مياه الأمطار لمواجهة جفاف الحنفيات وطريق يعيق تطوير الفلاحة
تعتمد المئات من العائلات بقرية قصر النعجة ببلدية زيغود يوسف بقسنطينة، على مياه الأمطار في استعمالاتها اليومية، بسبب جفاف الحنفيات منذ عقدين من الزمن، حيث يؤكد السكان أنهم لا يضعيون أي قطرة تسقط على أفنية أو سطوح منازلهم لتحول مباشرة عبر أنابيب نحو البراميل أو الدلاء، في حين ما يزال فلاحون يستعملون الحمير لنقل العلف إلى الإسطبلات أو الحليب إلى الموزعين، نتيجة انعدام الطرقات والمسالك الريفية.
روبورتاج: لقمان قوادري 
في قرية قصر النعجة، التي تبعد عن مقر البلدية بسبعة كيلومترات، لا صوت يعلو فوق صوت المطالبة بالماء، حيث عبرت سيدة تسمى سعاد عن معاناتها قائلة: «الماء بالنسبة لنا أصبح حلما صعب المنال فأنا غير قادرة على شرائه وأصبحت غير قادرة أيضا على حمله فساقي ويدي أصبحت غير قادرة على تحمل ثقل الدلاء»، إذ أكدت لنا أنها تقوم برحلة يومية لجلب الماء من القرية إلى «عين الغراب» وهو منبع يبعد عن مكان سكناها بأزيد من كيلومترين، مشيرة إلى أنها كثيرا ما تتنقل إليه سيرا على الأقدام وسط الحقول التي تغمرها كتل الطين الضخمة.  
ويؤكد سكان الجهة العليا للقرية، أنهم منذ أزيد من 40 عاما، لم يشاهدوا المياه تجري في الحنفيات، فهم يعتمدون على الأمطار في الغسيل والصرف الصحي كما يشربون من الينابيع، في حين أنهم يستعينون بصهاريج المياه بشكل دوري إذ يكلفهم صهريج واحد ما يفوق ألف دينار، و ذكر لنا أحد السكان أنه لا يضيع حتى مخلفات الغسالة إذ يجمعها ويستعملها في دورة المياه.
وفي تجولنا بالمكان لفت انتباهنا وجود أنابيب مياه تأتي من السقف ثم يتم إدخالها إلى الغرف أو المستودعات عبر فتحات ضيقة في الجدران، لنستفسر عن هذا الأمر ويخبرنا سكان تلك المنازل بأنهم يجمعون مياه الأمطار في الدلاء والبراميل، إذ تتجمع في الأسقف وبدل أن يتم تصريفها تُستعمل في الغسل وتصريف مياه الصرف الصحي، مشيرين إلى أنهم يعتمدون على هذه الطريقة منذ عقود، في حين لاحظنا أن كثيرا من المواطنين يضعون الأواني أمام المنازل أو الأفنية من أجل ملئها بمياه الأمطار.
وأطلق أحد سكان قصر النعجة عليها اسم قرية 100 صهريج وصهريج، إذ لا يكاد يخلو أي منزل منها، فأينما تولي وجهك تقابلك صهاريج المياه المركونة أمام المنازل أو الإسطبلات، فيما أكد رئيس «جمعية النصر» محمد كرميش، بخصوص تزود بقية السكان، وجود تذبذب كبير في توزيع الماء الصالح للشرب القادم من خزان بحي سيدي العربي، حيث أنجز في 2017  وكان من المفترض أن يزود 4 مشاتي، لكن الماء لم يصلها إلى الآن تحت مبرر وجود أعطاب تقنية يتم التكفل بها، مثلما قال، بحلول ترقيعية، كما أشار إلى أن المشكلة تسببت في توقف التموين لقرابة 20 يوما.
