ارتفاع منسوب وادي القنطرة بجيجل يهدد عشرات البنايات
ردوم وأجهزة منزلية قديمة في المجرى
أثارت الأمطار المتساقطة بشكل كبير عبر إقليم ولاية جيجل، مؤخرا، مخاوف من خطر فيضان الوديان و إعادة بعث النائمة منها و التي استرجعت مساراتها الطبيعية السابقة، حيث تسبب بعضها، مؤخرا، في إحداث أضرار كبيرة لبعض السكنات و المحلات التجارية، خصوصا بواد القنطرة في مدينة جيجل، فيما برر مسؤولون سبب الفيضانات، برمي الأوساخ التي تؤدي إلى غلق منافذ السيول.
روبورتاج :كـ.طـويــل
و قد كانت لنا زيارة لأعالي وادي القنطرة، أين وقفنا على اعتداءات طالت مساره فضلا عن وجود بنايات شيدت على ضفافه و نفايات متراكمة في كل مكان عبر أجزاء من مساره.
وحذّر كثير من المتتبعين للشأن المحلي بالولاية، من تنامي تشييد المنازل بجوار الوديان و إمكانية حدوث خسائر لا تحمد عقباها في حالة عدم الاستعجال في وضع الحلول و ردع كل التصرفات المشينة، خصوصا مع التغيرات المناخية الطارئة مؤخرا و عودة ظاهرة السيول المطرية المفاجئة و الغزيرة، ما أدى إلى ارتفاع كمية تساقط الأمطار منذ بداية فصل الشتاء.
بنايات ذات طوابق شيدت فوضويا على بعد أمتار من المجرى
وجهتنا كانت نحو أعالي منطقة المقاسب و تتبع مسار وادي القنطرة الذي تمت تغطية جزء منه إلى غاية المحور الفاصل بين منطقتي المقاسب و الشمايم، و الغريب أن الجزء المغطى بالإسمنت من الوادي، أصبح عبارة عن طريق أو مسار لعبور السيارات و الشاحنات فوقه، بالرغم من الخطر المحدق، علما بأنه يمنع المرور عبره، بحيث يمكن أن تتسبب الحركة اليومية و المستمرة في تصدع الغطاء.
و لدى وصولنا إلى آخر نقطة من الجزء المغطى، شاهدنا كمية الأتربة و الأوساخ المحيطة بجوار المدخل و الوادي و يبدو أن منسوب المياه قد ارتفع سابقا وخلّف توسعه أثارا كانت بادية حينما زرنا الموقع. و أشار أحد أبناء المنطقة «إلى أن منسوب المياه ارتفع بعد انسداد الجزء المغطى، حيث أصبح النفقان لا يستوعبان الكميات المتدفقة من المياه، وذكر بأنه و عند حدوث الفيضانات الأخيرة، شهد الوادي ارتفاعا في منسوب المياه بجوار محطة المسافرين، ما أدى إلى انسداد المنافذ لتشبع النفقين و عودة المياه تدريجيا، بحيث لم يعد النفقان يتحملان سعة المياه المتدفقة، بالإضافة إلى تراكم كبير للنفايات و الأشجار» و قد كانت الأتربة و الأوساخ تغزو المكان.
و عند تتبع مسار الوادي، شاهدنا حجم الخطر المحدق في الأفق، حيث تتواجد منازل تلامس حافة مساره، فيما تسببت قوة المياه المتدفقة في إعادة تكوين مسار الوادي القديم و حدوث انجراف كبير للتربة، بحيث بدأت حواف المجرى تتلاشى، فيما تم تشيد سكنات تقع على مسافة تقل عن المتر من الوادي، حيث أزالت المياه الأتربة التي كانت تحمي أساسات المنازل.
كما أشار مرافقنا، إلى أن الأمطار الأخيرة، تسببت في ارتفاع منسوب مياه الوادي و سرعة تدفقه، فقد تآكلت المساحات القريبة منه، ما أدى إلى انزلاق الأتربة، فيما قال متحدثون، بأن الوادي عاد إلى مساره السابق. تابعنا السير و كلما تعمقنا نحو أعالي المجرى، زاد عدد السكنات الفوضوية المبنية بجواره، حيث وجدنا منازل في طور الإنجاز، يبدو أن أصحابها تخلو عن إكمال تشييدها، فيما لاحظنا عبر منعرجات الوادي، أثار قوة المياه المتدفقة جراء الانجراف الكبير للأتربة، حيث شاهدنا بعض المواقع قد انجرفت الأتربة بها بحوالي متر و نصف المتر، فيما بدأت بعض المتاريس التي أنجزها بعض المواطنين من أجل تغيير مسار الوادي و منع تدفقه باتجاه المنازل خصوصا في المنعطفات، بالسقوط.
و ذكر، آخرون أن المساحة المجاورة للوادي، تعرف اعتداءات كبيرة و متتالية منذ سنوات، فقد أدت العشرية السوداء إلى نزوح عائلات من الجبال و البحث عن مساحات شاغرة لتشييد أكواخ، أين قامت عائلات بسبب الحاجة الملحة، للإقامة و بناء بيوت صغيرة بجوار الوادي، لكنها مع مرور الوقت تحولت إلى مساكن كبيرة و من عدة طوابق، مع وجود عائلات أخرى استغلت الظروف لتشييد مساكن على ضفافه و الاعتداء على مساره في عدة نقاط.
