عادت الورود و نباتات الزينة، لتحتل حيزا مهما في حياة القسنطينين، بعد أن تم إهمالها في  سنوات خلت، اقتصر فيها تقديم باقة الورود على مناسبات الخطوبة و الزواج، و تكون في الغالب اصطناعية، حسب ما أكده تجار للنصر،  لتنتعش في السنتين الأخيرتين، تحت تأثير مواقع التواصل و اليوتيوبرز الذين روجوا لنمط معيشي جديد، يبرز جمال الباقات و عنصر الاخضرار، في الديكور المنزلي، بدل قطع الأثاث الكثيرة.
ربورتاج / أسماء بوقرن    
فيما واكب تجار هذه الموجة، باعتماد ديكور عصري لمحلاتهم، و إبراز أصص و نباتات جذابة، و استغلوا التكنولوجيات الحديثة للترويج لنشاطهم، وقد أكد زبائن بأن الحجر المنزلي أتاح لهم فرصة «إدخال» الطبيعة إلى البيت و ساهم في استغلال الكثير للزوايا الميتة.
انتقلنا إلى محلات بيع الورود و نباتات الزينة بالمدينة الجديدة علي منجلي بقسنطينة، التي زاد عددها مؤخرا، على غرار « ميزون دي فلور « و « فلور أست» و « شيك ديكو فلور» و « قوفا قاردن»،  و التي حرصت على مسايرة التطور الحاصل في هذا المجال، بالاعتماد على ديكور جديد، على طراز محلات مشهورة في دول أجنبية أو عربية، يبهر كل من تطأ قدمه باب المحل، فتنتابه الرغبة في اقتناء عدة أنواع من نباتات الزينة التي وضعت في أصص من السيراميك و زجاج ذي تصميم عصري جميل، حتى الورود ذات الألوان المختلفة و الرائحة العطرة، ساهمت في ضخ دماء جديدة في هذا النشاط.
تمكين الزبون من زيارات افتراضية و توفير خدمة التوصيل
 سياسة البيع المنتهجة لم تعد منحصرة على معاملات البيع و الشراء داخل المحل، بل تعدتها إلى عرض خدمات متعددة على الزبون، بدءا بإتاحة الفرصة لزيارات افتراضية من خلال صفحات فايسبوك و إنستغرام للاطلاع على أنواع الورود و الأزهار و نباتات الزينة، مع عرض بطاقات تقنية تعرف بكل نبتة، خاصة بالديكور الداخلي أو الخارجي، و إبراز أسمائها و أسعارها و طرق العناية بها و المناخ المناسب لها، و كذا تقديم نماذج لتصاميم باقات، تختلف حسب طبيعة المناسبة التي تقدم فيها، و كذا طرق العناية بها، مع إتاحة خدمة التوصيل المنزلي عبر مختلف ولايات الوطن، و التعامل مع مواقع معروفة لتسهيل خدمة الدفع، و لاحظنا تفاعل العديد من النشطاء مع المنشورات و إبداء رغبتهم في اقتنائها و الاستفسار عن مكان المحل.
يوتيوبرز أعطوا دفعا لتجارة الورود
وقفنا على مدى انتعاش هذا النشاط خلال جولة النصر عبر عدد من المحلات، أين التقينا العديد من الأشخاص، منهم من كان بصدد الاستفسار عن الأسعار، و منهم من كان بصدد اقتناء باقة ورد، و اعتقدنا للوهلة الأولى أن الأمر يتعلق بحفلات خطوبة أو زواج، لكن بعد الحديث إلى الزبائن اتضح لنا خلاف ذلك، التقينا بالسيدة ليلى التي كانت ترافقها ابنتها الصغرى أريج، بمحل « فلور أست» و كانت تهم باقتناء باقة ورد ، قالت لنا أنها ستهديها لجارتها بمناسبة إنجابها لمولود جديد،  و اختارت ديكورا مناسب يتمثل في علبة زهور، على شكل حامل رضيع «لاندو»، نشرته إحدى المؤثرات على موقع أنستغرام، مؤكدة بأنها تفضل تقديم باقة ورد ، بدل قالب حلوى، لأنها سترفع من معنويات جارتها.
و التقينا بالسيدة أمينة، و هي موظفة، رفقة زوجها بذات المحل، و كانت قد اختارت باقة تتكون من 20 وردة، لتقديمها كهدية لحماتها، لأنها من عشاق الورد، و سيكون للباقة تأثير إيجابي على حالتها النفسية.
