13عملية زرع للكلى بعد ست سنوات من التوقف
استعادت عيادة أمراض الكلى والمسالك البولية بقسنطينة، مكانتها كقطب طبي جهوي متخصص بشرق البلاد إثر استئناف عمليات زرع الكلى بعد توقف دام لأزيد من 6 سنوات لأسباب تبقى مجهولة، بحسب تأكيد الإدارة الحالية، حيث تمكنت الطواقم الطبية من رفع التحدي و إجراء عمليات زرع ناجحة لـ 13 حالة مزدوجة في انتظار أن تتلاشى الجائحة لتحقيق الهدف المنشود بالتكفل بـ 36 مريضا في العام.
روبورتاج :  لقمان قوادري
زارت النصر عيادة أمراض الكلى بحي الدقسي عبد السلام، وتحدثت إلى مدير المؤسسة حول إمكانات وتطلعات الإدارة المستقبلية، كما تلقينا شروحات مفصلة من طرف ممثل عن الأطباء المتخصصين، والذي أكد أن الكفاءات المحلية تملك من القدرات والمؤهلات ما يجلعها قادرة على التكفل بمرضى الكلى على المستوى الوطني، بدل التوجه إلى  الخارج  .
و توقفت عمليات زرع الكلى بالعيادة العمومية لأمراض الكلى والمسالك البولية بقسنطينة، فعليا في عام 2013 قبل أن تعلن المؤسسة عن تعليقها بشكل رسمي في عام  2014 لأسباب تبقى مجهولة إلى حد الساعة بحسب ما أكدته الإدارة الحالية،  في حين حاولت وزارة الصحة بعث العمليات من جديد بعد أن أوفدت   سنتي 2015 و 2016 لجان تفتيش للتحقيق في أسباب التوقف   لكن كل المحاولات السابقة باءت بالفشل.
وأبرز مدير المؤسسة الصحية، سايح حسين، أنه ومنذ تعيينه على رأس العيادة  عام 2018  سطر هدفا محددا  هو «استئناف عمليات الزرع»، حيث قال إنه اطلع بدقة على ما تتوفر عليه المؤسسة من إمكانات مادية وتجهيزات وموارد بشرية من أطباء وجراحين وممرضين، ليتقرر بالتنسيق مع الطواقم الطبية الانطلاق في عمليات الزرع  و كان الطاقم الطبي ،مثلما وصفه، متحمسا جدا للعمل في هذا المجال .
وتابع المتحدث، أن الإدارة اتصلت مباشرة بإطارات الوكالة الوطنية لزراعة الأعضاء، حيث زارت المؤسسة لجنة مكونة من طاقم طبي يترأسه البروفيسور شاوش حسين،  للاطلاع على الوضع كما نظمت زيارة أخرى لتوفير كل الإمكانيات، قبل أن يتم إنشاء لجنة لمتابعة عملية الزرع ثم تلاه إجراء آخر، يتمثل كما قال المسؤول، في تقديم ملف كامل للوكالة وتوضيحات إدارية تؤكد أن الأطباء وكل الطواقم الطبية مستعدون لإنجاح عمليات زرع الكلى بالمؤسسة وذلك برئاسة البروفيسور الجراح سعيود والبروفيسور زموشي المختصة في أمراض الكلى.
الاستئناف بثلاث عمليات زرع ناجحة  نهاية العام الماضي
وذكر مدير العيادة، أنه وبعد التنسيق مع الوكالة الوطنية لزراعة الأعضاء تم الاتفاق على الشروع في عمليات الزرع في شهر نوفمبر من العام الماضي، في حين عكف الأطباء على تحضير المرضى والمتبرعين واستكمال كل الإجراءات القانونية والإدارية للانطلاق في العملية الأولى التي كانت في ذات الشهر، لتنجز ثلاث عمليات ناجحة علما أنها كانت تتم يومي الجمعة والسبت «وهو ما يعكس إرادة الأطباء والجراحين والممرضين لاستعادة هذا النشاط بالعيادة الصحية التي استعادت مكانتها كقطب طبي جهوي على مستوى الشرق الجزائري».
