سكان بين فكي الفقر والطبيعة القاسية بجيجل
قوافل طبية و تربوية تكسر العزلة
يواجه تلاميذ  بلدية إيراقن سويسي الجبلية بجيجل صعوبات كبيرة لمواصلة الدراسة  بسبب الطبيعة القاسية وبعد المدارس عن تجمعاتهم السكنية المترامية،  إضافة إلى الظروف غير الملائمة داخل الأقسام، أما الحياة خارج أسوار المدارس فلا تقل قسوة بالنسبة للصغار و الكبار على حد سواء  ما جعل الوصول إلى طبيب بمثابة الحلم في تلك المناطق الموحشة والمحاصرة بالفقر.  تصنف بلدية إيراقن سويسي، التي تقع بأعالي جيجل على بعد 73 كلم من عاصمة الولاية، ضمن مناطق الظل، بالنظر إلى ما يعانيه سكانها من ظروف قاهرة و صعوبات جمة، خاصة في مجالي التمدرس و التغطية الصحية، مما يتطلب معالجة جادة و عاجلة و توفير الأغلفة المالية و الموارد البشرية للتصدي لهذه العراقيل، ما دفع جمعيتين إلى تنظيم قافلة تربوية تضامنية، و أخرى طبية،  لمساعدة العائلات التي لا تزال تقاوم كل أنواع الأزمات بمناطق الظل.
روبورتاج وتصوير: كريم طويل
النصر رافقت جمعية الرؤية و رعاية الشباب و الطفولة، في إطار قافلة تربوية تضامنية، حطت رحالها، بالمدرسة الابتدائية الشهيد لبيض العربي، بمنطقة أسومار، بالجنوب الغربي لبلدية إيراقن سويسي، و قد اغتنمت الفرصة للتقرب من العائلات، و الاطلاع على ظروفها المعيشية.
تبعد المنطقة بحوالي أربعة كيلومترات عن حدود بلدية بابور بولاية سطيف، و يتطلب التنقل من عاصمة الولاية إليها، ساعتين من السير بالمركبة، مرورا بعدة بلديات جبلية، على غرار تاكسنة و سلمى بن زيادة.
بمجرد الوصول إلى مقر بلدية إيراقن سويسي، يكتشف الزائر قسوة  الطبيعة، فبين الجبال الشامخة المحيطة بالبلدية، تتناثر المنازل، على محور الطريق الولائي رقم  137 أ ، و تبرز أمامه التضاريس الصعبة ، و آثار انزلاقات التربة.
قطعنا مسافة 13 كلم من مقر البلدية، وصولا إلى منطقة السابلين، فلاحظنا   تجمعات سكنية صغيرة، يضم كل تجمع ما يقارب خمسة سكنات، يبعد كل منها عن بقية التجمعات بحوالي 500 متر و أكثر، فمن خصائص المناطق الجبلية، أن الأقارب الذين يحملون نفس اللقب، يفضلون بناء مساكن مجاورة.
عندما وصلنا إلى مدرسة «لبيض العربي» الابتدائية، الكائنة بجوار الطريق الولائي المؤدي نحو بلدية بابور بسطيف،لاحظنا أشغال ترميم بالجناح الإداري للمؤسسة، و وجدنا التلاميذ الصغار في استقبالنا بحرارة، متحدين برودة الطقس، و كانوا جميعا يرتدون ملابس شتوية ، و كان بعضهم يرتدون أحذية بلاستكية  من نوع   « بوط « تؤكد أنهم سيقطعون مسالك جبلية وعرة للوصول إلى منازلهم.
التدريس بالمناطق النائية.. وجه آخر  للمعاناة

وجدنا الطاقم الإداري و المعلمات في استقبالنا، فعلمنا أن معلمتين تقيمان ببلدية بابور بسطيف، في حين تقيم معلمة الفرنسية، ببلدية الأمير عبد القادر بجيجل، و و قالت لنا ابنة جيجل، بأنها تدرس ثلاثة أيام في الأسبوع، مادة الفرنسية، بعد أن ساعدتها الإدارة في تكييف توقيت التدريس، و أضافت أن والدها يتكفل بنقلها إلى المدرسة، مشيرة إلى أنهما يقطعان مسافة 95 كلم بين الجبال و المنعرجات الخطيرة، لمدة ساعتين بالسيارة في الذهاب، و ساعتين في العودة.