و ذكر رئيس جمعية الحي، أن المياه تجري في حنفيات عدد من السكنات في الحالة العادية لساعة أو تزيد، لمرة واحدة كل 4 أيام، وهو معدل وصفه كل من تحدثنا إليهم بالضعيف جدا مقارنة بحاجيات القرية التي تتوسع يوما بعد يوم، إذ قالوا إن عدد قاطنيها قد تجاوز 3 آلاف نسمة، وهو ما يعادل الكثافة السكانية ببعض المناطق المصنفة كبلديات، مطالبين بضرورة التكفل بحاجيات السكان المتعلقة بالمياه في أقرب الآجال.
مطلب ملحّ لربط القرية بالطريق الوطني 27
وخلال تجولنا بالقرية لاحظنا أن العديد من الإسطبلات توجد أسفل البيوت أو بجانب مداخلها، حيث قال فلاحون إنهم يشتركون مع المواشي في محيط المساكن وهو أمر يتسبب لهم في إزعاج كبير، لكنهم أوضحوا أنه لم يجدوا بديلا في ظل بعد منازلهم عن أراضيهم الفلاحية.

وأوضح رئيس الجمعية بخصوص هذا الأمر، أن الفلاحين الذين تقع أراضيهم بجانب القرية لم يجدوا صعوبة في إنشاء إسطبلات أو مستودعات لتربية الدواجن فوقها، لكن الكثيرين منهم لم يستطيعوا تطوير استثمارتهم بسبب انعدام الطريق التي تربط القرية بالطريق الوطني رقم 27، حيث قال إن المسافة لا تزيد عن 3 كيلومترات وفي حال إنجازها فإن النشاط الفلاحي سيتطور بشكل كبير بعد فتح منافذ تربط المزارعين بأراضيهم.
ولفت محدثنا، إلى أن المنطقة تتميز بإنتاج مختلف أنواع الحبوب فضلا عن تربية المواشي والنحل، وهو ما سيفتح آفاقا اقتصادية للشباب المخيرين بين النشاط الفلاحي أو البطالة، مشيرا إلى أنه راسل السلطات في العديد من المناسبات كما تحدث إلى الوالي في آخر زيارة له، في انتظار الاستجابة لهذا الانشغال الذي وصفه سكان القرية بالمستعجل جدا، لاسيما في ظل الدعم الذي توليه الدولة لمناطق الظل من أجل تثبيت المواطنين في أماكن سكناهم.
صعوبات في الوصول إلى الإسطبلات المعزولة
ونحن نتجول بالقرية اقترب منا طفل في التاسعة من عمره، حيث أخبرنا أن عمه فلاح ومربي للأبقار لكنه يعاني كثيرا بسبب انعدام الطريق، إذ يضطر إلى جمع الحليب في براميل ثم يقوم بنقلها على مسافة تقارب الكيلومتر على ظهور الحمير من أجل إيصالها إلى مجمعي الحليب، لنتوجه إلى ذلك المكان الواقع أعلى القرية بالقرب من الطريق الولائي الرابط بين قصر النعجة وبني حميدان.
وقبل الدخول إلى المشتى الذي اتخذه أصحابه كمكان لتربية المواشي، انتعلنا حذاء من النيلون المعروف محليا بـ «البوط» إذ لا يمكن الوصول إلى الإسطبلات من دونه، حيث أن الطريق تغرق في المياه والأوحال وحتى المركبات العادية لا تستطيع العبور فوسيلة التنقل والدخول والخروج هي الجرارات أو الحمير.
