الربيع يبدأ مبكرا بالجوهرة السياحية حمام دباغ  في قالمة
أحيت الأمطار الغزيرة التي تساقطت على المدينة السياحية حمام دباغ بقالمة الأرض العطشى، و أنبتت فيها كل شيء جميل، مؤذنة بربيع مبكر بعد جدب طويل، حول الفضاءات الطبيعية الجميلة إلى مواقع جرداء لا تسر الناظرين، من الزوار الذين لم ينقطعوا عن المكان، رغم الجائحة التي أتت على كل شيء و كادت أن تحول الجوهرة السياحية إلى مدينة أشباح.
من محمية العرائس و الوادي السخون و الشلال العجيب، إلى المنابع الساخنة و المركب الحموي الكبير، بساط أخضر جميل تزينه الأزهار الصفراء، أولى الكائنات النباتية التي تنمو بالمدينة، معلنة عن بداية موسم الربيع الذي ينهل كل عام من الشتاء الممطر و يسابق الزمن، متحديا نظام الفصول البديع.
في غضون أيام قليلة تغير وجه الفضاءات الطبيعية الجميلة بقلب الجوهرة السياحية، و كل يوم يكتشف سكان المدينة و زوارها مزيدا من التغيرات المتسارعة في واحدة من أجمل الظواهر الطبيعية التي تميز المدينة الحموية الشهيرة، مستقبل السياحة الحموية بالجزائر.
و تؤدي أمطار الخريف و الشتاء إلى نمو سريع للغطاء النباتي بالفضاءات الطبيعية، متأثرا بالحرارة المنبعثة من الطبقات الجيولوجية الساخنة، و كذلك بالموقع الجغرافي الذي لا يتجاوز 300 متر عن سطح البحر بمحمية العرائس، و دون ذلك بحوض وادي السخون ذي الغطاء النباتي الكثيف.
كما أن المدينة الجميلة محمية من كل الجهات بحواجز طبيعية توفر لها الحرارة شتاء، و تزيد من النمو السريع للغطاء النباتي وسط رطوبة تنبعث من بخار المنابع الساخنة، مشكلة تساقطات من الندى طيلة ساعات الليل.
و كلما كانت السماء صافية ليلا، يزداد البخار كثافة خلال فصل الشتاء، مما يؤدي إلى تشكل طبقات من الجليد، سرعان ما تتحول إلى مياه جارية عندما تشرق الشمس الدافئة كل صباح.

و بدأت الفضاءات الطبيعية الخضراء المزهرة تغري السكان و السياح منذ أيام قليلة، و وجد الهاربون من جحيم التباعد و الحجر الصحي، الفضاء المناسب للاستمتاع بأشعة الشمس و استنشاق الهواء المتشبع بالأوكسجين، مصدر الحياة.
كل عام يبدأ ربيع المدينة السياحية في منتصف الخريف عندما يكون ممطرا، و يستمر هذا الربيع النادر إلى غاية شهر ماي، قبل أن تجف الأرض النائمة فوق طبقات الجير الساخنة، و ترتفع درجات الحرارة، معلنة عن بداية صيف جديد تتعرى فيه محمية العرائس الأسطورية من لباسها الأخضر الجميل و ترتدي ثوب القحط و الجدب، كما الفضاءات الأخرى حول الشلال، و على طول مجرى وادي السخون.

كل صباح تتوجه أعداد كبيرة من سكان المدينة إلى محمية العرائس الجميلة، هروبا من ضغط الأحياء السكنية و زحمة السير و فوضى الأسواق المنتشرة في كل مكان، هنا حيث الأزهار الصفراء و الاخضرار و الشمس يقرأون الجرائد و يشربون قهوة الصباح و العصر، و يتجاذبون أطراف الحديث، و بعضهم يؤدون الصلاة فرادى فوق البساط الأخضر، متضرعين إلى لله أن يرفع الوباء و يديم نعمة الجمال الساحر بواحدة من أجمل المواقع السياحية الحموية بالجزائر.  و تعمل هيئة سياحة حكومية على صيانة حدائق الشلال الجميلة، حتى تحافظ على اخضرارها الدائم طيلة السنة، في انتظار مشروع كبير قد يقضي على أشهر الجدب بمحمية العرائس، و يطيل عمر الربيع حتى يستمتع السكان و السياح بواحدة من عجائب الطبيعة التي حيكت حولها الأساطير، و تغنى بها الشعراء و أهل الفن و رواد الريشة، المغرمين بسحر المكان و أسراره التي تنكشف كل يوم.
فريد.غ                      

الرجوع إلى الأعلى