يشتكي سكان قرية دوار بوحاجب 2 ببلدية أولاد أحبابة في ولاية سكيكدة، من عزلة خانقة فرضها تدهور الطريق على مسافة 5 كلم و فيضان الوادي و انعدام جسر، بالإضافة إلى انعدام النقل المدرسي للتلاميذ الذين يقطعون ثمانية كيلومترات يوميا للوصول إلى مقاعد الدراسة.
قبل التفكير في زيارة هذه المنطقة الريفية، عليك أولا ضمان وسيلة نقل توصلك إليها و ذلك بسبب انعدام المواصلات و إحجام الناقلين عن العمل عبر هذا  خط نقل، بسبب وعورة المسلك الرئيسي على مسافة 5 كلم، انطلاقا من الطريق الرئيسي المؤدي للقرية مرورا بالوادي الذي يعرف وضعية جد متدهورة، و لا يعبر هذا الطريق سوى الجرار أو  الحمير و إن وجدت سيارة  فإن السائق يتفق معك مسبقا على إيصالك إلى غاية الطريق الولائي رقم 33 المؤدي للبلدية مركز، ما عدا ذلك، فمن سابع المستحيلات أن يوافق على إيصالك إلى وجهتك،  و لحسن الحظ  صادفنا سائق سيارة من معارفنا وافق على مطلبنا رغم صعوبة المهمة التي وصفها بالمغامرة.
ركبنا السيارة و انطلقنا إلى وجهتنا و في الطريق لم ينقطع تفكيرنا عن إمكانية أن نجد منسوب الوادي مرتفعا و هو ما قد يعيق عبور السيارة و عند وصولنا إلى قرية بوحاجب 1 أين يتواجد الوادي، أكد لنا مواطنون على أن السيارة بإمكانها العبور لأن منسوب الماء كان منخفضا و لا يتجاوز 30 سنتيمترا و هناك وجدنا مجموعة من سكان دوار بوحاجب 2 في انتظارنا، حيث رافقنا أحدهم في السيارة و هو شيخ يتجاوز السبعين من العمر، إلى غاية وصولنا و في الطريق لم يتوقف عن سرد معاناة سكان القرية بمرارة كبيرة، من مشاكل كثيرة ظلت لعقود تنغص الحياة اليومية للعائلات.
حيث أوضح المتحدث، بأن السكان لم يفهموا لحد الآن سبب «التهميش الذي يتعرضون له من طرف السلطات المحلية»، رغم أن المنطقة حسبه كانت معقلا لقادة الثورة و أبرزهم البطل الشهيد زيغود يوسف و كل شبر من أرضها يحكي بطولاتهم و ترابها ارتوى بدماء أزيد من 20 شهيدا قدمتهم في سبيل تحرير هذا الوطن الغالي، كما أن القرية تعتبر من مناطق الظل و لا بد من أن تحظى بمشاريع تنموية و تحسين ظروف السكان وفق تعليمات رئيس الجمهورية.
اسم القرية مستوحى من شكل الجبل
و أكد المتحدث، على أن  تسمية بوحاجب، أطلقتها السلطات الاستعمارية الفرنسية على الجبل الذي يعتلي المنطقة و الذي يشبه شكله حاجب العين، تحيط بها تجمعات سكانية صغيرة يعتمد قاطنوها في معيشتهم على الفلاحة و تربية المواشي في غياب الكثير من متطلبات الحياة الكريمة.
و عند وصولنا وسط الدوار، استقبلتنا مجموعة من المواطنين و شرعوا مباشرة في حصر مشاكلهم و انشغالاتهم و يأتي على رأسها الطريق الذي يربط القرية إلى غاية الطريق الولائي رقم 33 المؤدي إلى البلدية مركز على مسافة 5 كلم و الذي يوجد، حسب، ما وقفنا عليه في وضعية جد متدهورة و هو عبارة عن مسلك ترابي تنتشر عبر مساره الحفر و به  انزلاقات للتربة، بحيث لا يمكن للسيارة أن تسير فيه و يقتصر استعماله على الجرار و في حالات معينة يمكن للمركبات النفعية سلكه، أما في الشتاء، فإن الحركة به تشل تماما و يفرض عزلة عن السكان تمتد لأيام، لاسيما خلال تشكل العواصف الثلجية و هو ما يتسبب في متاعب كبيرة لأهالي القرية.