وأبرز السيد سايح، أنه وبعد نجاح العمليات الأولى، «تحولت الجهود نحو تحضير مرضى ومتبرعين آخرين، ليصل عدد عمليات الزرع إلى 13 عملية مزدوجة، لكن الجائحة تسببت في تأجيل العديد من العمليات، حيث علقت العمليات من شهر فيفري ، قبل أن يستأنف النشاط مجددا شهر سبتمبر المنصرم، في حين «انطلقنا» أيضا في التحضير للعمليات إذ يوجد 13 ملفا مزدوجا محل متابعة من أجل الاستفادة من عمليات التبرع وذلك بالتنسيق دائما  مع الوكالة الوطنية للتبرع، كما أكد المتحدث أن ذات الهيئة تشرف وتتابع ،كما قال،  هذه النشاطات حالة بحالة و لفت إلى أن مؤسسات صحية أخرى استفادت من خبرات المؤسسة،  لاسيما بعد تحويل طبيبة برتبة بروفيسور إلى مستشفى باتنة نظرا لوجود نقص في عدد الأطباء .
وتتوفر العيادة، على 8 أطباء مختصين في أمراض الكلى و 9 أطباء جراحين في المسالك البولية فضلا عن 7 مختصين في التخدير، و16 طبيبا مقيما في حين تتوفر على عدد كاف من شبه الطبيين، بحسب تأكيد المسؤول، مشيرا إلى أن الدولة وفرت جميع الإمكانيات المادية من أدوية أو تجهيزات  وكل المتطلبات،   كما تقتني الإدارة وفق تصريحه،  كل سنة العتاد الطبي الذي يطلبه الجراحون والأطباء فضلا عن الأدوية الخاصة.    
وأشار المتحدث، إلى عدم وجود تنسيق بين الأطباء و  الإدارة السابقة، لكن بعد تضافر الجهود وتشجيع ودعم الوزارة  ومديرية الصحة فضلا عن الوالي، استعادت العيادة مختلف نشاطاتها الطبية، حيث أصبحت كل العمليات ومختلف التدخلات الطبية أو الجراحية تجرى على مستواها، في حين تجرى فحوصات خارجية للمرضى بالتنسيق مع العيادات العمومية، مشيرا إلى  أن المؤسسة استرجعت كل نشاطاتها إذ تجرى أسبوعيا عمليات جراحية تتراوح فيما بين 7 و 9  وأحيانا يتم إجراء   12 تدخلا جراحيا.
عدم توقف النشاطات الطبية رغم الوباء
ورغم وباء كورونا، فإن غالبية النشاطات الطبية لم تتوقف، حيث تم تطبيق برتوكول خاص وصارم أعدته طبيبة مختصة في الأوبئة وهو ما أدى إلى حماية العمال والمرضى بعد تضافر كل الجهود، في حين أكد المدير أن الطواقم الطبية  قد تحصلت  على كل المنح سواء العادية أو الخاصة بالوباء فضلا عن الأجور، « فقد استعادت المؤسسة عافيتها ومكانتها على مستوى الشرق» كما أن لجنة التفتيش، التي أوفدتها الوزارة قد أكدت، كما قال، أن الإمكانيات الموجودة في المؤسسة غير موجودة في عيادات أخرى.
زراعة الكلى طريقة اقتصادية وناجعة لعلاج مرضى الفشل الكلوي
وتحدثنا إلى الأستاذ المساعد المختص في أمراض الكلى الدكتور عميار بلال ، حيث قال إن العيادة تتوفر على 4 وحدات علاجية أساسية و تعد مصلحة  متابعة أمراض و زراعة الكلى وحدة أساسية لما تكتسيه من أهمية في استقرار وضعية مرضى الفشل الكلوي.
