لا تزال حامة بوزيان، بولاية قسنطينة، تقاوم زحف الإسمنت في محاولة للحفاظ على طابعها الفلاحي رغم انصراف غالبية أهلها إلى نشاطات أخرى مفرطين في ميراثٍ أخضر، إذ يقف المتوغّل فيها على بقايا جنّة قابلة للانبعاث، كيف لا وهي حاضنة الزّهر و الورد  الأولى في المنطقة، حيث استقبلت تربتها، أول شجيرة لارنج ، نقلت إليها من تركيا، و إذا كنت من الذين عرفوا الحامّة قبل أن ترتفع فيها الكائنات الاسمنتية القبيحة سيصيبك حنين فتسمع خرير المياه المتدفقة عبر ينابيعها الساخنة التي اقتبست منها اسمها، فمناظرها الطبيعية الجميلة و بساتينها الكثيرة، جعلتها تعرف باسم «حامة المتعة» أو «الحامة الممتعة»، فكانت قبلة للراغبين في  الاستجمام و التنزه بين أحضان الطبيعة الخلابة من سكان المدينة و أعيانها،  كما أن الكثير من المعمرين فضلوا الإقامة بها.
وهيبة عزيون
النصر زارت حامة بوزيان، الكائنة على بعد 9 كيلومترات، شمال غرب  قسنطينة، المتربعة على مساحة 71.18 كيلومتر مربع ،  و يقطنها 130 ألف نسمة في 86 منطقة، فسافرنا مع حكايات سكانها إلى ماض جميل، كانت فيه رئة قسنطينة ، و بستانها الغني بخضار و فواكه ذاع صيتها خارج حدود الجزائر، على غرار الكرز ، و اشتهرت نساؤها بتقطير ماء الزهر و الورد ، و الاستمتاع بغسل الصوف على ضفاف وديانها الساخنة، و عدة عادات أصيلة كانت تبعث الفرح و الأمل في نفوس سكان المنطقة  و زوارها،  مثل تحضير «طمينة» الزهر قبل كل موسم حرث، تفاؤلا بموسم خصب و زاهر.
 اليوم شوهت تلك اللوحة المتناغمة   المباني الفوضوية، و استباح الإسمنت حدائقها الغناء، و جفت تربتها  و أشجارها و هجر شبابها قطاع الفلاحة.
كرز الحامة يسافر عبر بقاع العالم
انطلاقتنا كانت من بستان عمي  صالح مزغيش، 62 سنة، الذي وجدناه منهمكا في حرث أرضه، فعاد بنا إلى سنوات مضت، كانت فيها الحامة قطبا لإنتاج الكرز «حب الملوك»، فلكرز الحامة خصوصية عالمية،  سواء من  حيث الحجم  أو الطعم، و يضم عدة أنواع على غرار « بيغارو» و» بوحبة» و « قلب الثور»، و كان المحصول وفيرا، ف70 بالمئة من المستثمرات الفلاحية و البساتين   كانت مخصصة لزراعة»حب الملوك» .
و قال لنا عمي صالح بأنه تعلم تقنيات غرس أشجار الكرز على يد والده عندما كان في  13من عمره، و تعلمها والده بدوره من المعمرين الذين جلبوا معهم  شتلات  من أشجار الكرز من أوروبا و قاموا بغرسها في منطقة الحامة ،  و نظرا لجودة تربتها و وفرة مياه ينابيعها، ازدهرت  هذه الزراعة ، حتى أضحت المنطقة لسنوات طويلة قطبا وطنيا لإنتاج هذه الفاكهة.
و أضاف المتحدث أن موسم جني الكرز في منطقة الحامة كان عبارة عن عرس كبير،  فكان المحصول وفيرا يتم تسويقه إلى  مختلف الولايات الجزائرية، كما كان كرز الحامة  يصدر إلى فرنسا و ألمانيا و بلجيكا ، و كان جزء منه يوزع على سكان المنطقة و زوارها،  فمن يزور الحامة يخرج منها محملا بكيلوغرامات من الكرز ، و حتى الحيوانات كان لها نصيب من حبات الكرز المتساقطة من الشجيرات المثقلة بالمنتوج.
