تحذيرات من تسويق  حلزون غير صالح للاستهلاك
يتزامن انتشار بيع الحلزون، أو «الببوش» كما يطلق عليه سكان غرب البلاد، كل سنة، مع   تغير الأحوال الجوية في بداية الخريف و الربيع، وهو من الأطباق التي تحظى بإقبال كبير من المواطنين بغرب البلاد في هذه الفترة، لتفادي الإصابة بالزكام أو الأمراض الصدرية و غيرها من الآلام التي تنتج عن تغير وتيرة يومياتهم، و ما يزيد من فوائد «الببوش» هو أن تحضيره على شكل طبق، يتطلب إضافة أعشاب طبية، مثل الزعتر و «النوخة» اللذين يساعدان الجسم على تفادي الأمراض التنفسية.
ورغم فوائد الطبق، إلا أن هناك من يستغل الظرف للتسويق لمنتوج غير صالح للاستهلاك، لهذا يعمد المستهلكون لتحديد الباعة المختصين في هذا المجال، أو التعرف على أنواع الحلزون قبل شرائه، ويقال أن حلزون الجبال والغابات، فوائده الصحية أكثر من حلزون الوديان و المدينة، لأن الأول يتغذى على الأعشاب الغابية، النصر اقتربت من بعض المواطنين لرصد آرائهم.
قال السيد رضوان أنه يفضل شراء الحلزون من عند صديقه الذي يثق فيه، فهو يمارس مهنة جمع وتسويق «الببوش» منذ عقود، مضيفا أن البعض أصبح يجمع الحلزون من الحقول و وسط الأعشاب التي سبق رشها بالمبيدات الفلاحية، ما يؤثر على الحلزون وعلى من يستهلكه، وبالتالي التعامل مع أصحاب الخبرة و الثقة أفضل.
و أوضحت السيدة أمينة، أنها تتفادى شراء «الببوش» عندما يعرضه البائع غارقا في الماء، نتيجة رشه المتواصل بالماء، للتقليص من رائحته عندما يتلف و يصبح غير صالح للاستهلاك، و بالتالي لا تشتريه، إلا عندما يكون جافا نوعا ما.
و أكد السيد سمير الحلزون أنه يشتري الحلزون الذي تكون قوقعته بنية داكنة، و يعتبره هو الأفضل، فكلما كانت قوقعته بنية فاتحة تقل جودته، وفق المتحدث.
و أضافت السيدة فاطمة، أنه كلما كان الحلزون كبير الحجم، كلما كان أفضل، وكلما كانت إفرازاته تميل للاخضرار، يكون أحسن من المائلة للسواد.
الجمع  مع تساقط الأمطار  