 فيما وجدنا أحلام بمحل «شيك ديكو فلور» ، تستفسر عن مزهريات لنباتات الزينة الداخلية، فدلها التاجر عما تبحث عنه، و قالت للنصر، بأن مكوثها لفترة طويلة في البيت خلال الحجر المنزلي الذي فرضه وباء كورونا، جعلها تفكر في تغيير ديكور بيتها، مقرة بأنها تأثرت بعدد من اليوتيوبرز، اللائي يستعرضن ديكور منازلهن الجميل،  فقررت التخلص من  عدة قطع لإفراغ الزوايا الميتة و ملئها بنباتات الزينة، و مزهريات الورود التي تبث الطاقة الإيجابية في البيت و سكانه.
صاحب حديقة « نوفا قاردن» هذه النباتات تسحر الزبائن..
زرنا حديقة «نوفا قاردن» التي تضم محلا لبيع الورود و نباتات الزينة، فقال البائع سيف الدين لعيدي للنصر، أن هذا النشاط انتعش بشكل لافت، فأصبحت أعداد كثيرة من العائلات تقبل على محله، بينما يخصص الطلبة زيارات دورية لمحله من أجل التعرف على أسماء كل الأنواع المعروضة  بالعربية و كذا الانجليزية و الفرنسية، مشيرا إلى أن تواجد الفضاء في المنطقة الصناعية بالمدينة الجديدة علي منجلي، التي تعد معزولة نوعا ما، لم يؤثر على نشاطه، بفضل مواقع التواصل التي ساهمت بشكل كبير في استقطاب المهتمين و رواج ما يعرضه.  
محدثنا قال بأن التطور الحاصل في المجال، جعله هو و بقية العاملين معه يواكبونه لفرض أنفسهم في السوق و ضمان استمرارية نشاطهم، حيث لم تعد نباتات الزينة تقدم في أصص بلاستيكية، بل أصبحت توضع في أصص زجاجية و أخرى مصنوعة من مادة السيراميك، و كذا الجبس، و حتى الخشبية، التي تأخذ تصميم جذوع الشجر بأشكال و أحجام مختلفة،  و أسعارها تختلف، حسب الحجم، اذ تباع ثلاث قطع من الأصص المصنوعة من السيراميك بـ 1800 دينار، بعد تزيينها بأحجار بيضاء و تضاف لها مادة لامعة .
 بخصوص النباتات الأكثر رواجا، قال المتحدث بأن نبتة الصبار «كاكتوس» بألوانها المختلفة، تعد الأكثر طلبا و يبدأ سعرها من 250 دينارا، و كذا الجهنمية التي يقدر سعرها بـ 550 دينارا، و السرخس «سيكاس» التي يتراوح سعرها بين 4500 و 9500 دينار، و ذيل الجمل «فوجار» بـ 4500 دينار ، و  «لوفيرا» بسعر 1500 دينار ، كما يتم بيعها بالورقة مقابل 200 دينار،  و تلقى رواجا كبيرا بين صاحبات صالونات الحلاقة.
و من بين النباتات الأكثر رواجا أيضا  نبتة «لوبامبو» التي تعرف محليا باسم   «عصا موسى» و يقبل الكثيرون على اقتنائها، لاعتقادهم أنها تجلب الحظ، و سعرها يختلف حسب طولها، و يتراوح بين 450 و 750 دينارا ، و هي تعيش في الماء .
و أشار ذات المصدر إلى أن الزبون أصبح لا يكتفي بالشراء، بل يحرص على الإلمام بكل مراحل الاعتناء بالنبتة، و اقتناء السماد المناسب، و يستفسر حول طريقة استعماله.
كريم بن جعفر صاحب محل  «ميزون دو فلور» بقسنطينة
 تصلنا طلبيات من دول أجنبية لإعداد طرود تضم باقات ورود

يحرص كريم بن جعفر، صاحب محل «ميزون دو فلور» بقسنطينة، بدوره على عرض أجود أنواع الورود و أجملها إلى جانب نباتات الزينة،  في أصص و علب رائعة، و وسط ديكور جذاب يسحر كل من يقع نظره عليها، و قال للنصر أن الاهتمام بالورود و نباتات الزينة تراجع بشكل ملفت في الفترة من 2003 إلى غاية 2014 ، حسبه، لكن منذ سنة 2015 لمس ازدهار هذا النشاط،  فلم يعد تقديم باقة الورود منحصرا على المناسبات و الأفراح، بل أصبحت تقدم في الزيارات العائلية و عند عيادة المريض و كذا عندما تقدم التهاني و التبريكات بمناسبة ميلاد طفل جديد، و في أعياد الميلاد و عيد الأم و المرأة و كذا عيد الحب.  