على بعد أمتار من بستان عمي صالح، التقينا بالسيد السعيد بولحوت الذي يتقاسم مع 5 فلاحين آخرين العمل بإحدى المستثمرات التي لا تزال صامدة، رغم صعوبة الظروف.
و أعرب السعيد الذي يمارس الفلاحة منذ الثمانينات، عن أسفه  لحال الحامة عموما و تحديدا محصول الكرز، الذي تقلص بشكل كبير، لعدة  أسباب في مقدمتها شح المياه ، وتذكر كيف كان يملأ يوميا عشرات الصناديق من فاكهة الكرز ، عندما كان المحصول   وفيرا ، و كلما كان يحل موسم الجني كانت بساتين الكرز تشهد حركية كبيرة منذ ساعات الفجر الأولى .
و لا يقتصر الأمر على الكرز ، فحتى تفاح و ليمون و برتقال الحامة، له  نكهة تميزه عن باقي المناطق.
شتلات فريدة من نوعها في الجزائر

عرفت  الحامة منذ القديم بنوعية و وفرة إنتاجها من الخضار، فكانت مصدر  التموين الأول لقسنطينة ، حتى أطلق عليها لقب» بستان خضروات قسنطينة» ، و في جولة بعدد من البساتين و المزارع حدثنا فلاحوها عن خصوصية منتجاتها ، و خصوبة أرضها  التي تنتج أنواعا فريدة من نوعها، أبرزها «خس بولعراس» الوحيد في ناحية الشرق الجزائري.
و أطلقت عليه هذه التسمية نسبة لعائلة بولعراس، المعروفة بلقب «رحموني» و هي من أقدم العائلات في المنطقة، حيث قالت لنا الجدة عقيلة رحموني 78 سنة، أن زوجها كان يجني يوميا ما يملأ به 40 إلى 50 صندوقا من ربطات الخس، فيبيع جزء منها و يتصدق بجزء آخر.
كما أن الكوسا أو القرع «الجريوات « التي تغرس بالمنطقة ذات جودة عالي، حيث قال لنا الفلاح أحمد منوشي، أن قرع الحامة يختلف عن غيره، من حيث اللون و الحجم، فحباته متوسطة الحجم تميل إلى الأخضر الداكن ، و يستخدم في طهي الحساء و طبق الكسكسي.
في حين أكد الفلاح الشاب محمد الأمين شويط الذي يعمل رفقة والده ، أن  تربة الحامة بوزيان تصلح لغرس كل أنواع الخضار ، و تعطي منتجا وفيرا و شتلات فريدة من نوعها، كالفول و البامية «القناوية»، و عموما تربة المنطقة لا تبخل على فلاحيها بكل أنواع الخضار و الفواكه.
أول شجيرة لارنج غرست بالمنطقة منذ260 سنة
خلال جولتنا بين بساتين الحامة شدت انتباهنا أشجار الزهر و نباتات الورد ، المترامية الأطراف ، كيف لا و الحامة بوزيان تشتهر منذ القديم بإنتاج زهر اللارنج و الورد و تقطيرهما.
و قال المزارع أحمد منوشي أن الحامة بوزيان كانت و لا تزال المنتج رقم واحد في قسنطينة و ناحية الشرق لمحصول الزهر و الورد، و يباع عادة في شكله الخام بعد جنيه و وضعه في سلال من السعف بعد وزنه ، ليستخدم في عملية التقطير ، و كان الفلاحون يقصدون وسط مدينة قسنطينة في ساعات الفجر الأولى لبيع هذه السلال التي كان سكان قسنطينة يتهافتون لشرائها، حيث يأخذ كل بيت حصته من المحصول لتقطيره ، و يحتفظ بكمية من ماء الزهر و الورد للاستعمال الشخصي و تخصص كمية أخرى للضيوف أو يتم التصدق بها  و لا يتم بيعها، امتثالا للتقاليد المتوارثة.