 و أكدت المتحدثة أن قطع تلك المسافة الطويلة، يتطلب الصبر و الجهد الكبير، مضيفة « أقوم بتلك الرحلة يوميا، و عندما أصل إلى المدرسة أكون مرهقة، لكنني أحاول جاهدة أن أعلم التلاميذ الصغار و أقدم لهم أفضل ما عندي، فعملي بمنطقة جبلية، يعيش قاطنوها  في عزلة، يدفعني لأن أقدم المزيد كل مرة، فأنا أراعي ظروفهم الصعبة، و أشعر بالفرح عندما ألاحظ مدى حبهم للتعلم و قضاء سويعات مع الكتب، عددهم قليل، لكن حماسهم كبير و صبرهم كثير».
 و أشارت المعلمة إلى أنها خريجة المدرسة العليا للأساتذة بسطيف، و قد تم توجيهها من قبل مصالح التربية إلى تلك المنطقة النائية، عندما زارتها في البداية شعرت بالخوف، لكن دعم والدها لها و تعهده بمرافقتها، و نقلها إلى المدرسة، جعلها تتحمس، و زاد حماسها بمرور الوقت، عندما احتكت بالتلاميذ و المعلمات.
و تابعت المتحدثة « بعد مرور ثلاث سنوات، سأشارك في الحركة و أنتقل إلى مدرسة أخرى قريبة من منزلي، أعرف ذلك، لهذا فضلت خوض التجربة، و تقديم يد العون للأطفال الأبرياء، و عدم حرمانهم من تعليم اللغة الفرنسية..».
و أشارت المتحدثة إلى أن المشكل الذي يطرح خلال موسم تساقط الثلوج و انقطاع الطرق، هو حرمان الأطفال من التعلم، لأن المشاتي التي يقطنون بها، تقطع كل الطرق المؤدية إليها، و يعيشون في عزلة تامة.
 التضاريس و تشتّت المداشر يؤثران على مستوى التلاميذ

 ذكرت إحدى المعلمات، بأنها منذ 11 عاما، و هي تتنقل من بلدية بابور إلى إيراقن سويسي، و تحديدا منطقة أسومار من أجل التدريس، و قد تحصلت على الإدماج سنة 2011 بالمدرسة التي كانت تستخلف بها، ما جعلها، تضطر يوميا إلى التنقل عبر سيارات الفرود.
و أضافت المتحدثة « كنت أواجه صعوبات كبيرة في السنوات السابقة، لا يمكن تصورها، يوميا أخرج باكرا من منزلي ببلدية بابور، و أبحث عن سيارة فرود، و في أحيان كثيرة أواجه صعوبات في التنقل، خاصة في طريق العودة من المدرسة إلى المنزل، فاضطر للانتظار عدة ساعات للظفر بمكان في سيارة، فالطريق الولائي، يعرف نقصا كبيرا في الحركة، بين بلديتين بولايتين مجاورتين».
و أوضحت المعلمة بأن ظروف التمدرس بمنطقة إيراقن صعبة للغاية، خصوصا عندما تجد أطفالا صغارا، يقطنون في عدة مناطق، و تجمعهم المدرسة الوحيدة بمنطقة أسومار، كما أن أغلبهم ينتمون إلى عائلات ظروفها الاجتماعية و المادية صعبة، فالمناطق الجبلية لها خصوصيات عديدة، فجل العائلات تعتمد على النشاط الفلاحي البسيط كمصدر رزق، و ما يزيد من صعوبة مهام المعلمات، عدم وعي الأولياء و عدم مرافقتهم لأطفالهم في التمدرس.
و أكدت بأن المعلمات و أعضاء الطاقم الإداري، يبذلون جهودا إضافية من أجل مرافقة التلاميذ، و تقديم يد المساعدة لهم، مشيرة إلى أن بعض التلاميذ من شريحة ذوي الاحتياجات الخاصة، و يتطلبون عناية خاصة، و من بينهم مرضى التوحد و التخلف الذهني، مشيرة إلى أن حالات التسرب المدرسي في الطور الابتدائي قليلة، لأن قطاع التربية و مصالح البلدية تقدم لهم أيضا يد العون، و يبقى كافة التلاميذ بالمناطق الجبلية، بحاجة إلى اهتمام أكبر  و مرافقة مستمرة.