وذكر المتحدث، الذي ناب عن زملائه في المؤسسة، أن الأطباء يجرون تحاليل معمقة قبل إجراء أي عملية إذ تدرس حال المتبرع بكليته فضلا عن المريض، كما أن المتابعة تستمر  طيلة حياة المتبرع والمتبرع له.
وتعتبر عمليات زراعة الكلى، وفق ما أكده الدكتور،  العلاج الأمثل للفشل الكلوي ، حيث قال أنها أحسن بكثير من التصفية سواء من الناحية الصحية أو الاقتصادية، إذ أن تصفية الكلى لثلاث مرات في الأسبوع تتطلب تكاليف مالية باهظة ناهيك عن التعب الذي ينال من المرضى والمواعيد، مشيرا إلى أن الدولة الجزائرية خصصت أموالا كبيرة لهذا الجانب،  كما لفت  إلى عدم وجود خواص يقومون بعمليات الزرع على المستوى الوطني، وذلك من أجل التحكم في عمليات التبرع بالأعضاء.
وأوضح الدكتور عميار، أن عمليات زراعة الكلى تجرى وفقا لبروتوكول صحي صارم ودقيق، فقبل أي عملية يتم إجراء تحاليل مناعية معمقة حتى «نقف» على عدم وجود أي مانع مرضي للمتبرع في حال تبرعه بكليته، كما تجرى فحوصات طبية بالسكانير للوقوف على وضعية الأوعية والمسالك البولية لضمان سلامة المعنيين بالعملية، كما تجرى أيضا قبل يوم من إجراء العملية تحاليل المناعة مرة أخرى، علما أن العيادة ،كما قال، متعاقدة مع مستشفى عنابة لإجراء هذا النوع من التحاليل ، مشيرا إلى أن مختلف التحاليل الطبية الأخرى تجرى على مستوى المؤسسة.
اختبارات نفسية صارمة للتأكد من عدم تعرض المتبرع للضغط
وبخصوص التبرع وكيفيته، أكد الأستاذ المساعد، أنه يخضع إلى قوانين صارمة وذلك للحد من ظاهرة المتاجرة بالأعضاء الممنوعة في الجزائر، حيث أن التبرع يقتصر على الأقارب المباشرين كالأم والأب والإخوة ثم توسعت مثلما أكد مؤخرا إلى الزوج أو الزوجة، وذلك إثر تسجيل نقص في عدد المتبرعين ووجود عدد معتبر من المرضى في قائمة الانتظار.
وأبرز المتحدث، أنهم ومراعاة لأخلاقيات الممارسة وقبل إجراء عملية التبرع تعمل الطواقم الطبية على إجراء اختبارات نفسية  للتأكد بأن عملية التبرع تمت بدافع إنساني بحت ولا تشوبها أي شائبة مالية أو مصلحة شخصية ، إذ يتم الاستعانة برأي خبير نفساني فضلا عن الطبيب الشرعي للتأكد من رغبة ومدى استعداد المتبرع وعدم وجود ضغط عائلي أو مادي، مشيرا إلى أنهم وقفوا على وضعيات نادرة جدا لحالات تعرضت للضغط. ويخضع المرضى إلى متابعة طبية معمقة طيلة مدة استشفائهم بالمؤسسة لمدة تتراوح ما بين 15 و 20 يوما ، حيث قال الدكتور أنها قلصت في  فترة الوباء  إلى 10 أيام فقط، كما يتم مراقبتهم مرتين في الأسبوع في الأشهر الأولى التي تلي خروجهم لإجراء تحاليل كاملة ومراقبة تطور ونجاح العملية، ثم يتم بعد العام الأول إجراء تحاليل كل شهرين من بينها تحاليل الخزعة الكلوية، مشيرا إلى أن الأطباء يتابعون طبيا كل صغيرة أو كبيرة تتعلق بالمريض كما أن المتابعة تتسمر طيلة حياة المريض والمتبرع.