للتعرف أكثر على تاريخ هذه العادة العريقة توجهنا إلى مزرعة عائلة كوتشوكالي التي قيل لنا أنها أول عائلة أدخلت شجرة اللارنج إلى الجزائر  و معها عادة التقطير.
على بعد أمتار من السير بالمركبة، توقفنا أمام مدخل كبير لمزرعة العائلة، وجدنا أمامنا أرضا واسعة تضم عدة منازل متفرقة، تتوسطها حديقة واسعة ذات ممرات حجرية، بها العديد من أشجار الورد و اللارنج و منبع مائي كبير، ثم التقينا بالشاب عبد الوهاب كوتشوكالي الذي رافقنا في جولة في المزرعة و تحدث عن عادة تقطير الزهر ، التي تعود إلى  260 سنة مضت، عندما جلب جده الأكبر شجرة لارنج من تركيا قدمت له كهدية و قام بغرسها  كشجرة زينة، و نظرا لرائحتها المميزة انتشرت زراعتها في كل المنطقة  و معها عادة  التقطير التي يقال إنها تركية الأصل .
و أضاف المتحدث أن جده الأكبر كان يزور بيته  في الحامة كل موسم ربيع، قادما إما من تركيا أو مدينة قسنطينة، و كانت جارياته تتكفلن بتقطير ماء الزهر و الورد و تحضير أطيب الحلوى و الأطباق،  و يقضي الموسم كاملا هناك  ، و لا يزال  الأحفاد  محافظين إلى غاية اليوم على هذه العادة ، فيقومون بجني المحصول و تقطيره.
و أوضح عبد الوهاب أن البستان يضم عشرات الأشجار التي يتراوح عمرها بين 30 إلى 40 سنة ، و متوسط ما يتم تقطيره سنويا يصل إلى 300 لتر، فيما يباع جزء كبير من زهر اللارنج
و الورد في سلال بسعر رمزي للعائلات، من أجل الاستعمال الشخصي و لا تباع للتجار.
مباني كولونيالية و مقابر تركية شاهدة على التاريخ

من خلال زيارتنا إلى المنطقة، مررنا بعدة مباني ذات نمط عمراني كولونيالي، خاصة تلك الموجودة في منطقة برقلي، أول تجمع سكني بالمنطقة أقام به المعمرون و أطلقوا عليه تسمية "فيلاج نيغرو".
 هذه المباني مهجورة اليوم، و انهارت أجزاء كثيرة منها، لكن الكثير من البساتين التي تعود للمعمرين الذين استوطنوا لسنوات طويلة الحامة، لا تزال صامدة، و قال لنا أحمد منوشي، إن الحامة تضم أزيد من 50 مزرعة، لا تزال تحمل أسماء المعمرين، على غرار مزرعة طابوني، مزرعة ميشال و مزرعة لارما و غيرها و كانوا يقطنون بها و يمارسون الفلاحة و تربية المواشي و الدجاج.
كما شد انتباهنا وجود بقايا آثار تركية، منها مسكن "برج" موجود في مزرعة كوتشوكالي، و قال عبد الوهاب كوتشوكالي إنه لجده الأكبر و قد بني قبل حوالي 4 قرون، وفق نمط عمراني تركي، و يحتضن كل سنة طقوس تقطير ماء الزهر و الورد، و لا يزال إلى غاية اليوم محافظا على طابعه العمراني الخاص.
رافقنا عبد الوهاب إلى حديقة المنزل، فوجدنا بها مقعدا و طاولة حجرية بنفس النمط العتيق، كما أن البوابة الحديدية لا تزال صامدة، فيما برزت التشققات في الجدران الخارجية للمبنى.
و توجد بالجهة المقابلة مقبرة العائلة التي دفن بها الأجداد، و عندما زرناها لاحظنا أن القبور القديمة ضيقة و طويلة و مغطاة بخشب مدهون باللون الأخضر، و تضم شواهد حجرية كتبت عليها أسماء الراحلين باللغة العربية ، و أشار عبد الوهاب أنها بنيت على  الطريقة التركية، لأن العائلة ذات جذور تركية.