 مجهودات لتحسين ظروف التمدرس و مساعدة التلاميذ

يحاول الطاقم الإداري تقديم الأفضل للتلاميذ، و التبليغ عن النقائص للجهات الوصية،  التي تحاول من جهتها جاهدة تقديم يد المساعدة، فمدير المدرسة، المقيم ببلدية تاكسنة بجيجل، همه الوحيد دعم التلاميذ و إخراجهم من قوقعة العزلة، و قد سعى لدى مختلف الجهات، لتحسين ظروف و شروط التمدرس، حيث تم تخصيص غلاف مالي لهدم المطعم القديم و بناء مطعم جديد.
كما اتصل بالسلطات المحلية، من أجل وضع برنامج للنقل المدرسي، و أكد للنصر بأن دور المدير في المدارس المعزولة صعب للغاية، فهي تقع في بلديات فقيرة، تتضاعف مشاكلها و معاناة سكانها بسبب التضاريس الصعبة.
و يعتبر فصل الشتاء من بين أكبر مخاوفه، كما قال، فتساقط الثلوج و الأمطار ، يصعب من مهامه و مهام الطاقم التربوي، فمن الصعب التدريس في درجة حرارة منخفضة، بالرغم من توفير التدفئة داخل الأقسام، فالتلاميذ يأتون من منازلهم في حالة يرثى لها، مبللين بالمطر يرتعشون من البرد، و المشكل الأكبر، أن أغلب التلاميذ ينتمون إلى عائلات فقيرة، ما جعله يسعى بمعية مفتش المقاطعة لمساعدتهم بشتى الطرق.
تلاميذ يقطنون بجيجل ويدرسون في سطيف

القافلة التربوية التي حطت رحالها بمنطقة، أسومار،  حملت شعار « لنرسم البسمة على وجوههم»، و هي من تنظيم جمعية الرؤية للتنمية ورعاية الشباب و الطفولة،  و قد قام أعضاء الجمعية بتوزيع الكتب المدرسية و المحافظ على التلاميذ من أبناء العائلات المعوزة، إلى جانب توزيع ألبسة و أحذية و مواد غذائية على هذه العائلات. و في إطار القافلة التربوية، تم تكريم جميع تلاميذ المدرسة الابتدائية الشهيد لبيض العربي، مع تقديم شهادات تقديرية للطاقم الإداري و التربوي، و قد أعرب التلاميذ عن فرحهم بالهدايا، و تعرفهم على أعضاء الجمعية و مساهمتهم  في غرس الأشجار.
و ثمن من جهته المفتش الإداري للمقاطعة و مدير المدرسة المبادرة التي قامت بها الجمعية، مؤكدين بأن المناطق الجبلية بحاجة إلى تكاثف جهود الجمعيات لتقديم الدعم و المساعدة لقاطنيها، خصوصا في الجانب الترفيهي و التضامني، فقسوة الطبيعة، من الصعب محوها من نفوس الأطفال الصغار.
و أشار رئيس الجمعية بأن الهدف من تنظيم القافلة هو ترسيخ قيم التضامن و المواطنة في الوسط المدرسي، و التقرب من تلاميذ المدارس النائية، الذين يعانون من الطبيعة القاسية و هشاشة وضعيتهم الاجتماعية، كما اعتبر القافلة رسالة لبقية الجمعيات من أجل تخفيف الأعباء عن أولياء التلاميذ و الطواقم التربوية و الإدارية بالمناطق الجبلية، مما سيساهم في رفع معنويات التلاميذ.
و ذكر لخضر سعيدي، نائب بالمجلس الشعبي البلدي لبلدية إيراقن سويسي، بأن مبادرة جمعية الرؤية التي مست المدارس المتواجدة بالمناطق النائية، تعتبر هامة، إذ ساهمت في التخفيف من معاناة التلاميذ، مشيرا من جهته إلى  ظروف التمدرس بالمدارس الإبتدائية الصعبة للغاية، و كذا المناخ الجبلي بالمنطقة، و تبعثر المشاتي، مما يصعب مهمة التكفل.