وذكر أحد الشباب، الذي يعمل كمربي للمواشي بأنه ينتج رفقة ابن عمه ما يزيد عن 400 لتر من الحليب يوميا، حيث أنه يضطر طيلة فصل الشتاء إلى استعمال الحمير لنقل براميل الحليب إلى المجمعين الذين لا يستطعيون الدخول إلى مكان الإسطبلات، كما أشار إلى أن انعدام الطريق جعله يمتنع عن السكن بتلك المنطقة، مؤكدا أنه وفي حال إنجاز المقطع الذي يربط بين الإسطبلات والطريق الرئيسية فإنه سيقطن رفقة عائلته بمسكنه الريفي ليكون قريبا من استثماره، قبل أن يطالب فلاحو المكان بضرورة إنجاز مسلك ريفي للحفاظ على هذا النوع من النشاط، في حين وجدنا أحدهم وهو يقوم بنقل قناطير من العلف على ظهر الحمار وهو ما استغرق وقتا طويلا .
مطالب بإنجاز متوسطة
وتتوفر قصر النعجة على قاعة علاج دشنت في 2017 حيث يشرف على تسييرها طبيبة وممرض، كما يقتصر نشاطها على الفحوصات الطبية العادية، لكن سكان القرية استحسنوا كثيرا هذا الإنجاز الذي أنهى، كما قالوا، معاناتهم مع التنقل إلى مركز البلدية الأم، في حين طالبوا بضرورة إنجاز متوسطة بالقرية كون عدد التلاميذ في تزايد مستمر كما أنها قريبة من 3 مشاتي أخرى.
ويعتبر النقل المدرسي مشكلة أخرى بالنسبة للتلاميذ، فعددهم يصل إلى قرابة 200 تلميذ يتمدرسون في الطورين المتوسط والثانوي، لكنهم يتنقلون يوميا في حافلة تتسع لـ 92 منهم ما يجعلهم يتكدسون بجانب بعضهم البعض، حيث ذكر أولياؤهم أنهم يتخوفون من خطر وقوع حادث في المنعرجات والمنحدرات الصعبة والتي قد تؤدي، بحسبهم، إلى ما لا يحمد عقباه.
كما طالب رئيس الجمعية بضرورة إنجاز ملعب جواري مع تهيئة المسالك ببعض المجمعات الريفية فضلا عن توفير حصص إضافية من البناء الريفي.
ل/ق

رئيس بلدية زيغود يوسف يصرح
ملاّك عاقبوا السكان بمنع مرور مشروع للربط بشبكات المياه
أوضح رئيس بلدية زيغود يوسف، شاوش كمال يوسف،  أن بعض ملاك الأراضي عاقبوا سكان القرية بعد أن اعترضوا على مرور شبكات الربط بالمياه عبر أراضيهم، وهو ما أعاق تنفيذ مشروع تزويد منازل الجهة العليا لمرتين متتاليتين، حيث ذكر المتحدث، أن المعنيين حرموا جيرانهم وحتى أنفسهم من الخدمة، مضيفا أن القرية ستستفيد من التدعيم بشبكة المياه بعد استلام مشروع النقب الجاري إنجازه، كما ذكر «المير» أن البلدية تتكفل بدفع مستحقات الاستهلاك باعتبار أن كل السكان الذين يستفيدون من هذه الخدمة لا يملكون العدادات.
وتابع محدثنا، أن المجلس يعمل وفق الإمكانيات المتاحة على تسجيل عمليات لتعبيد المسالك الريفية، مشيرا إلى أن القرية كانت تفتقد إلى الطرقات الداخلية لكن تم التكفل بالأمر في السنوات الفارطة.
وأكد رئيس البلدية، أن مصالحه منحت قطعا أرضية تعود ملكيتها للمواطنين من أجل إنجاز سكنات ريفية، غير أن ضعف الحصة التي تحصلت عليها زيغود يوسف والمقدرة بـ 430 وحدة فقط من هذه الصيغة، قد حرم الكثير من المواطنين من الاستفادة، موضحا بخصوص الملعب الجواري أن عدم توفر قطع الأرضية وامتناع الخواص عن منح وعاء عقاري لإنجاز ملعب، قد أعاق استفادة سكان القرية من المشروع الذي حول إلى مشتى مجاور.
ل.ق

الرجوع إلى الأعلى