 و بإحدى زوايا المقبرة توجد بقايا جذع نخلة وضع فوقها شاهد مغطى بقماش أخضر، قال عنه عبد الوهاب إنه قبر أحد الصالحين، قدم من مكة المكرمة و توفي هناك، فدفن بمقبرة العائلة، بناء على وصيته.
شواهد هندسية  لعبقرية الإنسان في استغلال الماء
صادفنا أيضا خلال جولتنا في الحامة، آثار شواهد هندسية تبرز عبقرية السكان القدامى في استغلال و توزيع المياه الغزيرة رغم انعدام الإمكانيات، و قد رافقنا الشاب عادل حليمي، و هو ناشط جمعوي و نجار مهتم بشؤون المنطقة، إلى إحداها، و هي ذات شكل مستطيل تحولت اليوم إلى مكب للنفايات، في حين كانت ذات يوم عبارة عن مضخات يدوية، يزيد عددها عن 10، ينتقل عبرها الماء من المنبع المتواجد أسفل الهضبة، إلى الأعلى ليصل إلى المنازل.
و أكد السيد أحمد منوشي أن هذه التقنية سهلت استغلال و توزيع المياه، في حين كان يتم تزويد البساتين و البيوت من منطقة الغيران المشهورة بينابيعها، عبر مضخات تقليدية الصنع.
عادات و تقاليد أصيلة تجاوزها الزمن

كانت للعائلات الحامية عادات كثيرة، لكن لم يتبق منها اليوم سوى القليل، قالت لنا الحاجة عقيلة رحموني التي استقبلتنا أمام منزلها، و سافرت بنا إلى سنوات شبابها، كانت علامات الحسرة جلية في ملامح وجهها الأبيض الجميل الذي غطته التجاعيد، عندما تحدثت عن ذاك الزمن الجميل، كما وصفته، عندما كانت النساء تساعدن الرجال في جني المحاصيل ، و تربية المواشي، و يقمن بكافة أشغال البيت و تربية الأبناء و طهي الطعام و الخبز التقليدي على الحطب .
و أكدت المتحدثة أن الحياة في الحامة آنذاك كانت مرتبطة أساسا بالعمل في الحقول و البساتين، فلكل عائلة أرضها الخاصة، و قبل كل موسم حرث تعد النسوة حلوى الطمينة بماء الزهر، تيمنا  بموسم فلاحي ناجح .
و في موسم جني المحاصيل تتبادل العائلات صناديق الفواكه و الخضار، كما تقدم للأقارب و الزوار حصتهم مما تجود به الأرض، و يخصص فصل الصيف لتحضير مؤن العائلات لبقية الفصول، خاصة من الكسكسي " الفتيل"، حيث كانت النسوة تجتمعن كل مرة في منزل، لتحضير مؤنة عائلة معينة، و هكذا بالتناوب، و يكون لقاء "الفتيل" بمثابة عرس تعد فيه الولائم و تتبادل فيه النسوة الأحاديث و الذكريات.
و في فصل الربيع تعبق من المنازل روائح الزهر و الورد و تفتح الشبابيك و ينصب القطار في كل منزل، لتقطير الزهر و الورد، أما متعة غسل الصوف، فلا تضاهيها متعة أخرى، كما قالت السيدة عقيلة، إذ تجتمع النسوة على ضفاف الوديان، فيتصاعد منها بخار المياه الساخنة، و ينهمكن في غسل الصوف في أجواء من الفرح و المرح، و هي عادات، أكدت محدثتنا، أن جزءا كبيرا منها قد اندثر، و وحدها عادة تقطير الزهر و الورد لا تزال صامدة، كما لا تزال العائلات في الحامة تحافظ على عادة إكرام الضيف.
