال سكانها  ورغم شهرة المنطقة سياحيا وقربها من مقر البلدية، يعيشون داخل بيوت من الديس يضيئونها بالشموع  ويحتطبون للطهي والتدفئة،  لتزيد  السيول المتدفقة من الجبل المحاذي عند كل تساقط وضيعتهم تعقيدا   .
روبورتاج : كمال واسطة
و تأتي مشكلة السكن على رأس انشغالات سكان القرية، حيث تقيم العائلات حسب ما وقفنا عليه خلال زيارتنا للمنطقة، داخل أكواخ هشة مبنية من الطوب و القش و القصدير، تفتقر لأبسط ضروريات العيش  وسط روائح كريهة تنبعث من بعض الإسطبلات المنتشرة هنا و هناك، بينما تبدو منازل أخرى و كأنها مهجورة، لكن بدخولنا إليها، وجدنا أثاثا و أواني و أغراض مبعثرة هنا و هناك، ليطلعنا  سكان أن الأكواخ   تضررت بفعل الفيضانات التي تجتاح المنطقة من أعالي الجبل عند تساقط الأمطار، ما يجبر ساكنيها على إخلائها و الفرار لأماكن آمنة خوفا من أي مكروه قد يحدث لها.
الاحتطاب للتدفئة و الطهي
واصلنا السير وسط أرجاء القرية، فيما كانت  كل عائلة تطلب منا الدخول إلى منزلها للوقوف على معاناتها و بإلحاح كبير من أحدهم، دخلنا منزله و أخذ ينقلنا من غرفة إلى أخرى، لنقف على حجم الأضرار التي ألحقتها التقلبات الجوية بالبيوت ، كما قال أن الزلزال الذي ضرب الولاية في الأيام القليلة الفارطة  تسبب،  ظنا في حدوث تشققات و تصدعات في الأسقف و الجدران، لدرجة أن أفراد العائلة أصبح   يسكنهم هاجس انهيار  البيت على رؤوسهم ليلا،  و كما يحرمهم تساقط الأمطار من النوم ،  خوفا من الفيضانات.
و بينما نحن نتفقد المنزل، قصدتنا امرأة في السبعين من العمر، تشكي حالة ابنتها المعاقة و كذا الصعوبات التي تجدها في التكفل بها في ظل العوز الذي تعانيه، فضلا عن مصاعب نقلها للمستشفى بسبب افتقار المنطقة لقاعة علاج   فيما قالت لنا عجوز تناهز الثمانين،   أنها تعيش رفقة عائلات إخوتها الأربعة داخل مسكن واحد ينعدم لأبسط ظروف الحياة، لدرجة أن المطبخ تم تحويله إلى غرفة حسب ما وقفنا عليه، مضيفة بأن المخاطر تحيط بهم من كل ناحية جراء انتشار الثعابين، حيث نجت من موت أكيد قبل أشهر عندما وجدت ثعبانا داخل غرفتها و لحسن الحظ أنقذها شقيقها الأكبر وفق ما قالته.
أكواخ من الديس و ثعابين تقاسم العائلات الغرف
و روى لنا شاب رافقنا في مهمتنا، أن أزمة السكن سببت لهم متاعب كبيرة، لاسيما لفئة الشباب، مضيفا بأنها   حرمته من الزواج، حيث قام بمراسيم الخطبة، لكنه لم يتمكن من الاستقرار و إتمام الزواج بسبب عدم توفر مكان يمكنه من بناء عائلة، مشيرا إلى أن السلطات المحلية سبق و أن طلبت من العائلات، منذ أزيد من 20 سنة، تقديم ملفات للحصول على البناء الريفي، لكن  توقف الأمر عند  تقديم وعود   رغم إعادة  إيداع طلبات منذ عامين، على أمل تخصيص حصة من البناء الريفي لسكان المنطقة و استدراك ما فات .