في حين تحدث مواطن من القرية، بأن الطريق سبق و أن تمت تهيئته في إطار مشروع تنمية المناطق الجبلية من طرف «الفيدا» لكن سرعان ما تبين أن الأشغال كانت مغشوشة، لأن المقاول الذي أسند إليه المشروع استعمل تربة جبلية و ليس رمال المحجرة، ما يؤدي إلى تشكل الأوحال و الطين عند تساقط الأمطار في غياب مصالح الرقابة

الجرارات لنقل المرضى أثناء فيضان الوادي
كما طرح المعنيون قضية الوادي الذي يشكل هاجسا للسكان، خاصة خلال فصل الشتاء حينما يرتفع منسوبه المياه إلى أزيد من متر، ما يتسبب في حدوث فيضانات عارمة، حيث يتعذر على المواطنين عبوره و تتوقف الحركة من و إلى القرية لعدة أيام و ينقطع عن أهاليها كل شيء، كما أن الدراسة تتوقف و لا يمكن للتلاميذ التنقل إلى المدرسة و لا حتى المعلمين، و هو وضع حتم على السكان اللجوء لانجاز جسر بأعمدة حديدية و إسمنتية للعبور، لكن قوة الفيضانات جرفت كل شيء،أما في الحالات المرضية، فإن المرضى يتم نقلهم على الأكتاف أو في الجرارات في ظل انعدام قاعة علاج.
و تدخل أحد المواطنين للحديث بنبرة من الغضب، بأنه يتوجب على السلطات المحلية التدخل لفك الحصار عن القرية لأنه حاليا أصبح المتوجه إلى المنطقة مطالب بالتنقل إلى بلدية زردازة و من ثم الوصول إلى دوار بوحاجب، بحكم أن الطريق معبدة و في وضعية جيدة عوض التنقل مباشرة من الطريق الولائي رقم 33.
كما أضاف آخر، بأن الوضع يتطلب انجاز جسر فوق الوادي من أجل التغلب على مشكلة فيضانات الوادي في فصل الشتاء و من بعدها تعبيد الطريق و حتى في حالة العكس أيضا، فإنهم يقبلون بالحل الثاني لأن الطريق يشكل بالنسبة لهم أولوية و التي تعتبر حسبهم شريان عودة الحياة للقرية، أما في حالة فيضان الوادي، فيمكن مثلما قالوا، أن يتعاملوا مع الوضع مؤقتا إلى غاية انتظار مشروع انجاز جسر.
تبخر مشروع الجسر و السير 8 كلم  للدراسة
و هنا أشار المتحدث، إلى أن والي سكيكدة الأسبق و خلال زيارته لبلدية أولاد أحبابة، عاين الوادي و استمع إلى انشغالاتهم كما وقف بنفسه على معاناتهم و أعطى حينها تعليمات لمدير الأشغال العمومية و رئيس البلدية بالتنسيق فيما بينهما لانجاز جسر ينهي معاناة سكان المنطقة لكن تلك الوعود، حسبهم، ظلت حبرا على ورق.
كما طرح قاطنون بالقرية مشكلا آخر يتمثل في انعدام النقل المدرسي، و هو ما يجعل التلاميذ يقطعون يوميا مسافة 8 كلم مشيا على الأقدام للوصول إلى المدرسة في ظروف جد صعبة انطلاقا من النهوض باكرا على السادسة صباحا وسط ظلام دامس يغطي المنطقة، و هو ما يجعلهم عرضة لمختلف مخاطر الحيوانات الضالة كالذئاب و الكلاب و الخنازير، فضلا عن البرد القارص و الأمطار ليصلوا منهكين و محافظهم و ملابسهم مبللة.
و تتزايد المتاعب خلال التقلبات الجوية و العواصف الثلجية، حينما يتعذر على التلاميذ الالتحاق بمقاعد الدراسة لعدة أيام، وضعية يقول  المتحدث أنه كان لها أثر سلبي على التحصيل العلمي للتلاميذ، مضيفا بأنه يتكفل يوميا بمرافقتهم إلى المدرسة و عودتهم في الفترة المسائية في ظروف جد صعبة لا يمكن وصفها.