وأكد الطبيب أن نسبة نجاح العلميات كانت مئة بالمئة ، حيث أن النتائج مرضية جدا بالنسبة للمتبرع والمتبرع له، كما أكد أن الهدف كان إنجاز 3 عمليات في الشهر و 36  عمليات في العام،  لكن الوباء عرقل العمليات إذ أن بعض المرضى تخوفوا وآخرين أصيبوا بالعدوى ما تسبب في تراجع الطلب على إجراء العمليات.
و بالنسبة للتجهيزات، أكد المتحدث، أن كل شيء متوفر ونادرا  ما يسجل نقص في بعض الأدوية لكن الأمر يتم استداركه في وقت قصير وقياسي، مشيرا إلى أن التجهيزات المتوفرة نفسها تقريبا المتوفرة في الدول المتقدمة كما أن عدد الأطباء كاف وحتى المؤهلين لإجراء مثل هذا النوع من العمليات متوفرين.
مرضى يواجهون تعقيدات صحية بعد عمليات زرع بالخارج

وأكد الدكتور، أن الكثير من المرضى الذين أجروا عمليات زرع كلى بالخارج قد واجهوا تعقيدات صحية عندما عادوا إلى أرض الوطن، إذ أن الكثير من الجزائريين يتوجهون إلى مملكة الأردن، ويعودون إلى أرض الوطن فلا مناص من المتابعة الدورية بالجزائر، مبرزا أن المختصين، كثيرا ما واجهوا صعوبات في المتابعة، لأن طريقة المتابعة بعد الزرع تتعلق مباشرة بكيفية التحضير لما قبل العملية، إذ لابد مثلما أوضح، «أن نكون على الأقل على علم بكيفية البرتوكول المعتمد قبل الزرع»، مشيرا إلى أن الذين استفادوا من الزرع في الجزائر «لا نجد» معهم أي صعوبة بعد الزرع خلافا للذين أجروا عمليات في الخارج، علما أن التكلفة المالية  للتدخل الجراحي فقط  تتجاوز قيمته المالية 300 مليون سنتيم، في حين أنها تجرى مجانا في العيادات العمومية.
ويعمل الأطباء على المتابعة الدائمة للمرضى الذين يتميزون بحساسية ووضع نفسي خاص ،مثلما وصفه الدكتور عميار، حيث قال، إن المتابعة تعتمد على اليقظة والاتصال الدوري بالمرضى وتذكيرهم بالمواعيد، كما لاحظنا خلال زيارتنا بالعيادة أن المرضى في وضعية مريحة في حين أن طريقة الحديث بين المرضى والأطباء كانت بسيطة و دون تكلف.
تدخلات طبية متنوعة ومصلحة التصفية تعمل على مدار اليوم
ويبرز الأستاذ المساعد عميار، أن العيادة تتوفر على 4 أسرة للحالات الاستعجالية فضلا عن عدد معتبر من الأسرة و مصلحة الإنعاش بسريرين مع توفر جهاز للتصفية الاستعجالية.  ولفت المتحدث، إلى أن المرضى اليوم تشخص حالتهم على مستوى العيادة، حيث أن  «الخزعة الكلوية» التي يتم فيها اقتطاع عينة من الكلية لإجراء دراسة تشريحية لمعرفة سبب المرض أصبحت متوفرة على مستوى قسنطينة، بعد أن كان المرضى يتوجهون إلى العاصمة لإجرائها ، كما يقوم الأطباء أيضا  بعمليات تبديل البلازما، مبرزا أن هذه التدخلات أيضا يستفيد منها مرضى الزرع خلال فترة المتابعة الدورية.
وأشار المتحدث، أن مصلحة التصفية بالعيادة تعد من بين المؤسسات النادرة في الجزائر، التي تتكفل بالمرضى  على مدار اليوم، حيث  تعمل بنظام 4 مداومات و كل مريض يجلس أمام الجهاز لمدة 4 ساعات وهو ما يعتبر، بحسب الدكتور، إنجازا كبيرا خاصة وأن عدد المرضى المتكفل بهم وصل إلى 130 مصابا بالفشل الكلوي.
ل/ ق

الرجوع إلى الأعلى