و ذكر سكان   أن المنطقة سياحية و معروفة بحمام الصحالين و لها شهرة واسعة على المستوى الوطني، لكن هذا لم يشفع لها في أن تحظى بمشاريع تنموية و يكون سكانها في أفضل حال، فحتى السلطات المحلية المتعاقبة على تسيير الشأن المحلي، تتعامل حسبهم  مع   المنطقة بمكيالين، حيث قامت بتعبيد الطريق المؤدي إلى الحمام و فقط، بينما بقية الطريق المؤدي إلى المنطقة و كذا الطرقات و المسالك الفرعية، تم استثناؤها   رغم وضعيتها الصعبة، بحكم أنها عبارة عن طرق ترابية مليئة بالحفر، تتحول في فصل الشتاء إلى أوحال و طمي تصعب معها  الحركة  ما يؤدي إلى  عزلة ،  وقال مواطن، أنه وعند  الاستفسار   لدى البلدية عن سبب عدم إتمام تعبيد الطريق، يتحجج المسؤولون بانعدام الأموال.
مدرسة مغلقة و تلاميذ يدرسون في مناطق بعيدة
كما يعاني أهالي القرية من نقص في التزود بالماء الشروب، ما يجعلهم يلجؤون لمياه الينابيع، أما في مجال الصحة، فيعاني المرضى كثيرا مثلما هو الحال لشبكة الكهرباء، حيث أن غالبية السكان وفق من تحدثوا إلينا يعيشون في الظلام و على ضوء الشموع على مدار السنة، بينما في الصحة يجدون صعوبة كبيرة في العلاج، بسبب انعدام قاعة علاج ما يجبرهم على نقل المرضى إلى غاية مستشفى عزابة، بسبب انعدام المواصلات و فساد الطريق و غالبا ما يتم تحويلهم إلى منطقة منزل الأبطال، بحكم أنها أقرب نقطة إليهم.
 كما أن المدرسة الوحيدة المتواجدة بالمنطقة  تم غلقها منذ أزيد من 20 سنة، بسبب قلة التلاميذ المتمدرسين و حاليا   تستغل  في نشر غسيل الملابس، بينما تلاميذ المنطقة يدرسون في قرية منزل الأبطال و ما يصاحب ذلك  من صعوبات في النقل،  خاصة في فصل الشتاء و على هذا الأساس، يطالب أولياء  بإعادة فتح المدرسة.  انعدام الغاز من المشاكل التي رفعا سكان القرية، حيث يعتمد غالبيتهم على الاحتطاب في الطهي و التدفئة مثلما وقفنا عليه أثناء وصولنا للقرية، أين صادفنا امرأة داخل كوخ   تقوم بطهي «الكسرة فوق الحطب»، قال لنا زوجها بأنها الطريقة الوحيدة التي يعتمدونها منذ زمن بسبب افتقار القرية لشبكة الغاز و صعوبة الحصول على قارورات  البوتان سيما شتاءا.
فيضانات الجبل تحول الأكواخ إلى شبه أطلال
و يرى العديد من المواطنين في حديثهم للنصر التي كانت أول وسيلة إعلامية تزورهم، أن حمام الصالحين قرية مشهورة، سكانها عانوا و مازالوا يعانون ويلات الإقصاء  و حان الوقت لإعادة الاعتبار لها و رفع الغبن عنهم ، و لا يتأتى ذلك سوى بتدخل والي الولاية لتخصيص مشاريع تنموية تنفض الغبار عن المنطقة و تحرك عجلة التنمية بها.

رئيس البلدية و في إجابته على انشغالات المواطنين، أكد على أن عدم تخصيص حصة من البناء الريفي، يرجع إلى انعدام أراض صالحة للبناء، لأن جميعها تابعة للخواص أو قطاع الغابات، مضيفا بأن مصالحه ستسعى مع مديرية الغابات لإيجاد حل لتمكين العائلات من البناء في أراضي غابية.
أما بخصوص الطرقات، فتم تعبيد الطريق إلى غاية الحمام بتكلفة 1.6 مليار سنتيم و ستسعى البلدية مستقبلا لإتمام  العملية إلى غاية  المنازل ،  مع تهيئة الطرقات الداخلية و المسالك الفرعية، أما بخصوص الغاز، فيتعذر ربط المنطقة بشبكة الغاز الطبيعي، بسبب  محودوية عدد القاطنين بها،  و قال المسؤول أنه بإمكان البلدية تقديم المساعدة لأي مواطن يرغب في فتح نقطه بيع لغاز البوتان للتخفيف من المشكلة، مضيفا بأن تزويد المنطقة بالماء الشروب، يتم من بلدية عين شرشار، و انطلقت العملية منذ سبعة أشهر وتتم بصفة منتظمة.
أما بشأن الكهرباء، فقد أوضح رئيس البلدية، بأن مصالحه قامت باعداد بطاقة تقنية لتزويد المنطقة بالطاقة الكهربائية و الملف موجود لدى شركة سونلغاز، مبديا استعداد البلدية لإعادة فتح المدرسة الابتدائية.    
كـ. و

الرجوع إلى الأعلى