سألنا أيضا بعض الشبان الذين تعلموا جمع الحلزون من الأجيال السابقة، فقال لنا السيد عبد القادر لعرايش، الذي يمارس هواية جمع الحلزون منذ سنوات، أن هذا الأخير يمكن البحث عنه وجمعه بعد سقوط الأمطار،  فهذه الظروف تساعده على الخروج من مخبئه، سواء بين الصخور في الجبال أو بين الأعشاب والأحراش في الغابات، حيث يستغل الحلزون تساقط الأمطار ليرعى في الطبيعة من حوله، وهنا يمكن ترصده وجمعه.
و أضاف محدثنا أنه لا يمكن الاقتراب من الحلزون و جمعه في فترة التكاثر، رغم أنه يكون خارج مخبئه، و يجب الانتظار حتى يضع بيضه ويغلق عليه، للتمكن من جمعه، مشيرا أنه عن طريق الخبرة يستطيع التمييز بين حبات الحلزون الصالحة وغير الصالحة للإستهلاك.
وأضاف عبد القادر أن طريقة التعامل معه قبل طهيه واحدة بكل المناطق، حيث يتم وضعه في إناء ونثر كمية من السميد فوقه، ثم غلق القدر ب «الكسكاس»، حتى لا تخرج حبات الحلزون، و تسمح ثقوب «الكسكاس» بالتهوية.
و شرح لنا عبد القادر سر نثر السميد، و هو أن الحلزون يجب أن يقضي ليلة كاملة صائما، حتى يفرز كل ما بداخله من فضلات، ووقتها يجد السميد ليتغذى منه، ويساعده على طرح كل ما في داخله، وفي الصباح الموالي يتم تنظيفه بالماء، والتكبير عليه  « قبل وضعه في القدر للطهي، ثم يضاف إليه  التوابل و القليل من الزعتر و «النوخة» و يترك مدة ليغلي، ثم يصفى، ويمكن أكله مباشرة بنزعه بواسطة دبوس من قوقعته، كما يمكن إضافته لطبق الأرز، و حتى لطبق «البايلا» وفي الحالتين لا ينزع من قوقعته.
و  اتصلنا بالسيد زحاف بوسيف، المقيم بأقصى الحدود الغربية وبالضبط في منطقة باب العسة بمغنية، لأنه مشهور بتحضير أطباق الحلزون، حيث أوضح لنا أن عملية جمع الحلزون تتطلب تحضيرات، منها ارتداء لباس خاص للمهمة،  و حمل أدوات حادة، و ذلك لأن المنطقة التي يقوم فيها بعملية البحث والجمع تكثر بها الأشواك و الزواحف، مثل الثعابين والعقارب، والحلزون ليس له مكان قار هناك، فقد يتواجد في أي مكان، مثلا تحت الأحجار الكبيرة أو بأغصان الأشجار أو يكون عالقا بنبتة السدرة و يمكن العثور عليه حتى تحت قطع الكرطون، كما أن جمعه يتطلب معرفة واسعة بالحلزون، فلا يمكن أن يتم جمعه أثناء عملية التكاثر إلى غاية وضعه للبيض، وخلال التبييض يقوم بحفر حفرة و يضع بيضه فيها، ويغلق عليه، بعد ذلك يمكن جمعه.
و أرسل إلينا المتحدث صورة للمنتج الذي كان يعرضه للبيع في سوق باب العسة، وهو حلزون من النوع المتوسط، يطلق عليه تسمية «لحطيرية» و يسهل أكله وطهيه، و النوع الثاني وهو كبير الحجم، يطلق عليه اسم «البقري».
السميد و عرق سوس  للتخلص من افرازات «الببوش»  
قبل تحضيره، يقوم السيد بوسيف بنفس الخطوات التي ذكرناها سابقا، أي أنه ينثر السميد فوق الحلزون و يتركه ليلة كاملة، لكن إذا فضلنا طهيه مباشرة بعد جمعه، يضاف إليه «عرق سوس»، لكي يطهره و يخلصه من الطعم المر، كما قال.
الطريقة الأولى و هي الأساسية، تتمثل في غسل حبات الحلزون جيدا و نضع الماء، حسب الكمية المتوفرة و ملعقة كبيرة ملح، و نتركه يسخن، ثم نقول بسم الله ونضع الحلزون في القدر و نضع الزيت، حسب الكمية مثلا إذا كان  القدر كبيرا نضع ملعقتي زيت، ثم نضع ملعقة من نبتة النوخة وهي ضرورية ونضيف نبتة «الفليو»و»الزعتر» وكذا البصل وحبات من الطماطم و ملعقة كبيرة طماطم مصبرة ،و ثوم وتوابل و فلفل أحمر، وهناك من يضيف قشور البرتقال أو النعناع، من أجل إضفاء نكهة مميزة على الطبق، وبعد نضج لحم الحلزون، يكون الطبق جاهزا و يتكون من الحساء و حبات الحلزون التي يتم نزعها بالدبوس أو ب «عيدان تنظيف الأسنان».

وهناك من يفضل إضافة قطع البطاطا للطبق ، وهناك  من يضيف دقيق الشعير الغليظ المعروف بـ «التشيشة» إلى الحساء و يترك يغلي لمدة زمنية، مع تحريك القدر بشكل متواصل إلى أن يصبح الطبق جاهزا، بينما هناك من يختار إضافة الأرز للحساء، وهو الطبق الأكثر شهرة.
وزاد  حاليّا الاهتمام بلحوم الحلزون وبيعها، خاصة في الدول الأوروبية، و أطباق الحلزون غالية الثمن هناك، بينما في بلادنا هناك تباين في الإقبال على أطباق الحلزون التي يكثر تحضيرها في الجهة الغربية من الوطن، حتى أن بعض المطاعم الشعبية أصبحت متخصصة في تحضيرها لزبائنها في الفترة التي ينتشر فيها بيع الحلزون، و لم نتمكن من الحصول على معلومات حول أصل هذا الطبق.
غني بالبروتينات والمعادن ويعالج عدة أمراض
وفي دراسة مقارنة بين أربعة أنواع من الحلزون، وجد المختصون في التغذية، أن نسبة البروتين في لحوم «الببوش» تتراوح بين 18,66 و 20,56 بالمئة، و نسبة المعادن بها تتراوح بين 1,34 و 1,44 بالمئة، و تحتوي على كميّات مرتفعة من الحديد الذي يقي من الإصابة بفقر الدم، و كذا المغنيسيوم و الكالسيوم، كما تحتوي على المنغنيز الذي يلعب دوراً مهمّاً في بناء العظام و وظائف الجهاز العصبيّ، كما يوفر الحلزون الزنك الذي يدخل في تكوين أكثر من 50 أنزيماً في جسم الإنسان بالإضافة إلى الفوسفور و البوتاسيوم، وبفضل هذه المكونات، يُعد لحم الحلزون مناسباً لعلاج العديد من الأمراض ، مثل السكري وأمراض القلب والأوعية الدمويّة و إرتفاع ضغط الدم و السكتات الدماغيّة.               بن ودان خيرة

الرجوع إلى الأعلى