و أضاف بأن طرق تزيينها أصبحت جد متطورة، حيث يختلف شكل الباقة ، حسب المناسبة، فمثلا لتهنئة المولود يتم اختيار علبة على شكل حامل رضيع و تملأ بالورود و الأزهار، مع إضافة رضاعة صغيرة بلون يناسب جنس المولود، مضيفا بأن الإقبال لا ينحصر على الطبقة الميسورة، بل يشمل كذلك الطبقات المتوسطة، معتبرا ذلك ثقافة لا علاقة لها بالقدرة الشرائية في الغالب ، مشيرا إلى أن الاطلاع الدائم على مستجدات ديكور علب و باقات الورود، يمكنه من تقديم الأفضل لزبائنه.  
و أوضح كريم الذي فضل العمل في هذا المجال الذي ورثه أبا عن جد، على العمل بشهادته الجامعية، بأنه حرص، خاصة في ظل جائحة كورونا، على التعامل مع الزبائن من خلال مواقع البيع و أيضا من خلال موقعي فايسبوك و إنستغرام، مؤكدا بأنه يعرض خدمة التوصيل لـ 48 ولاية، كما يتعامل مع جزائريين مقيمين بالخارج، و حتى أجانب، حيث يرسلون له طلبيات، مع توصيلها في شكل طرود لعائلاتهم أو أصدقائهم، حيث تلقى مؤخرا طلبية من كندا لتقديم باقة ورد لعائلة تستعد لإقامة حفل زفاف ابنها.
و بخصوص سؤالنا إذا كانت الورود الاصطناعية الأكثر رواجا  أم الطبيعية، رد بأنه من بين 100 باقة تباع،  6 باقات تضم ورودا اصطناعية.
بخصوص أسعار الورود، قال بأنها تختلف من فصل لآخر، ففي فصل الشتاء تختلف عن فصل الربيع مثلا، و كذا حسب حجم الباقة و عدد الورود،  فمثلا علبة تضم 11 وردة ثمنها   3000 دينار، مع احتساب سعر العلبة، مشيرا إلى أن سعر الباقة يكون أقل صيفا، و قد ينزل إلى 2000 دينار، و قد أطلق مشروعا استثماريا لغرس الورود غير المتوفرة  محليا، بالأخص في الشتاء، بعد أن اكتشف بأن مناخ قسنطينة مناسب جدا لزراعتها .
و بخصوص نباتات الزينة، ذكر  بأنها أصبحت قبلة القسنطينين الذين عرفوا قيمتها في ظل الجائحة التي فرضت على الكثيرين البقاء في البيت، و الإبحار في عالم النت، الذي قدم عبره مختصون حلولا للتخلص من روتين البيت و ذلك بتغيير الديكور و التقليص من الأثاث و قطع الديكور غير المهمة، و استغلال زوايا البيت الميتة، في وضع نباتات الزينة الداخلية، و تزيين الشرفات و مداخل البيوت بها و تهيئة الفضاء الخارجي للعمارات و كذا شرفات المنازل ،  مؤكدا بأنه اكتشف ذلك من خلال أحاديثه مع زبائنه، الذين لا يعرفون في الغالب أسماء النباتات و يختارونها حسب شكلها و مدى ملاءمة سعرها الذي يبدأ من 2500 دينار، و يصل إلى 10 آلاف دينار .
صاحب محل فلور أست بعلي منجلي
تغيير الديكور الكلاسيكي للباقات أنعش تجارة الورود  
و أكد من جهته، صاحب محل «فلور إست» بعلي منجلي للنصر، بأن تغيير الديكور الكلاسيكي للباقات و تجسيد ديكورات عصرية، بالاستناد إلى ما تعرضه كبرى محلات الورود الأجنبية عبر مواقعها و صفحاتها في الفضاء الافتراضي، ساهم في ازدهار النشاط، مؤكدا بأن تحديد المناسبة التي ستقدم فيها الباقة، أصبح مهما.
و أضاف بأنه يحرص على  توفير أنواع مختلفة، و عن مدى توفر السلعة محليا ذكر بأن الورد المحلي نجده من نهاية مارس إلى غاية بداية ديسمبر، و لا يكون غير متوفر بأنواع كثيرة حتى في هذه الفترة، حسبه،  فنجد مثلا « كريزونتان و  جيبسوفي و فياج و لي زوازو دو برادي».
 في حين تتيح الورود و الأزهار المستوردة، التنويع خاصة و أنها ذات ألوان عديدة متدرجة،  مثل الوردي المتدرج» روز ديقرادي» غير المتوفر محليا، و كذا أنواع أخرى، نذكر «لافوجات و ليس و فلوكس و لوستوروميتيا»، مضيفا بأن سعر الوردة الواحدة يقدر ب 200 دينار، أما بخصوص علب التزيين، فأسعارها مرتفعة لأنها مستوردة و تصل إلى  4 آلاف دينار،  و هي متوفرة بتصاميم مختلفة.
أ ب

الرجوع إلى الأعلى