و قد قامت مصالح البلدية بتوفير النقل المدرسي، قدر المستطاع، لتلاميذ الإبتدائيات و المتوسطات، بعد حصولها على حافلات، لكن نقص النقل المدرسي يظل هاجسا كبيرا، لعدة أسباب أبرزها بعد المشاتي، و العدد الكبير من التلاميذ المتمدرسين، في ظل غياب وسائل النقل الأخرى، بالإضافة إلى نقص السائقين، و تقوم حاليا البلدية بإعادة إصلاح الحافلات التي أصابتها أعطاب.
و طرح السيد سعيدي مشكلا آخر يؤرق سكان مشاتي أسومار و بيدة، يتمثل في كون 40 تلميذا من أبناء المنطقة، يدرسون ببلدية بابور بسطيف، و يجدون صعوبة في التنقل،  و قد تقدم المعنيون بطلبات للسلطات، من أجل توفير النقل المدرسي، خارج إقليم الولاية، لكن السلطات المحلية تجد صعوبة في تحديد الصيغة القانونية لتوفير هذا النوع من النقل المدرسي.
كما سعت البلدية، وفق الإعانات الممنوحة من الوصاية، لترميم جميع المدارس، و توفير التدفئة المركزية، و كذا بناء مطاعم أو ترميم القديمة، مما سمح بتقديم وجبات ساخنة للتلاميذ، و أضاف المتحدث، بأن المشكل المطروح هنا هو أن سعر الوجبة لا يتجاوز 55 دج لكل تلميذ، لكنها لا تكاد تسد جوع الأطفال الصغار، مما يتوجب على السلطات أن تعيد النظر في الدعم الممنوح، حيث أن أغلب التلاميذ يتوجهون إلى المدارس في الفترة الصباحية، و يبقون بها طوال النهار.
كما أشار إلى نقص أعداد الطباخين، ما جعل أغلب المدارس الابتدائية تعتمد على عمال الشبكة في تحضير وجبة الغداء، إلى جانب قيامهم بمهام أخرى.
قاعتان للعلاج بنصف الدوام لأزيد من 4 آلاف نسمة

بعد يومين، زارت النصر للمرة الثانية بلدية إيراقن سويسي، ضمن قافلة طبية تضامنية، فتمكنا من الاطلاع على الوضعية الصحية لسكانها.
لاحظنا إقبالا كبيرا للاستفادة من الكشف المجاني، خصوصا و أن تواجد أطباء أخصائيين ببلدية من مناطق الظل، بمثابة حلم، على حد تعبير بعض المواطنين.
سبق لنا زيارة عدة مشاتي، على غرار منطقة عين لبنة، المرصع، أسومار، بيدة و هي تجمعات سكانية تقع بمناطق نائية، تقطن بها عائلات منذ سنوات، بالرغم من أن العشرية، ألقت ببطشها على المنطقة، و دفعت بعض العائلات إلى مغادرتها، لكنها عادت ، بعد عودة تمركز الجيش الوطني وفرض سيطرته على المنطقة.
و كان أهم مطلب للسكان آنذاك هو توفير الرعاية الصحية قدر الإمكان، فتم فتح قاعتين للعلاج، بمركز البلدية و منطقة المرصع، يعمل بها ممرضون إلى جانب أطباء عامين يعملون بالتناوب، فبمركز البلدية، يعمل طبيب و ممرض أربعة أيام في الأسبوع، و تحديدا من الساعة التاسعة صباحا إلى الثالثة مساءا كأقصى تقدير، فيما يظل المرضى من يوم الخميس إلى السبت دون طبيب عبر إقليم البلدية.
السكان ذكروا للنصر معاناتهم اليومية طيلة سنوات، بين نقل مرضاهم، و البحث عمن يشخص مرضهم و يعالجهم، فبلدية إيراقن سويسي، تعتبر إحدى نقاط الظل، و حتى مركز البلدية يضم قاعة علاج لكنها تفتقر للأطباء، و لا تضمن المناوبة الليلة، و ستكون محظوظا إذا وجدت طبيبا عاما بعد الساعة الخامسة مساءا، مع غياب كامل للأطباء المختصين.