بساتين الحامة تستغيث
أعرب أغلب الأشخاص الذين التقينا بهم خلال إجراء هذا الروبورتاج عن أسفهم لما آلت إليه وضعية بساتين الحامة، حيث قال أحمد منوشي، فلاح و صاحب بستان، أن حوالي 50 مستثمرة تعاني من إهمال كبير، و أغلبها تحولت إلى أراض منسية، غزتها الأعشاب الضارة و الأشواك، و ذبلت أشجارها و نباتاتها، و تحولت أخرى إلى مكبات للنفايات ، بعدما كانت في الماضي بساتين غناء تنتج أجود الخضار و الفواكه.
 و يرى أن السبب في ذلك هم ملاك هذه المستثمرات التي كانت تحت سلطة المعمرين، و بعد الاستقلال انتقل استغلالها للجزائريين الذين كانوا يعملون في المزارع و يقطنون بها، و بقيت مزدهرة لسنوات طويلة، إلا أن أبناءهم و أحفادهم تخلوا عن الفلاحة و أهملوا الأراضي.
أما الفلاح عمي صالح مزغيش، فقال إن مشكل المياه و سوء تسيير الوديان و الينابيع لسنوات طويلة، جعل الكثير من الفلاحين يهجرون بساتينهم، بعدما أصبح مردودها لا يلبي احتياجاتهم المعيشية، كما أن أبناءهم الشباب فضلوا التجارة و أحيانا البطالة على خدمة الأرض. و ظل القليلون منهم فقط مرتبطين بالفلاحة، رغم الصعوبات و العراقيل.
أما السيد سعيد بالحوت فقال إنه اضطر إلى اختيار عمل إضافي، إلى جانب الزراعة، ليضمن قوت عائلته، بعدما شحت مداخيل الأرض التي لا يزال متمسكا بزراعتها ، رغم ما يواجهه من عراقيل، أبرزها مشكل المياه ، و هو ما يكلف الفلاحين سنويا خسائر كبيرة، خاصة في فصل الصيف، حيث تخصص لكل مزرعة ساعة واحدة للسقي  في اليوم ، بالتناوب، و تعتبر غير كافية لسقي مساحات شاسعة ، إضافة إلى غياب الدعم و نقص اليد العاملة التي يتطلبها جني المحصول ، بينما لم يخف الشاب و الفلاح محمد الأمين بوشويط، حزنه على وضعية بساتين الحامة التي عاش فيها رفقة والده و أعمامه و جيرانه خلال طفولته في خدمة الأرض، التي لا يزال مرتبطا بها و يسهر على حرثها و غرسها و جني منتوجها، رغم كل الصعوبات.
وجهتنا الموالية كانت صوب الينابيع المائية التي تزخر بها المنطقة، فوجدناها لا تزال جارية، لكنها تعاني أيضا من الإهمال، فقد لاحظنا في أكثر من مجرى مائي، و من بينها المنبع الرئيسي بمدخل حامة بوزيان، أكواما من الأتربة و الأوحال و القمامة، و حتى الردم الصلب، تعيق تدفق المياه، كما أن المسارات غير مهيأة.
ينابيع مائية مهملة
للاستفسار عن مشكل تسيير المياه، توجهنا إلى المجلس الشعبي البلدي فاستقبلنا رئيسه السيد عبد الرزاق فيلالي، فأكد لنا أن المشكل موجود منذ سنوات طويلة، و السبب يعود إلى إفلاس تعاضدية بيع و تسيير مياه الوديان، المعنية بعملية تسيير مياه الحامة منذ سنوات الاستقلال، و تعيش حاليا وضعية مالية صعبة، ما أجبر الإدارة على تقليص عدد العمال إلى 20 عاملا، من أصل 80، لم يتحصلوا على أجورهم منذ سنوات، و من بين مهام هذه التعاضدية تنظيف الوديان و توزيع مياهها على الفلاحين.
و أضاف مير حامة بوزيان، أن والي قسنطينة تنقل في زيارته الأخيرة إلى مقر التعاضدية، و اطلع على حالها و وافق على دعمها ماديا، لإعادة إحيائها، شريطة تقديم برنامج عمل متكامل في ما يخص طريقة تسيير مياه المنطقة، و هو المشروع الذي سيعرض على لجنة خاصة لدراسته، من أجل الموافقة عليه للحصول على الدعم المالي.