بينما ذكر آخرون، أن منح قطع أرضية بتجزئة تابعة للوكالة العقارية لولاية جيجل، سميت بتجزئة القنطرة و بغير بعيد عن مسار الوادي على حد قولهم، الأمر الذي أدى بعائلات لاستغلال الظرف و تشييد منازلها و قال أحد المواطنين، بأن الظرف الأمني السابق، جعله يهجر أرض الأجداد و يستقر بجوار الوادي، أين قام بتشييد كوخ، لكن مع مرور الوقت، قام ببناء سكن في الموقع بدله و ذلك بعد انقطاع السبل و عدم منحه سكنا اجتماعيا على حد قوله.

أجزاء من مسار الوادي تتحول إلى مكب للنفايات
و يكمن الخطر الأكبر في النفايات و بقايا الأتربة المرمية على ضفاف الوادي، حيث شاهدنا بقايا منزل مهدم موجودة بجوار الوادي، أين ذكر متحدثون بأن العديد من المواطنين يلجؤون لرمي النفايات الهامدة بجوار الوادي، مؤكدين على أن أحد المواطنين قام برمي بقايا منزله المهدم داخل المجرى، بالإضافة إلى ظاهرة رمي النفايات المنزلية، حيث تلجأ العديد من العائلات للتخلص من القمامة على ضفافه، مبررين ذلك بغياب شاحنات رفع القمامة.
النصر وقفت على وجود كميات معتبرة من النفايات المرمية، في مشاهد مؤسفة زاد من وقعها تسرب مياه الصرف الصحي التي تصب مباشرة في الوادي، فيما كان أطفال يتخذونه مكانا للتسلية و اللعب لحظة تواجدنا هناك.
و طالب مواطنون من السلطات الولائية المختصة، ضرورة التدخل العاجل لمعالجة المشاكل المطروحة، مشيرين إلى أن الحل يكمن في إكمال تغطية الوادي في جزئه العلوي، ما سيسمح بمنع مواصلة الاعتداءات التي تطال الحواف و كذا الرمي العشوائي للنفايات.
دراسة لتهيئة و تغطية قرابة 2 كلم من المجرى
و أشار رئيس البلدية، إلى وجود دراسة أعدتها مصالح البلدية للتكفل بالشطر الثاني من وادي القنطرة و تمس 1,8 كلم، بغلاف مالي يقارب 49 مليار سنتيم و من الصعب أن يتم تمويلها من قبل مصالح البلدية، بحيث تم تقديمها لمصالح الموارد المائية و كذا اللجنة الوزارية التي تفقدت الولاية، مؤخرا، جراء الفيضانات التي مست الوادي.
في حين ذكر مدير الموارد المائية، مصطفى مشاطي، أن إنجاز مشروع تغطية واد القنطرة في السنوات الفارطة، كان وفق دراسة محددة تهدف إلى تغطية الوادي داخل امتداد المدينة و لكن بعدها مجرى الوادي عرف توسعا عمرانيا باتجاه أعلى المدينة، خصوصا مع العشرية السوداء التي عرفتها البلاد، و قد أدى إلى التعدي على ارتفاقات الوادي و التي تعتبر ملكا للدولة، حيث كان التعدي صارخا و تم تشييد بنايات مخالفة لمعايير البناء و تعتبر من بين الظواهر التي شهدتها معظم الولايات، بالإضافة إلى تفشي ظاهرة الرمي العشوائي للنفايات و لكون الوادي موجودا داخل محيط عمراني، فيعتبر الحفاظ عليه من صلاحيات البلدية و الأجهزة المختصة، حيث أنه يجب على الجميع تحمل جزء من المسؤولية في الوقت الراهن و تصحيح أخطاء الماضي، فيما سيتم العمل على معالجة الوضعية.
موضحا بأن الدراسة الحالية المنجزة من قبل البلدية لم تكتمل، حيث ستتم معالجة بعض النقائص و كذا الطريقة التي ستتم معالجة الشطر المتبقي بها من الوادي بطريقة علمية و من الممكن عدم اللجوء إلى المعالجة من دون التغطية.
 مشيرا إلى تنظيف الوادي في عدة مرات، حيث شهد، مؤخرا، عملية تنظيف واسعة عبر عدة منافذ، ضمت العديد من الهيئات و المصالح و بمشاركة عدة ولايات في الحملة التطوعية و قد تبين خلال عملية التنظيف، حجم الرمي العشوائي للنفايات، بحيث تم العثور على ثلاجات، و أجهزة كهرومنزلية و بقايا أشجار تم رميها هناك.
و ذكر المسؤول، أنه و بعد وقوع الفيضانات، مؤخرا، وقفت لجنة وزارية على مختلف النقائص و الاعتداءات التي مست الوادي و تم إعداد ملف من أجل معالجة المشكل المطروح.
كـ.طويل

الرجوع إلى الأعلى