 أمراض لم تكن لتُكتشف  لولا  القافلة

وجدنا عديد المواطنين ينتظرون وصول الأطباء و بداية عمل القافلة الطبية التي حطت رحالها بمدرسة مخلوفي بلقاسم، بعد أن تم تحويل الأقسام إلى ما يشبه قاعات المعاينة، مع توفير العتاد اللازم.
و أكد لنا بعض المواطنين بأن وصول القافلة الطبية، حلم طال انتظاره، مشيرين إلى أنهم سيغتنمون تواجد الأطباء المختصين لتشخيص وضعيتهم الصحية بشكل دقيق.
قال محمد « اليوم أنا جد سعيد بالقافلة الطبية، أخيرا سيفحصني أخصائي في الطب الداخلي، أعاني من ألم شديد، تحملته طيلة أسبوعين، وعندما سمعت بوصول القافلة الطبية حضرت مبكرا».
و قالت السيدة زينب « تواجد الأطباء الأخصائيين اليوم جد مهم بالنسبة إلينا ، فنحن لم نكن نحلم بحضورهم إلى البلدية، الفضل لمنظمي القافلة في تقديم يد المساعدة لنا، و حصولنا على الكشف المجاني، سيحدد لي أخصائي أمراض المفاصل سبب الألم التي أعاني منها، كما سأعرض ابني على طبيب الأسنان».
و أكد بعض السكان بأن التغطية الصحية الحقيقية منعدمة بالبلدية، و التكفل الصحي المتوفر ضعيف و محدود، لا يلبي طلبات العائلات المنتشرة بعدة مناطق، مما يتطلب، حسبهم، تنظيم قوافل طبية بانتظام، تزور المنطقة، و تحاول التخفيف من معاناة العائلات و المرضى.
منذ بداية تفشي جائحة كورونا ببلادنا، تعقدت وضعية بعض المرضى، نظرا لصعوبة التنقل إلى البلديات المجاورة للحصول على العلاج، حيث أكد بعض الحاضرين، بأن الأشهر العشرة الماضية، كانت شاقة بالنسبة لهم، و مرت عديد العائلات بوضعيات عصيبة.
منظمو القافلة الطبية، خصصوا مكتبا للكشف و التوجيه، يشرف عليه أطباء عامون، يقومون بقياس ضغط الدم، و نسبة السكري في الدم، و تحديد الأعراض، ثم يوجهون المرضى إلى الطبيب المختص.
و قال الدكتور نبيل العايب للنصر، بأن الفحوصات الأولية، أثبتت بأن العديد من المرضى، لا يعلمون بأنهم مصابون بمرض السكري، و قد قدموا من أجل إصابات و أعراض أخرى، و تفاجأ بأن العديد منهم يعانون في صمت، و يجهلون إصابتهم بالمرض الصامت، كما أن العديد من المرضى وجدوا صعوبة كبيرة منذ بداية جائحة كورونا، في الوصول إلى أخصائيين أو التنقل إلى أطبائهم المعالجين، بسبب غياب النقل و بعد المسافة، و قد أثلجت زيارة القافلة صدورهم، و أضاف الطبيب بأن ارتفاع ضغط الدم من بين الأمراض التي يعاني منها الكثير من المرضى الذين فحصهم، خصوصا المسنين منهم.
و لاحظنا بأن القاعة التي تمت فيها الفحوصات توجد بها كمية معتبرة من الأدوية، تتضمن ما يفوق 120 نوعا، ليتم منحها للمرضى الذين لا يملكون بطاقة الشفاء، كما أكدت الطبيبة المشرفة.
أطباء يكتشفون حالات معقدة تأخر علاجها
 

وجدنا أيضا عددا معتبرا من الأطفال ينتظرون دورهم، بجوار الحجرة المخصصة لطب الأسنان.