المنطقة محرومة من النقل المدرسي
مصدرنا قال بأن وزير الفلاحة الأسبق، رشيد بن عيسى، خلال زيارته للمنطقة في 2003، تفاجأ للوضعية و قرر منح حافلة لتلاميذ المنطقة، لكن لسوء الحظ الحافلة لم يركبها و لا تلميذ و خصصتها البلدية لتلاميذ مناطق أخرى، حيث تم تجديد الطلب مع رئيس البلدية الحالية، لكن مطلبهم لم يلق القبول بحجة أن الحافلة لا يمكنها أن تعبر الطريق بسبب وضعيته السيئة رغم توفرها على حافلة جديدة للنقل المدرسي، كما أشاروا إلى أنهم تقدموا بمقترح للبلدية لكراء سيارات  خواص تتكفل بنقل التلاميذ مع استعدادهم للمساهمة المالية، لكن مقترحهم لم يلق القبول لأسباب غير معروفة.
و اعتبر السكان بأن مبرر البلدية غير مقبول لأن الطريق و في حال  إعادة تهيئة الأجزاء المتضررة منه، يمكن للحافلة أن تعبره بشكل عاد و ظهر من خلال حديثهم لنا، أن السكان لم يهضموا بعد استثناء دوار بوحاجب 2 من النقل المدرسي من دون بقية القرى و المداشر.

الحمير للتزود بالمياه والأوساخ تحاصر القرية
إلى جانب هذا، طرح السكان مشكلة التزود بالماء الشروب ولو بأقل حدة عن بقية المشاكل، لأنهم مستعدون، كما ذكروا، لحفر الآبار و جلبها من أماكن بعيدة عن طريق الحمير و قد صادف تواجدنا هناك، رؤية أطفال و مراهقين يركبون ظهور الحمير لجلب الماء، في منظر يجسد المعاناة اليومية التي تلاقيها العائلات و تطرق مواطنو القرية لمشروع شبكة مياه الشرب التي أنجزت بمدخل القرية قرب الوادي و التي كانت تزود السكان و المدرسة، لكن البلدية تدخلت و قامت بتحويل المضخة و تركيبها لفائدة سكان البلدية مركز، فيما تركت السكان و التلاميذ بقرية بوحاجب يعانون من العطش.
أما الغاز، فإن المشكل غير مطروح و لو أنه في بعض الأحيان يتم اللجوء للاحتطاب من أجل التدفئة أو الطهي عندما يسجل نقص في التزود بقارورات البوتان، بينما تنتشر في القرية مظاهر الأوساخ و القاذورات بسبب انعدام قمامة عمومية أو حاويات، بالإضافة إلى شبكة للصرف الصحي التي تشكل إحدى النقاط السوداء بالقرية، ما جعل السكان يلجؤون لانجاز حفر بطريقة فوضوية لتصريف المياه المستعملة.
كما أكد السكان، على أنهم يضعون ثقة كبيرة في والي الولاية الحالي و يعتبرونه الأمل الوحيد لرفع التهميش عنهم و على هذا الأساس، يناشدونه للتدخل و مساعدتهم بتخصيص مشاريع تنموية لرفع الغبن عن العائلات و بالأخص ضمان تمدرس أبنائهم في ظروف جيدة و توفير حافلة للنقل المدرسي و تعبيد الطريق و انجاز جسر تكون كفيلة برفع الحصار و فك العزلة عن سكان المنطقة.
رئيس البلدية اعترف خلال اتصالنا به بشرعية مطالب سكان المنطقة و قال بأنها مطالب موضوعية و واقعية، فبخصوص قضية الطريق، أوضح بأنه قد تم تسجيلها ضمن أولويات التهيئة، بينما الجسر، فقد سبق و أن أعدت بشأنه بطاقة تقنية بغلاف مالي يقارب ستة ملايير، فيما تم إلغاء المشروع من طرف السلطات الولائية بسبب مشروع السد المبرمج انجازه على مستوى قرية بوحاجب، مضيفا بأن البلدية ستسعى لإيجاد حلول لانجاز معبر يسمح بعبور السيارات.
أما بشأن النقل المدرسي، فإن الحافلة حسب رئيس البلدية لا يمكنها الوصول إلى القرية بسبب تدهور الطريق، مشيرا بأن الحل الذي يمكن اللجوء إليه يكمن في كراء سيارات  خواص،  لنقل المتمدرسين في الفترة الصباحية و المسائية.
كمال واسطة

الرجوع إلى الأعلى