و أكد السيد عبد الرزاق فيلالي، أن البلدية سعت لإيجاد حل لمشاكل التعاضدية لكنها عجزت عن تغطية خسائرها، إلى جانب غياب إطار قانوني يعطيها صلاحية منح اعتمادات مالية ضخمة، و اعتبر أن ما تعيشه التعاضدية اليوم من إفلاس، سببه سوء التسيير، خاصة و أن الحامة غنية بمنابع مائية، قادرة على تزويد ولاية قسنطينة بأكملها بالمياه دون انقطاع، حسب آخر تقرير لوزارة الموارد المائية.
الإسمنت يغزو 3 آلاف هكتار من الأراضي الفلاحية

بخصوص مشكل غزو الاسمنت و البنايات الفوضوية للبساتين و الأراضي الفلاحية ، قال عبد الرزاق فيلالي إن السبب هو أزمة السكن الخانقة التي تعرفها المنطقة منذ سنوات ، فأمام تزايد الطلبات على السكن بمختلف الصيغ، قدرت ب 10 آلاف طلب سكن سنة 2018 ، فإن الحصص الممنوحة ضئيلة جدا، و لا تكاد تغطي الطلب، ما شجع ظاهرة البناء الفوضوي و التوسع العشوائي على حساب الأراضي الفلاحية، رغم مساعي البلدية و جهدها لمحاربة الظاهرة.
المتحدث أوضح أن من أصل 6 آلاف هكتار من الأراضي الفلاحية، اجتاحت 3 آلاف هكتار البنايات الفوضوية في عدة مناطق فلاحية، كالنملي و الجلولية و قطار الكحلة و غيرها من المناطق المشهورة بأراضيها الخصبة.و للحد من الظاهرة قال المتحدث إنه تم إرسال  اقتراح إلى الوزارة لإنشاء  قطب سكني بمنطقة الجلولية على مساحة 42 هكتارا ، يضم مختلف الصيغ و البرامج السكنية ، من أجل امتصاص طلبات السكن المتزايدة من جهة، و الحفاظ على ما تبقى من الأراضي الفلاحية من جهة أخرى.
من قطب فلاحي إلى  قطب لصناعة الخشب
لم تعد حامة بوزيان قطبا فلاحيا بامتياز، حيث غطت عليها نشاطات أخرى أغلبها صناعية أو حرفية في مقدمتها صناعة الخشب أو " النجارة" التي تشتهر بها منطقة جبلي و الكانطولي، و تضم اليوم أزيد من ألف محل للنجارة، و تعد أول قطب للنجارة في الجزائر.
و قال عادل حليمي نجار و ناشط في المجتمع المدني، إن المكان يقصده الزبائن من كل حد و صوب، و يستقطب الكثير من اليد العاملة، أغلبها من الشباب الذين فضلوا التجارة و الصناعة على ممارسة الفلاحة، بعدما تدهور حالها، فيما أكد رئيس المجلس الشعبي البلدي عبد الرزاق فيلالي، أن هناك مقترح ينتظر المصادقة عليه لتخصيص 10 هكتارات لتجسيد منطقة نشاط لصناعة الخشب و احتواء هذا القطب الفوضوي الأول من نوعه في الشرق الجزائري. إلى جانب صناعة الخشب أضحت الحامة بوزيان أيضا قطبا لبيع الأجهزة الكهرومنزلية ، كما توجد بها منطقة للنشاطات الصناعية في بكيرة تضم عدة مصانع ووحدات، على غرار صناعة الأدوية و المواد الغذائية ،التي تساهم في توفير 20 إلى 22 بالمئة من مداخيل حامة بوزيان ، إضافة إلى  السوق الأسبوعي للسيارات و أسواق أخرى جوارية لبيع الخضر و الفواكه.
  كما تشتهر المنطقة بمصنع إنتاج الإسمنت، التابع لشركة جيكا، ومطاحن القمح و عددها ثلاثة، إلى جانب مصنع جهوي للأنابيب و أعمدة الإنارة.

الرجوع إلى الأعلى