و ذكر لنا طبيبا الأسنان، بأنهما يقومان، بفحص كل حالة على حدا، ثم يقرران إذا كانت الحالة تتطلب قلع أو علاج الأسنان، و أضافا بأن أكبر مشكل يعاني منه الأطفال في المناطق الجبلية، تسوس الأسنان، و التأخر في قلعها ، نظرا لغياب الأطباء الجراحين في القطاع الخاص و العام، مشيرين إلى أن أغلب الصغار وضعيتهم معقدة تتطلب تدخلا جراحيا سريعا.
توجهنا بعد ذلك إلى القاعة المخصصة للأطباء المختصين في الطب الداخلي و الإنعاش و التخدير، فأكدوا لنا بأن جل المرضى الذين قاموا بفحصهم تأخروا كثيرا في العلاج، منهم مرضى يفترض أن تجرى لهم عمليات جراحية منذ سنوات، لكن ظروفهم المادية الصعبة منعتهم، إلى جانب الخوف أو الجهل.
الأخصائيون قاموا بتعديل بعض الوصفات الطبيبة، خصوصا و أن  أغلب المرضى وجدوا صعوبة كبيرة في التنقل إلى أطبائهم المعالجين، بسبب غياب النقل خلال جائحة كورونا.
الدكتور بوجمعة عليليش ، مختص في الجهاز العظمي و الفحص بالمنظار، أكد لنا  بأنه من الضروري أن توفر السلطات الرعاية الصحية بالمناطق النائية، فبذات البلدية، تكاد تكون منعدمة، كما أخبره المرضى الذين فحصهم ، داعيا إلى فتح عيادة متعددة الخدمات، تضمن المناوبة الليلية، مع  تكثيف القافلات الطبية المتنقلة عبر العديد من المشاتي و التجمعات السكنية المتفرقة.
أما رئيسة جمعية أمنية الاجتماعية، سامية بوعرة، فأشارت إلى  أن القافلة الطبية، تضم عديد التخصصات، و تم تنظيمها خلال جائحة الكورونا، لأن العديد من المواطنين القاطنين بمناطق الظل واجهوا صعوبات في الاستفادة من الفحوصات الطبية، وبعد دراسة وضعية العديد من البلديات، تبين بأن بلدية إيراقن سويسي، تعتبر ضمن نقاط الظل، و بحاجة ماسة إلى قافلة طبية لمساعدة العائلات المعوزة و الفقيرة، فتمت معاينة أكثر من 120 مريضا، و خضعوا لمختلف الفحوصات، و أضافت بأنها ستبرمج عدة قوافل للتوجه إلى عدة بلديات أخرى، لتقديم يد المساعدة للعائلات الفقيرة و المعوزة.
و قال الدكتور رفيق بوحوش، رئيس نقابة الأطباء الخواص، بأن القافلة الطبية تضمنت عدة تخصصات، تعد الأكثر طلبا من قبل السكان، على غرار جراحة العظام و المفاصل، أمراض الأنف و الحنجرة، طب العيون، طب الأطفال، أمراض الجهاز الهضمي و الجراحة بالمنظار، و جراحة الأسنان.
كما تم توفير كمية من الأدوية للمرضى من قبل صيدلي رافق القافلة، مؤكدا بأن الهدف منها هو تقديم المساعدات للعائلات المعوزة ، و توجيه بالحالات  الاستعجالية، للتكفل بها، بالتنسيق مع مديرية الصحة، كونها شريك في العملية. غادرنا المنطقة في حدود الساعة الثانية بعد الظهر، في حين واصل المرضى التوافد على المدرسة، للظفر بفحص مجاني من قبل أخصائيين، و علاج مناسب يخفف آلامهم.
و طلب بعض المواطنين من القائمين على القافلة، أن ينظموا طبعة أخرى، و إعلامهم مسبقا بقدومها، لأن عددا معتبرا من العائلات لم تسمع بقدومها، خصوصا بالمداشر البعيدة.
في حين أكد نائب بالمجلس الشعبي البلدي، بأنه تم وضع حافلات تحت تصرف المواطنين لنقلهم من عدة مداشر و قرى إلى المدرسة من أجل الفحوص الطبية، بعد إبلاغهم بقدوم القافلة، مشيرا إلى أنه سيتم التنسيق مع المنظمين من أجل تنظيم قافلة طبيبة أخرى، و التحضير لها مبكرا.      
كـ. ط

الرجوع إلى الأعلى